تنزانيا.. أصداء عربية على الساحل الإفريقي

تنزانيا.. أصداء عربية على الساحل الإفريقي

الذين يدعون إن إفريقيا قارة بلا تاريخ، لم يروا تلك الشواهد الموجودة على ساحلها الشرقي خاصة في تنزانيا حيث تراكمت طبقات الزمن من براءة الزمن الأول إلى وحشية عصور العبودية، ومن رومانسية الاكتشاف إلى دموية عصور الاستعمار الذي تعاقبت أشكاله، ومن حلم الاستقلال إلى أزمة البحث عن هوية.

 سرنا على حافة البحر خارج "تانجا" كان التاريخ متكسرا وضيقا، لم تكن الكهوف تبعد عن مركز المدينة إلا بحوالي عشرة كيلومترات ولكنها بدت طويلة جدا والسيارة ترتفع وتنخفض أو تغوص في الطين وتوشك أن تنقلب في النهير الأخضر الصغير الذي يسير في موازاتنا، فتاتان بالغتا النحافة تسيران متعثرتين على الطريق، تسرع إحداهها متوسلة إلينا أن نأخذهما معنا، يتعرف عليهما السائق، إنهما المشرفتان على إدارة "كهوف امبوني" التي نتجه إليها، وهما تقطعان تلك المسافة كل يوم من المدينة إلى الكهوف جيئة وذهابا سيرا على الأقدام.

 كنا قد قطعنا أكثر من 350 كيلو متراً من دار السلام إلى تانجا لنكشف أن معالم التاريخ في تانجا مازالت مخيفة، علينا أن نسير طويلا في شوارعها التي لايوجد فيها غير طريق واحد مرصوف، وبيوتها الواطئة التي تغطيها سقوف القصدير الصدىء، وعلى شاطئها الممتد المليء "بالدوح" تلك السفن الصغيرة، حتى نرصد ملامح ذلك الميناء الذي كان يشتعل بالحركة في شرق إفريقيا وتلك المعارك التي نشبت عليه وحطمت آخر آمال الإمبراطورية الألمانية في هذه المنطقة، نتوقف أمام قبور الجنود الألمان في وسط المدينة، كلها تعود إلى عام 1914 الذي شهد أتون الحرب العالمية الأولي، قبر وحيد في جانب من المقبرة يشير إلى اسم سيدة لم تمت فقط إلا في العام الماضي، من الواضح أنها من الرعيل الألماني الأولى الذي استوطن المدينة ورفض مغادرتها حتى لحظة الموت.

تخوض بنا السيارة وسط الأدغال الكثيفة ويضيق الطريق ويصبح زلقا بفضل الأمطار، وتضحك الفتاتان وهما تشاهدان ملامح الرعب على وجهينا أنا وزميلي المصور، أسالهما كيف تعبران هذا الطريق الشاق على الأقدار كل يوم، تقولان ببساطة: أكل عيش، يظهر جبل "أمبوني" عاليا مغطى بالخضرة الكثيفة، ويصبح الطريق أكتر خطرا، ووعورة ونكتم أنفاسنا حتي يتوقف السائق أخيرا وتقفز الفتاتان دون أن تفقدا ذرة من إحساسهما بالسعادة ولا أدري إن كانتا سعيدتين بالوصول أو بالصحبة وسط هذه الغابة الجبلية الموحشة، تبدآن على الفور في الإعداد لدخول الكهوف، تجلسان الصخور وهما تقومان بجدل أعواد سعف النخيل الجاف مكومة بجانب فتحة الكهوف استعدادا لهذه اللحظة من عود معا في حزمة واحدة وحملتها احداهها فتحة الكهف، كانت هذه الحزمة من السعف هي الشعلة سوف تنير بها طريقنا داخل الجوف المظلم.

صخور المدخل تغطيها طبقة سميكة من الخضراء، نغوص في جوف الكهف الرطب المظلم سعف النخيل فتنزاح ذرات الظلام قليلا، اتساع الكهف يثيران في النفس الرهبة، نغوص أكثر في باطن الجبل إلى زمن آخر، تبدأ الجدران في رواية تاريخها الصامت الصخور تشبه أشكال الحيوانات، غابة حجرية اخري الداخل، أشكال من أمواج البحر واصدافه وعظام مرسومة على الجدران، هذا الكهف شهد كل مراحل منذ أن انحسر الموج وشمخت الجبال وبدأ الانسان البحث عن ملجأ يحميه من الحيوانات الأشد ضرارة، الفتاة: هنا اختبأ مقاتلو الماو ماو عندما كانوا يحاربون الا البريطاني، ولكن هذه كانت صفحة أخيرة في كتاب الضخم المرسوم داخل هذه الكهوف الغريبة، وكلما الفتاة السعف المشتعل انقلبت صفحة منه.

شاهدت احدى صفحات الحياة الأولى في مكان آخر غير الكهوف المؤدي إلى القبور وقال لنا مدير لنا مديرالمتحف مؤكدا: من الكهوف في متحف دار السلام كنا نهبط على الدرج ان نعرض هذه الجمجمة على أحد، إنها مناسبة نادرة أخذ يدير قفل الخزانة وفق سلسلة من الأرقام يبدو أنها تنتهي ثم فتح الباب أخيرا ومديدا مرتعدة وأخرج من جوفها الزجاجي، كتمنا أنفاسنا في انبهار ونحن نتأمل واحدا الاكتشافات الأثرية التي غيرت النظر إلى تاريخ الإنسان، هذه الجمجمة المتآكلة التي يغلب عليها السواد هي أقدم من تاريخ الإنسان على ظهر الأرض عمرها على وجه ما بين 1.6 الى 1.8 مليون سنة.

في عام 1958 حملت كل صحف العالم على صفحاتها أنباء هذا الاكتتشاف الذي قامت به ماري ليكي، في "لولدوفيا جورج" التي أصبحت واحدة من أهم المناطق في العالم عبارة عن خندق عميق في سهل "سرنجيتي"، مكون من طبقات متراكمة تحتوي على حفائر تنتمي إلى مختلفة من عمر الحياة على الأرض، وهي بذلك تعتبر المناسب المعرفة تطور الحياة البشرية. لقد تغيرت الأجواء عبر هذه الأحقاب الطويلة، شهدت مراحل من واخرى من الجفاف وظهرت أنواع من المخلوقات واختفت أنواع أخرى، وكل هذه التغيرات حفرت لنفسها مكانا وسط الطبقات المتراكمة.

