الليزر... عصا سحرية تدخل العين!

الليزر... عصا سحرية تدخل العين!

إن كان السحر رمزاً للمعجزات الإنسانية التي يعرفها البعض ويجهل الكثيرون أسرارها, وإن كان الفن تعبيراً عن ابتداعات ومنجزات يتقنها البعض ويعجز الكثيرون عن إتيانها. فالليزر... هو العصا الطبية السحرية التي حققت الكثير مما كان يراود
الأطباء المبدعين في أحلامهم وجعلت الحلم ممكناً.. والعصيّ... سهلاً, وما كان قبل عقود متعذّراً أصبح ميسورا, وما كان مستهجناً أصبح مألوفاً.

وكلمة الليزر - LASER - لفظة منحوتة من أوائل الحروف اللاتينية لتعابير تعني:
(التضخيم الضوئي الصادر عن إطلاق إشعاعات مستحثة). فهو شعاع قوي ذو أمواج ضوئية متجانسة, يمكن أن تصدر بأطوال تتراوح بين تلك التي في نطاق فوق البنفسجية بطول 193 نانوميتر (نانوميتر = واحد من ألف مليون من المتر) إلى الأمواج الطويلة فوق الحمراء التي قد تتجاوز أربعة آلاف من النانوميترات.

العين أولاً
لقد بدأ الاستعمال الطبي لأشعة الليزر عام 1963م, ومن الطريف أن تكون أمراض العين هي أول ما عولج طبياً من أعضاء الجسم بالليزر. فقد استعمل الليزر الياقوتي في التخثير الضوئي للعروق الدموية النازفة, وكذلك لرتق جروح وثقوب الشبكية, وذلك لما تتمتع به أوساط العين الشفافة الكاسرة للضوء من قدرة على تجميع الأشعة في بؤر حارقة واضحة مميزة على الشبكة, وكان ذلك فاتحة لمجالات خصبة في علاج أمراض العين المختلفة بأشعة الليزر.

فجراحة الليزر في أمراض العين دقيقة ومسيطر عليها وآمنة, وبرهن الزمن على نجاحها وفعاليتها. إذ يمكن أن تعالج بعض أمراض العين ومشاكلها بشكل أحسن وأسرع وأكثر اقتصاداً للوقت والمال, وأكثر أمناً من الجراحة التقليدية. ويمكن لأشعة الليزر أن تصل إلى أجزاء من العين لا تستطيع الوسائل الجراحية الوصول إليها. والليزر يستطيع أن يستعيد البصر الضائع في بعض الحالات, ويمنع تراجع البصر الشديد ويجعله بحالة آمنة مستتبة من خلال معالجات وعبر زيارات متعددة لعيادة العيون. وبالطبع, فإن المعالجة بأشعة الليزر تكون أكثر نجاحاً وفاعلية إذا طبّقت في زمن مبكر من حدوث مرض العين وحالما يشخص الطبيب المرض ويقرر جراحة الليزر.

مبررات وأنواع
ومن مبررات ومحسنات المعالجة بالليزر أن الليزر يمكن أن يعمل بنجاح في ظروف يعجز فيها غيره, كما أنه ينقص الاختلاطات التي تعتري العملية من نزف, وتأخر في التئام الجرح, أو حدوث التهابات ثانوية, لأنه أقل رضاً وأدق تموضعاً وأكثر إحاطة ونفوذاً في الأنسجة المريضة. ناهيك عن أنه أكثر توفيراً لوقت المريض وأقل كلفة, كما أن المعالجة بالليزر قل أن يرافقها ألم, وهي غير نازفة ولا تتطلب تخديراً عاماً ولا استشفاء في المستشفيات ولا تتطلب فترة نقاهة إذ يعود المريض للعمل سريعاً بعد المعالجة بها.وهناك عدة أنواع لأشعة الليزر تستخدم في علاج أمراض العين منها:

- الليزر الكاوي والمخثر للعروق الدموية المتنشئة على سطح الشبكية والراتق لثقوبها وجروحها, والليزر القاطع للأغشية والتليّفات والتكّثفات, والليزر المبدد, والليزر الحارق المبخر.

ويجب أن نعرف أن لكل لون من أشعة الليزر أنسجة معينة في العين تتأثر به, أي أن طول الموجة الشعاعية يقرر المنطقة التي يجب أن تعالج به. وبهذا يتموضع تأثير الليزر حيث يراد له أن يحدث أذى أو تلفا في الأنسجة المريضة المعالجة.

أمراض العيون
أما الأمراض العينية التي تتطلب المعالجة بالليزر فهي:

اعتلال الشبكية السكري, فقد أثبتت المعالجة في الوقت المناسب أنها تحمي العين من النزف المتكرر وما يعقبه من تليّفات, فتحافظ على البصر, وتقي العين من العمى.

انسداد الوريد الشبكي المركزي الكلي والجزئي وذلك بإبادة العروق الدموية الطفيلية الهشّة المتنشئة.

رتق التمزّقات الشبكية وسد ثقوبها, وبهذا تقي الشبكية من الانفصال وتحفظ البصر من الزوال.

إبادة التنشؤات العرقية الدموية في المشيمية.

