المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

الكويت

أوبريت ديرة الطيبين.. استعاد روح الكويت القديمة

بمناسبة احتفالات دولة الكويت بالأعياد الوطنية خلال شهر فبراير الماضي، عرضت وزارة الإعلام أوبريت «ديرة الطيبين» بحضور وزير الإعلام الشيخ صباح الخالد الصباح ورئيس اللجنة الدائمة للاحتفال بالأعياد الوطنية. ووكيل وزارة الإعلام الشيخ فيصل المالك والأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدر الرفاعي وعدد من السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي وجمع غفير من الحضور.

وقدم 170 شابا وفتاة تسع لوحات فنية شعبية فلكلورية تراثية رسمت ملامح الكويت القديمة خلال فترة الأربعينيات من القرن الماضي، روعي فيها اختيار الأزياء المناسبة التي تعبر عن طبيعة تلك المرحلة الزمنية. وكان الحي الكويتي القديم هو مسرح أوبريت «ديرة الطيبين».

واشتمل «ديرة الطيبين» على سبع لوحات عبرت عن الديرة والفريج «الحي» والجيرة الطيبة، ولوحة «طق المطر» التي حكت معاناة الكويتيين مع خرير اسقف المنازل، وبراءة الأطفال من خلال الألعاب الشعبية القديمة مثل «البروي»، واستعرض الأوبريت الدور المحوري الذي لعبته الأم الكويتية في تسيير شئون بيتها خلال فترة اغتراب زوجها الطويلة بحثا عن لقمة العيش في البلدان البعيدة، وأكملت لوحة أيام الغوض عن اللؤلؤ صورة شقاء الرجل الكويتي خلال رحلات الغوص والسفر الى الهند، ولم ينس الأوبريت دور «الفنر» في إضاءة عتمة ليالي الكويت قبل وصول الكهرباء، وأفرد مساحة كافية لطبيعة مناخ الكويت القاسي المشبع بالتقلبات المناخية، وبدأ الأوبريت مع رقصة تعبيرية رافقها صوت الفنان القدير إبراهيم الصلال، وفي اللوحة الختامية تغنى المشاركون في الأوبريت بحب وطنهم الكويت وأميرها وولي عهدها.

أوبريت «ديرة الطيبين» من تأليف الشاعر عبداللطيف البناي وغناء الفنانين محمد البلوشي وفطومة وهيثم الزايد وفواز المرزوق، وأخرج العمل الفنان عبدالله عبدالرسول ولحنه أنور عبدالله.

إبراهيم المليفي

القاهرة

موسوعة الأمثال الشعبية الفلسطينية

ليس خافيا ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي من محاولات مستمرة للسطو على التراث الفلسطيني وانتحاله، وانطلاقًا من المناداة بضرورة التصدي لهذه الأخطار الني باتت تهدد هذا الشعب العربى في ماضيه وحاضره ومستقبله أيضًا كانت هذه الموسوعة التى عكف على إعدادها الكاتبان: مازن الشوا، وسميرالشاعر وصدرت فى القاهرة بعنوان «موسوعة الأمثال الشعبية الفلسطينية» بهدف حماية التراث الفلسطيني من الاندثار والضياع والسرقة، من خلال التعريف بجذوره الحضارية الموغلة في القدم.وتوضح الموسوعة كيف أن الشعب الفلسطينى الصامد تعكس أمثاله الشعبية الظروف التاريخية والاقتصادية والاجتماعية القاسية التي مر بها عبر تاريخه الممتد منذ أقدم العصور.

