عزيزي العربي
عزيزي العربي
انتماء الجزائر العربي ... هو المقصود يمكن أن أؤكد من دون مجاملة أن مقالكم المنشور في العدد "472" مارس 1998 كان من أحسن ما قرأت, وأنا آخذ بعين الاعتبار أنكم اعتمدتم على ما هو متوافر من معلومات, وسيكون هذا محور تعليقي الأول. فالنكبة, فيما يتعلق بالشأن الجزائري, أن المؤسسات الإعلامية العربية "وأقصد على وجه التحديد تلك التي يُفترض وجودها في إطار المؤسسات الرسمية, كالجامعة العربية, ومعاهد الدراسات الكبرى التي تضيف إلى أسمائها صفات "الاستراتيجية" تلك المؤسسات لم تقم بجهد يذكر في إطار التعرف على الأزمة الجزائرية وعلى التعريف بها. ولو جمعت مؤسسة واحدة كل ما صدر من صحف جزائرية في السنوات الأخيرة, وباللغتين الفرنسية والعربية, ثم كلف جامعيون مؤهلون بدراستها واستقراء سطورها واكتشاف خلفياتها وتحديد هوية كاتبي مقالاتها السياسية, ثم ملاحظة نقاط التكامل والتناقض بينها, ودراسة أسلوب تعاملها مع الأحداث, ثم الربط بين كل ذلك وبين مصادر تمويلها ومصادر أخبارها, لو تم ذلك لأمكن وضع مادة غنية بالعناصر الإعلامية وبالمعطيات السياسية. وما ينطبق على الصحف يمكن أن يطبق على كل المطبوعات, خاصة السياسية منها والاقتصادية "والجزائر تضم عددا مهما من الكتاب السياسيين لا يعرف أحد عنهم شيئا خارج الجزائر, ربما لأن معظم السفارات العربية عندنا مشغولة بما يبدو, بالنسبة لها, أكثر أهمية". ومعذرة إذا كنت أحس بأن الكاتب السياسي العربي لا يجد المادة الكافية الوافية لأبحاثه, وهو مضطر إلى القيام بنفسه بغربلة ما يجده تحت يده من معلومات, هي, في معظمها, مستقاة من مصادر أجنبية لا يمكن أن تعتبر دائما فوق الشبهات.وكمثال لأهمية هذا, فإن مذبحة إيغيليزان التي أشرتم لها في بداية مقالكم القيم, على أساس أنها من فعل مجموعات إسلامية متطرفة, وذلك اعتمادا على ما نُشر من اعترافات واتهامات, تلك المذبحة البشعة أكدت الصحف الجزائرية نفسها, فيما بعد, أنها من فعل ميليشيات تابعة لرئيـس البلدية, وتجري متابعتهم حاليا, وتلك ليست حالة شاذة أو وحيـدة. وستلاحظون أن الرئيس الجزائري يشير في تدخلاته إلى "جماعات إجرامية مرتزقة", فيثور عليه اللوبي الفرانكو ـ علماني, الذي يواصل استعمال تعبيرات من نوع "الجماعات الإرهابية الإسلامية والإرهاب الأصولى", وهو ما تردده الأبواق الفرنسية بحماس بالغ. ويقودني هذا إلى ملاحظة أن مجلة "نوفيل أوبزرفاتور" الفرنسية هي مجلة يملكها ويديرها يهودي فرنسي من أصل جزائري, هو جون دانييل, المعروف بكرهه لكل ما يمكن أن يجسد الانتماء العربي الإسلامي للجزائر, ومجلته مشهورة بإعلاناتها الوردية "وهو الاسم المهذب للإعلانات الجنسية". واضح إذن أن القضية هي أساسا, وقبل كل شيء, هجمة شرسة على الانتماء العربي الإسلامي للجزائر, بمضامينه الوطنية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. وهذا, في حد ذاته, يكشف واحدا من أهم تفسيرات البشاعة الرهيبة التي تتم بها تلك المجازر, والتي تقوم بها جماعات تم تكوينها وتدريبها لذلك الغرض بالذات, بالإضافة إلى أهداف أخرى لا علاقة لها بالسياسة أو بالعقائديات أو بالعقديات. لكن هذا كله لا يعفي القيادات الإسلامية من مسئوليتها فيما يحدث وعما يحدث, وقديما قالوا "عدو عاقل خير من صديق جاهل" و"لكل داء دواء.. إلا الحماقة". الدكتور محيي