إلى هذا المكان جاء لويس ليكي الذي كان ابنا لأحد المبشرين الإنجليز الذين كانوا يعملون في "كينيا" بصحبة زوجته ماري، التي كانت ولا شك أكثر حظا منه، فقد ظل لويس المسكين على مدى السنوات الطويلة يقوم بالتنقيب ولكنه لم يكشف إلا بعض الأدوات التي كان يستخدمها الإنسان البدائي، وفي ذات صباح كان راقدا في خيمته يعاني من آثار الحمى حين خرجت زوجته ماري وهبطت إلى الخندق ولم تقم إلا بعدة تنقيبات بسيطة، حتى أخذت في الصراخ بصيحة أرشميدس الشهيرة: " وجدتها " فمن بين 400 حفرية تم استخراجها من الخندق وبواسطة فرشاة من شعر الجمل ومبضع أسنان أمكن تجميع أول جمجمة تعود للأصول الأولى للانسان.

تحرك الفتاة سعف النخيل مرة أخرى. تبدو طبقات الصخر بألوانها المختلفة، في غياب أي نصوص مدونة تبدو هذه الصخور هي المرجع الوحيد، أشكال من الزراعات والمعاول البدائية تبدوعلى الجدران، تأخذنا لأزمنة التاريخ الغابرة، أمواج من قبائل الوشيتيي تهاجر من الجنوب لتبدأ الاستيطان والزراعة، تتبعها قبائل الباتو التي تعيش إلى الصيد، ثم يجيء الماساي ليستقروا في وسط البلاد بالقرب من بحيرة تنجانيقا، تنتشر القبائل حتى تصل إلى الساحل الشرقي الذي يطل علي الخليج، ويبدأ الاتصال التاريخي بينهم وبين العرب الذين كانوا يجوبون المحيط الهندي بسفنهم.

منذ حوالي 2000 عام بدأت شرايين التجارة في الوصل بين العرب وبين سكان برالزنج، لقد جاءوا ليبادلوا الذهب والعاج وقرون الحيوانات وأغطية السلاحف وزيت جوز الهند بالفئوس المعدنية والسكاكين والآنية الزجاجية والقمح والأقمشة، وعندما ازدهرت هذه التجارة أنشأ العرب أول تأثيرا قويا على تاريخها، وأول من فتح طريقا يصل الشواطىء وبحيرة تنجانيقا.

بعد العرب جاءت الموجة الثانية من سكان الشرق قبائل من عمان وبعض أهل شيراز من جنوب فارس هم أيضا على الساحل الإفريقي ويتزاوجوا مع السكان لينتجوا جيلا جديدا من السكان هم السواحلية، هذه العرقية التي مزجت بين الثقافة العربية والفارسية و سادت سواحل المنطقة كلها وليست تنزانيا وحدها، لى حد كبير في انتشار الإسلام في إفريقيا جنوب قد شهدت ازدهاراً تجاريا كبيرا، وفي القرن الخامس وصل البحار البرتغالي فاسكودا جاما إلى مدينة نهر الزمبيزي كان هذا إيذانا بانتهاء عصر تبادل البضاعة سلبها بواسطة المدافع والبارود.

هل هي مظلمة حقا؟

في عام 1505 أبحرت من البرتغال 23 سفينة هدفها إخضاع تجارة المحيط الجندي لسيطرة ملك تمكنت مدافع هذه السفن الحارقة من إغراق المئات "الدوح" التجارية وتدمي كل الموانىء الزاهرة وإخراج الذهب والعاج والتوابل لسيطرة البرتغاليين، جاء كجنود وكغزاة، لذلك ظلوا أسرى حصونهم، وأطلق السكان المحليون بالسواحيلي اسم "عفريت" وظلوا نهض العمانيون وطردوهم من شواطىء الخليج ومن الإفريقي كله. ما زالت الفتاة تلوح أمامنا بسعف المحترق، يتطاير شرر من اللهب، من أعلى بعضا من ماءه الداخلي، يكون أمامنا بحيرة نخوض في دهاليزالكهف، وسط الظلام من أين جئنا أو إلى أين نذهب، ننحرف فأكتشف أن هناك ضوءا قادما من بعيد الهواء يزيد من اشتعال اللهب، كأن تخلى عن جموده ووهب لنا بعضا من والهواء النقى، تضحك الفتاة قائلة: إفريقيا، مظلة دوما ولكن في النهاية من النور.

كإفريقيا احسدها على هذا التفاؤل، السوداء توغل دائما في المزيد من هذا القبس من الضوء الذي الحبل لنا الإ مصادفة طبيعية عابرة، كانت دائما صعبة على الاكتشاف وما جتى الآن عصبية على الفهم. في في الثاني بعد الميلاد رسم بطليموس لإفريقيا اعتمادا على حكايات حالة والمغامرين، تظهر القارة عليها نمدد الجزء الجنوبي منها حتي اصبح ابلقطب الجنوبي، وظهر النيل مع من بحيرتين منفصلتين بجوار الاستواء وبينهما سلسلة من الجبال هي جبال القمر، وقد ظلت هذه هي المعتمدة لمدة 1700 عام حتى المحاولات الأولى لاكتشاف منابع وقد ظل الداخل الإفريقي لا الطريق خلاله إلا القوافل العربية، ما جاء المغامرون والأفاقون من كل أوربا، اعتقدوا أنها حقا أرض لا تاريخ لها، حتى المكتشفون لا تاريخ لها مدخل كهوف يعود وجودها الى ما قبل التاريخ. احدي متاهمات الطبيعة الحقيقية. عظام أمثال بيرتون وسباتك وقعوا أسرى لهذا الوهم، كانت منجما لا ينفد لتجارة الذهب اللذين تحتاج اليهما أوروبا، لذا من الضرورى للضمير الأوروبي لا يصبح مثقلا بمشاعر الذنب أن هولاء الناس من سياق التاريخ العام، أن ينزع عنهم ثقاتهم التي تجعل منهم أفرادا لهم هوية وهي لم تواجه الاستعمار التاريخية بقدر ما واجهته كاكتشاف منها قادرة على رؤية نفسها في مرآة الآخرين، وحتى بالاستقلال لايزال العالم يرى إفريقيا كما واحدا متشابها اللون ودرجة التخلف مثلما تتشابه الفيلة مع المناضد منهما أربع أرجل، تخلفها يزداد دموية وفقرها ينقلبب تناحر وحملها بالغد يضيع وسط دوامات الإبادة، حتى الآن لم ترهم أوروبا كأفراد ولا حتى كدول مستقلة، لم تر فيهم إلا كتلا عرقية متناحرة وكل ما فعلته أنها زادت من حدة هذا التناحر حتى اصبح عدد البنادق التي تصدرها لإفريقيا أكثر من حبات البطاطس، فكيف يتأتي لتا أن نؤمن بهذا الضوء القادم من عمق الجبل المظلم؟

