عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

60 عامًا من الضياع

ستون عاما مرت على انتزاع فلسطين وسلخها من جسدنا العربي، سنوات طويلة كانت كافية لتتحول العصابات الصهيونية الشرسة التي قذفت بها إلينا أوربا في أعقاب الحرب العالمية الثانية إلى جيوش لا تقهر، ويخرج المهاجرون من «الجيتوهات» المغلقة ليكونوا دولة تسيطر وتتمدد وتفرض إرادتها، ولكنها كانت سنوات قصيرة وغير كافية بالنسبة لنا كعرب، فلم نستطع فيها أن نمتلك الإرادة، أو نحسن توظيف الإمكانية، بل إننا رسبنا في التحدي الحضاري الذي مثله لنا قيام إسرائيل. ما أبعد الشقة بين ما فعلته السنوات بهم وقد زادتهم قوة وغرورًا وصلفًا، وما فعلته بنا حين ازددنا ضعفًا وترددًا وخزيًا. لقد لبث الصليبيون على أرضنا ثمانين عامًا كاملة، ولكن طوال هذه المدة كنا نشحذ همتنا ونجهز أرواحنا لرد العدوان، لم نفكر في المصالحة والمفاوضة وطرح المبادرات أو الاستنجاد بالمجتمع الدولي. بل إن صلاح الدين حين خرج إلى حطين كان يواجه المجتمع الأوربي كله ممثلا في الجيوش التي كانت تخوض حربًا باطلة تحت راية الصليب. علينا ان نتأمل قليلاً.. كيف تصرف أجدادنا وكيف نتصرف نحن اليوم، كيف نفكر وكيف كانوا يفكرون، ثم علينا أن نتذكر قول خالد بن الوليد: «فلا نامت أعين الجبناء». إن «العربي» تقدم في هذه الذكرى الحزينة ملفًا خاصًا عن فلسطين السليبة، فلسطين الحبيبة، حتى لا تمر هذه الذكرى مرور الكرام، ملفًا مليئًا بالأمل والذكرى والشجن عن ملامح هذا الوطن بتضاريس مدنه وأزياء نسائه وطوابع بريده وإبداعات فنانيه. وتقدم «العربي» أيضًا لقارئها هدية متواضعة وعزيزة على القلب هي خريطة لفلسطين تم تحديثها بمعلومات إضافية، نتمنى أن تحتل مكانها اللائق في كل بيت عربي، وفي كل المؤسسات والمدارس حتى تقف حاجزًا ضد الضياع والنسيان.

ويحفل «العربي» أيضًا بالعديد من المواد والقضايا المهمة، ففي افتاحية رئيس التحرير لهذا العدد يتحدث عن ظاهرة اضطراب القيم، وهي ظاهرة تصاحب التغيرات العاصفة التي تجتاح عصرنا، فالغرب المسيطر يصدر قيمًا يريدها أن تكون شمولية على الرغم من تعارضها مع القيم والتقاليد للعديد من شعوب العالم المختلفة. وعلى الرغم من هذه الفوضى وهذا الاضطراب الذي يعيشه العالم الآن، يرى الكاتب أن هذا قد يؤدي إلى بزوغ قيم جيدة تنقيها البشرية من ركام هذا الصراع من أجل عيش مشترك.

وتنشر «العربي» أيضًا حوارًا مع الشاعرة البحرينية حمدة خميس تكشف فيه جانبًا عن ذاتها الشاعرية المبدعة، كما تقدم لمحة عن واحد من أهم المؤرخين العرب وهو عبدالرحمن الرافعي الذي رصد تاريخ مصر الحديث. و تواصل المجلة رعايتها للكتّاب من شباب القصة القصيرة فتنشر باقة من قصصهم الفائزة في قصص على الهواء. ومازال في هذا العدد المتميز المزيد من المواد والعديد من القضايا.

 

 

المحرر