ويتفق علماء الفلكلور على اعتبار الأمثال من أقوى ألوان الفنون الشعبية التي تحفظ، من خلال تداولها الكبير، تجارب الجماعات البشرية والمظاهر الحضارية وكيفية التصدى للظلم والغزو والعدوان، ونحن نستطيع من خلال المثل الشعبي التعرف على جوانب كثيرة من حياة الشعوب وأفكارها ومعتقداتها وتوجهاتها، كما يوضح المؤلفان أن المثل الشعبي يمثل فلسفة العامة، إذ إن التراث الشعبي هو أصدق المراجع لدراسة حياة الشعوب والتأريخ لها، ومن هذا المنطلق يعتبر المثل الشعبي أصدق ضروب التراث في التعبير عن حياة الشعوب لأنه الأكثر تحللا من القيود وسيطرة الحكام، إذ إنهم لا يستطيعون منع هذه الأمثال أو مصادرتها بأي حال من الأحوال .

ويرى الشوا والشاعر أن هناك تشابها بين الأمثال الفلسطينية والعربية في مضامينها ومعانيها، وربما في صياغتها أيضا، وأحيانا يكون التشابه في المضمون والمعنى، رغم اختلاف الصيغ والتراكيب، وذلك لتشابه الظروف الحياتية أو الفكرية أو الثقافية، واتصال الشعوب وتأثير بعضها فى بعض، وانتقال التجارب في ما بينها وهو ما أدى إلى تشابه كثير من الأمثال وتقاربها، بل وتطابقها في بعض الأحيان، وكثيرا ما نلحظ أن نسبة غير قليلة من الأمثال العربية تتشابه.

يقول أستاذي الراحل أحمد رشدي صالح في كتابه «فنون الأدب الشعبي»: هناك مجموعة من الأمثال التي لا جواز سفر لها، فهي تعيش في كل مكان، ولا يمكننا أن نقول إن أمة اقتبستها من أخرى، فمرد تشابهها راجع إلى وحدة التجربة التاريخية.

ويشير المؤلفان في مقدمة هذه الموسوعة إلى دراسة نشرتها مجلة العربي العريقة في عددها رقم 86 بعنوان «الأمثال عند العرب والإفرنج» وفيها تقول صفاء خلوصي: هناك مجموعة أخرى متماثلة عند مختلف الشعوب، حتى بين العرب والإفرنج على تباعدهما، وقد تكون هذه الأمثال مما أقتبس وأدخل في آداب أمة من أمة أخرى عن طريق الارتحال والاشتباك بين الحضارات.

لذا يصعب تحقيق هوية شخصية أو إقليمية للمثل.

أما العالم الكبير الراحل الدكتور عبد العزيز الأهواني، أستاذ الأدب الأندلسي، فيرجع- في مقاله المنشور في العدد الثاني من مجلة «الفنون الشعبية الأردنية» - ظاهرة تشابه الأمثال إلى وحدة التجربة الإنسانية العامة والتكوين النفسي المشترك والتطور المتوازي والمتقارب بين المجتمعات العربية، والأسس الحضارية للعوامل الجغرافية والتاريخية واللغوية والروحية.

وقد تميزت فلسطين بثروة ضخمة من الأمثال الشعبية أفرزتها عوامل التأثير والتأثر والاحتكاك، فضلا عن نسبة كبيرة من الأمثال الشعبية العربية التي تم اقتباسها، مما ساعد على تشابه الأمثال بين شعوب المنطقة، ورغم هذا التشابه إلا أن الأمثال الشعبية الفلسطينية تتميز عن غيرها بذكر بعض أسماء المدن الفلسطينية مثل «بيبيع السلق على أهل سلوان»، «لو كانت عكا خايفة من البحر.. ما وقفتش ع البحر».

وتضم هذه الموسوعة أكثر من 1250 مثلاً شعبيًا نذكر منها: «آخر الليل.. بنسمع لصياح»، ويتوقع هذا المثل سوء العاقبة لمن لا يحسن التصرف مع الآخرين «آذار يحيي الأشجار»، ففي أواخر شهر مارس تكسو فلسطين حلة سندسية خضراء تزينها الزهور والثمار، «أبو كاتو.. ما أكثر حكاياته، ويطلق هذا المثل على كثير الكلام من دون داع، «احتاجوا لليهودي.. قال: اليوم عيدي»، ويعبر عمن لا ينفع الناس حتى في وقت الحاجة، مثله كمثل اليهودي الذي يعيش في عزلة عن الناس فإذا ما احتاجوا إليه أحس بأهميته وتعالى عليهم.