السلام في دار السلام

لم أشهد دار السلام إلا في طريق العودة، وهذا غريب فالإنسان يدخل البلاد عادة من عواصمها، وأحيانا تستولي عليه هذا العاصمة ولا تترك سوى حيز هامشي لبقتية المدن، ولكني لم أصل إلى دار السلام إلا في الليل المتأخر بعد رحلة شاقة من الكويت ثم دبي، وفي المطار نصف المعتم أصر مفتشو الجمارك على نثر كل ملابسنا الداخلية وأحذيتنا القديمة قبل أن يسمحوا لنا بالدخول، وقد خفف من وطأة هذا الاستقبال "الحافل"! ما وجدناه من حفاوة إخوتنا من لجنة مسلمي إفريقيا، كانوا قد سهروا في أنتظارنا وأعدوا لنا برنامجا مزدحما يبدأ في اليوم التالي مباشرة، لم يتركوا لها سوى سواد الليل تم أخذونا في الصباح المبكر في رحلة طويلة لم تنته إلا بعد ثمانية أيام لم نبت فيها أكثر من ليلة واحدة في البلد الواحد، خضنا فيها وسط الغابات والمدد الإقليمية، وشاهدنا عمق الغابة عمق في موروجو وأروشا وصعدنا فوق الجبال التي تغطيها الغابات وتنبثق منها مساقط المياه منها وكأنها سراب، ثم إلى تانجا حيث دخلنا كهوف التاريخ وشاهدنا آخر ما بقي من آثار الإمبراطورية الألمانية في شرق إفريقيا ثم واصلنا صعودنا من حافة بلدة "موشي" حتى سفوح الأسطورة عند صخور "كليمنجارو" ولم يهدأ بنا الحال إلا قليلا حتى ركبنا قاربا أخذ يتقافز بنا في رحلة انقلبت فيها أمعاؤنا ليحملنا إلى جزيرة زنجبار حيث شاهدنا أكبر معالم الامتزاج العربي الإفريقي.

وإن كنت هنا أبدأ بالرحلة من نهايتها فقد أكتشفت أنني قد رأيت تنزانيا الحقيقية قبل أن أسعى خلف القناع الذي وضعه الاستعمار على وجهها، وكان الوجه الأسود الحقيقي في عمق الأدغال بعيدا حقا عن كل مظاهر التمدن بأسلوبه العربي محتفظا بسر الغابة الدفين التي تمنحه قوة الاستمرار، أقف في وسط ميدان "دار السلام" تحت النصب التذكاري "للعسكري المجهول"، وهذا هو اسمه في السواحيلية دون ترجمة، جندي إفريقي نحيف، قصير القامة يحمل على كاهله مخلاة قصيرة ويوجه بندقيته ذات السونكي المدبب إلى عدو مجهول، مكتوب تحته بالإنجليزية والسواحيلية وحتى بالألمانية "إلى الفيالق الإفريقية التي حاربت، إلى الحمالين الذين كانوا أيدي وأقدام الجيوش، إلى كل الذين خدموا وماتوا في شرق إفريقيا الألمانية 1914- 1916 م.

هذه هي البداية، ذلك الإفريقي الذي دفع حياته في حرب لم يكن طرفا فيها ولم يدر أن سببها الحقيقي كان تقسيم بلاده والاستيلاء على ثرواتها، لقد كتب هذه الكلمات الجنرال كارل فون ليتوفوربك الذي كان حاكما للمنطقة ومثل الوجود الألماني صفحة سوداء من القمع والإرهاب المتواصلين، فقد أخذت دار السلام اسمها من أحد الأحلام العربية، ففي عام 1866 كان السلطان مجيد بن سعيد سلطان زنجبار يحلم بأن يقيم في هذه المنطقة ميناء كبيرا يكون همزة الوصل بين جزيرته وداخل القارة وبدأ بالفعل في بناء قصر من أحجار المرجان أطلق لسلام" ولكن السلطان مات قبل أن يكمل هذا المشروع يكن السلطان الذي خلفه طموحا مثله، وظل القصر وناقصا ومهجورا لمدة عشرين عاما حتى جاءت الاستكشافية الألمانية وأدركت على الفور أهمية هذا الموقع

في عام 1875 جاء المغامر الألماني كارل بيترس إفريقيا واستطاع أن ينجح في أن يعقد معاهدة مع المحليين يوافقون فيها على إنشاء مستعمرة ألمانية على ومن المؤكد أن هؤلاء الزعماء لم يدروا على أي شيء ولكن ما إن عاد المغامر إلى ألمانيا حتى أعلن بسمارك كان هذه الأراضي الإفريقية تابعة لألمانيا ومنح التفويض بيترس من أجل إنشاء شركة شرق إفريقيا الألمانية، زنجبار وهرع إلى الإنجليز ليساعدوه على اتقاء هذا ولكنهم أداروا له ظهورهم، لم يكن السلطان يدري سياسة من التواطؤ الخفي بين الحلفاء من أجل اقتسام كلها.

