مسلسل الملك فاروق من أين امتلك كل هذا السحر؟

مسلسل الملك فاروق من أين امتلك كل هذا السحر؟

دراما التلفزيون رؤى جديدة

لا أظن أنه سيكون هناك خلاف كبير عن مدى التأثير والاهتمام الذي أحدثه ولقيه «مسلسل الملك فاروق»، ولكن الخلاف قد يبدأ ولا ينتهي حين يكون السؤال عن بواعث أو دواعي ذلك التأثير والاهتمام عند معظم المشاهدين على الأقل.

ولن يكون بعيدًا عن الصواب ذلك الرأي الذي يقول إن من أهم أسباب ذلك التأثير، أن المسلسل تعرض لفترة مهمة «من تاريخ مصر السياسى والاجتماعى تعرضت للاغفال وللتشويه المتعمد» من أعلام ثورة 1952 التي جاءت بعدها، وعلى أنقاضها، ولتبدأ مرحلة جديدة تمثل النقيض القوي للمرحلة التي جاء «مسلسل الملك فاروق» ليعيدها إلى الحياة في صورة يبدو معها وكأنه يعيد الأمور الى نصابها.

وسوف يتكرر الخلاف ويتعدد حول ينابيع السحر في هذا المسلسل، وهل كان مصدرها الوحيد أنها أزاحت الستار عن المستور؟ أم أن المستور فى حد ذاته كان يملك قوة جذب آسرة لا تنبع من ظهور معلومات كانت غائبة أو مغيبة، بل مما وراء المعلومات من حيوية إنسانية ساحرة وباهرة!!

شخصيات لا تنسى

أزعم أنها جاءت من الصور الحية القوية، التي ظهر بها زعماء هذه المرحلة مثل النحاس باشا بتلقائيته المدهشة التي تمتزج فيها الطيبة بالقوة والصلابة، والجدية بالفكاهة والمرح، والنقاء بالدهاء في بعض الأحيان، وتكاد لا تفرق هل جاءت هذه الصور الحية القوية من ذكاء الكتابة، أم من روعة التمثيل أم من التخطيط العبقري للمخرج؟!

ومن شخصيات أخرى مثل «أحمد ماهر» و «علي ماهر» الأخوين النقيضين دون أن يؤثر هذا التناقض فيما بينهما من أواصر الأخوة!

أحدهما وهو «علي ماهر» يقوده طموحه ودهاؤه الى أن يكون في رأي أحد زعماء المرحلة، أحد أسباب تخريب الحياة السياسية في مصر آنذاك وفي رأي آخرين أحد الأسباب القوية في إيصال العلاقة بين الملك والوفد إلى طريق مسدود، مع أن سلامة هذه العلاقة كان يمكن - في نظر البعض أيضًا - أن تكون طوق النجاة للمرحلة وللوطن .

«علي ماهر» هذا الذي شاءت له الأقدار أن يكون الرجل الذي يستقبل الملك الشاب فاروق، وهو عائد من لندن بعد وفاة أبيه ليصبح ملكا بعد قليل، وليبقى إلى جواره معينًا ومستشارًا في بدايات حكمه، ثم ليكون الرجل الذي يودعه وهو يغادر مصر بعد نجاح ثورة 23 يوليو 1952 يحمل له الأوراق التي يسجل فيها تنازله عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد، ويعانقه العناق الأخير.

وثانيهما «أحمد ماهر» رجل المبادئ القوي الذي انفصل عن حزب الوفد باسم تمسكه بمبادئ سعد زغلول، وليؤسس حزب السعديين، والذي تمسك بوجهة نظره في ضرورة أن تعلن مصر الحرب على دول المحور ليكون لها الحق في المشاركة في مؤتمر السلام بعد الحرب ولتطالب بحقها في الاستقلال من مركز قوة، وكان تمسكه برأيه هذا ضد رأي عام كاسح يسود الأوساط الشعبية، يؤيد الألمان ضد الانجليز الذين يحتلون مصر من منطق عدو عدوي صديقي، أما أحمد ماهر فكان يرفض الألمان من منطلق رفضه المطلق للنازية بغض النظر عن أي شيء آخر .

