رحيل فارس الكلمة.. وداعا أحمد الربعي (1949 - 2008)

رحيل فارس الكلمة.. وداعا أحمد الربعي (1949 - 2008)

فقدت الكويت والأمة العربية وكل أصحاب الرأي والمواقف الشجاعة شخصية بارزة، كان لها عظيم الأثر على أكثر من صعيد، كان كاتبا مؤثرا من خلال مقالاته الصحفية التي كانت تنشرها أكثر من جريدة عربية، وكان سياسيا بارزا لعب دورا بين القوى الوطنية التي ضمها البرلمان الكويتي، وكان تربويا ومجددا حين تولى منصبه وزيراً للتربية والتعليم، وفوق ذلك كله كان صاحب رأي لا يتوانى في الدفاع عنه بكل ما أوتي من حجة ومنطق.

رحل الدكتور أحمد عبدالله الربعي بعد معاناة مع مرض عضال قاومه حتى لحظاته الأخيرة بإيمان راسخ وابتسامة عريضة.

واكتسب الفقيد شهرة واسعة على الصعيد العربي بعد أن تحول إلى داعية للتفكير العقلاني في كيفية معالجة الخلافات العربية - العربية ومحاولته وضع سبل للحوار والتعايش مع الآخرين، وكان شديد الإلمام بالقضايا والهموم العربية مع القدرة على التحليل العميق وتشخيص العلل العربية الكبيرة، كما كان له دور بارز في الدفاع عن حق الكويت في الوجود في مواجهة جحافل الغزو العراقي في بداية التسعينيات من خلال ظهوره في مختلف وسائل الإعلام، وقد تميزت مقالاته بأنها توصل رسالتها بأقل الكلمات عددا وأيسرها فهما. وقد كرس الربعي لهذه الغاية أغلب مقالاته التي نشرها في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، وكان ضيفا مميزا في العديد من البرامج التلفزيونية، يدعو من خلالها لإعلاء فضيلة الحوار، وعدم اعتماد الحروب الكلامية كمنهج للتعامل بين أجزاء الوطن العربي.

مارس الربعي العمل الصحفي منذ مرحلة مبكرة من حياته في جريدة السياسة، ثم انتقل إلى جريدة الوطن التي شهدت ولادة زاويته الشهيرة «بالمقلوب» ومنذ عام 1991 وحتى رحيله واصل الربعي كتابه عاموده اليومي في القبس وابتكر في العقد الأخير من حياته زاوية أربعائيات الأسبوعية في عام 1998 والتي تجلت فيها ملامح الشاعر والعاشق والأديب والناقد التي كانت متوارية لسنوات طويلة خلف أدخنة العمل السياسي الصاخب. شارك الربعي في الحياة السياسية الكويتية وتمكن من نيل ثقة الناخبين في ثلاث دورات انتخابية أعوام 1985، 1992، 1999. كما عين وزيرًا للتربية والتعليم العالي خلال الفترة من أكتوبر 1992 وحتى اكتوبر 1996.

ولد الربعي عام 1949 وحصل على ليسانس الآداب من جامعة الكويت عام 1975 وعلى درجة الماجستير من جامعة كولورادو، ودرجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة هارفارد 1984، وعمل مدرسا ورئيسا لقسم الفلسفة في جامعة الكويت، وهو لم يكتف بعمله الأكاديمي، ولكنه دخل غمار العمل العام وكان في طليعة جيل من المثقفين الكويتيين الذين يؤمنون بالمصير العربي المشترك، والحلم القومي الذي توارى طويلا خلف غيوم الخلافات العربية.

إن رئيس تحرير مجلة العربي والعاملين بها يتقدمون لأسرة الدكتور أحمد الربعي وجميع أحبائه بأحر التعازي والمواساة داعين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.. {إنا لله وإنا إليه راجعون} .