ولكن السكان المحليين هم الذين قاوموا، لم انجلترا ولكنهم اعتمدوا على رماحهم البدائية وسهامهم، العرب الحمر الذقون من قبيلة البوشيري والمحاربون من قبيلتي الزجوا والبوانا واستطاعوا أن يستعيدوا معظم الساحلية من أيدي الألمان ما عدا دار السلام، ورد الألمان بأن وجهوا نحوهم الفيالق العسكرية المزودة بالبنادق الثقيلة، وقد فل في عزيمة المقاتلين ما تردد بصورة واسعة سلطان زنجبار قد باع الأراضي من الساحل حتى حدود تنجانيقا بمبلغ 200 ألف جينه إستراليني للألمان.

قاومت القبائل طويلا، وبرغم أن الألمان عززوا من موا قعهم الساحل إلا أن أهالي الداخل ظلوا شوكة في جنبهم، وقد زعيم عشيرة "الياو" رسالة إلى الغازي الألماني فون ان يقول فيها: لا أجد سببا واحدا لأن أطيعك، أفضل الموت أولا، لن آتي إليك، ولو أنك قوي بما فيه الكفاية تعال بي "لقد بدأت بعد هذه الكلمات مطاردة ضارية بين الألمانية العسكرية الحديثة وبين السكان العزل الذين ظلوا على أرضهم منذ آلاف السنين قبل أن تكتشفهم عيون التمدن وقد اتبع الألمان سياسة الأرض المحروقة فأبادوا القرى وحرقوا الغابات وارتكبوا المذابح وبدت القبضة الحديدية في أوج شراستها، وقد صرح فون ليبرت حاكم تنجانيفا قائلا: "من الصعب عليك أن تمضي في إفريقيا دون استعمال القسوة، وقد أرغم الألمان وفق هذه السياسة الآلاف من الأهالي على العمل بنظام السخرة في مد خط حديدي بين موشي وتانجا وبحيرة تنجانيقا وربطها كلها بدار السلام، ولا يمكن حصر أعداد الذين "ماتوا في هذا المشروع.

وعندما هبت رياح الحرب العالمية الأولى وقع الشقاق بين الحلفاء القدامى، ولم تذق ألمانيا طعم الهزيمة في أوروبا فقط ولكنها دفعت الثمن في إفريقيا وفقدت جميع مستعمراتها التي وقعت جميعا في أيدي الاستعمار الألماني المتلمظ، وقد أطلقت بريطانيا على هذه المنطقة الممتدة في الداخل أسم "تنجانيقا" وبدأت مرحلة أخرى من الاستعمار لم تنته إلا بعد الحرب العالمية الثانية وبداية حركة التحرر الوطني في العالم الثالث.

لا تحمل دار السلام من الآثار الألمانية إلا القليل، الفندق القديم الذي كان أول من أنشأ المدينة، ما زال باقيا وان تغير أسمه من "كيسرهوف" إلى إفريقيا الجديدة، وكذلك محطة السكة الحديدية البافارية الطراز، غير ذلك فإن الطرز تتداخل والثقافات لا تكف عن التفاعل، وهي مثل كل العواصم لا تكف عن النمو والتضخم، تعداد. سكانها الآن حوالي مليوني نسمة من أصل 27 مليونا هم العدد الكلي لسكان تنزانيا، شارع "المكتبة" وهو قلب العاصمة التجاري، ويمكنك أن تقابل فيه كل الجنسيات وكل الوجوه، فدار السلام مدينة مفتوحة والاستقرار السياسي الذي عاشته منذ الاستقلال قد أسس على شكل الدولة وجعلها جديرة بالثقة، صحيح أنها تعاني من كل أمراض العالم الثالث مثل انتشار الفساد الإداري والرشوة والصفقات المشبوهة ولكن هذا على الأقل يتم في سلام ومن دون حروب دامية كما حدث في الدول الإفريقية المحيطة، ولعل دارالسلام هي خيرعنوان على الاستقرار، ففيها تتعايش كل الطوائف والديانات، هناك المسجد الذي ينتمي إليه الغالبية العظمى من السكان وإن كانوا الأكثر فقرا وتخلفا وبالتالي الأبعد عن مجال التأثير، وهناك الكنيسة التي ينتمي إليها صانعو القرار في البلاد بمن فيهم رئيس الجمهورية، وهناك العديد من المعابد الهندوسية التي تنتمي إليها الجالية الضخمة والتي تتحكم في معظم النشاط التجاري والاقتصادي، بل إنني خلال جولتي في شوارع المدينة وجدت مبنى أبيض مكتوبا عليه المعبد الماسوني تلك الجمعية السرية التي عرفتها أوروبا منذ القرن السابع عشر وحرمت وجودها العديد من دول العالم ولعل تنزانيا من الدول القليلة التي تسمح لهم بالتواجد العلني.

رحلة التحرير

لقد بدأت رحلة التحرير بتنزانيا كما أعقاب الحرب العالمية الأولى عندما تحولت تنجانيقا إلى سلة غذاء تصدر الأطعمة والزيوت إلى عالم ما بعد الحرب الجائع وقد أدى تطورهذا المجتمع الزراعي إلى ظهور طبقة متعلمة في مقدورها أن تقرأ التاريخ الدموي الطويل للاستعمار وتطالب بانفصالها عنه، وفي الوقت الذي كانت تغيب فيه شمس الإمبراطورية البريطانية بزغ نجم "جوليوس نيريري" الذي كان مدرسا وقام بتأسيس جمعـية تنجانيقا الإفريقية عام 1953 الذي سرعان ما تحول بعد عام واحد إلى حزب هدفه التفاوض مع الحكومة البريطانية من أجل الحكم الذاتي، ومما لاشك فيه أن نيريري كان وجها مقبولا لدى البريطانيين، وكان في نظرهم أفضل بكثير من ظهور قائد مسلم متطرف كما حدث في شمال القارة عندما ظهر جمال عبدالناصر في مصر، وقد حصل نيريري على الموافقة الدولية عندما حصل على دعم بعثة الأمم المتحدة التي جاءت للبلاد من أجل تقصي الحقائق.