ولم يتمكن المؤلفان من إدراج العديد من الأمثال التي تبدأ بحرف الألف في هذه الطبعة، مما حداهما على الوعد بإدراجها في طبعة ثانية ومنها: «ارض بالقليل.. ليجيلك الكثير، أشد الوجع.. الحاضر، البرد والقلة.. أساس كل علة، البصل.. ما منه عسل، البطر.. بيعمي النظر، البيت اللي بتدخله الشمس.. ما يدخلوش طبيب، الحر عبد إذا طمع.. والعبد حر إذا قنع، الحلو حلو.. لو صحي من النوم؛ والشنع شنع.. لو غسل وشه كل يوم، الرايب للنسايب.. والزبدة للحبايب، الزيارة غارة، العتاب.. صابون القلب، إن سال دمك.. انفرج همك، القهوة.. حماصها لطيف ودقاقها طفيف وشرابها كييف».

مصطفى عبدالله

عمان

وداعاً كامل المغني

يعد الفنان التشكيلي الفلسطيني كامل المغني الذي ولد بغزة في 27 / 12 / 1943، أحد أبرز الفنانين التشكيليين الفلسطينيين، وأحد الذين ساهموا في بناء خصوصية الفن الفلسطيني المعاصر في الأرض المحتلة، والفنان الراحل الذي توزعت نشاطاته على مساحة واسعة في الداخل والخارج، انتشر اسمه، ونتاجاته الفنية في أغلب الدول العربية والأوربية، وقد نالت الكويت قصب السبق في هذا المضمار، إذ عرضت لوحاته ضمن معرض المقتنيات الذي أقيم في قاعة بوشهري في العام 1999. وهذا أتاح الفرصة أمام عشاق الفن في الكويت، الاطلاع على بعض نتاجاته.

وكامل المغني، الذي أقام أكثر من 35 معرضاً، من الفنانين الذين مارسوا الفن عبر جماليات الواقعية والتعبيرية الرمزية، حيث تناول على مسطحات لوحاته، الأحداث التي مرت بها القضية الفلسطينية من أيام النكبة إلى النكسة مروراً بالثورة والانتفاضة.. وكغيره من الفنانين الفلسطينيين، فقد رصد على مسطحات لوحاته الحياة اليومية للإنسان الفلسطيني.

والفنان كامل المغني، الذي تخرج في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية العام 1966، اعتقل من قبل سلطات الاحتلال وزج في المعتقل ثلاث سنوات، بسبب انتمائه للثورة الفلسطينية، وبعد خروجه من الاعتقال، تشكل لديه اقتناع، بأن الفنان يستطيع أن يؤدي دورًا فعالاً في خدمة وطنه وأبناء شعبه، من خلال الريشة.

وتأكدت هذه الفكرة لدى فناننا عندما قدم لنا لغة فنية خاصة به، لغة ذات طابع تعبيري، عكست بخطوطها وألوانها مظاهر المقاومة والصمود، والمأساة اليومية التي يعيشها الإنسان الفلسطيني بسبب الاحتلال الصهيوني الذي تجاوز في جرائمه كل ما عرفه التاريخ..

لم يقف كامل المغني عند ذلك، بل بدأ يبحث وينقب عن صيغ فنية ملائمة للتعبير عن أخطر مأساة شهدها التاريخ الإنساني عبر العصور التاريخية، فرسم في مرحلة السبعينيات غضب الإنسان الفلسطيني المقاوم، الذي عانى من الملاحقة، والسجون، والمعتقلات، والتعذيب، والقتل، والتدمير، وشتى صنوف الإرهاب.. والخوف على المصير.. ولعب اللون في هذه المرحلة دوراً كبيراً في التأكيد على الجانب التعبيري. وقدم لنا عبر لوحات هذه المرحلة التي استمرت حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي، تجارب متنوعة في منطلقاتها، وفي هذا المجال قدّم لنا تجربة اعتمدت على توظيف الكتابة إلى جانب الرمز في أكثر من لوحة. ونستطيع القول بأن جهود كامل المغني في هذه المرحلة، تركزت على الجوانب التعبيرية، وعلى تطوير أسلوبه الفني، ونجح في ذلك عندما أعطى الصيغة التعبيرية بمفرداتها المختلفة، وألوانها الحمراء، والترابية، والبنفسجية، وتدريجاتها، وجهاً مستقلاً عن التجارب التعبيرية العربية والأوربية، وقد كانت أعمال هذه المرحلة تجسد المعاناة خلال الاعتقال والتعذيب.

