عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

العربي.. الثابت والمتغير

عزيزي القارئ

بقي شهران لتكمل "العربي" أربعين عاما من عمرها المديد ـ مقارنة بأعمار مطبوعات عربية كثيرة لمعت وانطفأت أو ظهرت ثم غابت. وإنه لشيء يدعو للتأمل أن تحافظ مجلة ثقافية منوعة على موقعها طيلة أربعين عاما، وهي أعوام شهدت الكثير من التغيرات العربية المتراوحة بين الصعود والهبوط، والانتصار والانكسار، والوضوح والتيه، ثم كانت خاتمة التغيرات العربية الأليمة عملية الغزو الصدامي للكويت التي أوشكت أن تنسف النظام العربي كله والتي أصابت موطن هذه المطبوعة بجرح بالغ اقتضى فترة انقطاع قسري عادت بعده "العربي" لتتبوأ مكانها العالي لدى القراء في كل عالمنا العربي وحيثما كان هناك قارئ للعربية في كل أنحاء العالم، ثلاثمائة ألف نسخة، وهو الرقم الذي وصل إليه المطبوع والموزع من كل عدد ـ ليست بالشيء الذي يمكن تجاهله وسط واقع يشهد تغيرات عاصفة سياسية واجتماعية واقتصادية وتقنية، وفي قلب هذه التغيرات التحديات الحقيقية التي تواجهها أي مطبوعة مواجهة سيل الإعلام المرئي والمسموع عبر الفضائيات التلفزيونية وشبكة الإنترنت والنشر الإلكتروني متعدد الوسائط.

لقد نشأت هذه المطبوعة في ضمير أهل الاستنارة من جيل الرواد في الكويت لتكون هدية عروبية لثقافة عربية جامعة، يؤرقها مايؤرق تلك الثقافة، من الخليج إلى المحيط، ويؤلقها ما تتألق به هذه الثقافة، من الرمل إلى البحر، وعبر ثقافات الدنيا. وظل هذا الضمير العروبي العامر بالاستنارة هو الثابت الذي لم ينقطع ضوؤه عن هذه المطبوعة وفي أحلك الظروف، ولعل ذلك الضوء هو الذي ساعدها في شق طريقها عبر كل هذه السنين، وفي المستقبل بإذن الله.

معالجة الألم العربي والأمل العربي من زوايا ثقافية ظلت الثابت الاستراتيجي لهذه المطبوعة، وحتى هذا العدد الذي ترى فيه معالجة تسبر أغوار الجرح الجزائري، كما ترى فيه احتفاء بالجهود الزراعية في الجبل الأخضر الليبي. أما المتغير فقد ظل وقوداً ثقافياً يدفع الثابت ويدعمه سواء من داخل الثقافة العربية أو من خارجها في أنحاء العالم.

هذا الوعي بالثابت والمتغير، ثقافيا، أخذ ينتقل مع عهود هذه المجلة المتتابعة والمتواصلة، ويصونه كل رئيس تحرير تناوب على قيادة "العربي" بدءاً بالدكتور أحمد زكي، ثم الأستاذ أحمد بهاء الدين، وأخيراً الدكتور محمد الرميحي الذي تود هذه السطور أن تتوقف عنده قليلاً معبرة عن رأي أسرة التحرير فيه، فالدكتور الرميحي اختارته القيادة الكويتية ليتولى منصب الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت منذ أغسطس الماضي، وأسرة "العربي" إذ تتمنى له كل التوفيق في منصبه الثقافي الرفيع الجديد، ستظل تذكر له ذلك الذكاء اللماح والقيادة الفاعلة الهادئة والمرنة، والأفق الثقافي الرحيب والحساس، والديمقراطية الحقيقية في تسيير شئون هذه المجلة فكرياً وفنياً.

لتظل ثوابتنا حية مضيئة، ولتكن المتغيرات دافعة لاستمرار هذا الضوء.ى لقاء متجدد.

 

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات