الإنسان والبيئة

الإنسان والبيئة

الحرباء الإفريقية في اليونان

لا نعرف, كيف ظلت الحرباء الإفريقية مختفية عن عيون اليونانيين كل هذا الزمن?! فمنذ شهور قليلة, اكتشف الباحث اليوناني أندريا بونيتي وجود مائتي حرباء إفريقية في منطقة (بيلوز), حيث كان مجموعة من الشباب يقيمون مخيماً في منطقة خلوية, فدمروا أعشاش الحرباء وهم يثبّتون أوتاد خيامهم, قام بونيتي وعدد من رفاقه على رعاية الحرباوات الإفريقية في مربى خاص, حتى تزايد العدد إلى 400 حرباء, ولما سئل عن كيفية انتقال الحرباء الإفريقية إلى اليونان, قال إن ذلك ربما يكون قد تم في عهد الإمبراطورية الرومانية, ففي ذلك الزمن, التقى الرومان بالحرباء في الإسكندرية, ونقلوا بعضاً منها إلى (بيلوز), وكانوا يقيمون عروضاً خاصة لهذا الحيوان الغريب الذي يتلوّن حسب أحوال وألوان ما حوله!

أداة بسيطة مؤثرة

تتحمل خطوط الكهرباء في جنوب إفريقيا جانباً من مسئولية تناقص أعداد بعض أنواع الطيور, مثل البلشون, الذي تراه في الصورة معلقاً بسلك كهربائي, ومثل أنواع من الغرنوق ومنها الأزرق, والمتوّج بالرمادي, وذو الغبب, وقد تدنى تعداد النوع الأخير إلى أقل من 250 طائراً, مما يجعله مهدداً بالانقراض.

إن الطيور تندفع في طيرانها, غافلة عن أسلاك الكهرباء, فترتطم بها بقوة فتموت أو تغتالها الكهرباء. وقد استجابت المؤسسة المسئولة عن توزيع الكهرباء في جنوب إفريقيا إلى نداءات منظمات البيئة وجمعيات محبي الطيور, لوقف هذه المذبحة التي تتم على أسلاك الكهرباء, فقام الفنيون فيها بتصميم أداة إنذارية, وهي عبارة عن صفيحة خفاقة, تعلّق على مسافات متقاربة بالأسلاك, فتلفت نظر الطيور المندفعة إليها, بلونها الأحمر المميز وحركتها المستمرة بتأثير الرياح, فتفطن الطيور إلى الخطر, وتتخطاه, ويقول المراقبون إن مردود هذه الأداة البسيطة كان ملحوظاً خلال السنتين الماضيتين, إذ انخفضت حوادث ارتطام الطيور بأسلاك الكهرباء بنسبة 75%.

ثمن باهظ!

هل تعرف الـ (شاهتوش)? إنه صوف طبيعي بالغ الرقة,. حتى أنه يمكنك أن تمرر قطعة منه خلال (محبس) ضيق, وهو معروف منذ قرون طويلة, حيث كانت ـ ولا تزال ـ تصنع منه اللفاعات أو الشالات لنساء الطبقة الراقية, وتصل قيمة الشال الواحد من الشاهتوش إلى اكثر من 15 ألف دولار في بيوت الأزياء الغربية المتميزة. وإذا كان ثمن الشال النقدي يبدو مرتفعاً, فإن الثمن (البيئي) للشال الواحد, الذي لا يزيد طوله على ستة أقدام, يعني التضحية بثلاثة من الـ (شيرو), أو ظباء التبت, فالشاهتوش هو جلد هذا النوع من الظباء يسلخ منها ليغطي أكتاف البشر!

ونتيجة لرواج تجارة هذا الصوف النادر, يقتل الصيادون 20 ألف شيرو كل سنة, حتى إن تجمعات هذا الظباء, التي كانت شديدة الازدهار في الماضي قد تلقّص تعدادها إلى 75 ألف ظبي فقط حالياً, وفي محـاولة لوقف هذا النشاط المدمّر, حظرت الهند تجارة الشاهتوش في معظم ولاياتها, ولكن نشاط تصنيع شالات الشاهتوش لايزال مستمراً في كشـمير وهو مركز هذه الصناعة.

صدمة كهربية لكل مدخن!

للمدخنين الذين لم تفلح معهم كل الوسائل ليكفوا عن هذه العادة الضارة, نقدم قداحة مبتكرة, إنها لا تختلف في الحجم ولا في المظهر عن أي قداحة عادية, غير أنها مزودة بقطبين كهربيين صغيرين, متصلين بالبطارية نفسها التي تعمل بها القداحة, ويعملان على توليد شحنة كهربية تســري في الغلاف المدني للقداحة, فور انتهاء المدخن من إشعال لفـــافته وإقفـال غـطاء القـداحة... وهكذا, فإن أول (نفس) من اللـــفافة يكون مرتبطاً بصــدمة كهربية طفــيفة, لعلــها تفـلح في إبعـاد بعض المدخـنين عن علبة الســجائر!

التمساح الصيني ينجو من خطر الانقراض

إن أحداً لا يستطيع تقدير الأخطار البيئية المترتبة على اختفاء الأنواع من الكائنات الحية ـ نباتية وحيوانية ـ المعرّضة لخطر الانقراض, وبصفة عامة, فإن فقدانها يمثل خسارة اقتصادية, منظورة أو غير منظورة, كما يعكس خللاً في الاتزان البيئي, لا يعلم عواقبه إلا الله, ولحسن الحظ, فقد تزايد الاهتمام العالمي بشئون البيئة, في ربع القرن الماضي, وبدأت الحكومات والهيئات التنفيذية في الاستجابة لنداءات العلماء وأنصار صون البيئة, بصورة تدعو للتفاؤل.

ومن الأنواع الحيوانية التي كانت مهددة بخطر الزوال من خريطة الحياة على ظهر كوكبنا, التمساح الصيني, وهو نوع من التماسيح نادر الوجود, وموطنه الوحيد الصين, ويمثل ـ مع التمساح النيلي ـ نوعين من الزواحف التي تعيش في المياه العذبة في المناطق المعتدلة بالعالم. وكانت تجمّعات التمساح الصيني تعيش في موطنها الطبيعي, وهو البحيرات والمستنقعات المرتبطة بروافد مجرى نهر اليانغستي, وظل هذا التمساح, لمئات السنين, هدفاً لإغارات الصيادين, الذين كانوا يتكالبون عليه, من أجل جلده الثمين, مما أدى إلى انخفاض الأعداد المتبقية منه, حتى أنه أدرج في قائمة الأنواع الحيوانية المعرّضة لخطر الانقراض.

وقد بادرت الحكومة الصينية, منذ سنوات قليلة, إلى وضع هذا التمساح تحت حمايتها, وفرضت حظراً على صيده, ثم نقلت الأعداد المتبقية منه إلى مزرعة خاصة أقيمت لتربيته, ولم تلبث هذه المزرعة أن تحوّلت إلى مركز علمي يهتم ببحوث تربية وحماية التمساح الصيني, وغيره من تماسيح العالم.

ويحتل المركز مساحة كيلومتر مربع, في منطقة من محافظة شيوانتشنغ, تتوافر فيها ملامح البيئة الطبيعية التي يفضلها التمساح: أعشاب وأشجار وبرك صغيرة وجداول. كما يضم المركز 3 خزانات للمياه, وبحيرة اصطناعية, تعيش فيها التماسيح وتتكاثر, تحت الملاحظة العلمية. وفي وسط البحيرة, جزيرة مسوّرة, أقيمت بها بيوت خاصة, تكفي لسكنى مئات التماسيح الصغيرة. وفي نوفمبر من كل عام, قبل حلول فصل الشتاء, تهرع التماسيح إلى هذه الجحور أو البيوت المجهزة, لتقضي فترة السبات الشتوي, حتى يأتي فصل الربيع في نهاية شهر أبريل, فتغادر مساكنها, استعداداً لموسم التكاثر, وبعد ذلك, تهجر الإناث الذكور, لتتفرغ لبناء الأعشاش التي تضع فيها البيض. وتتفرع من البحيرة بركة صغيرة, مخصصة للتغذية, وهي مقسمة إلى قسمين, يعيش في كل منهما مجموعة من التماسيح, من العمر نفسه. ومن النادر أن تظهر التماسيح الصينية في بركة التغذية أثناء النهار, ولكن ما إن يأتي الليل, حتى يقدم لها الحرّاس الغذاء المكوّن من الأسماك الطازجة والبط الحيّ!

ويتم تفريخ التماسيح, معملياً, في بيت زجاجي نظيف, وتلقى التماسيح الوليدة عناية علمية وطبية فائقة, حتى يشتد عودها وتصبح قادرة على شق طريقها في بركة التغذية. وكان من نتيجة هذه العناية, ارتفاع معدل فقس البيض إلى 84%, وزيادة تعداد نزلاء المركز من التماسيح الصينية, من سبعمائة تمساح في بداية هذا العمل البيئي المتميز إلى أكثر من ألفي تمساح, بعد سنوات قليلة من العمل الجاد, مما يؤكد نجاح سياسة المركز في تربية التمساح الصيني, ومما يعطي أملاً في أن خطر الانقراض قد زال عنه.

حمّام آلي لطائر البحر!

