الحركات الاجتماعية وتشكيل المستقبل

الحركات الاجتماعية وتشكيل المستقبل

يرتبط موضوع الحركات الاجتماعية ارتباطا وثيقا بمشكلات تنمية المجتمع والرغبة فى تغيير بعض الأوضاع القائمة, كما أصبحت تؤلف جزءا أساسيا فى الدراسات المتعلقة بالسياسات العامة فى كل أنحاء العالم وإن كانت هذه الدراسات أكثرتقدما فى المجتمعات الديموقراطية عنها فى المجتمعات الشمولية التى تسودها النظم الاستبدادية، وذلك بفضل سهولة التواصل وتبادل الأفكار والحصول على المعلومات والتعرف على الحركات المماثلة فى الدول الأخرى مما يتيح إمكان التنسيق بينها على نطاق واسع ويجعلها بالتالى أكثر فعالية وتأثيرا. ويساعد على ذلك فى الوقت الحالى انتشار استخدام الإنترنت مما يدفع بالكثيرين من المفكرين إلى اعتبار الإنترنت ذاته «حركة اجتماعية» جديدة وليس مجرد أداة أو وسيلة لنشر الحركات الاجتماعية والتعريف بها على ماسنرى في ما بعد.

وقد يمكن اعتبار الحركات الاجتماعية استجابات عقلانية لمواقف جديدة أو مستجدة فى المجتمع على اعتبار أنها تهدف إلى تجديد الحياة السياسية والاجتماعية، وتوفير ظروف حياتية أفضل مما هو قائم. ومن هنا تعتبر هذه الحركات بمنزلة قوى ضغط لتحقيق الإصلاح والتقدم وإيجاد واقع جديد يستند إلى نسق مغايرمن القيم تتجاوز التناقضات التى يعانى منها المجتمع سواء فى المجال السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى أو حتى فى المجال الثقافى. فالحركات الاجتماعية تمثل إذن تمردا بل ثورة ورفضا لبعض الأوضاع السائدة فى المجتمع، وبخاصة فى المجتمع الصناعى ومابعد الصناعى الذى يعانى من اتساع الفوارق بين فئاته وشرائحه وطبقاته المختلفة، وإن كان هذا لايستبعد إمكان قيام حركات اجتماعية فى المجتمعات التقليدية والمتخلفة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. فالحركات الاجتماعية تنشأ نتيجة لظروف وأوضاع تتميز بالتوتر بين النظم السائدة فى المجتمع مما يؤدى إلى تفكك تلك النظم وفشلها فى أداء وظائفها على النحو الأمثل وانهيار فاعليتها بالتالى. فكأن قيام الحركات الاجتماعية فى مجتمع ما هو مؤشر على وجود خلل فى البناء الاجتماعى وضعف فى نسق التماسك والتكافل بين نظمه المختلفة مما يدفع إلى التمرد والإعلان عن هذا التمرد إذا توافرت القيادة المؤثرة الملائمة للاضطلاع بمثل هذا العمل. فالحركات الاجتماعية صورة مخففة من الحركات الثورية الضارية وإن كانت مثلها تبغى التغيير الواضح والهادف.

حركات متميزة

وربما كانت السمة الأساسية المميزة لمعظم الحركات الاجتماعية هى أنها موجهة ضد الدولة لأن الذى يدفع إلى قيامها هو - كما ذكرنا - التناقضات الرهيبة التى يعانى منها المجتمع وبخاصة التناقضات بين مطالب المواطنين وسيادة الدولة، وهو ماظهر واضحا بشكل مثير بعد الحرب العالمية الثانية وطغيان القيم المادية من ناحية واتساع نطاق وتعدد وتنوع المتطلبات الشخصية والاجتماعية بين مختلف شرائح المجتمع، وبخاصة فى الغرب الصناعى من الناحية الأخرى. ولذا يرى كثير من المفكرين أن هذه الحركات المتمردة أمور مشروعة بل وطبيعية ولا تمثل انحرافا اجتماعيا أو أخلاقيا، خاصة أنها تهدف فى آخر الأمر إلى التغيير وتحريك المياه الراكدة والقضاء على الجمود والتحرر من قيود الأوضاع التقليدية المتزمتة التى صاغها أصحاب المصالح والفئات المهيمنة سياسيا واقتصاديا، وأن الهدف منها هو توطيد الاستقرار والتوازن وترسيخ القيم التى تعلو على المصلحة الخاصة.