الدين عميمور الإطار النظري لحقوق الإنسان قرأت في العدد "470" يناير 1998, العدد الخاص بـ "حقوق الانسان/نصف قرن" مقال الدكتور سعد الدين إبراهيم "الإطار النظري والتطور التاريخي", الذي تتبع فيه "مبادئ حقوق الإنسان" من بداية صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "مرورا بالاتفاقيات والمواثيق والصكوك اللاحقة والخاصة بهذا الشأن إلى وقتنا الحاضر خلال نصف قرن. وجذب انتباهي وجود لبس في التاريخ الحقيقي الثابت لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فقد أورده الدكتور في "10/12/1949" والحقيقي أنه صدر قبل ذلك بعام في "10 ديسمبر/ عام 1948"! كما ورد أن "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" أنشئت في "1/12/1993" عقب عقد الجمعية التأسيسية لها في ليماسول في قبرص, والصحيح أن "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" أنشئت قبل هذا التاريخ بعشرة أعوام وتحديدا في "1 ديسمبر عام 1983" عقب اتفاق نحو مائة شخصية من النخب المثقفة من جميع الاتجاهات السياسية في الدول العربية على عقد الجمعية التأسيسية للمنظمة في ليماسول/قبرص في هذا التاريخ نفسه "1/12/1983". وتتمتع المنظمة بحصولها على الصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة منذ عام 1989. وقد ذكر المقال أن: رئيس لجنة صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة كان عربياً مصرياً وهو الدكتور محمود عزمي والصحيح أنه الدكتور "شارل مالك" وزير لبنان المفوض في أمريكا في ذلك الوقت, وكان رئيساً للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لهيئة الأمم المتحدة ومقرر لجنة الثمانية عشر التي ألفها المجلس لوضع الوثائق الخاصة بحقوق الإنسان. وقد كتب مقالا يبرز فيه خطوات عمل اللجنة في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأهم الصعوبات والعقبات التي واجهت اللجنة أثناء عملها, ونشر في مجلة الأمم المتحدة العدد نصف الشهري الصادر في أول يوليو سنة 1948 "المجلد الخامس رقم 1". محمد عبدالعليم الموافي عراقة "العربي" وصيغتها الحضارية أصبحت مجلة العربي من الملامح البارزة في المطبوعات الثقافية العربية الجادة, إذ وصل توزيعها إلى ما يربو على الثلاثمائة ألف نسخة.. وحققت من الحضور الجماهيري ما لم تبلغه مجلة أخرى بما فيها المجلات الثقافية ذات التاريخ الأعرق من مجلة العربي. وقد ساهمت "العربي" في ربع القرن الأخير, في صياغة العقلية العامة للأجيال العربية المعاصرة.. وكان لها الدور الملموس في تعريف المواطن العربي على وطنه العربي الكبير, في وقت كانت فيه كثير من أجزائه الجغرافية وعوالمه الاجتماعية والثقافية تكاد تكون غامضة في أذهان المواطنين العرب, وذلك قبل تطور وسائل الاتصال والمواصلات, حين كان كل مجتمع عربي يعيش بمعزل وغربة عن شقيقه المجتمع العربي الآخر. من هنا فان أجيالاً عربية واسعة ستذكر بالفضل هذا الدور للكويت والكويتيين.. ورغم محن الفرقة وعمق الجروح التي كرستها تداعيات الغزو الصدامي لهذه الدولة الصغيرة.. فإن أحداً في العالم العربي لا يستطيع نسيان الإنجازات الكويتية الثقافية الرائدة.. وفي المقدمة تأتي مجلة العربي وسلسلة كتاب عالم المعرفة. إن هذين الإنجازين الثقافيين الكبيرين يقدمان الكويت والكويتيين إلى أشقائهم العرب بشكل