محاكمة سقراط

محاكمة سقراط

المؤلف: آي. إف. ستون

من خلال محاكمة سقراط يكشف مستر ستون عن جوانب مهمة في الصراع بين سقراط ومعارضيه من السوفسطائيين وقادة الديمقراطية, بل وعامة الشعب. وهي جوانب ظلت خافية حتى الآن, وكانت هي الفاعل في تهيئة المناخ العام في أعقاب الانقلابات الديكتاتورية لجر سقراط إلى المحاكمة بتهمة الإلحاد وإفساد الشباب والحكم عليه بتجرع السم في سنة 399ق.م.

وقصة هذا الكتاب لاتقل إثارة عن موضوعه. فقد كان المؤلف صحفياً مرموقاً من دعاة الحقوق المدنية وكانت مقالاته تنشر في بعض الصحف الأمريكية الرئيسية مثل:

هاربر Harper, والأمة Nation ومجلة نيويورك ريفيو The New York Review Of Books بإلإضافة إلى مجلته الإخبارية التي كان يصدرها باسم Stoneصd Weekly في واشنطن بالإضافة إلى عدد من المؤلفات المهمة.

فلما اضطر إلى التقاعد نتيجة الذبحة الصدرية عام 1971, انصرف إلى دراسة حرية التعبير على أساس اعتقاد راسخ عنده مفاده أنه لايوجد مجتمع فاضل مهما كانت مقاصده ومهما كانت ادعاءاته الطوباوية والمثالية, إذا لم يكن رجاله ونساؤه قادرين على التعبير علناً عما يدور في عقولهم.

وبعد أن قطع الكاتب شوطاً طويلاً في دراسة ثورات الإنجليز ضد الحكم المطلق في القرن السابع عشر, وهي التي ساهمت في تطور النظام الدستوري الأمريكي, اكتشف أنه لايستطيع فهم هذه الثورات دون الإلمام الكامل بحركة الإصلاح البروتستانتية وكشف العلاقة الوثيقة بين الكفاح من أجل الحرية الدينية والكفاح من أجل حرية التعبير. وفي سبيل هذه الغاية رجع إلى الوراء للبحث عن جذورها في كتابات المفكرين المغامرين الذين وضعوا بذور حرية الفكر في العصور الوسطى حين تم اكتشاف أرسطو عن طريق الترجمات العربية والعبرية وما لحق بها من شروح وتعليقات في القرن الثاني عشر الميلادي.

وأسلمته هذه الترجمات إلى مصادرها الأولى في أثينا القديمة, وهي أقدم المجتمعات التي ازدهرت فيها الديمقراطية وحرية التعبير بدرجة لم يصل إليها مجتمع سابق ولامجتمع لاحق حتى الآن. وحين رجع إلى هذه الأصول, وجد أنه من الصعب الوصول إلى استنتاجات فلسفية أو سياسية صحيحة بالاعتماد على هذه الترجمات, ليس فقط لأن المترجمين كانت تنقصهم الكفاءة, بل لأن المصطلحات الإغريقية لم تكن في أغلب الأحوال مطابقة لمرادفاتها في اللغة الإنجليزية.

ثمرة العذاب

قرر الكاتب أن يدرس اللغة اليونانية القديمة, دراسة كافية تمكنه من حل معضلات النصوص الأصلية, كما يقول مستر ستون, لأنه في هذه الأصول فقط يمكن للباحث أن يقبض على دلالات الألفاظ, بل وعلى ظلال المعاني الكامنة في ثنايا هذه الألفاظ دائما. وقد استغرق هذا البحث سنوات طويلة. وكانت ثمرته هذا الكتاب المثير الرائع. والذي يصفه المؤلف بقوله:

"هذا الكتاب هو ثمرة هذا العذاب. لقد شرعت في كتابته لكي اكتشف كيف أمكن لهذا الحادث المحزن أن يحدث "يقصد إعدام سقراط". لم أستطع أن أدافع عن الحكم عندما بدأت ولا أستطيع الدفاع عنه الآن. لكنني أردت أن أكتشف ذلك الذي لم يقله لنا أفلاطون, لكي أعطي الاثينيين جانبا من القصة ولكي أخفف جريمة المدينة وأمحو بهذه الطريقة وصمة العار التي لحقت بأثينا وبالديمقراطية من جراء المحاكمة".

فهذا الكاتب الأمريكي يهتم بتبرئة سقراط وبتبرئة الديمقراطية, وقدم في كتابه دفاعا مجيدا عن حرية التعبير وعن الديمقراطية في سياق يلائم مدينة أثينا في عصر سقراط كما يلائم مجتمعنا المعاصر الآن.