وفي عام 1958 أجريت أول انتخابات عامة فاز فيها حزب نيريري وحصلت البلاد على استقلاتها بعد مفاوضات في لندن استمرت حتى عام 1961، تم الاستقلال دون طلقة واحدة، وطعد العلم المكون من ثلاثة ألوان الأخضر الذي يرمز والأسود الذي يرمز للناس والذهبي الذي يرمز لك الطبيعية.

عالم المسلمين المنسين طوال جولتي في مدن تنزانيا وخاصة النائية منها كلمات الدكتور عبدالرحمن السميط الأمين العام.

إفريقيا وهو يقول لي قبل بداية الرحلة:"سوف تشاهد المسلمين المنسيين في إفريقيا، لقد كانت إفريقيا أول الإسلام، بل إنه دخلها قبل أن يدخل المدينة المنورة بعض من صحابة الرسول عليه السلام إلى الحبشة، ومع فإنهم أكثر الشعوب التي تعيش واقعا مؤلما، إنهم يعيشون ضحايا الفقر والتخلف والأوبئة والحروف الأهلية، ولشعورهم بعبء العمل الذي اضطلعت به اللجنة في ذلك البلد الشائع فما بالنا ونشاط اللجنة يغطي حوالي أربعين بلدا إفريقيا، وهذا النشاط يتم تقديمه للمحتاجين في أماكن نائية. ولا استطيع أن أعبر عن جهد رجال اللجنة الذين يعملون في ظل هذه الظروف الصعبة، من معاناة الغربة وافتقاد أبنائهم للتعليم العربي إلى تعرضهم للأمراض الاستوائية الفتاكة، برغم كل ذلك فان إحساسهم الداخلي بأنهم يؤدون رسالة يهون عليهم ا الكثير من هذه الصعاب، لقد قال لي أحدهم: "والله لقد مللت من كثرة الملاريا التي تنهش جسمي" ولكن هذا لم يكن يمنعه من تأدية هذا العمل، ولقد رأيت خلال تجوالي حول العالم وخاصة في أماكن تجمعات المسلمين التي هي دائما منكوبة العديد من رجال الخير وهم يعملون دون ضجيج ولكن ليس في هذه الظروف القاسية التي يعمل فيها رجال مسلمي إفريقيا. إن فيهم جميعا وشكل أو بآخر جزاء من روح الرجل الذي أسس هذه اللجنة، فقد بدأ احتكاك الدكتور السميط بهذا العالم الإفريقي البائس حين أختار هو الطبيب الكويتي المرفه أن يذهب إلى دولة مالاوي ضمن وفد من الأطباء لمعالجة الأطفال وهناك هالته الحقيقة المروعة للموت اليومي الذي كان يتعرض له الأطفال بفعل الجوع والبؤس والأوبئة، كان التخلف الذي يعيش فيه المسلمون هنا وافتقارهم لأبسط المساعدات الإنسانية يقف بهم على حافة المأساة الدائمة، كانوا بشرا منسيين وغائبين عن دنيا البشر، وكان السؤال الذي واجهه: ما الذي أستطيع القيام به وحدى؟ وقد بدأ الخطوة الأولى عندما أسس جمعية مسلمي مالاوي، لكنه وجد أنه يواجه قارة بأكملها تعاني من هذه المأساة المروعة فبدأ يطور لجنته لعلها تخفف من آلام هذه القارة المنكوبة، قال لي: ""نحن لسنا لجنة إغاثة، ولا نتوقف عند الحالات الفردية، ولكننا نهتم ببناء المؤسسات التعليمية والصحية ال تي تساهم في بناء المجتمع، لذلك فنحن نذهب إلى المناطق الريفية وإلى أشدها فقرا وتخلفا، كما أننا نهتم بالتعليم بكل أنواعه إيمانا من ا بأنه وسيلة أساسية للتغلب إلى هذا التخلف المأساوي، فبجانب مراكز الأتيام المستشفيات والمستوصفات والآبار نحرص بشدة علي أفتتاح المدارس ومراكز التدريب "ويمثل الأهتمام بالتعليم محورا أساسيا من فكر الدكتور السميط، فقد أصبح يراه حجر الزوايا في أي عملية التنمية حتى أنه عندما فاز بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام والمسلمين وهبه القيمة المالية للجائزة بالكامل وقفا لمشاريع

التعليم في إفريقيا.

ولعل ظروف الاستطلاع ومدته لم تتح إلى أن أطلع على كل أعمال اللجنة في تنزانيا ولكن ما رايته في مروجورو وتانجا وموشي وزنجبار كان كافيا لكى أدرك مدى حجم العمل ومدي أهمية الدور الذي تقوم به، وليس أدل على ذلك من تبرع الأهـالي بقطع الأراضي التي تقوم عليها المشروعات وتعاونهم في البناء، إنه يترجم مدى إحساسهم بأهمية هذه المشروعات بالنسبة لهم، وقد زرت واحدا من المراكز الصحية في منطقة تونجا هو مركز "الملحم" حيث يمثل الخدمة الصحية الوحيدة لعلاج الأطفال وتوليد النساء في منطقة واسعة وموحشة، وهذا المركز هو واحد من سبعة مراكز طبية وكذلك فإن لدى اللجنة خمس دور للأيتام تستوعب 360 يتيما كما يجري الإعداد لدور أخرى وهي لا تشمل برعايتها الأطفال الموجودين في دورها فقط ولكن ترعاهم داخل بيوتهم أيضا، حيث تؤمن لهم الاحتياجات اليومية، وكما قلت من اللجنة لها لها اهتمام خاص بالتعليم وخاصة المرحلة منه لانها المرحلة التي يتسرب منها العدد الأكبر المسلمين إلى الخارج لارتفاع كلفتها، برغم أهميتها في الكوادر الفنية والإدارية للدولة وبالتالي فإن هناك إبعادات للوجود المسلم في الإدارة الحكومية برغم أنهم يمثلون السكان، ولقد وضعت اللجنة هذه المسألة المستقبلية في وهي تشرف الآن على تسع مدارس ثانوية والعمل مدارس أخرى في دار السلام ومونزوا ومحافظات أخرى هذه المدارس مزودة بسكن داخلي للطلاب، كما أن لدى خمسة مراكز نسائية لتعليم الخياطة والطباعة والعديد الأخري، وفي خضم إنشاء هذه المؤسسات المدنية لاننا اللجنة الدور الديني المنوط بها وضرورة توفير دور للعبادة س تربط الآهالي بدينهم، لذلك فقد قامت بإنشاء 50 مسجدا في أماكن متفرقة من البلاد، كما تستمر اللجنة في توفير المياه الصالحة للأهالي، فقد حفرت حتي الآن حوالي 600 بئر، ولان العمل في هذا المجال لا يتوقف فمن المتوقع أن يرتفع عدد هذه الآبار إلى 1000 مع نهاية العام.