حضاري. لقد تأثرت مجلة العربي بمنهج مؤسسها الأول الدكتور أحمد زكي الذي انحصر همه في المزاوجة بين مفهومي الأدب والعلم, وأصر على تقديم المادة العلمية بأسلوب أدبي. وحين تولى المفكر الصحفي أحمد بهاء الدين رئاسة تحرير المجلة حاول أن يغير من منهج العربي, بما يجعلها قريبة من أحداث العصر بجملة ما فيه من قضايا تمس اهتمامات المواطن العربي. والأمر كذلك مع رئيس تحريرها الدكتور محمد الرميحي الذي حاول إضفاء صبغة المعاصرة على طروحات المجلة الأدبية ومعالجاتها الفكرية.. وهو بالفعل استقطب جيلاً جديداً من الفكر والمفكرين والأدب والأدباء في العالم العربي, مما جعل المجلة تتقدم برؤية جديدة.. ولكنها فرحة ما تمت حين صعقت الكويت والمجلة كارثة الخليج, التي رغم عقابيلها المؤلمة فإنها لم تثن العربي عن الصدور, فكان أن صدرت بعد تبدد سحابة الغزو بنفس الاسم, مما ترك انطباعا غامراً بالفرحة حتى في الأوساط العربية المتأثرة بدعاوى الرئيس العراقي الباطلة, باعتبار أن ما فشلت السياسة في تجـاوز الماضي ولأم الجروح ستكون الثقافة على صعيد صدور مجلة العربي قادرة عليه. إن صدور مجلة العربي, واستمرار صدور سلسلة كتاب عالم المعرفة إشارتـان كويتيتان مهمتان على درب التصالح العربـي.. التصالح الحضاري الذي يتشبـث بثوابـت الأمة التي اثقلتها الجروح السياسية. رؤية أخرى لـ"تيتانيك" أثارني المقال المنشور في العدد "475" يونيو 1998 عن فيلم التيتانيك وأحب الإشارة إلى ثلاثة أفكار للتمعن: أولا: عالمية التمجيد والإشادة بالأفكار المنحلة يسهل قبول تلك الأفكار لدى الجمهور فهذا الفيلم يقوم على قصة امرأة تعـرت امام شخص غريب "فنان" ليرسمها, وتصبح هذه الفكرة عادية حيثما عرض الفيلم لانه لم يعترض عليها أحد بل قامت كل وسائل الإعلام سواء حكومية أو خاصة بالترويج لـهـا, وهكـذا تصبح الفحشاء على الشاشة الكبيرة والفيديو المنزلي أمرا عاديا ومبررا بدوافع إنسانية وبشكل عالمي. ورغم مقص الرقيب الوطني فالفكرة وصلت غايتها. ثانيا: دأب هوليوود على الإشادة باليهودي النبيل منقذ العالم والبشر, فمساعد القبطان واسمه مردوك هو الذي نظم عملية إخلاء السفينة, منقذا أكثر ما يمكن من الركاب بشهامة وعنفوان الأبطال, ثم انتحر في النهاية بدوافع انسانية بينما توارى قبطان السفينة مسبـب المصيبة. ثالثا: شأن يهمنا بخاصة وهو دأب هوليوود أيضا تسفيه العرب والحط من شأن المسلمين بمناسبة ودون مناسبة, فالمسلم العربي على السفينة غبي وتافه يقف محتارا لا يعرف اليمين من اليسار أمام مخرج النجاة ويستعين بالقاموس بينما زوجته المحجبة تندب وترتل وتبتهل بشكل يثير ضحك وسخرية النظارة. ترى هل تفيد فكرة المقاطعة؟ ترى هل يفيد التفكير أصلا؟ الدكتور فواز الكاتب مدرسة الضرب طالعت في العربي الموقرة العدد "475" يونيو 1998 مقالة معنونة بـ "التربية والعقاب والثواب" ولو أنها ـ فيما عدا القليل ـ كانت دعوة للعودة إلى أسلوب الضرب "بترك النظم الحديثة المانعة للضرب" التي أصبحت "غلا يطوق أعناق المدرسين" و"قيدا يشل حركتهم" مع أنها تخالف "الانظمة التي كانت سائدة" ويدعم الكاتب توجهه بأقوال من التراث والمصادر الدينية. وأرجو هنا أن أتناول في حوار قصير حول "منطقية السماح بالضرب في مدارسنا" يدفعني إلى ذلك 12 سنة مع التعليم الأولي المدرسي ولو أنها ما زالت ـ وما دمنا نتحدث عن