وخلاصة رأي الكاتب أن سقراط كان في مقدوره الحصول على البراءة لو أنه استند إلى مبادئ الديمقراطية الأثينية وحقه في حرية الكلام بمعناها الحقيقي, وكما كان يفهمها الأثينيون. لكن سقراط أبى واستكبر ورفض أن يستخدم هذا الحق, المبني على مبادئ المدينة الحرة التي كان يعتز بها جميع الأثينيين, وكان هو يهاجمها.

ويدعم الكاتب رأيه بشرح مستفيض لنظام المحاكمة فنعرف منه أن هيئة المحكمة كانت تتكون من 500 عضو من المحلفين. وبعد أن ألقى سقراط دفاعه المعروف جرت المداولة والتصويت. وكانت النتيجة هي 220 صوتا إلى جانب البراءة, 280 في جانب الإدانة بفارق ضئيل لايزيد على المتوسط إلا بثلاثين صوتا أي بنسبة 6% من الأصوات. ولو نجح سقراط في تحريك هذه النسبة إلى جانبه لتعادلت الأصوات في الجانبين. وكان هذا التعادل يفسر لصالح المتهم في المجتمع الأثيني, ويضمن لسقراط البراءة, إلا أن سقراط تمادى في استفزاز قضاته والتعالي عليهم خصوصاً حين قالت كاهنة ديلفي The Delphic Oracle إنه يتفوق على جميع البشر في المعرفة.

"وفي محاورة الدفاع" لأفلاطون يعبر سقراط عن دهشته من ضآلة عدد الأصوات ضده فيقول: "لم أكن أتوقع هذه الأغلبية الضئيلة ضدي, بل أغلبية كبيرة" ويؤكد مستر ستون أن سقراط كان على حق في هذا التوقع, لأن تعاليمه كلها على مدى عمره المديد "70 عاماً" كانت معادية لنظام دولة أثينا الديمقراطي. ولو كان عامة الأثينيين غارقين في الجهالة والتحامل والانحياز كما كان سقراط يظن بهم, لما صبروا عليه حتى بلغ السبعين ليأتوا به إلى المحاكمة.

الديمقراطية وحرية التعبير

لقد تشرب الأثينيون الديمقراطية, وترسخ مبدأ حرية التعبير في الحياة الفنية والسياسية على مدى قرنين من الزمان قبل سقراط, وكان سبباً في ازدهار المجتمع الأثيني وتفوقه في كل نواحي الحياة. كان الأثينيون يرون حق سقراط في الاختلاف معهم فيما يقول وما يعلم وكانوا مهيئين للوقوف إلى جانب تبرئته, خصوصاً أنه لم يثبت للمحكمة أنه قام بأي عمل علني ضد الحكومة.

ولو أذعن سقراط لنصائح أصدقائه وتلاميذه وهادن المحاكمة لفاز بالبراءة, إلا أنه كان يريد أن يموت. وكان يرى في الموت اكتمال التحقق حيث تنطلق الروح من قيود الجسد وتصبح قادرة على تأمل الأفكار الخالدة التي لاتتغير, ولكي يثبت في ذات الوقت احتقاره لعامة الاثينيين ونظامهم كله.

كان الخلاف بين سقراط وعامة الأثينيين خلافاً جذرياً لم يكن محصوراً في نطاق الخلافات الفكرية المجردة, بل كان يتحدى الدعائم الأساسية للحكم الذاتي الذي كانوا يتمتعون به. وكان أول هذه الخلافات وأشدها يتعلق بطبيعة المجتمع الإنساني: هل هو مدينة حرة Polis كما يعتقد الإغريق؟ أم هو مجرد قطيع من الأغنام؟

كانت الكلمة الإغريقية بوليس Polis ومشتقاتها تحمل دلالات مختلفة, فأن تكون مواطنا في مدينة فهذه شارة الشرف والكرامة. وحين بدأ أرسطو كتابه "السياسة" بافتراض أن الإنسان "حيوان سياسي" كان يرى أن الإنسان وحده دون سائر المخلوقات ـ هو الذي يملك الصفات التي تؤهله للحياة الاجتماعية, وكان مثل معظم الإغريق "يرى أن دولة المدينة هي أرقى صورة لهذا المجتمع, حيث يستطيع الإنسان أن يحقق ذاته, وأن يبرز قدراته الشخصية في أرقى صورة ممكنة سواء كان شاعراً تراجيديا أو حرفيا أو متحدثا لبقا مثل سقراط".

وخلاصة القول إن المدينة بالمعنى الإغريقي كانت "مجتمع الأحرار" وهو مايميزها عن غيرها من أشكال المجتمع الإنساني الأخرى. فالمدينة تحكم نفسها بنفسها. فالمحكومون هم الحكام, والمناصب الرئيسية يتم شغلها عن طريق الانتخاب, في حين يتم شغل المناصب الأخرى بالقرعة, التي تعطي جميع المواطنين فرصة للمشاركة في حكم مدينتهم.