إن الإسلام يعود من خلال أعمال هذه اللجان بصورته الصافية التي عرفها الإفريقي مع الموجات الأولى للتجار العرب، وجه الصفاء والتسامح، وهذه لأعمال تمسح ما تراكم عبر عقود من سوء الفهم والكراهية من جانب الإفريقي للعربي وماتردد طويلا عن دور المخزي الذي قام به به بعض التجار العرب في تجارة العبيد، أن هذه الأعمال، هي أيضا كفارة عن هذا التاريخ من سوء الفهم والفعل وانقاذ لمستودع ضخم للاسلام في قارة إفريقيا.

موطن الثلوج

والسيارة تتحرك بنا في ذلك الصباح المبكر أشرقت الشمس وأذابت الغيوم المتراكمة فظهر أمامنا الجبل فجأة، شهقت في انبهار وأنا أشهد ذلك السراب الحي وقد تجسد أمامي، بدت القمة الثلجية مثل رجل أشيب، مشعة بالتألق، صحت مندهشا: "مستحيل" نفس صيحة أعضاء الجمعية الجعرافية حين أخبرهم الرحالة أن هناك جبلا تغطيه الثلوج في شرق إفريقيا القرب من خط الاستواء، لم يتصور أحد وقتها انه تحت هذه الشمس الساطعة ووسط الغابات المطيرة يمكن أن تقوم الطبيعة بأعجوبة أخرى من اعاجيبها.

كان الصعود إلى "كليمنجارو" يبدو كأنه بلا نهاية، فالسفح وحده مليء بعشرات القرى والغابات ومساقط المياه، ندخل في ملكوت الجبل السامي، الرواية التي كتبها أرنست همنجواي بعنوان "ثلوج كليمنجارو" أضفت على الجبل سحرا مضاعفا جعلت الزوار يتدفقون عليه من أقاصي الأرض، يتحملون الطرق المتكسرة ويقيمون في الفنادق المتواضعة المتناثرة على السفح ويواصلون الصعود لمدة خمسة أيام متواصلة لعلهم يستطيعون أن يلمسون ثلوج خط الأستواء، فهو ليس أعلى جبال إفريقيا فقط ولكنه وأحد من الجبال الأربعة الأعلى في العالم، وهو يتكون من ثلاث من القمم البركانية، أصغرها وأكثرها ارتفاعا ""كيبو"" التي ترتفع عن الأرض حوالي ستة آلاف متر وهي القمة التي تغري بالتحدي والمخاطرة، وتصغرها قليلا قمة "مانزوي" التي يزيد ارتفاعها قليلا على خمسة آلاف متر، أما أصغرها فهي "شيرا" التي يقارب ارتفاعها ثلاثة آلاف قدم، وبعمر الأرض فإن "كليمنجارو" صغير السن نسبيا إذ لا يتعدى 750 ألف سنة من عمره المديد، وقد تحولت هذه القمم من معالم صخرية إلى رموز أسطورية، وفق حكايات قبيلة "الشاجا" التي تعيش على سفوحه فإن منزوي قد استعار من شقيقه الأصغر والاعلى قبسا من النار ليشعل غليونه وما، زال ينفث الدخان من هذا الغليون أحيانا.

وكليمنجارو أحد المحاور الجغرافية في شرق إفريقيا لذلك تتعدد تفسيرات اسمه باختلاف اللغات والقبائل وربما باختلاف الإحساس الذي يثيره هذا الجبل في النفس، ففي السواحيليلة تعني الكلمة جبل القوافل" فهو المعلم الرئيسي الذي كانت تسعى إليه القوافل المتوغلة وسط الأحراش بحثا على العاج والعبيد، وقد شهدت سفوحه فترات أسوأ عهود التاريخ البشري، فترة اصطياد البشر واستعبادهم في حقول القطن في أمريكا ومعامل السكر في البرازيل وإطعامهم وقودا للنيران لآلة الحرب البريطانية، ولكن قبيلة الماساي تطلق اسم جبل الأرواح الشريرة، تلك التي لا تختبئ إلا وسط الثلج، وهناك تسميات أخرى أكثر شاعرية مثل جبل الربيع أو جبل ينابيع المياه، وكل هذه التسميات صادقة بطريقة أو بأخرى. برغم كل هذا الشموخ فقد ظل الجبل مخفيا عن أعين الرحالة الغربيين لقرون طويلة، ولكن القمة الثلجية قد جذبت بالتأكيد أنظار التجار العرب الذين جاسوا هذه المنطقة منذ وقت مبكر بحثا عن الذهب والعاج، ثم جاء البرتغاليون وأستطاعوا أن يحكموا الساحل الشرقي وأن يتوغلوا قليلا داخل القارة وكتب أحد الرحالة عن "جبل أولمب الإثيوبي الواقع غرب مومبسا الذي هو أعلى من جبال القمر التي ينبع منها النيل " ولكن تحديد الجبل وموقعه على خريطة القارة ظل غامضا حتى جاء مبشر أوروبي بعد ذلك ب 300 عاما.