الضرب ـ تنتمي إلى المعسكر الآخر, الذي يواجه السبورة ويجلس خلف الطاولات, وبالإضافة إلى ذلك فإن لدي ذكريات لاتزال طازجة وشجونا ـ وهي على كل حال ليست كدمات أو رضوضا- تدفعني الى المشاركة. صدقا إنه لجميل ذلك الترتيب الذي ذكر في المقالة حول وسائل التقويم للطلبة فهي أولا بالنصح والإرشاد ثم الوعيد, ترغيب أو ترهيب, ثم التأديب على انفراد ثم على العموم واخيرا الضرب, لكن كم هي واقعية هذه الوسائل للمعلم الذي لديه 45 دقيقة وأكثر من 20 طالبا وهو مطالب بإنهاء المقرر في الوقت المحدد, ففضلا عن ضعف الالتزام بها على مستوى من الحرص في الحاضر, لنتخيل الالتزام بها بعد السماح بالضرب, سيكون الضرب حينها هو أنجح الوسائل في نظر المدرس حين يغضبه طالب بمقاطعة حبل أفكاره. والآثار النفسية للضرب يسهل على كل متأمل في هذه الوسيلة أن يطالها, فهي بلا شك تزرع بذور الحقد والنفاق وصعوبة الارتداع بأي عقوبة ما لم يصاحبها ألم جسدي ومهانة النفس, والإيمان بقوة البطش وحدها دون قوة الحجة والبينة والعدل, وفي رأيي فإن هذه الآثار تتعدى أسوار المدرسة لتشمل المجتمع بأسره, حيث نرى العديد من شعوب العالم النامي ومنها الشعوب العربية تعيش تحت القهر وتخضع لتعسف الحكومات فأناس نشأوا على القهر وعاشوا عليه يهون لديهم أن يموتوا عليه.وقد أشار الكاتب إلى آثار الضرب النفسية على لسان ابن خلدون وغيره حين ذكر "ذهاب نشاط النفس, الكسل, والحمل على الكذب والحنث" ولكنه استدرك قبله بأن ذلك ما يحصل إذا تجاوز المدرس الاعتدال بالضرب. ولكن ليس جميع المدرسين لديهم تلك "الحساسية للاعتدال" فليس المدرسون كلهم مثاليين في توجههم التربوي, بل إن غالبيتهم العظمي قد تخرجوا في "مدرسة الضرب" فلم يكن الطلاب المزعجون الذين بين أيديهم نشازا عن الاجيال السابقة. وهناك وسائل اخرى رادعة وناجحة في أجزاء من العالم, فعلى سبيل المثال يطالب الطالب المشاغب بأن يكتب عبارة مثل "يجب أن أكون هادئا ولا أشاغب في الفصل" ويكرر كتابتها سبعين مرة أو أن يكلف الطالب بإعداد تقرير حول موضوع معين أو تعبير أو نقل درس أو غيرها وهي مفيدة للطالب, والذين يعرفون الطلاب جيدا يعلمون كم هي رادعة هذه الأساليب, وربما أكثر من الضرب نفسه. وعلى كل حال ليهنأ دعاة السماح بالضرب بأن الضـرب لا يزال ماثلا حاضرا وما جعلت أنظمة منع الضرب إلا لمنع التجاوزات الخطيرة, وليكن المدرس على حذر, فلا اذكر إلا أن العصى والضرب كانا متلازمين مع مسيرة التعليم من المرحلة الابتدائية إلى المتوسطة, ولا تزال بعض التجاوزات المؤسفة على الطلاب والتي شهدتها عالقة في ذهني, وبعضها ينتمي إلى المرحلة الثانوية!! أيضا دون أن يعاقب أولئك المدرسون فضلا عن أن يكون للطلاب يد في أن يتقدموا بالشكوى. ولو أنه قدر للضرب أن يختفي من مدارسنا, فلن يكون ذلك بسن الأنظمة والقوانين بين مدرسين آمنوا بفعاليته بقدر ما سيكون بالإدراك الواعي لآثاره بين المدرسة والمنزل. أحمد العبادي شاعر للروح والجرح فقدت الأمة العربية واحدا من ألمع شعراء النصف الثاني من القرن العشرين وبفقده خلت الساحة الشعرية من الرموز التي تثير حولها الجدل بما تفيض بها قرائحهم. ونزار قباني من الجيل الذي رفض المسلمات وثار على الجمود وحذر مما تعانيه الأمة العربية في الوقت الحاضر. كان يشعر بنبض الشارع العربي وأعتذر عن استخدام "كان" الماضية لأنه لم ولن يكون ماضيا فهو المضارع والحاضر والمستقبل الذي وضع لافتة على قلب العروبة ترفض المذلة والاستكانة. فرض على نفسه العزلة منذ فقد زوجته في بيروت في عام 1980 ـ في حادث يدل عـلـى الجـبن والنذالة, وما زالت أيدي الغدر ملوثة بالدماء تمسحه في وجوهنا. كانت كلماته كالبركان يشعل في الضمائر بكل ما أوتي من قوة الحمم والنيران, يثور على الأوضاع لا يأبه لعمره حتى لو ضاع. كان ناطقا بلسان كل عربي سرقت منه الأحرف وذابت على شفتيه مفردات الثورة والشجب والاستنكار. مرض القلب كما لم تعل القلوب, وذبلت نضارة وجه عاش ابيا شجاعا يرفض ان يقال كان أبي ولكنه قالها ها أنذا ـ أطلقها صرخة مدوية عنيفة ـ قال: إذا كانت صرختي جارحة ,وأنا أعترف سلفا بأنها كذلك, فلأن الصرخة تكون بحجم الطعنة ولأن النزيف يكون بمساحة الجرح. وسقط القلم ويبس اللسان وتوقفت الكلمات, ورحل نزار بعد أن نظر في المرآة فأنكرته, ونظر من شرفة منزله في مهجره فوجد الوجوه غريبة عنه لايعرف قسماتها. عرك الحياة واختبرته بفقد زوجته وولده وكفى بالحزن سبيلا أن يفقد أعز ما يملك فإذا بالكرامة أيضا تتهدد, ولكن فقدان الكرامة لا يعوض, يحيل صاحبها الى شبح يطل من خلف زجاج نظارة مكسور بعين في محجرها تدور وقلب في جسم مهجور, فلم يتحمل كل هذا الانكسار وودعنا بصاعقة متى يعلنون وفاة العرب, وأقول له لن يعلنوها ولكنهم سيفيقون حتما سيقومون وثبا لنزع الجزء الغريب في الجسم العليل حتي يقضي الله أمرا كان مفعول. فنم هانئا.... لا لن تهنأ ولن تسكن روحك ستظل ترفوف على غرفاتنا بين ستائر نوافذنا تقول هل من بطل يقوم بإكمال قصتي مع الحزن التي لم تكتمل فصولا فهل يوجد من يمضي على الطريق إلى أن يتحقق ذلك سلاماً ووداعاً يانزار. طه صلاح هيكل المأزق العربي أمتعني موضوع "المأزق العربي والمشروع الصهيوني" الذي نشر في العربي العدد "471" فبراير 1998 م حيث ألفيت نفسي تنجذب للتفاعل مع صدى الموضوع. طبعاً لا أوافق الأخ الكريم مسعود ضاهر في كل كلمة قالها من خلال موضوعه, إنما أود إضاءة بعض الجوانب في مأزقنا العربي والتي تشكل عوامل ضعف ذات أثر سلبي بعيد المدى على الأمة العربية. وأرى هنا أن دخول العرب في العملية السلمية واحدة من اشد المآزق التربية التي جعلتنا نتراجع للوراء نحو هاوية سحيقة تفنن الآخرون في تحويلها لواحة مزيفة تقتطف من أشجارها ثمار السلام المزعوم. أما العقلانية العربية في إدارة الصراع فوجودها ضعيف , والصراعات العربية ـ العربية إن لم تظهر للسطح وتعلن عن نفسها فهذا لا ينفي وجودها أصلاً. أجد أن البدء في الاعتراف بواقعنا المتخاذل والضعيف خطوة إيجابيـة تجعلنـا نعيد النظر في أساليـب التعـاطي مع المشروع الصهيوني في المنطقة, فبـدلا من التعويل على فشل أو تأزم المشروع الصهيـوني, علينا أن نتكاتف من جديد لخلق موقف عـربي موحد يفشل مسيرة المشروع وذلك برفض عملية السلام ومشاريعها والأهم من كل ذلك توافر استقلالية القـرار السياسي الذي نفتقد إليه بتشرذمنا البائس. نحن كأمة ذات تاريخ مشترك في حاجة لطاقة الفعل المحركة التي بها نحرك تنسيقنا الاستراتيجي لقيام النهضة العربية , نحتاج للفعل فهو الذي يلفت الأنظار ويحرك الميدان الدولي, أما الكلام فيبقى مجرد كلام. أحمد المؤذن ورد الكلام منذ خمسين ربيعاً.. * * * منذ خمسين * * * بعد خمسين شعر: سامر كحل
|