أحمد ماهر هذا الذي كان رئيسًا للوزراء في تلك الفترة يذهب لزيارة أحمد حسنين رئيس الديوان وهو على فراش المرض، فيقول له أحمد حسنين في لحظة يشعر فيها أنه يواجه الموت: «أتمنى بعد أن أموت أن تأخذ مكاني رئيسًا للديوان لأن الملك فاروق في نهاية الأمر رجل طيب يحتاج الى أن يجد إلى جواره رجلا مثلك يمكن أن يقدم له نصائح أمينة ومخلصة وصائبة تسدد خطاه».

وفي اليوم التالي لهذا الزيارة يقع اغتيال أحمد ماهر برصاص شاب متطرف لأنه أعلن الحرب على المحور، فيقوم أحمد حسنين من فراش المرض ليشارك في تشييع جنازة الرجل الذي كان يريده أن يخلفه في منصبه بعد موته!

وشخصيات أخرى نختار من بينها شخصيتين أولهما النقراشي باشا الذي جاء بعد أحمد ماهر رئيسًا للوزراء، والذي كان يحمل استقالته في جيبه في كل مرة يذهب فيها للقاء الملك فاروق ليعرض عليه أمورًا قد لا يوافقه عليها، فيكون مستعدًا لتقديمها، وكان من أخطر هذه الأمور اعتراضه على قرار الملك بنقل قوات من الجيش المصري إلى الحدود تمهيدًا للمشاركة في حرب فلسطين 1948 إذ إن الجيش المصري في هذا الوقت غير مستعد لخوض مثل هذه الحرب، ولكن الأمور مضت على غير ما يرى لأسباب تتجاوز سلطاته وقدراته.

وقبل أن أشير إلى الشخصية الأخرى والأخيرة في هذه الإشارات السريعة لبعض شخصيات المسلسل أود أن ألفت الاهتمام إلى أنها كلها شخصيات أقدار، تصنع أقدارها بقدر ما تصنعها هذه الأقدار، فمع أن هذه الشخصيات جاءت من مواقع مختلفة من أرض الوطن، لتلتقي كأعضاء في حكومة أو في البرلمان أو في الحزب، أو في الحياة العامة، فإنها كلها تشترك في أنها تحكمها طباعها الخاصة، وتكوينها النفسي والأخلاقي الذي جاءت به من بيئاتها التي نشأت فيها، والظروف التي أسهمت في تكوينها، فالشخصية الأخيرة التي أشير إليها هنا، وهي شخصية محمد محمود باشا رئيس الوزراء الذي كان رئيسًا لحزب الأحرار الدستوريين وهو أحد أحزاب الأقلية التي كان الملك فاروق يستريح للتعامل معها لأنها تستمد قوتها من رضائه عنها، واختياره لها، بخلاف حزب الوفد الذي كان الملك ينفر منه، لأنه يشعر بأن النحاس باشا رئيسه يستمد قوته من شعوره بأنه زعيم الأغلبية، وأنه ند للملك وأنه ليس في حاجة إلى رضاء الملك عنه.

أعود إلى شخصية محمد محمود باشا الذي كان رئيسًا لحزب الأقلية، فقد كان يمتلك شخصية الصعيدي ابن البلد الداهية الذي يبدو غير ذلك، والذي ينجح في كل مرة يلتقي فيها بالملك فاروق بسبب من كل هذه الصفات في إقناعه بكل الأمور التي يود أن يقنعه بها فينجح فيما كان يفشل فيه النحاس باشا، صاحب الأغلبية، وصاحب الفطرة النقية، وربما كان بعض من فشله بسبب هذه الفطرة النقية!!

مسرحية إغريقية

هذه مجرد نماذج من الشخصيات التي كانت تظهر وتختفي من حول الملك فاروق، وأحيانا كان يتكرر ظهورها واختفاؤها، وكأنها الكورس في إحدى المسرحيات الإغريقية، ومن مثل هذه الشخصيات .. وكلها شخصيات أقدار .. كانت تنبثق الينابيع الأولى للسحر فى هذا المسلسل التي تلتقي لتصنع فى النهاية نهرًا من السحر الخالص حين تكتمل الشروط التي تؤذن بظهور تلك الروح الشكسبيرية التي تبدأ تغزو أحداث المسلسل!

لقد اكتملت بالفعل هذه الشروط، بالتقاء أطراف ذلك الثلاثي الذي كان الملك فاروق واسطة عقده.