كان الأب جونس روبمان يعتقد أنه يستطيع أن يقوم بهداية كل إفريقيا إلي الدين المسيحي وأنه لا توجد قوة تستطيع إيقافه، كان يحمل الإنجيل في يد والمظلة في اليد الأخرى ولا بد أنه كان يخفي المسدس في طيات ثيابه، ولقد سمع أن هناك جبلا عاليا مليئا بالأرواح الشريرة وأن البنادق تعجز عن الإطلاق تحت الأقدام تتصلب قبل أن تتسلقه، وأن هناك مادة مميتة على قمته وبرغم ذلك فقد تمكن الأب من الوصول إلى اكتشف أن المادة المميتة لم تكن سوى الثلج ولكنه لم على الصعود. ذاع صيت هذا الاكتشاف في أوروبا بعد الأب مقالته في إحدى المجلات الكنسية، وبدأ المغامرون تدفق لمحاولة الصعود إلى قمته، وقد بذلت عدة محاولات القمم الصغرى، فقد كانوا يعودون فور رؤيتهم خط وقد تم الصعود إلى أعلى القمم "كيبو" الخامس من عام 1889 بواسطة الجغرافي الألماني هانز لودفنج الجبال النمساوي لودفنج بورتشيللر. كنت أتذكر هذه المعلومات وأنا مستكين إلى صمت الجبل الذي لا يقطعه سوى شلالات المياه المتدفقة من أعلى متدفقة بين الأشجار الكثيفة التي تغطي السهل، وسمعت صديقي المصور وهو يقول لي في خبث: ألن تصعد الجبل؟

أفكر وأنا أشاهد طائرا بعيدا محلقا: كم من المجازفات نكصنا عنها أيها العزيز فهد، فكلمنجارو لا يستقبل راكبي السيارات إلا إلى حد معين لا تتجاوز السفوح السفلى، أما الصعود فله طقوسه الخاصة، الجبل كله هو عبارة عن محمية خاصة والصعود إلى القمة يجب أن يتم عبر بواباتها بعد دفع رسوم قدرها 380 دولارا وهي تشمل أجرة الدخول والدليل والحمال ولكنها لا تشمل بطبيعة الحال الطعام أو أدوات التسلق، ويتم التسلق على مدى أيام خمسة يتراوح الصعود في كل يوم منها حوالي 800 متر، في المرحلة الأولى يخوض المتسلق أرض الأعشاب التي تصل إلى حافة الرأس ويحس بوجود الحيوانات دون أن يستطيع رؤيتها، لا يسمع فقط غير صراخ الحيوانات التي يوقعها سوء الحظ أن تكون وجبة اليوم، الشيء الممتع هو مشاهدة أسراب الطيور التي تهاجر إلى هذا المكان من كل إفريقيا، المرحلة الصحية للنساء الثانية هي أرض الغابات والمساقط المائية، المساحة. الخطر ما زال موجودا ولكنه على الأقل أكثر وضوحا والمشكلة أن قطع السحب القريبة من الأشجار تجعل من الصعب رؤية الحيوانات الضارية في الوقت المناسب، ويقال إن كل أنواع الأشجار الإفريقية موجودة في هذا المكان إلا أعواد البامبو، ولأ أحد يعرف لماذا لا يوجد مثل هذا النوع المفروض وجوده؟ المرحلة الثالثة هي الأرضي القفر والسبخة الممتلئة بالعشب الجاف التي يبلغ ارتفاعها لحوالي تسعة أمتار والزهور البرية التي يبلغ ارتفاعها الأمتار التسع، من حسن الحظ أن عدد الحيوانات قليل نسبيا وسط هذا القفر، بعض الكلاب البرية والجواميس والأفيال، ومع المرحلة الرابعة أن نكون قد صعدنا إلى الصحراء، قيظ في النهار وبرد قارس في الليل، نباتات شحيحة تعودت أن تتحمل هذه الظروف القاسية، الحيوانات الموجودة أيضا أخذت هذا الصحراوي فالأسود جائعة و جارحة، ثم نصل إلى القمة في الخامس على ارتفاع 5 آلاف سطح الأرض، حيث ندخل إلى الثلوج، منطقة قطبية حقيقية البرية قليلة لا تعدو سوي وجود العناكب، والحياة بشكل عام لأي شكل من الحياة، إن احد "كيبو" هو أكتشاف أنواع من العظمية للأسود، هل كانت هل ضلت طريقها عبر هذه الشاهقة؟ أسئلة كثيرة ضاعت موت إرنست هيمنجواي كليمنجارو". انه العالم بكل تضاريس وأقاليم ومناخات هو سحرالصعود إلى الجبل لكل القارات في أيام خمسة رحلة الحياة التي تبدأ بولادة في أسفل السهل وهي القمة حيث لا يوجد الشيخوخة والموت وهي حيث يترصد لك الخطر في وعليك ألا يكون حذرا فقط تؤمن بالحظ أيضا. الرحلة الرئيسية لاتنتهى، وفي بلد الضخامة والتنوع مثل تنزانيا يحتاج إلى شهور طويلة، موعد آخر لعبور البحر فصول أخرى من تاريخ جزيرة زنجبار التي شهدت التفاعل بين العرب وإفريقيا مزيجا من الأمجاد والمآسي ولكن كما يقولون دائما فهذه قصة أخرى.

120 عرقا من البشر

من العرب الذين يسكنون الجزر المدارية في السكان الذين يجاورون القمم الثلجية في تنزانيا متاهة من الأعراق البشرية يصل عددها إلى تختلف كلها في العادات والثقافات، حوالي نصف سكان البلاد ولكن لا توجد قبيلة من الضخامة أكثر تفوقا، وقد أحدث هذا نوعا من التوازن بين القرى فيها صراعات الأعراق أقل بقليل من بقية بلدان إفريقيا هي "الماساي" التي يعيش أفرادها في شمال البلاد، وهي ذوو كبرياء، طوال القامة يلبسون ثيابا من قطعة واحدة حمراء أو زرقاء، والرجال هذا الذين يحرصون على تطوير وجد لهما في جدائل صغيرة أما النساء فيحلقن شعورهن الماساي أن كل بقر العالم ملك لهم وأن الآخرين يقومون نيابة عنده لذلك فهم يقومون دائما بسرقة البقر التي طريقهم معتبرين أنهم بذلك يستردون حقهم ولا يفهم لماذا يمكن أن يقبض عليهم من أجل هذا السبب

بوابة إفريقيا

كانوا يهربون دائما من مأساة أكبر بكثير من مشاق الخوض في الأدغال هذا الوصف على كل الذين سعوا لاكتشاف لغز منابع النيل في إفريقيا الأوربيين، كان هولاء المكتشفون. العظام، بيرتون وسبيك وليفنجستون ستانلي- يهربون من هموم أكبر، وشغلهم ذلك اللغز الذي استمر الإفريقية التي عبروا منها جميعا، كان عليهم أولا أن يصلوا إلى زنجبار ويقابلوا السلطان الذي كان يمدهم بالحمالين والأدلاء ثم يسمح لهم بالعبور إلى الأرض بجانب بحيرة تنجانيقا تشاجر كل من بيرتون وسبيك فقد اعتقدا أن ينبع من هذه البحيرة، وحاول كلاهما أن ينسب الاكتشاف إلى نفسه، واحد منهما رسم خريطة خاطئة لم يصدقها الدكتور ليفنجستون الذي بدأ وحيداً وأصابه المرض لدرجة الموت واختفت أخباره وسط الأدغال هو أيضا إلى لغز تصدر الصفحات الأولى للصحف الإنجليزية حتي ستانلي للبحث عنه ووجده على وشك الموت بجانب البحيرة وقال له الشهيرة: الدكتور ليفنجستون فيما أعتقد؟ وتعاونا معا لاكتشاف المنابع في النيل.

وتظهر الصورة البيت الذي سكنه جميعا هؤلاء المستكشفون في جزيرة قبل أن يبدأوا رحلاتهم.

ثروات طبيعية مهددة

تبلغ مساحة، تنزانيا نصف مساحة أوروبا الغربية، وهي بلد البحيرات حيث توجد فيها بحيرة تنجانيقا أعمق البحيرات الإفريقية، وفيكتوريا ثاني اضخم بحيرة في العالم وبحيرة مالوي، وهي تحتوي على أعلى نقطة في إفريقيا عند قمة "كلينجارو" وأشدها انخفاضا في قاع بحيرة تنجانيقا، وهي أكبر منزل في العالم لقطعان الحيوانات البرية والطرائد وتوجد في غاباتها أكبر أعداد من الأفيال والأسود والغزلان ويقال إن عددها يبلغ 3 ملايين رأس في مقاطعة سير نجيتي وحدها، وبرغم الجهود من أجل الحفاظ على هذه الثروات فإن المشاكل تتفاقم وتهدد بتدمير البحيرات والغابات، ولعل أشد الخسائر قد أصابت الأفيال ووحيد القرن، الأولى من اجل العاخ والثانية من أجل القرون، ففي خلال عقد واحد من الزمن تناقصت أعداد الأفيال من 316 ألف إلى 7\/ ألفا فقط وكذلك تناقصت أعداد وحيد القرن بنسبة 98% وهي نسبة خطيرة جدا، كما أن القضاء على الغابات بطريقة غير قانونية وعشوائية ما زال متواصلا، وقد شاهدت خلال جولتي عشرات الحرائق التي يقوم الأهـالي بإشعالها للحصول على فحم الخشب بطريقة بدائية وهي حرائق تهدد بامتدادها إلى بقية الغابات.

 

 

محمد المنسي قنديل

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




صورة الغلاف





تنزانيا





خريطة تنزانيا





وجه من تنزانيا





فتاة من قبائل البانو التي تسكن بجانب الساحل





مدخل كهوف يعود وجودها إلى ما قبل التاريخ





نموذج من جمجمة ماري ليكي أما الأصلية فممنوع تصويرها





الرجل هو الذي يطيل شعرة في خصلات كما تقضي تقاليد الما





المرأة هي الحليقة الشعر أما الرجل فهو الذي يطيل شعره في خصلات كما تقضي تقاليد الماساي





النشاط اليومي للأطفال والصغار جلب الحطب من أعماق الغابة





برغم أنها بلد البحيرات فإن الحصول على الماء يتطلب جهداً شاقاً





بائع جوز الهند الصغير يطوف في الشوارع ليقدم وجبته الطازجة بسعر زهيد





نصب عسكري ذكرى لكل شهداء إفريقيا الذين ماتوا في حرب استعمارية لا يد لهم فيها





في سوق السمك، أشهر أسواق السمك على حافة المحيط الهندي





في قمة كليمنجار ثلوج لا تذوب أبدا برغم حرارة شمس الاستواء





الشمس تغرب على نخيل شواطئ دار السلام





خليط من الأعراق يكون شعب تنزانيا المعاصر، زنوج وعرب وشيرازيون وهنود، كل ذلك يبدو في الملامح والأزياء





خليط من الأعراق يكون شعب تنزانيا المعاصر، زنوج وعرب وشيرازيون وهنود، كل ذلك يبدو في الملامح والأزياء





خليط من الأعراق يكون شعب تنزانيا المعاصر، زنوج وعرب وشيرازيون وهنود، كل ذلك يبدو في الملامح والأزياء





خليط من الأعراق يكون شعب تنزانيا المعاصر، زنوج وعرب وشيرازيون وهنود، كل ذلك يبدو في الملامح والأزياء





في بلدة مارجوري أحد المساجد التي بنتها لجنة مسلمي إفريقيا





الأطفال الأيتام وهم يتلقون التعليم في مركز الهدى بمدينة تاناجا





كل شيء موجود في دار السلام، المساجد، الكنائس، المعابد الهندية، وحتى المعبدأو المحفل الماسوني له وجود





بوابة إفريقيا





الأطفال في مدينة موشي تقدم لجنة مسلمي إفريقيا الرعاية





مشغل لتعليم النساء فن الحياكة تابع للجنة





في مركز الملحم التابع للجنة بمدينة تانجا تقدم الرعاية الصحية للنساء وأطفالهن





ثروات طبيعية مهددة