من شهر إلى شهر

من شهر إلى شهر

طب
المورفين للأطفال أيضا

ظلت أوجاع الطفل مدة طويلة مجهولة ومهملة. وكان بعض الأطباء لا يعيرون أي اهتمام عميق لهذه الظاهرة. وتم الانتظار حتى أواخر الثمانينيات ليثبت خطأ هذا الموقف علميا. فقد صرح الدكتور أنكان، مدير وحدة العلاج بالمسكنات في قسم الأطفال في مستشفى أرمان تروسو بفرنسا قائلا: "اعتبرنا لمدة طويلة أن تسجيل الألم في ذاكرة الطفل غير موجود وأن تقدير حجمه مسألة ذاتية وأن استعمال المسكنات الفعالة يتضمن محاذير مهمة وأن للمورفين مضاعفات سيئة ولا تتوافق وأدوية الأطفال. لكن أثبتنا منذ عشر سنوات تقريبا أن كل هذه المفاهيم خاطئة تماما.

إن هذه الوحدة العلاجية الفريدة من نوعها تهتم بشكل حصري بالاهتمام وبالوقاية من الأوجاع عند الطفل، وتقوم بإعداد المساعدين الطبيين. وقد وضعت تقنيات جديدة في استعمال المسكنات". ويضيف الدكتور أنكان: "توجد مشكلة حقيقية في مصداقية الطفل الذي يتألم، مع العلم أن بالإمكان معرفة الوجع وتقديره بكل دقة، وهذا بواسطة شبكة من التقديرات الموجودة وحسب المعايير: تعبير الوجه، النعاس، البكاء، والاضطراب. وهذه الشبكة تختلف حسب عمر المريض. كما أن مراقبة الولد بشكل منتظم ودقيق تقدم معلومات أساسية، واللجوء إلى درجات في تقدير التصرفات واجب، خصوصا عندما لا يكون الطفل في سن الكلام. لكن ابتداء من سن الخامسة فإن أفضل تقدير هو ما يقدمه الطفل عن نفسه".

وتعايش الدكتورة كاترين دولفوس - المسئولة عن المستشفى النهاري والملحقة في قسم مبحث الدم في مستشفى تروسو - يوميا ضيق المرضى الصغار. فهي تعي تماما وجع الأطفال المؤلم الذي يعانيه المصابون بسرطان ابيضاض الدم (الليوكيميا)، لذلك تنفرد في موقفها عن زملائها فيما يخص الاهتمام بالأوجاع، مصرحة: بعكس الآخرين، كان الاهتمام بأوجاع الطفل مدركا تماما في قسم مباحث الدم، بسبب خطورة الأمراض التي نعالجها هناك، ولا تفرض معالجة الطفل المصاب بالسرطان أي قيود مختلفة عن معالجة الشخص البالغ، لكن المشكلة عند الطفل هي القدرة على تقديره حدة الوجع".

لا يعبر الطفل بشكل صحيح عن أوجاعه، وتنطلق الدكتورة دولفوس من مبدأ ضرورة منح التقدير الصحيح لشكوى الطفل، لذلك تؤكد على التقدير الذاتي للأوجاع، فهي تقول: "في حوزة الممرضات في القسم أدوات عملية وسهلة الاستعمال تسمح للطفل بالتعبير عن أوجاعه، مثل مسطرة عادية أو مكعبات للأطفال الصغار، أما للكبار منهم فإننا نلجأ للرسم، لأن بعض الأطفال يعبرون وبكل دقة عن الوجع بشكل خيالات. إن المقارنة بين الرسم والإدراك الإجمالي للمرض، تسمح بتشخيصه، وما يدهش الدكتورة دولفوس هو دقة التقدير الذاتي عند الأطفال، فهي تقول إن الأطفال المرضى يعبرون دائما بدقة وانضباط. وبعد التعبير يخضع الطفل المريض عادة لرقابة طويلة.

إن تقدير حدة الوجع مهمة جدا عندما نعرف أن الوجع المؤلم قائم عند أكثر من 50% من الأطفال المصابين بالسرطان. ويمكن أن تعتبر المعالجة الكيميائية من العلاجات الفعالة والتي تقضي على الأوجاع خلال 24 ساعة لكنها تخلف مضاعفات ثانوية أحيانا خطيرة عند بعض المرضى، سقوط الشعر، أو أوجاع في البطن في حال المعالجة الزائدة، ونزيف وجروح في الفم بالغة. وفي هذه المرحلة تعطى للطفل أدوية مختلفة عن المسكنات البسيطة. تصرح الدكتورة دولفوس بقولها إن استعمال المسكنات القوية محدود جدا عند الأطفال ولا تعطى مشتقات "الكوديين" إلى من هم دون الخامسة عشرة من العمر. لقد ظل الطب مدة طويلة خائفا من المورفين في حين أثبتنا أن استعمال المورفين لمعالجة الأوجاع لا يفرض بالضرورة إدمانا عليه.