أول أطراف ذلك الثلاثي هي الملكة نازلى أم الملك فاروق، التي كانت مصدر الحنان الوحيد في حياته، والتي تعلق بها قلبه دون أن يشعر بالارتواء منها، فمن ناحية كانت هناك المربية الإنجليزية الصارمة التي اختارها أبوه الملك فؤاد لتحسن تربيته كطفل سيصبح ملكًا، ومن ناحية أخرى كانت هناك قسوة الأب التي اتجهت إلى الأم والابن معًا لأسباب تختلف في بواعثها، ولكنها تتفق في نتائجها التي من أهمها تعلق الملك الطفل الشديد بأمه!!

وثاني أطراف هذه العلاقة هو أحمد حسنين رائد الملك ومرافقه في بعثته التعليمية في لندن، والذي تعلق به عقله، وهو يفك له مغاليق الحضارة الأوربية أثناء دراسته، وهو الآن يفك له مغاليق السياسة في مصر بعد عودته ملكًا، وكان هو الملك فاروق بينما يبدو وكأنه يسترد أمه التي كانت بعيدة عنه، ويسترد في شخص أحمد حسنين أباه الذي مات!

كان هذا هو المشهد في السنوات الأولى من تولي الملك فاروق عرش مصر وهو المشهد الذي كان يرى فيه أمه وهي تقترب منه تقترب في الوقت ذاته من معلمه الناضج أحمد حسنين الذي كان في طريقه ليصبح بعد فترة رئيسا للديوان في القصر الملكي .

وتبدأ الإشاعات في طريقها إلى سمع الملك الشاب عن علاقة بين أمه التي تعلق بها قلبه، ومعلمه الذي تعلق به عقله!

إشاعات لا يستطيع أن ينفيها، ولا أن يتحقق منها!

هل تذكرون الأشباح التي كانت تظهر للأمير الدانماركي «هاملت» في مسرحية شكسبير؟ تلح عليه لأن يكتشف الحقيقة، وأن ينتقم لأبيه من عمه الذي ورث العرش والأم في وقت معا؟!

ما الذي يمكن أن يحدث في حياة الملك فاروق حين تصبح هذه الأشباح، أو هذه الإشاعات حقيقة واقعة، وذلك حين يجد أمه الملكة نازلى، تدخل حجرته وهو يجلس وحده لتخبره بأنها تريد أن تتزوج، مثل أي امرأة في مثل سنها، وفي مثل ظروفها، وأن الرجل الذي تريد أن تتزوجه هو أحمد حسنين، وأنها هي التي تخبره بذلك لأن أحمد حسنين بحكم وضعه في القصر، يصعب عليه أن يطلب منها مثل هذا الطلب!

ويتوقف الملك للحظات لا يدري كيف يرد على طلب أمه؟!

ثم يقول لها بصوت بين الجد والهزل والغيظ:

- ماذا تطلبين مني يا أمي؟ أن أذهب إلى أحمد حسنين أرجوه أن يتقدم ليطلب يدك مني؟! وماذا لو كان في قرارة نفسه

لا يريد ذلك؟! هل أصدر إليه أمرًا ملكًيا ليفعل ذلك، وحتى لا يمكنه أن يرفض مثل هذا الأمر ؟!

وتكاد الأم تجن من رد ابنها .. تقول له بصوت بين الضراعة والمهانة:

- لماذا تفعل بي ذلك يا بني؟ أليس لي هذا الحق الذي تملكه أي امرأة في الدنيا؟

كان الابن في مرات سابقة وهو يعاني عمق حيرته يرد على أمه حين تسأله بشكل عفوي عن أحمد حسنين لأنها لم تجده في مكتبه:

- إنه الآن في فندق ميناهاوس ليوقع في روع أمه أن له علاقة بالمطربة اسمهان التي كانت تنزل في الفندق نفسه، يريد أن يصرف نظرها عنه، يأمل أن تنسى هذه القصة، أن تطرد عنه هذا الكابوس . وهنا كانت الدراما الشكسبيرية تكتمل كل شروطها:

فحق أمه في ظل ما لقيته من قسوة أبيه الملك فؤاد وبعد موته في الزواج ممن تحب حق إنساني وقانوني معًا.

