مساحة ود حنان بيروتي

مساحة ود

لمن أهدي زهور العيد؟!

صباح الخير يا أمي!

صباح العيد الذي تفوح من لحظاته طيبة الأمهات...

صباح كله اشتياق وبعضه لوعة وحنين مرّ لحضنك يا سند القلب وملاذ الروح.... صباح يحفر في ذاتي ملامح فقد تصاب اللغة أمامه بالكساح، يا للنزف حين يعجز أمام عطشي الجارف إليك يا حبيبة!

لمن أهدي اليوم زهور العيد وهي لا تهدى إلا إليك؟!

أين مني طهر كفيك وهما تمسحان وجهي وتطوفان بشعري لحظات قليلة لكنها تعادل عمرًا من الحنان!

.. والعيد يطل مجددا أعجز إلا أن افتقدك، آآآه كم اشتاقك يا كل العيد، يا رب لكم هو العالم موحش دون أمي! ولكم روحي يتيمة على رصيف العمر، وقلبي غريب مستوحش وسط الجموع!

صباح عيد الأمهات.... قلبي يتضرّج بالعطش، وأناملي تهذي للاتصال برقم هاتفك ...أيّ صوت سيحتضن مكالمتي الصباحية هذا العيد؟أي دفء سينسرب من الهاتف وهو يرد المعايدة بأمنيات تطاول السماء بكلمة، وتبني ناطحات سحاب من الفرح والأمن ببضع دعوات صادقة ...هل يكفيني أن أشرع صوتي حافة المدى منادية باسمك، وأسند روحي بظل وجهك المجبول بدمي وحنوك المغتسل بقلبي كل نبضة...؟!

أقطف اليوم زهور محبتك المزروعة في قلبي وأحصد حبًا كبيرًا بذرته ذات عمر يينع كل لحظة في مساحات ذاتي...سامحيني فصباح عيدك في غيابك الأبدي أشبه بوخزة في عمق الجرح، صاعقة تخز الروح ارتشف قهوته المرة على شرفة الفقد، عبثا ألمّ بروحي إذ تئن متوجعة وأعجز إلا أن أبكيك، ولا أستطيع إلا أن أطلب رقم هاتفك وأدعه يرن للحظات كأنما أعيشك في الحلم وأترك للرنات المهزومة أن ترتد صدى ملتاعًا لفقد كبير وخسارة فادحة هي رحيلك

يا أمي! سامحيني ففي يوم الأمهات أفتقدك أكثر مما أحتمل واكبر مما يحتمل الفقد....

أجدك تستيقظين من دمي، تستفيق ملامحك معمّدة بنزفي ...صوتك..كلماتك ..حركاتك ..حضورك...وتحتشد ذاكرتي بعشرات المواقف ويضجّ قلبي بذكريات عمر.

يا لموسم افتقادك الذي لا يعرف الحصاد...يا لوردة الألم التي تأبى إلا أن تزهر بألف لون! عيد آخر يأتي وأنا خاوية منك،كلّ عيد أعد نفسي ألا أجزع لكنّه يتضوع مثل جرح راعف له مذاق وجعه الفريد وطريقته الجديدة في التذكير بحضور غيابك الفادح ... لكني أنتظر عيد الأمهات كل سنة، ففيه تتبرعم كلمة «ماما وتورق في القلب لفظة أمي، وفي العيد أردد: أمي... أكرر...يمّه .. أتمتم: أمي، حتى بين أنفاسي دون أن تتلقّفني نظرات استغراب.

شكرا لله على الأعياد التي أكرمت بها أن أكون بين ذراعيك، شكرا لكل لحظة أهدتني إياها الحياة أن أجلس عند قدميك، هذاالعيد لن أجد من أزوره، أقف وقلبي وحيدين في محرابه لكني أقف مزهوة كونك أمي .... رحمك الله يا ست الحبايب!.

 

حنان بيروتي