ولقد استخدم مصطلح «الحركة» The Movement فى الأصل للإشارة إلى حركة الحقوق المدنية، ولكنه لم يلبث أن امتد واتسع نطاق استخدامه ليشمل كثيرا جدا من حركات الاحتجاج والدعوة إلى التغيير والتعديل، لدرجة أنه استخدم فى ستينيات القرن الماضى لوصف حركة الطلاب الشهيرة فى الولايات المتحدة وفرنسا على الخصوص. وهى حركة قام بها أشخاص ينتمون إلى الطبقة الوسطى وليس إلى الطبقة العاملة أو الطبقات المهمشة اقتصاديا واجتماعيا. وهذا عنصر يميز الحركات الجديدة عن الحركات الأصلية التى يشار الآن إليها فى كثير من الكتابات بأنها حركات تقليدية. وتنضوى تحت مسمى «الحركات الاجتماعية الجديدة» الآن مجموعة كبيرة من دعاوى التمرد والاحتجاج التى نشأت منذ أواسط الستينيات فى عدد من المجتمعات الغربية التى ترتبط بالاقتصاد بعد الصناعى وتدور حول عدد كبير من الأنشطة الجماعية والبنائية المتنوعة ذات العلاقة الوثيقة بالثقافة والأيديولوجيات والسياسات السائدة فى تلك المجتمعات، ولذا فهى تختلف عن الحركة الاجتماعية التى لازمت الثورة البروليتارية من حيث إنها لاتركز على المصالح الاقتصادية وحدها كما كان الشأن بالنسبة لحركة العمال، بل امتدت إلى آفاق أوسع وأشمل وأكثر تنوعا كما هي الحال مثلا بالنسبة للاختلاف بين الحركة النسوية (الفيمينيزم) والحركة الإيكولوجية التى تهتم بمشكلات البيئة وحركة حقوق الإنسان وحركة السلام وغيرها من الحركات التى تشغل الرأى العام العالمى، لدرجة أن كثيرين من المفكرين يتكلمون الآن عما يسمى بثقافة الحركات الاجتماعية، أى أن هذه الظاهرة أو النشاط أصبح يؤلف ثقافة متميزة لها خصائصها ومقوماتها وأنماطها السلوكية المتمثلة فى التظاهرات والكتابات الثورية والشعارات الزاعقة وأنساق القيم والتقاليد والرموز الخاصة بها، بل يكاد يكون لها لغة مشتركة بينها جميعا وهى كلها عناصر تجعل من تلك الحركات أمورا فريدة ومتفردة دون أن تنفصل تماما عن الثقافة العامة التى تسود المجتمع ككل.

وتاريخ الحركات الاجتماعية التى تبغى التغيير قديم للغاية ويمكن أن يرد- بشكل أو بآخر - إلى بداية نشأة المجتمع الإنسانى، وكانت لها أهداف محدودة بحكم واقع الحياة ومرحلة التطور حينذاك. بل إن معظم الحركات التى ظهرت فى القرن التاسع عشر كانت تهدف إلى تعزيز مطالب فئات اجتماعية معينة مثل الطبقة العاملة او الفلاحين أو جماعات السود أو حتى الطبقات الأرستقراطية أو البروتستانت، وكانت تتمحور فى الأغلب حول بعض الأهداف المادية المحددة مثل تحسين مستوى المعيشة وذلك بعكس ما هي عليه الحال بالنسبة للحركات الجديدة التى بدأت تنتشر بعد الحرب العالمية الثانية، وبالأحرى فى النصف الثانى من القرن الماضى مثل الحركات النسوية وما بعد النسوية والحركات المناوئة لاستخدام الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، بل والحركات المؤيدة لاستقلال المستعمرات، والارتفاع بمستويات الحياة فى العالم الثالث وغيرها من الحركات التى سبقت الإشارة إلى بعضها، فهذه كلها حركات تدور حول مشكلات وقضايا تتجاوز المطالب المادية المحددة لدرجة أن بعضها اتخذ لنفسه أهدافا عالمية أو كوكبية ترمى إلى تغيير بعض الأوضاع على مستوى كوكب الأرض بشكل عام، ولا تقصر اهتماماتها على طبقة معينة أو على منطقة جغرافية محددة بالذات. ولكن فى كل الأحوال فإن هذه الحركات تنبع من التناقض بين مكونات المجتمع سواء فى ذلك المجتمع المحلى أو العالمى، ويستوى فى ذلك التناقض فى المستويات الاقتصادية كما هو الشأن فى الحركات القديمة، أو التناقض فى المقومات الثقافية والأخلاقية والقيم كما هو الوضع بالنسبة للحركات الجديدة. والمهم فى ذلك كله هو أن هذه الحركات - القديمة منها والجديدة - هى حركات ضد ما هو قائم وسائد باعتبارها أوضاعا مرفوضة. فحركة الحقوق المدنية مثلا فى أمريكا كانت رد فعل للأوضاع السيئة والمهينة التى كانت تحيط بالسكان السود أوالزنوج كما كان يشار إليهم، وهكذا. كذلك ليس من الضرورى أن تكون كل هذه الحركات الجديدة صادرة عن - أو متأثرة بالأيديولوجيا الماركسية عن الصراع الطبقى، لأن بعضها هو مجرد تعبير قوى عن الهوية الجماعية وعن القيم وأساليب الحياة الخاصة أكثر منها تعبيرا عن أيديولوجيات قائمة، كما أن معظم القائمين بها ينتمون للطبقة الوسطى وليس للطبقة العاملة، وكلها تهدف إلى تحقيق مزيد من التحرر الاجتماعى وليس الحصول على مكاسب مادية بحت.