من المناظر المؤثرة في النفس, طائر بحر مسكين, يسقط في بركة زيت تغطي سطح البحر, إثر حادث تسرّب من ناقلة نفط, يتحرّك في تثاقل, ثم يتوقف تماماً عن الحركة, حتى يدركه الموت اختناقاً بالزيت الثقيل, ما لم تسعفه جهود الإنقاذ. ومن أجل هذه الطيور المسكينة, ينظم أنصار البيئة حملات لتنظيفها, تنتقل إلى مواقع التلوث, وتقضي وقتاً طويلاً في مهمة شاقة, لا يكون مردودها ـ في أغلب الأحوال ـ مرضياً. إن تنظيف طائر واحد ـ يدوياً ـ يتطلب جهد رجلين لمدة ساعة ونصف الساعة... فماذا لو تمت العملية آلياً? ولتحقيق ذلك, صنعت شركة اسكوتلاندية آلة غسيل, عبارة عن قفص داخلي يوضع فيه الطائر المصاب, ثم يعرّض لتيار قوي من الماء والمنظفات, لمدة لا تزيد على ست دقائق.

زئبق في لحوم الحيتان

من بين الدول الصناعية الكبرى, يشيع أكل لحوم الحيتان في النرويج واليابان فقط. يقول اليابانيون إنه لحم صحي طيب شهي, وهو مرتبط بالثقافة التقليدية اليابانية, ولا يلتفتون إلى ما يثار حالياً حول زيادة احتمالات تلوث لحوم الحيتان والدلافين بعدد من العناصر والمركبات الكيميائية السامّة, مثل: ميثيل الزئبق, والكادميوم, وبعض المبيدات الحشرية العضوية المكلورة.

وهذا تحذير جديد, يرفعه الدكتور فيليب جراندجكان, من جامعة أودينس بالدانمارك, حيث أعلن نتائج دراسة موسعة, أجراها على أكثر من تسعمائة طفل نرويجي, تغذت أمهاتهم بلحوم الحيتان أثناء مدة حملهن, وأثبتت الفحوص الطبية, التي أجريت لهم من خلال تلك الدراسة, تأثر بعض وظائف المخ عند هؤلاء الأطفال.

الرصاص مدمِّر الجهاز العصبى .. والأسنان

أرسل طفل أمريكى رسالة إلى أحد المسئولين البيئيين, فى الولايات المتحدة الأمريكية, هذا جانب منها :
(... عزيزى السيد المدير
إن الرصاص واحد من أخطر العناصر على صحة الأطفال, إذ إنه , حتى فى أقل التركيزات, يدمر الجهاز العصبى لمن يتعرَّض له من الصغار, ويؤخِّر النمو, ويؤثر على قدراتهم التحصيلية, فى مراحل الدراسة الأولى. إن هذا العدو الخطير يتربَّص بنا فى كثير من مكونات البيئة; وهو يتجمَّع فى أجسامنا, ويداوم فى عظامنا لمدة تصل إلى 25 سنة.

إننا , نحن الصغار المستهدفون من الرصاص, نرى أن المعايير والاجراءات التى تواجه بها مؤسساتنا البيئية هذا العنصر الهدَّام, تعطيه الفرصة للإفلات والتسلل إلى طعامنا ومائنا وهوائنا.

وقد سمعنا أخيرا عن قرب مراجعة بعض اللوائح والقوانين , من أجل مزيد من إحكام الحصار حول الرصاص, حمايةً لنا, ولكل المجتمع من شروره.. إننى أصفق لهذه المراجعة,

وأتمنى أن تنجح فى إغلاق كل المنافذ التى يتسلل منها الرصاص إلينا....).

هذه صيحة عفوية, صادرة عن واحد من فئة البشر الأكثر تضرراً بالرصاص: الأطفال; يستغيث - نيابة عن أترابه - بالمسئولين, طلباً للحماية من تزايد أخطار التعرُّض لعنصر الرصاص, فى كثير من نواحى الحياة اليومية.

قد تفتقد الصيحة لمنطق الأرقام والدلائل الواقعية, ولكنها مفعمة بالصدق.

أمَّا الأرقام والدلائل, فإننا نجدها فى تقرير من الصين, عن زيادة مستويات الرصاص فى أجسام أطفال المدن.. ويعتمد هذا التقرير على عمليات مسح صحى, أجريت على ما يزيد عن 14 ألف طفل, فى مدينة( جوانجزو), بجنوب الصين, تبيَّن منها أن 83% من هؤلاء الأطفال يجرى الرصاص فى دمائهم, ويكمن فى أنسجتهم, بمستويات أعلى بكثير من المسموح بها. وأوضح التقرير أن أعلى نسب التلوُّث بالرصاص كانت بين الأطفال الذين يعيشون فى المراكز الصناعية والتجارية بالمدينة, وقرب الطرق ذات الحركة المرورية الكثيفة; كما يوضح التقرير الصينى أن الأطفال الذين يقيمون فى الطوابق السفلى من البنايات السكنية أكثر عرضة للرصاص من أولئك الذين يعيشون فى مساكن بالطوابق الأعلى, حيث تبين أن مستويات الرصاص فى الهواء , على ارتفاع متر واحد من الأرض, تزيد 16 مرةً عن مستوياته عند ارتفاعات أعلى من مترين أو ثلاثة أمتار.

