أمبروزيوس هولباين «صورة شاب» عبود عطية

أمبروزيوس هولباين «صورة شاب»

أمبروزيوس هولباين هو الابن الأكبر للرسام المشهور هانز هولباين، لم ينل شهرة كبيرة في تاريخ الفن كما هو حال والده، بسبب عمره القصير جداً، إذ توفي وهو في الخامسة والعشرين من عمره. ولكن لوحته «صورة شاب» التي نحن بصددها هنا، تؤكد أنه كان في سنوات عملة القليلة واحداً من عباقرة المدرسة الألمانية في مطلع القرن السادس عشر.

ولد أمبروزيوس في أوغسبورغ سنة 1495م. وبدأ دراسة الفن في محترف والده، ومن ثم انتقل مع أخيه هانز هولباين الصغير في عام 1516م الى مدينة بازل، حيث عمل عند أحد الرسامين المحليين، كما راح يرسم بعض اللوحات لحسابه الخاص، ومنها هذه اللوحة المحفوظة اليوم في متحف الأرميتاج في موسكو، وهي من الأعمال القليلة جداً التي وصلتنا من هذا الرسام، وأهمها بلا منازع. إذ يرى النقاد بما يشبه الإجماع أنها ترقى إلى مستوى أفضل أعمال أبيه.

أول ما يسوقفنا في صورة هذا الشاب الذي لا نعرف هويته الحقيقية هو أسلوب رسم الوجه والعنق المستوحى من مدرسة النهضة الإيطالية التي وصلت تقنياتها إلى الرسام عن طريق أبيه، والمعروفة بتغليب الظلال على الخطوط لرسم ملامح الوجه، يلي ذلك التركيز البالغ على فن العمارة وزخارفها التي تحيط بهذا الشاب.

ولكن قراءة متأنية لأنماط الأبنية الظاهرة في هذه اللوحة، تكشف أننا أمام ثلاثة أنماط مختلفة منها، ففي عمق المشهد، هناك برجان عسكريان من النمط الذي راج في أوربا خلال القرن الثاني عشر وما تلاه، ومن ثم برج قصر من القرن الرابع عشر، أما الزخارف الداخلية في القصر الذي يسكنه هذا الشاب فهي من الطراز الذي راج بدءاً من نهاية القرن الخامس عشر. ولا بد من أن يكون هناك خطاب معين لهذا التسلسل، وهو أن هذا الشاب هو ابن عائلة أرستقراطية ذات تاريخ عسكري يضرب جذوره عميقاً في التاريخ، وهذا ما يؤكده مقبض الصولجان في اليد اليمنى.

واذا أمعنَّا النظر أكثر في التفاصيل، يمكننا أن نلاحظ الدرع الصغير المعلق على الإكليل الذي يتدلى من السقف، وعليه الأحرف الثلاثة الأولى من اسم الرسام. أما على العامود الكبير إلى يسار الشاب فقد علقت لوحة كتب عليها باللاتينية «في سن العشرين 1518» وهذا ما يُعتقد أنه اسم اللوحة وسن الشاب، لأن أمبوزيوس كان آنذاك في الثالثة العشرين من عمره.

تبقى الإشارة إلى الألوان التي تبدو وكأن هذه اللوحة رسمت بلون واحد. ولكنها في الواقع أغنى وأكثر تنوعاً مما تبدو عليه اليوم. فعلى الرغم من طغيان اللون البني، هناك لمسات لونية أنيقة جداً في الإكليل الأخضر، والقماش الأحمر الذي يلف العامود. ومن المرجح أن هذه الألوان فقدت نضارتها بفعل الزمن، ويمكن لعملية تنظيف وإبدال الفرنيش أن تكشف ما كانت عليه عندما رُسمت قبل خمسة قرون من الزمن.

 

عبود عطية 





أمبروزيوس هولباين (1495- 1520) «صورة شاب» (1518)، تامبرا على خشب، (44 × 32.5 سم)، متحف الأرميتاج، موسكو