في مرحلة الثمانينيات بدأ المغني يركز على مفردات التراث والفلكلور الفلسطيني، وأخذ ينهل من أساطيره الكنعانية ورواياته الشعبية المتوارثة، ومن أهم هذه المفردات التي تميزت بها لوحاته، وأعطت لأسلوبه صيغة جديدة معبرة نذكر: الزخارف، وأطباق القش، ودلال القهوة، وسنابل القمح، والعين، وطيور الحمام، والخيول، والبيوت، والشمس، والنوافذ والأبواب.. ». وقد قام الفنان بربط تلك العناصر مع الثنائية الخالدة (الرجل والمرأة)، وأكد على العلاقة التي تربطهما بالمكان الذي يعيشان فيه.

وحين تطورت تجربته وأخذت أبعادها، لجأ المغني إلى صياغة خاصة للوحته، فرسم «مدينة القدس»، في عشرات اللوحات وقدمها لنا بصياغة معمارية، تكشف عن جمالها ومتانة بنائها، وعظمتها وخلودها.. والقدس التي رسمها المغني، ترمز في لوحاته لعروبة الوطن وحضارته وتراثه، وإسهامه في البناء والإبداع المعماري والحضاري.

ومن منتصف الثمانينيات حتى رحيله، لم تختلف الموضوعات التي رسمها المغني، عن التي تناولها في مرحلة السبعينيات، فقد بقي الإنسان بطل لوحاته، وهو الأساس في التعبير الفني، فمثلا أنتج في مرحلة الانتفاضة، ما يزيد على سبعين عملاً، عكست بخطوطها المتينة، العلاقة الموضوعية التي تربط الإنسان الفلسطيني بأرضه، وحقه المشروع في الدفاع عنها بشتى الوسائل لكي يحقق الانتصار.

وقبل أن أختم أشير إلى أن كامل المغني الذي رحل في 4 / 3 / 2008، عن عمر يناهز 61 عاماً، كان مشغولاً بهموم الوطن، وبهموم الفن، وكيف يصوغ لوحته الجديدة بعد محرقة الصهاينة لغزة، لقد رحل وفي رأسه مشاريع فنية وأحلام كبيرة.. وأمل في الوحدة والتحرر والاستقلال.. فسلاماً على كامل المغني، وتحية إلى أعماله بعمق الوجدان العربي.

غازي أنعيم

الرياض

159 فنانة تشكيلية سعودية
بين أفق الموروث وفضاء التجريب

يقدم معرض الفنانات التشكيليات الرابع الذي نُظم بمركز الأمير فيصل بن فهد للفنون التشكيلية بمعهد العاصمة النموذجي بالرياض صورة بانورامية عن حالة الفن التشكيلي السعودي النسوي اليوم، حيث شهد المعرض مشاركة 159 فنانة تشكيلية سعودية يمثلن الأجيال الفنية الجديدة التي تسعى إلى التجريب سواء كان هذا التجريب على مستوى كيفية استثمار الموروث والبيئة في اللوحة، أو على مستوى التنويع بين مختلف المدارس الفنية.

وقد انجذبت اللوحات المشاركة إلى أربعة مجالات هي: التعبير الفني عبر الوجوه، التعبير من خلال تمثل التراث الشعبي، اللوحة النصية - إذا صح التعبير - التي جاءت من خلال مفهوم: «تكوين»، التجريب التشكيلي، وهي أبرز المجالات التي يتسم بها هذا المعرض الرائع.