وفى انجلترا, يوضع الرصاص تحت المراقبة المستمرة, مثلما يحدث للمجرمين, حتى لا ترتفع مستوياته عن الحدود المسموح بها, فيما يتعلق بوقود السيارات, والأطعمة, والماء والمشروبات, وأدوات الطهى, ولُعب الأطفال, وبعض أدوات الرياضة, والطلاءات, وغيرها من المنتجات . والحد الأقصى المسموح به من الرصاص هو 2 ميكروجرام بالمتر المكعب.

الجدير بالذكر, أن سكان معظم المدن الانجليزية كانوا يتعرضون لمستويات عالية من الرصاص فى الهواء, حتى عشر سنوات مضت, اتخذت خلالها عدة إجراءات لتخفيض مستوى الرصاص فى وقود السيارات; وفى العام 1997 أصبح 70 % من وقود السيارات الإنجليزية خالياً من الرصاص.

ويوضح تقرير بيئى إنجليزى أن الرصاص - بالرغم من كل هذه الإجراءات - لا يزال يمثل أحد الملوثات الهوائية المهمة, وبصفة خاصة فى المناطق المزدحمة بالحركة من المدن, وعلى الطرق الرئيسية0 وقد لوحظ أن تركيز عنصر الرصاص فى الهواء يتناقص بشكل واضح, كلما ابتعدنا عن الطرق المكدَّسة بالسيارات; كما يوضح التقرير الإنجليزى أن حجم جزيئات الرصاص يساعد على تسارع تساقطها, مع زيادة المسافة, حتى أن البعد عن طريق عام بمسافة 50 متراً, فقط, يقلل من تركيز الرصاص فى الهواء بنسبة 80 %.

نعود إلى الولايات المتحدة الأمريكية, حيث نراجع ما توصَّل إليه الباحثون فى جامعة روشيستيرز, من أن الرصاص يسبب تسوُّس الأسنان. لقد أعطى الباحثون فئران التجارب طعاماً ملوَّثاً بالرصاص, فدبَّ الفساد فى أسنان صغارها الوليدة, بنسبة 40 %. وفى الإنسان, كما يقول أحد الأطباء الباحثين بالجامعة, يتراكم ما يدخل إلى جسم الإنسان من رصاص فى عظامه, ولا يستقر هناك, فهو قابل للانتقال, مع تيار الدم; فينفذ - على سبيل المثال - إلى الأجنَّة, عبر المشــيمة, فى الســـيدات الحوامل. ولا سبـيل إلى إخراج الرصـاص من الجسم إلاّ ذائباً فى حليــب الأم.. وهكذا, يستمر تدفق هذا العنصر السام, من الأم التى لم تتـــقى شر الرصـاص, إلى الوليد. وإذا استــوطن الرصاص الجسم - يقول الطبيب الباحث - ودار مع الدم, وصل إلى الإسنان, وشارك الكالسيوم الترسُّب بها.

وقد ثبت أن وجود الرصاص فى نسيج الأسنان يجعلها أكثر عرضة لنشاط بكتيريا التسوُّس. ويلاحق الرصاص الأسنان بالضرر, من جهة أخرى, فهو يقلل إفرازات اللـعاب فى فم الإنسان, فيحرم الفم تأثيره المعاكس للنشاط البكتيرى.

وهكذا, تتبدى لنا, يوماً بعد يوم, سوءات هذا العنصر المخيف: الرصاص, الذى كان سبباً رئيساً فى انهيار الامبراطورية الرومانية.. لقد أقبل النبلاء والأرستقراطيون على المعدن (الجديد), واستــخدموه فى أغراض حياتية عديدة, ولم يفطن أحد إلى أنه كان الســبب وراء تدنِّى متوسط عمر الإنسان إلى حوالى 25 سنة; ولم يكن عـــامة الشعب بمنــأى عــن هذا الخــطر الداهــم, فقد وصل إليهم الشبح القاتل, فى منازلهم, عبر أنابيب المياه, المصنوعة من الرصاص!

 

 

رجب سعد السيد

 
 




حرباء تعقد ذيلها في هيئة حلزون





البلشون الضحية





أداة التحذير





الشاهتوش وصاحبه الشيرو!





تجربة نموذجية لإكثار التماسيح في الصين





حذار من لحوم الحيتان والدلافين...