هذه المادة المحرمة من قبل العديد من الأطباء، تعتبر أفضل علاج لالتهابات الفم، وفعالية المورفين تسمح باستعمال منتظم ومحدود بفترة عشرة أيام، كما أن استعماله بنسبة قليلة، حتى عند الأطفال ممكن شرط أن يصحبه رقابة جيدة للتنفس.

طبعا لا يمكن اعتبار المورفين دواء عاديا لأنه يتضمن محاذير بالنسبة للطفل تنتج عن قوة السموم فيه. وتعتبر بعض الأدوية خطيرة جدا إذا رافقت المعالجة الكيميائية مثل الأدوية المضادة للالتهابات غير الإستريولية التي تؤثر على الكلى كما يقول الدكتور ديفور من قسم أمراض السرطان الدموي في مستشفى هوتبيير في استراسبورغ.

بيئة
عمارة لا ترهق الأرض

تقدر كمية المواد الأولية التي يحولها عمال البناء إلى مبان ومنشآت بأكثر من 3 بلايين طن، تمثل قيمتها40% من حجم الاقتصاد العالمي.

نحن لا نتوقف - في الغالب - كثيرا عند مثل هذه الحقائق عند التفكير في بناء منزل للأسرة، إذ لا يشغلنا إلا الحصول على مسكن مريح جميل، ولا يخطر ببالنا أن إقامة المباني تعني استهلاكا للمناجم والغابات، وتتضمن تغيير، أو تدمير، المعالم الطبيعية للمناطق التي تمتد إليها حركة (التعمير). وقد تكون هذه الأنشطة المصاحبة للتعمير جائرة، أو غير قائمة على سياسة رشيدة لاستغلال الموارد الطبيعية، فتؤدي إلى تلويث الهواء والماء، وقد يمتد تأثيرها فتسبب بعض الظواهر الطبيعية العنيفة، مثل الفيضانات وتآكل الشواطيء.

ولا تنتهي الأعباء التي تلقيها حركة التعمير على عاتق البيئة بالانتهاء من إقامة المبنى، بل إن أعباء أخرى - أشد وطأة - تبدأ مع (تشغيل) المبنى، للسكن أو لاستخدامه كمصنع، أو حتى كمقر إداري. وعلى سبيل المثال، فإن المباني والمنشآت بمختلف أغراضها، تستهلك 40% من طاقة العالم و16% من مياهه. ومن جهة أخرى، فإن سوء التهوية في 30% من المباني الحديثة يرفع معدلات الإصابة بالأمراض بين القوى البشرية العاملة، وتقدر تكلفة ذلك بعشرات البلايين من الدولارات، في صورة خسائر في الإنتاج ومقابل للخدمات الصحية.

جاء ذلك في تقرير نشرته مجلة (The Futurist) أخيرا لاثنين من المهندسين المعماريين المهتمين بالشؤون البيئية. ويرى الكاتبان أن تحسين مبانينا أمر ميسور إذا فكرنا في تغيير مواد البناء التقليدية، ويدعواننا إلى البحث فيما حولنا عن مواد بديلة تؤدي نفس الغرض وتوفر علينا مشقة النقل وتكلفة التصنيع.. إنها المواد المحلية الطبيعية. وهما يوصيان بتجنب مواد البناء الباعثة للسموم (وما أكثرها بين الكيماويات التي دخلت صناعة البناء حديثا)، وباستخدام المواد المناسبة بأقصى كفاءة ممكنة، تخفيضا للتكلفة الاقتصادية المباشرة والتكلفة البيئية غير المباشرة، وتقليلا للهالك، والأفضل أن نستجيب لنداءات أنصار صوت البيئة فنختار المواد ذات الطبيعة المتجددة، والمواد التي أعيد تخليقها من مخلفات (ألا تذكرنا هذه الأفكار، أو بعضها، بالمعماري العربي الكبير: حسن فتحي، صاحب عمارة الفقراء؟! ).

نبات
هندسة الأرز... والطماطم!