ويتضمن المعرض مجموعة متنوعة من اللوحات التي شكل الوجه مدارها الجمالي، حيث استخدمت مجموعة من الفنانات الوجوه تيمة فنية لتشكيل اللوحة، ومن هذه اللوحات : «وجوه» أمل فلمبان، «تكوين» هدى جبلاوي، «رؤى» غادة علي آل حسن، «يا ترى» إيمان الجبرين، «نظرات تأمل» داليا اليحيى، «ألم» نورة النهاري، «لم لا تعود» خلود عسيري،«وجوه» جمانة باكير، «الإرهاب» ريم الفرم، «ثلاث حالات» بدرية الناصر، «تأمل» ريم الريني، «تذبذب» هدى النبهان، «تأمل» خديجة توفيق، «زمن» فاطمة صالح التميمي

في هذه الوجوه نحن حيال رؤية فنية تجعل من التركيز على دالة ميسمية تمثل صورة التعبير الإنساني أساسا للعمل الفني، الوجوه في هذه اللوحات هي وجوه متكلمة، دلاليا ورمزيا، ليست وجوها صامتة، إنها في تأملاتها وتقاطيعها تفضي وتبوح، وتدل، وهي لذلك لا تؤدي وظيفة توصيلية مباشرة قدر ما تؤدي وظيفة تأويلية.

في لوحة «وجوه» لأمل فلمبان نحن حيال حوارية متأملة، تتخذ فيها الوجوه رمزية الزهور المائلة الناسكة في تأملها، تتخذ تلقائيتها وإيقاعها، واستطالتها، وتتشكل اللوحة من أربعة وجوه من جوانب مختلفة، تركز فيها الفنانة على تقديم نظرات متعددة في تأملها، وقد رسمتها بشكل تلقائي يستند إلى بعد رمزي مثلته آنية الزهور الجانبية المجاورة للوجوه، كأنها تقوم بوضع معادل رمزي لحركة الوجوه ونظراتها مع وضعية الزهور في الآنية.

وتتحول الوجوه لدى هدى جبلاوي إلى أقنعة، لتعبر أيضًا، عن مدى حدة التأمل من خلال القناع أيضا وقد جعلت من استدارة القناع من أعلى تيمة دائرية متكررة في اللوحة بأحجام متعددة، ربما لتبرز معنى الاحتواء والكلية، وتمحو ما بين نقطتي البداية والنهاية.

واختارت فاطمة التميمي وجه عجوز لتعبر عن الزمن عبر التجاعيد، بينما نعثر في «وجوه» جمانة باكير على تجريب، بأشكال متنوعة انسيابية، هندسية طولية. أما في لوحة داليا اليحيى «نظرات تأمل» يتوارى البعد التصميمي الحاد للوجه لتتخذ من الرسم التلقائي الطفولي الانسيابي، والألوان الهادئة مهادا لتوصيل هذا التأمل، في المدينة الصامتة الساجية التي فيتوارى على هيئة بنايات وطرقات وأشكال متعرجة.

إن استثمار الوجه كتيمة فنية تم تمثلها من وجهات دلالية عدة، يؤكد على أن الفنانات لا يقفن عند الحالة الأولية الانطباعية للوجه، بل يبحثن عما وراءه من دلالات، ذاتية أو موضوعية، وهو ما يؤكد على قيمة ارتباط التعبير الإنساني بأحداث الواقع وتجاربه، وانعكاس هذا الواقع على الإنسان بشكل رمزي أو بشكل تجريدي، تغيب فيه الحركة، ويبقى التأمل بوصفه عنوانا لسؤال، وهاجسًا ليقين تأويلي يتوارى في فضاءات اللوحة الفنية.

أما الموروث فهو يشكل في اللوحة التشكيلية عناصر: التذكر، والتمثل، والاستيهام، وهي حالات تقف بنا على أهبة التأويل كلما حاصرتنا اللوحة بجمالياتها ودلالاتها التي تنبثق عنها.. وقد تجلى هذا التعبير عن الموروث - تمثيلا - في لوحات : فوزية المطيري، خديجة سعيد الغامدي، خولة القعود، ريم العيسى، حنان الهزاع، إسراء خالد، صالحة العساف، نوف غازي، سوزان اليحيى، ففي هذه اللوحات تتعدد أنماط الموروث، إذ تحضر الألوان الزاهية الأساسية، والخيوط والنسيج، والأواني الشعبية، والأشكال الخزفية، ونسج خوص النخيل، والرقصات الشعبية، والقلاع القديمة، والتعاشيق الإسلامية، ويبقى سؤال الماهية والتوظيف والترميز سؤالا يحدد القيمة الفنية للوحة، خاصة إذا ما تجاوزت ما هو تقليدي وواقعي حينا إلى ما هو أكثر عمقا ودلالة، على أساس أن الموروث يمثل مادة خاما، طيعة، والقدرة على تحويلها عبر الألوان والخامات إلى سؤال عصي مختلف هو ما يميز لوحة عن لوحة.

تتشكل لوحة حميدة السنان، وهي اللوحة الفائزة بجائزة الاقتناء في المعرض، من ثماني قطع كل قطعة مقاس 70*40 سم، هذه القطع الثماني تقدم لنا نصا تشكيليا متواشجا يتشكل من ثمانية مشاهد ما بين الإنسان في دهاليز الغياب والغموض، إلى اليد النازفة الممسكة بفتيل قنبلة، واليد المقطوعة تستند إلى الأرض، بينما ثمة نسوة منتظرات على الشاطئ، والانتظار هنا يعني أن ثمة عودة أو لا عودة، في المشهد الأخير اليد الممسكة بكابل التوصيل وكأن ذلك بمنزلة إعادة للحياة.

من البديهي أن تستلهم اللوحات معظم القيم الفنية، من النعومة إلى البروز، ومن إشاعة الجدل والتضاد والحوار اللوني ما بين الدكنة والتوهج، ومن تمثل عناصر البيئة المختلفة، لكن التجريب يظل هو الفضاء الأمثل للحاق بالتجربة الفنية التشكيلية الحداثية، كما نجد في اللوحات التجريبية مثلا لدى نورة النهاري وموزية القثمي، وهدى جبلاوي، وإيمان حبيب.

إن الإشكالية الفنية لم تعد اليوم تتمثل في الاصطفاء اللوني، أو في صنع هارمونية لونية محددة أو غير محددة، أو في استخدام الخامات، وهي السمات التي نلجأ إلى توصيفها دائما في قراءتنا للوحة، ونكتفي نقديا بهذا التوصيف، ولكن تتمثل الإشكالية في كيفية وماهية تشكيل اللوحة، في توظيف الأدوات والخامات، في حجم حضور الشخوص والأشياء وحجم تواريها وتظليلها، ومدى رمزية وعمق الدلالات التي تحملها وتقدمها للمشاهد، ومدى مهارة الفنان التشكيلي على القول والإفضاء باللغة البصرية بشكل يجعل من القراءات المتعددة للوحة أمرًا جوهريًا.

عبدالله السمطي

أبو ظبي

جائزة البوكر في نسختها العربية.. إلى بهاء طاهر

«عالج بهاء طاهر في «واحة الغروب» قضية الحقيقة الإنسانية التي ستظل ناقصة على الدوام، مستعملا أدوات فنية خصيبة، منتهيا الى قول روائي، يدافع عن الحوار والاعتراف المتبادل، ويرفض التعصب والأفكار المغلقة. (..) من ثم جاءت «واحة الغروب» رواية متميزة في شكلها ودلالتها تعزز الكتابة الروائية العربية المتنامية باستمرار عبر التجريب واقتحام الموضوعات الشائكة».