كانت هذه الأمور تحكم أثينا في حياة سقراط, وحول هذه الأسس والمقومات اختلف سقراط وتلاميذه مع عامة الأثينيين. فالسياسة في أثينا وفي دول المدن الإغريقية عامة, بل وفي ظل الحكم الجمهوري في روما, كانت نوعاً من الصراع الطبقي بين حزبين, اتفق فيه الطرفان على الحكم بواسطة المواطنين. وكان الخلاف بينهما يدور حول حق المواطنة: هل يجب تقييد هذا الحق كما تفعل النظم الأوليجاركية؟ أم يجب توسيعه كما تفعل النظم الديمقراطية؟ هل تحكم المدينة بواسطة الأقلية أم بواسطة الأكثرية؟ وهو ما كان يعني الأغنياء أم الفقراء؟

لكن بالنسبة للطرفين, فإن السياسة وهي قوام حياة المدينة, توجد في الحكم الذاتي. وكانت معارضة الحكم الذاتي, لاتعني معاداة الديمقراطية فقط بل تعني أيضا معاداة السياسة بمعناها الواسع وهذا هو موقف سقراط.

لم يكن سقراط أوليجاركيا أو ديمقراطياً, بل وقف بعيداً عن الطرفين. كان مثله الأعلى, كما عبر عنه تلاميذه, هو الحكم ليس بواسطة القلة أو الكثرة, لكن بواسطة "الشخص الذي يعرف أكثر". ولابد أن مواطنيه قد رأوا في هذا ردة إلى الملكية بشكلها المطلق. وخصوصا أن سقراط كان يرى أن المجتمع البشري ما هو إلا قطيع من الأغنام يحتاج إلى راع لكي يقوده, وليس للراعي أن يستشير الرعية, بل يصدر الأمر وعلى الآخرين الطاعة.

وكان الدفاع عن الحكم الملكي, يضع صاحبه في تناقض تام مع نظام المدينة الحرة, ففي أثينا في القرنين الخامس والرابع, كان الدفاع عن الحكم الملكي يبدو خروجا عن المألوف كما في أمريكا القرن العشرين ـ بل كان جنوحاً كبيراً وشذوذاً ينذر بالخطر.

إسبرطة المزعجة

ومما زاد الأمر سوءاً أن سقراط كان معجباً بدولة إسبرطة ونظامها العسكري الديكتاتوري الصارم, رغم أن إسبرطة لم يكن بها مكان لسقراط أو أمثاله من المفكرين والفلاسفة والفنانين. لم يكن بها معبدمثل "البارثينون" أو مسرح. كانت إسبرطة وكريت صحارى ثقافية في بلاد الإغريق القدماء.

وكان إعجاب سقراط باسبرطة مصدر إزعاج للأثينيين, لأن نموذج اسبرطة كان مثار إعجاب شباب الأريستوقراطية المترفة, الذين كانوا يحتقرون الديمقراطية, ويشعرون بالازدراء والحسد نحو التجار والحرفيين من أبناء الطبقة الوسطى الذين كانوا يحققون الثراء ويتنافسون على تبؤ مراكز الصدارة التي كان يحتلها ملاك الأراضي من الأريستوقراطيين القدماء.

وبرغم أن سقراط كان ابناً لأحد قاطعي الأحجار, فإنه أصبح معبوداً عند أبناء الأريستوقراطية الذين أخذوا يشعرون بالاغتراب في أثينا, وكان من بين هؤلاء أفلاطون وزينوفون وهما من أعداء الديمقراطية والطبقة الوسطى.

وفي غضون العقد الأخير من حياة سقراط, وفي أعقاب الهزائم العسكرية التي حاقت بأثينا, قام هؤلاء الأريستوقراطيون بثلاثة انقلابات عسكرية بالتآمر مع اسبرطة. ونجحوا في إسقاط الديمقراطية مرتين وأقاموا حكماً ديكتاتورياً إرهابياً هدد حياة الناس وممتلكاتهم بصورة لم يسبق لها مثيل.

وقع الانقلاب الأول 411 ق.م, ووقع الثاني في 404 ق.م. بتحريض مجموعة الثلاثين التي كان يقودها كريتياس وشارميدز وهما من أقارب أفلاطون ومن تلاميذ سقراط.

"ومن المؤسف أن سقراط لم يتخذ موقفاً واضحاً ضد هذه الانقلابات ولم يحتج على عمليات الإعدام التي كانت تتم دون محاكمة لبعض الأغنياء لأخذ أموالهم لدفع نفقات الفرقة الاسبرطية التي احتلت أثينا.. ولم يهرب للانضمام للمعارضة ولكنه استعلى على الطرفين.. وظل مقيماً في المدينة". ويؤكد مستر ستون أن البقاء في المدينة أثناء هذه الانقلابات كان يعتبر عاراً وهذا ما سجلته المرافعات القانونية في الجيل التالي.