من الأفكار الجديدة التي خرجت من مختبرات الهندسة الوراثية، تحسين صفات المحاصيل الزراعية ذات القيمة الاقتصادية عن طريق بعض صفات أنواع من النباتات البرية إليها. والهدف النهائي لمثل هذه الأفكار هو زيادة إنتاجية الطعام لسد احتياجات الأعداد المتزايدة من سكان الأرض. إننا - على سبيل المثال - بحاجة إلى زيادة إنتاجية محصول الأرز بنسبة 70% خلال السنوات الثلاثين القادمة للاحتفاظ بالمستوى الحالي للاستهلاك الآدمي من الأرز، على الأقل.

ولقد تأكد للباحثين في المعهد القومي لبحوث الأرز بالفلبين أن الاعتماد على الطرق التقليدية في تربية سلالات جديدة محسنة أبطأ من أن يحقق الإنتاج المستهدف، فكان اللجوء إلى التقنيات المستحدثة التي تزاوج بين الطرق التقليدية والبيولوجية الجزيئية. وقد أعلن الفلبينيون في نهاية عام 1995 نجاح هذه التقنيات في رفع إنتاجية الأرز بنسبة 25%.

وقد واجه العلماء بعض الصعوبات في تعاملهم مع الصفات الكمية، مثل حجم الثمرة ومعدل الإنتاجية ومعدل نمو النبات، فهي لا توجد مرتبطة بصبغي معين، بل يشترك في صنعها عدة صبغيات وراثية. وليس من السهل التقاط صبغيات تلك الصفات من النباتات البرية ونقلها إلى النباتات المستزرعة، فثمة احتمال كبير لإغفال صبغي أو أكثر بين ذلك الحشد من الصفات في التركيب الوراثي للنباتات البرية. لذلك، فقد اعتمدت الأبحاث المهتمة بتحسين هذه الصفات الكمية، بالدرجة الأولى، على عمليات متكررة لتبادل الصبغيات بين النباتات المستزرعة المألوفة ذات التركيب الوراثي المنتظم والثابت، حيث يسهل للعلماء من خلال هذه العمليات المتكررة أن يضعوا أيديهم على أي صبغي يؤدي نقله من نبات لآخر إلى تحسين الإنتاجية أو زيادة معدل نمو النباتات. ويحاول أحد العلماء تبسيط هذه العمليات، فيقول إنها أشبه بإعادة ترتيب ورق اللعب مرات عديدة حتى يظهر لك على السطح (الكارت) المطلوب!

وأخيرا، تمكن فريق من علماء الوراثة في مؤسسة روكفلر للأبحاث الزراعية بنيويورك من فصل الصبغيات المتحكمة في الصفات الكمية من نبات بري قريب الصلة بالطماطم، ونقلها إلى أنواع من الطماطم المستزرعة، ثم أجرى تزاوجا بين الهجين الناتج وبين النبات المستزرع، عدة مرات، حتى تحقق للعلماء ما يستهدفونه من استقرار الصبغيات المطلوبة في نبات الطماطم المستزرع، ومنها صبغيان يخصان النبات البري، عملا على زيادة حجم الثمرة بنسبة 8%، كما ارتفع إنتاج المحصول بنسبة 10%. ولن تقتصر جهود فريق مؤسسة روكفلر على الطماطم، فثمة أبحاث تجرى حاليا على بعض محاصيل الغذاء الرئيسية، ومنها الأرز والأذرة.

تقنية
منظار يقيس المسافات

بعد المناظير التي ترى في الظلام ظهر منظار حديث لا يكتفي بتقريب الأشياء البعيدة وإظهارها واضحة لعيني الناظر ، بل يعمل أيضا كبوصلة إلكترونية وجهاز لقياس المسافات بدقة. هذا المنظار الألماني "لايكا جيوفيد 241/27 بي دي" يعمل بتكنولوجيا الليزر ، فيسلط إشارة ضوئية غير مرئية على الشيء المنظور. وعن طريق انعكاس هذه الإشارة يقوم حاسب إلكتروني بحساب المسافة بين الناظر والمنظور بدقة كبيرة ، كما يحتوي المنظار على بوصلة إلكترونية تحدد المكان الدقيق للسفن أو الحطام أو الصخور الناتئة في أعالي البحار. ويساعد المنظار الجديد على دقة التوجيه في عمليات اقتفاء الآثار وبناء الجسور والعمل في الغابات وفي الرحلات العلمية وقيادة المناطيد وفي عمليات إنقاذ المصابين في البحار والمناطق الجبلية.