المواطن الكوكبي

وقد يكون من الصعب تفسير الحركات الاجتماعية الجديدة بالرجوع إلى معظم النظريات السائدة فى الكتابات السوسيولوجية الكلاسيكية حول الموضوع. فلم تعد الحركات الجديدة مقصورة على مجتمع معين أو على نظام سياسى واحد، وإنما هى حركات تتميز بسعة الانتشار بحيث يغطى بعضها كوكب الأرض بمجتمعاته كافة وثقافاته المتنوعة والمتباينة، التى تصدر - بالرغم من التنوع والاختلاف فى مجال النشاط وتفاوت المطالب -عن الشعور القوى بقصور وفشل الحضارة المادية الحديثة فى الاستجابة لمطالب الإنسان المعاصر وتطلعاته المستقبلية وإدراكه الخاص لمفهوم الكيان الآدمى والكرامة البشرية وشروط وأسالب تحقيق ذلك. وقد ظهرت نتيجة لهذا كله حركات اجتماعية كوكبية global social movements فى أواخر التسعينيات بل وحركات اجتماعية ضد العولمة وكثير من الحركات الأخرى التى يصعب التكهن الآن بملامحها المستقبلية ولكنها قد تؤدى فى نهاية الأمر إلى ظهور «المواطن الكوكبى global citizen» بكل ما يترتب على ذلك من اختفاء مفهوم الدولة/الأمة والانتماءات الوطنية والقوميات الجغرافية وهى أمور سبق لنا الكلام فيها. (انظرعدد شهر يونيو 2007 من هذه المجلة).

فالحركات الاجتماعية الجديدة لها أهداف عامة وشاملة لشعوب كوكب الأرض خاصة أن الاقتصاد الآن أصبح اقتصادا «كوكبيا» تتصادم فيه المصالح على مستوى العالم ولم يعد مقصورا على التصادم بين دولة وأخرى أو بين جماعة عرقية وبقية الأعراق، ولذا تحاول هذه الحركات الاجتماعية الجديدة ذات النظرة الشاملة أو الكوكبية أن ترتفع وتتسامى فوق تلك التعارضات (الجزئية). وقد يبدو ذلك واضحا من أن بعض هذه الحركات الكوكبية فى الغرب توجه اهتمامها نحو العالم الثالث الذى يعانى من الفقر والمجاعة والمرض وتدهور البيئة والديون المتراكمة وغيرها من الأوضاع التى تحتاج إلى التغيير. وليس من شك فى أن هذه الحركات تدرك تماما أن سعادة وتقدم الغرب يرتبطان إلى حد كبير بحل تلك المشكلات التى تواجه مجتمعات العالم الثالث وتنميته اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. فالعالم الحديث والمستقبلى عالم واحد يؤلف وحدة متكاملة ومتضامنة. وكثير من هذه الحركات الجديدة تنظر إلى العالم فى كليته حتى وإن كان التقدم يحدث على المستوى المحلى أو القومى. وقد يبدو من المستغرب أن بعض هذه الحركات الناشئة فى الغرب تنادى بأهداف وترفع شعارات قد تتعارض مع مصلحة الغرب ولكنها تتفق ومصلحة المجتمع الدولى أو «الكوكبى». فحركة الدفاع عن البيئة مثلا تنادى بضرورة الحد من النشاط الاقتصادى القائم على الصناعة بل ومن النشاط السياحى الذى كثيرا مايؤدى إلى تدمير البيئة الطبيعية ويساعد على زيادة التلوث فى المناطق التى يرتادها السياح لجمالها ونقاء بيئتها الطبيعية. كما أن البعض ينادى بضرورة تعويض المستعمرات السابقة عن قرون من الاستغلال الاستعمارى، وذلك عن طريق إلغاء الديون التى تثقل كاهلها بل وقد تثير فى هذا الصدد السؤال الذى لم يجد له للآن إجابة شافية وهو : من الذى يدين الآخر؟