ولاشك في أن هذا قد أوغر نفوس الأثينيين ضد سقراط وزاد تحاملهم عليه أثناء المحاكمة. وكما يقول الكاتب لولا هذه الانقلابات الأريستوقراطية التي قام بها تلاميذه لما جيء بسقراط للمحاكمة رغم خلافاتهم الشديدة معه.

كانت الفكرة الإغريقية السائدة, تعطي احتراماً للرجل العادي, وكانت آراء سقراط تحتقره, وهو خلاف غير قابل للحل. وقد انعكس هذا الخلاف على العداوة بين سقراط والسوفسطائيين. كان سقراط يعلم أن الفضيلة هي المعرفة ولاسبيل للوصول إلى هذه المعرفة حتى بالنسبة لسقراط نفسه الذي كان يعلن في تواضع غريب أنه يعرف شيئاً واحداً وهو أنه لايعرف شيئاً. وبالتالي فإن عامة الأثينيين لايمكنهم الوصول إلى شيء من المعرفة, وتبعاً لهذا فليس بإمكانهم المشاركة في حكم المدينة.

تحامل طبقي

وكان السوفسطائيون يقومون بتعليم الناس الفضيلة والمعرفة. ومن هنا جاءت الخصومة التي ألقت بظلال التعتيم الظالم على هذه الفئة من المعلمين حيث يقرر مستر ستون أن كلمة سوفسطائي كانت حتى ذلك الوقت ممتدحة وغير مستهجنة. ففي هومر نجد أن كلمة صوفي Sophie تشير إلى نوع من المهارة, وكانت كلمة Sophists تطلق على العامل الماهر والفنان البارع, وسرعان ما جرى استعمالها لوصف أصحاب المواهب العليا كالشعراء والموسيقيـين, وكان الحكماء السبعة في بلاد الإغريق يسمون السوفسطائيين, وكذلك يطلق الاسم على الفلاسفة السابقين على سقراط, وصار هذا اللفظ من أسماء الشرف التي تطلق على معلمي الخطابة والفلسفة من اليونانيين.

وهنا يكشف المؤلف عن وجود تحامل طبقي قوي في عداء سقراط للسوفسطائيين. إذ كانوا فئة من المعلمين الذين وجدوا لهم سوقاً رائجة بين أفراد الطبقة الوسطى من الحرفيين والتجار الذين مكنتهم ثروتهم من اكتساب الأسلحة, والمشاركة كجنود مشاة مسلحين في الدفاع عن مدينتهم, ونتيجة لذلك اكتسبوا نصيباً من القوة السياسية, وأخذوا يتحدون قوة الأريستوقراطية القديمة من ملاك الأراضي في احتلال المواقع القيادية, فاتجهوا إلى تعلم فن الخطابة والمناظرة حتى يمتلكوا ناصية الحديث المؤثر في مجالس الحكم وفي المحاكم. كانوا يطمعون أيضاً في المشاركة في مجالات الثقافة والفنون. وكان السوفسطائيون يقومون بدور المعلم لأفراد هذه الطبقة.

وكان من الأسباب الرئىسية لعداء سقراط للسوفسطائيين هو أنهم كانوا من أوائل المفكرين الذين أكدوا المساواة الإنسانية بين البشر. والمؤلف يعتبر الفيلسوف السوفسطائي انتيفون توأم جيفرسون واليعاقبة, لأنه ندد بنبالة المولد, ولم يعترف بأي فروق للتمييز بين الإغريق والبرابرة, وحسب قوله "لأننا جميعاً حسب الطبيعة وقد ولدنا متساوين في كل النواحي, سواء بسواء البرابرة والهللينيون". كما أكد على "اتفاق المحكومين" على أمور مجتمعهم بقوله "إن قوانين الطبيعة قوانين إجبارية, لكن قوانين المدينة التي تختلف من مكان إلى آخر, هي قوانين يصل إليها البشر بالاتفاق فيما بينهم".

وكما يقول المؤلف بالتأكيد على اتفاق المحكومين, وعلى أن البشر قد خلقوا متساوين يكون انتيفون السوفسطائي قد سبق إعلان الاستقلال الأمريكي, وهو أول منظر لدولة الرفاهية في التاريخ.

لقد اصطدم سقراط صداماً حاداً مع معاصريه. لكن صدامه ظل على مستوى الفكر, لقد تجاوز وتعدى على أقدس المبادئ الأثينية وهي حرية الكلام, لكنه لم يرتكب فعلاً عدائياً ضد المدينة. ولهذا فإن المؤلف يتأسى بشدة لمأساته ويرى أنها كانت مصادرة خالصة للفكر.

 

نسيم مجلي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




غلاف الكتاب