***

هاتف مرئي بشاشة عادية

حتى وقت قريب ظلت إنجازات الهواتف الناقلة للصورة مع الصوت طبعا - تعد خارج حدود القدرة المالية حتى للميسورين ، والسبب يرجع إلى أن النماذج التي طرحت من الهواتف الناقلة للصورة كانت تعتمد على شاشات خاصة. لكن شركة دورنييه عرضت أخيرا جيلا جديدا من الهواتف الناقلة للصورة ضمن منتجاتها من وسائل "الاتصال المرئي" ، وفي هذا الجيل المكون من الهاتف والشاشة يكون جهاز التشفير لبيانات الصورة منفصلا وقابلا للتوصيل بشاشات (عادية) كشاشة الكمبيوتر الشخصي مثلا. هذه الإضافة التقنية ستيسر اقتناء مزيد من أجهزة الهواتف المرئية لكثير من الناس ، وستضاف الإمكانات الهائلة للاتصال المرئي لقدرات الناس العاديين ومتطلبات أعمالهم ، فشركات الدعاية والإعلان الصغيرة على سبيل المثال سيكون في مقدورها عرض تصميماتها على زبائنها دون حاجة إلى تنقلات لهذا الطرف أو ذاك. ومتعهدو الصيانة سيمكنهم تحديد المطلوب قبل انتقالهم للهدف ، ناهيك عن التيسيرات الهائلة التي ستقدمها الهواتف المرئية للأطباء والمرضى ، والتجار ، والزبائن من كل نوع.

***

كتاب
الثقافة تقود الاقتصاد

لمن تكون الغلبة في صراع القوى الاقتصادية العالمية؟.. للمنافس المعتمد على الثقافة؟.. أم لذلك المتسلح بالتكنولوجيا والقوة العسكرية؟

يجيب عن هذا السؤال المركب كتاب ظهر أخيرا ، عنوانه: (مستقبل النموذج الأوربي.. تدويل الاقتصاد ولا مركزية الثقافة)؛ وفيه ينحاز مؤلفه الدبلوماسي الدانماركي أوستروم موللر إلى الاختيار الثقافي، مؤكدا أن قدرة أوربا على ربط أقاليمها ذات الثقافات المتباينة والمتنوعة ستكون هي القوة الدافعة لتفوقها في المنافسة الاقتصادية مستقبلا.

يتصور موللر أن النموذج الأوربي القادم يقوم على دعامتين ، هما: تدويل الاقتصاد ، ولا مركزية الثقافة. وهو يعني بتدويل الاقتصاد تحويل السياسات الاقتصادية للدول المنفردة إلى سياسة اقتصادية عامة لكل أوربا. أما لا مركزية الثقافة فتعني إفساح المجال ، على المستويين المحلي والإقليمي ، ليحدث نوع من التكامل الثقافي غير المحدد بأطر خاصة بدولة معينة ، وخالص من هيمنة طرف من الأطراف.

يعتقد موللر أن ثمة العديد من العوامل ستساعد في تحقيق لا مركزية الثقافة الأوربية ، منها الانتقال من نمط المجتمع الصناعي ، إلى ما يسميه بالمجتمع الروحي أو اللا مادي. أضف إلى ذلك - وفي نفس الوقت - تزايد الهجوم على مفردات الثقافة الأنجلوسكسونية السائدة في أوربا ، حتى الآن ، وتصاعد التوجهات المحلية في بلدان أوربا لصون ملامح الثقافات القومية وسحب التفوق والسيادة من الثقافة الأمريكية. ويتوقع الكتاب للأوربيين ، في ذلك النموذج المستقبلي الذي يرسمه لهم ، أن تبرز روح ثقافتهم في تصميماتهم ونوعية خدماتهم ، بل وفي تكنولوجيتهم؛ وسوف يشهد المستقبل تبدلا واضحا في معنى (الإنتاج) ، إذ لن يكون همه الأول مخاطبة السلوك الاستهلاكي الفج بتوفير الأشياء بأقل أسعار وأعلى جودة ، بل سيتقدم على ذلك الاستجابة إلى رغبات المستهلك الذي أعيد ترتيب محتواه الثقافي.