وليس من شك فى أن الاستقلال الاقتصادى وانتشار التعليم وإقرار حق حرية التعبير فى ثقافة الغرب ساعد على انتشار الحركات الاجتماعية وتنوعها بشكل غير مسبوق بحيث أصبحت إحدى الوسائل المجدية لتحقيق مشاركة الأشخاص العاديين من أعضاء المجتمع فى توجيه السياسة العامة للدولة، بل وأحيانا فى تغيير مسار السياسات الدولية. وقد أدى هذا التعدد والتنوع إلى الشعور بالحاجة إلى تجميع هذه القوى المختلفة والتنسيق بينها حتى تكون قوة دافعة مؤثرة فى إحداث التغييرات اللازمة وتحقيق أهدافها، وترتب على ذلك قيام ما يمكن تسميته بشيء من التجوز «مجمع الحركات» Assembly of Movements الذى عقد مؤتمرا فى البرازيل فى يناير 2003 تحت عنوان «الحركة الاجتماعية فى العالم الثالث» عرض فيه لعدد من الموضوعات المهمة مثل العلاقة بين السيطرة العسكرية والهيمنة الاقتصادية وانتشار الفساد فى كثير من دول العالم وليس فقط فى العالم الثالث، وازدياد الفوارق الاقتصادية مما يهدد الأمن الاجتماعى وذلك علاوة على مناقشة مشكلات البيئة والتنوع الحيوى والتلوث البيئى مما يؤثر سلبا في المستقبل المشترك. وقد أكد المؤتمر ضرورة بذل الجهود لإقرار العدالة الاجتماعية وضمان مفردات المواطنة الديموقراطية التى تقوم على المشاركة ومراعاة الحقوق العالمية للإنسان، والاعتراف بحقه فى اختيار مستقبله والحصول على المعلومات وتوفير الحماية للمرأة ضد العنف الذكورى، والتعاون ضد الاحتكارات الرأسمالية التى تتخفى وراء أسماء ودعاوى براقة وسياسات قلما يتم تنفيذها لصالح الدول الضعيفة والفقيرة، وغير ذلك من المشكلات الاجتماعية المتراكمة والمتزايدة التى أصبحت من أهم سمات العصر.

حركة البرمجيات المجانية

وهذه كلها اهتمامات صادرة عن الشعار الذى ترفعه الحركات المنضوية تحت لواء «المجتمع» عن ضرورة العمل على تشكيل مستقبل خال من المشكلات التى تؤدى إلى الحروب وتشريد الشعوب وارتفاع معدلات الجريمة وزيادة الفقر والبؤس البشرى.

ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تكامل وتعاون وارتقاء كل الحركات فى العمل غير المحدود وارتياد كل المجالات المؤثرة فى حياة الشعوب خاصة أن هذه الحركات تعمل مستقلة عن الحكومات وعن الأحزاب السياسية، وتحرص على ذلك الاستقلال الذى يعينها على الصمود أمام هيمنة بعض المنظمات الكبرى مثل منظمة التجارة العالمية التى ترسخ هيمنة الدول الكبرى، يساعد على تكتل هذه الجهود التقدم التكنولوجى فى وسائل الاتصال والتواصل وتبادل المعلومات وظهور ما يعرف باسم حركة «البرمجيات المجانية» التى قد تحقق الوصول إلى المجتمع الحر على مايقول ريتشارد ستولمان Richard Stallman فى كتابه الذى صدر عام 2005 تحت عنوان Free Software, Free Society وفيه يرى أن إتاحة الحصول على المعلومات من دون عائق عن طريق الإنترنت من شأنه أن يزيد من حرية الأفراد والجماعات فى رسم مستقبلهم المشترك بما يحقق الخير للجميع، ولذا يطلق على هذا التوجه اسم «البرمجيات المجانية كحركة اجتماعية»

مما يعنى أن الكمبيوتر والصناعات المعلوماتية التى تعتمد عليه أصبحت «قوة بنائية» تتولى تشكيل الحركات الجديدة، وهو أمر لم يكن يخطر على بال منذ سنوات قليلة، ولكنه يشير بشكل واضح إلى قوة وفاعلية الحركات الجديدة فى تغيير الواقع الذى تعانى منه كثير من الشعوب وتعمل على خلق عالم جديد يسوده العدل والتفاهم والتسامح، وإن كانت هناك دعاوى أخرى مضادة تتشكك فى إمكان تحقيق هذا الهدف الذى يتعارض - فى رأيها - مع الطبيعة الإنسانية التى جُبِلت على حب التمييز وبث التفرقة وترسيخ التفاوت والتباين والاختلاف.

----------------------------

يا أمّةً لم تجاوز أمسَها لغدِ كيف السبيلُ لكي تَنسي فتتّحدي
كفى مكابرةً - ما تؤمنين بهِ ما غاب-مثلُكِ-معنى الغيبِ عن أَحَدِ
عايشتِ مطلعَ إرهابٍ ، يُدان بهِ ذووكِ من قِدَمٍ ، أَدّى إلى بَدَد


إبراهيم العريض

 

أحمد أبوزيد