هذه هي المبررات التي منحت بمقتضاها لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية (بوكر العربية)، الجائزة للروائي المصري بهاء طاهر عن رواية «واحة الغروب»، مختتمة بذلك الفصل الأول من فصول الجائزة المرموقة التي أثارت جدلا واسعا لم تشهده جائزة عربية أدبية أخرى بهذا الشكل. وكانت اللجنة قد تكونت من صمويل شمعون (رئيسا)، وعضوية كل من: فيصل دراج، محمد برادة، محمد بنيس، غالية قباني، بول استاركي (بريطانيا).

حصلت واحة الغروب على الجائزة بعد منافسة مع خمسة كتب أخرى وصلت جميعا للقائمة القصيرة وهي «مطر حزيران» لجبور الدويهي(لبنان)، «أنتعل الغبار وأمشي» لمي منَسي (لبنان)، «تغريدة البجعة» لمكاوي سعيد (مصر)، «مديح الكراهية» لخالد خليفة (سورية)، «أرض اليمبوس» لإلياس فركوح (الأردن).

حصل كل من الكتاب الستة على جائزة نقدية (عشرة آلاف دولار)، وحصل الفائز الأول على خمسين ألف دولار إضافية.

سبق إعلان الجائزة كلمات ألقاها عدد من رعاة الجائزة ومنهم جوناثان تايلور رئيس مجلس أمناء الجائزة الذي أكد أن الجائزة العالمية للرواية العربية جائزة عالمية بمعنى الكلمة، إذ إنها لا تنتمي إلى منطقة واحدة أو بلد واحد، أو مؤسسة أو شخص، كما أشار إلى أن الأعمال التي وصلت إلى القائمة النهائية هي حصيلة قراءة 131 عملا شاركت في الجائزة من 18 دولة.

من جهة أخرى ألقى احمد علي الصايغ العضو المنتدب لمؤسسة الإمارات كلمة جاء فيها: «لقد حظي الأدب الروائي العربي بالتقدير العام، ولكنه يحتاج إلى الدعم المادي والمعنوي الكافي والمنتظم، وذلك بعكس الأدب الغربي الذي اتيحت له العديد من الجوائز الرئيسية التي حفزت الأدباء، والكتاب الروائيين، والناشرين، والقراء على حد سواء، وما جائزة بوكر البريطانية إلا شاهد واضح على ذلك. وفي ضوء هذه الحقيقة فقد بادرت مؤسسة الإمارات إلى دعم وإطلاق هذه الجائزة الأدبية الجديدة، بكل ما تنطوي عليه من فرص لنشر الثقافة العربية إلى آفاق وعوالم جديدة، وذلك انسجاما مع توجهات وجهود حكومة أبوظبي».

كما ألقت الكاتبة المصرية أهداف سويف كلمة عن تجربتها بعد وصول روايتها «خارطة الحب» إلى القائمة القصيرة في جائزة بوكر العالمية قبل عدة سنوات، وكيف زادت من حركة ترجمة أعمالها الأدبية إلى لغات عدة. كما ألقت الضوء على تجربتها ككاتبة مصرية تكتب أعمالها الأدبية باللغة الإنجليزية.

ونُظّم مؤتمر صحفي للكاتب المصري بهاء طاهر عقب إعلان فوزه بالجائزة، وحضر المؤتمر كل من جوناثان تايلور، وصمويل شمعون، وعدد من أعضاء مجلس أمناء الجائزة.

الخرطوم

معرض للفنان التشكيلي والحفار محمد عمر خليل

شهدت صالة عرض المركز الثقافي الفرنسي بالخرطوم افتتاح معرض الفنان التشكيلي السوداني المقيم بالولايات المتحدة منذ ثلاثين عاما الاستاذ محمد عمر خليل الذي افتتحه البروفيسور شبرين عميد الفن التشكيلي السوداني بحضور السيدة سفيرة فرنسا والملحق الثقافي الفرنسي والسيد نيكوك مدير المركز الثقافي الفرنسي وجمع غفير من نجوم الفن والتشكيل والإبداع في السودان.

وقد عرضت في المعرض لوحات بمختلف الأحجام، يظهر عليها تأثر الفنان بمقر إقامته بنيويورك، فهي تحمل أسماء مثل «بوتسا» و«هارلم»، يغلب عليها اللونان الأسود والأبيض، ويستخدم فيها الكولاج وطوابع البريد والأختام وقصاصات الصحف، وشهدت صالة العرض ازدحام طلاب الفنان ومعجبيه والجمهور المهتم، من الذين كانوا يتابعون نشاطاته الفنية عبر الصحف الأجنبية والإنترنت، وقد نالت لوحاته إعجاب الكثيرين.

وقال البروفيسور شبرين عميد الفن التشكيلي السوداني في حفل الافتتاح وفي تواضع جم: «أولاً هذه المنصة لست في مقامها، لأنها من حق الاستاذ بسطاوي بغدادي الذي أقعده المرض عن الحضور؛ لأنه من وضع أمامنا ونحن طلاب الألوان والقلم والفرشاة وذلك قبل خمسة عقود، لنرسم، وهذا المعرض الذي نحتفي بافتتاحه هو عمل من مدن المعاصرة بداية من نيويورك، روما، المغرب العربي وحتى دول الخليج، وهي الدول التي ساح فيها الفنان محمد عمر خليل ولأكثر من أربعين عامًا ليحط رحاله بأرض النيلين حيث شرب وتشرب أول مرة».

وبعد اكتمال نظرة شبرين لأعمال خليل، أردف قائلاً: هذه الأعمال المعروفة تحدثنا عن فترات تلك المدينة التي نامت على احلام الحضارة، وهذه اللوحات عندما تنظر إليها تشاهد كل تلك الفترات، فإنك تبكي لزهرها وازدهارها وتبكي لرجالها ونسائها وأطفالها.

وعن شخص الفنان محمد عمر قال شبرين: «إنه فنان تشكيلي ليس لمجرد اللون والمساحة، ولكن لأنه كان يرسم الشعر والقصة والنداء الخارجي، نداء القلب والجمال، وبهذا استطاع ان يقتحم عالماً واسعاً، وأنه انسان لا يعرف الفتور مملوء بالطاقات الإبداعية».

ثم تحدث الفنان التشكيلي حسين جمعان الذي قال إن هذا العرض الفريد ذا الخبرات العالية والامكانات الكبيرة يوحي بما تعطيه لوحاته من أفكار في علاقتها الحميمة بين الضوء والعتمة، مشيراً الى أنهم، أي قبيلة التشكيليين، دائمًا ما يستفيدون من أعماله مذكرا بأن خليل كان أستاذه حتى في مراحل الدراسة الثانوية.

وعن عالمية أعمال خليل قال إنها ملأت العالم ومازال السودان يحتفي بجديد أعماله، وهي تمتاز بالملامح والملامس الفنية والإيقاع والتأويل والكثير من الأبعاد التي تتعدى البعد الثالث على الورق، وهو رسام ضل طريقه إلى عالم الحفر.

وجاء الدكتور أحمد عبدالعال عميد كلية الفنون الجميلة والتطبيقية سابقًا وصاحب مدرسة الواحد ليضيف أن هذه التجربة- أي تجربة خليل مع الرسم والتلوين - تميزت بأبعادها من حيث المساحة والتنفيذ الطباعي، ويرى عبدالعال فيها رؤية تتعلق بتجارب حياته في تلك البلدان التي قضى فيها أطرافا من ليله ونهاره، مما زوده بعوالم تنوعت في حدود المرئيات من اشكال وزخارف وإحساس بالخط، مشيراً الى انها تجربة تثري وتضيف الى المدرسة السودانية في التشكيل الحديث بما تحمل من تماس مع ثقافات الآخرين.

محمد خليفة صديق





مشهد من الأوبريت





غلاف الموسوعة





مازن الشوا





أحد أعمال الفنان الفلسطيني كامل المغني





قاعة معرض الفنانات السعوديات