يؤمن المؤلف بتصوره المستقبلي ، حتى أنه يقول إن التحدي الأكبر للنموذج الأوربي القادم هو نجاحه الذي سيدفع المزيد من الدول للسعي من أجل عضوية (الاتحاد الأوربي) ، كما أنه سيكون جاذبا لحركة الهجرة الفردية من الجيران الأقل غنى. كما يبدو المؤلف متفائلا إلى أقصى درجة وهو يقول إن أوربا ستلقن العالم كله درسا في كيفية تجميع القوى الاقتصادية والصناعية والتكنولوجية في تكامل مع ثقافة مستقلة ، ويؤكد أن ذلك قد بدأ يحدث فعلا في القارة الأوربية.

رياضة
ألعاب المغامرة وراثة

هل تحب الرياضات الخطرة، مثل القفز الحر بالمظلات أو ركوب الأمواج على الألواح، أو حتى تسلق الجبال؟. هل يستهويك التغيير المستمر، فتتنقل من وظيفة لأخرى (رغم ظروف البطالة العالمية)، أو أنك لا تصبر على نسق ثابت للأثاث في منزلك؟

إذا أجبت بنعم، فاعلم أنك من نوعية البشر الباحثين عن التجديد. والحقيقة أن تحديد نوع الشخصية مسألة حار علماء النفس في التوصل إلى تفسير لها، حتى لجأوا أخيرا إلى علم الوراثة؛ وتبين لهم - على سبيل المثال - أن تلك النزعة الشخصية نحو اقتحام الخبرات والمجالات الجديدة والمثيرة، يمكن إرجاعها - جزئيا على الأقل - إلى صبغية وراثية مفردة (جين) مرتبطة بحامل الصفات الوراثية (الكروموسوم) رقم 11 عند البشر. وقد أعلن هذا الاكتشاف في الأسبوع الأول من يناير 1996 ؛ وهو اكتشاف غير مسبوق؛ إذ إنها المرة الأولى التي يتأكد فيها الارتباط الوثيق بين إحدى الصفات الشخصية العادية وصبغية وراثية بعينها. ويقول الدكتور روبرت كلونينجار، أستاذ (علم النفس والوراثة) بجامعة واشنطون، وقائد الفريق البحثي صاحب الاكتشاف، إن ذلك يعد بداية طيبة، ولعلنا نتمكن في المستقبل القريب من رسم صورة وراثية دقيقة لخصال الشخصية الإنسانية. وقد قام الفريق البحثي بفحص عينات دماء من أفراد ينقسمون إلى مجموعتين: الأولى، رجال يتصفون بحب المغامرة والإثارة؛ والثانية لآخرين يغلب عليهم التحفظ وإدامة التفكير قبل الفعل؛ فوجد أن أفراد المجموعة الأولى يشتركون في (جين) يشار إليه بالاسم (د - 4 - د - ر) أطول قليلا من نفس الجين عند أفراد المجموعة المتحفظة. وهذا الجين مسئول عن تنظيم عمل مادة كيماوية بالمخ، تسمى (دوبامين)؛ وهي بدورها مسئولة عن توصيل الإحساس بالانفعال والبهجة. وتستجيب خلايا المخ بالتفاعل مع جزيئات الدوبامين، وتكون الاستجابة أسرع وأقوى في حالة الأفراد حاملي الصبغية الوراثية (د - 4 - د - ر) الأطول. ويحتاج فريق العلماء برئاسة الدكتور كلونينجار إلى مزيد من الوقت للتأكد من أن ثمة أربع أو خمس صبغيات وراثية أخرى تشارك في التأثير على فعالية الدوبامين. كما ينبهون إلى أن التركيب الوراثي لا يكفي وحده لخلق الإنسان المغامر المحب للتجديد، فثمة ظروف التنشئة، كما أن السلوك البشري يخضع لعامل توافر الفرصة... فإذا وجد السيناريو المناسب والبيئة المشجعة، فقد يتحول مسار شخص يتمتع بالنسخة الأطول من الجين (د -4 - د -ر) من متسلق جبال شهير إلى قاتل محترف!

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




لا بد أن نأخذ تعبيرات ألم الأطفال بجدية





الهندسة الوراثية.. في الحقول وعلى الموائد





هندسة الأرز.. والطماطم





منظار يقرب ويقيس ويرى في الظلام





على شاشة بكمبيوتر شخصي يمكن ان ترى محدثك





أروبا التنوع والوحدة حتى في الثقافة





هل تقود الجينات أصحابها للمغامرة؟





قبل التفكير في عمارة عملاقة لا بد من حساب أعبائها





عمارة لا ترهق الأرض