تنكس اللطخة الصفراء, وقد ظهر أخيراً الليزر البارد وفيه يزرق الوريد بمادة تحسّس الشبكية ضوئياً وتعلق بجدر الأوعية الدموية المتنشئة التي يراد إبادتها بالليزر البارد وهي المسماة VISUDYNE فتمحي العروق الدموية المتنشئة في المشيمية حال تعرضها لأشعة الليزر البارد ودون أن تحرق الخلايا الشبكية السليمة.

أورام العين وبخاصة منها الأورام الوعائية الدموية, يمكن كيّها بأشعة الليزر والقضاء عليها دون الحاجة إلى العمليات الجراحية والتخدير العام والمستشفيات وما تتطلبه من نفقات.

داء الزرق وفيه يمكن فتح ثقب صغير في القزحية يسمح بانسياب ماء العين من البيت الخلفي إلى البيت الأمامي في حالة حصاره خلف القزحية بسبب التصاق حواف الحدقة بسطح العدسة الأمامي أو انسداد زاوية العين بثنيات القزحية, فيعالج داء الزرق الحاد. ويمكن بالليزر إجراء رأب التربيق فيسهل انصراف الماء عبر زاوية البيت الأمامي, فيمكن من إرجاء العملية الجراحية.

جراحة الساد. وفيه يرتشف الساد ويباد بواسطة الليزر فيغني عن استعمال أجهزة الأمواج فوق الصوتية وهي جراحة مازالت رهن البحث والتطوير.

قطع التليّفات والأغشية العينية بواسطة الليزر القاطع (ياغ).

جراحة العين التجميلية بإزالة الأكياس والأورام الصغيرة الحليمية والوحمات الصباغية والثآليل من حول العين دون أن يخلف ذلك ندبة. ويمكن معالجة تجعّد جلد الأجفان وارتخائه وتهدله وتصبّغاته والتخلص من الانتفاخات والانفتاقات الشحمية حول العينين بالليزر التجميلي فتستعيد العينان تألقهما ويستعيد جلد الأجفان صحته وشبابه وتختفي مظاهر الشيخوخة والكآبة ونظرة الانكسار من العينين والوجه.

الأكثر انتشاراً
ولعل تصحيح عيوب الانكسار البصري بمختلف أنماطها من حسر ومد وحرج البصر, هو الأكثر شيوعاً وإثارة في استعمالات الليزر الآن مع أنها تقنيات حديثة لم يمض عليها إلا عقد واحد من الزمن. والليزر المستعمل يسمى اكزايمر ويسخر فيه مزيج من غاز الفلور والأرغون وتبلغ أطوال موجاته 193 نانوميتر, والإبادة تعتمد على تفكيك الربط بين الذرات الكربونية فيتبخر النسيج المعرّض لأشعة الليزر على شكل غاز. والمثير في الموضوع هو تلك الدقة والرشاقة في إبادة الطبقات السطحية التي تخضع للقياس والمعايرة الدقيقة. فالنبضة قصيرة لا تتجاوز 50 نانو/ثانية, ونفوذها قليل العمق لا يتجاوز 3 ميكرون, فالحرارة المنقولة منها لا تؤذي الأنسجة المجاورة, لذلك لا يخشى على القرنية من التلف أو عدم الاتزان بعد تصحيح البصر. فلتصحيح حسر البصر لابد من تسطيح منطقة القرنية المركزية فيبيد الليزر قرصاً مركزياً من نسيج القرنية يعادل درجة قصر البصر لدى الشخص المعالج. وفي حالة مد البصر لابد من زيادة تحدّب المنطقة المركزية في القرنية وذلك بنحت حلقة محيطية من القرنية بواسطة الأشعة المحسبة والمبرمجة كمية وزمناً. ولأن عمل أشعة الليزر هو الحرق والإبادة بالتبخير لذلك يعتمد الجرّاحون الآن على تعريض الأشعة على الطبقات العميقة للقرنية بعد شطر قرص من القرنية وتنحيته جانباً ثم يعاد إلى موضعه بعد استكمال المعالجة بالليزر, وبذلك يتحقق الشفاء سريعاً, ويلتئم الجرح دون ألم ومعاناة, ويستعيد المرضى البصر القوي المصحح بسرعة كبيرة وخلال أربع وعشرين ساعة ودون إعاقة طويلة عن العمل. وتسمى هذه التقنية الجراحية مع استعمال أشعة الليزر (ليزك Lasik) أي الليزر المدعم بتحوير سطح القرنية.

إنه الليزر, العصا السحرية التي يتوكأ عليها جراحو العيون في شتى الحيل العلاجية والتصحيحات البصرية في بداية هذا القرن الواحد والعشرين, ومَن يدري ما سيأتي به الغد من تقنيات وفتوحات بصرية مبدعة تأتي بحبال وعصيّ سحرية أخرى تأكل المنسأة الأولى أو تجعلها تاريخاً, وأثراً بعد عين.

 

سرى سبع العيش

 
 




أشعة الليزر ساهمت في التقدم الطبي وعلاج الأمراض





سلامة العين من الامراض تتطلب تدخل الليزر احيانا