وحق الملك فاروق في أن يسترد أمه أما، وبلا شائعات يمكن أن يكون مثل هذا الزواج دليلاً عليها، وحقه في أن تكون سلطته على العرش خالصة وناصعة لا يشوبها ولا ينقصها أن يكون رئيس ديوانه زوجًا لأمه في الوقت ذاته، حق ملكي وإنساني معًا. وحق أحمد حسنين في ألا يصيبه أذى أكثر مما أصابه بطلاق زوجته وأم أولاده التي لم تحتمل الإشاعات التي لايزال فاروق يحتملها، فهو لم يقصر في أي من مسئولياته في القصر، ولم يفعل شيئًا سوى أن الملكة الأم أحبته. وتنجح كاتبة السيناريو، كما ينجح مخرج العمل في جعل هذه المأساة نغمة أساسية منذ بدأت تظهر في حلقات ذلك المسلسل نغمة تعلو وتخفت دون أن تختفي، ودون أن يقدر أحد على التنبؤ باتجاه حركتها، نغمة موجودة دائمًا وسط أحداث الحرب العالمية الثانية، التي كانت تعصف بالعالم، وبالحياة السياسية والاجتماعية في مصر في أريعينيات هذا القرن، وكأنها حربه الأهلية الخاصة في قصوره الملكية!

وحين تتمرد الملكة الأم على الاسلوب الذي يواجه به ابنها فاروق ما تراه حقًا طبيعيًا لها!

فتطلب مغادرة البلاد في رحلة إلى فلسطين، مصطحبة بناتها بحجة الابتعاد قليلا عن غارات الألمان على مصر، ولتجد في الخارج شيئًا من الحرية التي يحرمها منها ابنها في الداخل.

ولا يمضي سوى وقت قليل على سفرها قبل أن يكتشف الملك فاروق من خلال عيونه التي بثها وراء أمه، ومن خلال الأخبار التي تتسرب إلى الصحف الأجنبية، أن أمه وهي في الخارج تنعم بحريتها يمكن أن ترتكب من الحماقات ما يهدد سمعته في مصر بأكثر مما كانت تفعل وهي في مصر لا تطلب أكثر من الزواج بأحمد حسنين، وحين يبحث عن طريقة يمكن أن يطوق بها حماقات أمه، فإنه لا يجد من يساعده بشكل جدي في تحقيق ذلك الهدف سوى أحمد حسنين نفسه، فأحمد حسنين هو الذي ينجح في إقناع النحاس باشا بالسفر إلى فلسطين مع زوجته لأنها القادرة على إقناع الملكة نازلى بالعودة إلى مصر، النحاس باشا الذي كان آنذاك خارج الحكم، والذي كان الملك

لا يطيق ذكر اسمه أمامه، هو الذي يصبح - بفضل أحمد حسنين - الطريق إلى حل المشكلة!!

وهكذا يصبح أحمد حسنين باشا نفسه والذي كان هو أحد وجوه المشكلة هو الحل! هل كان أحد فى الدنيا يستطيع أن يمنع ورود هذا السؤال على ذهن الملك:

- هل كان أحمد حسنين يفعل ذلك لحسابه أم لحساب الملك؟!

هل لا تزال الدراما الشكسبيرية في حاجة إلى شروط أكثر لتصل إلى ذروة اكتمالها؟!

وها هو الملك فاروق يكتشف وهو يمضي حثيثًا في سنوات عمره أن حاجته إلى أحمد حسنين ليفك له ألغاز الحياة أشد من حاجته إليه ليفك له ألغاز السياسة، وتتطور أحداث المسلسل إلى الحد الذي يصبح فيه فاروق هو الذي يرجو أحمد حسنين بالفعل أن يتزوج من أمه الملكة نازلى لأن هذه هي الطريقة الوحيدة والأخيرة التي يمكن بها أن يسيطر على حماقات الملكة الأم التي يمكن أن تتزايد في الداخل بأكثر مما يمكن أن تتزايد في الخارج!

كل ما يرجوه الملك من أحمد حسنين ومن أمه أن يكون الزواج عرفيًا وسريًا بقدر ما تسمح به ظروف الحياة داخل القصور الملكية، وحتى يتجنب وصول الخبر إلى الرأى العام في مصر.

يروي أحمد حسنين للملكة نازلى بعد أن تزوجها سرًا «أنه كانت تأتي لحظات بينه وبين الملك يشعر خلالها أن الحواجز الشكلية بينهما تنهار، وأن لحظات الصفاء القديمة التي كانت تجمع بين الملك ومعلمه تعود، ويتحول الحوار بينهما إلى ود خالص بين صديقين قديمين، ثم تأتي مصادفة عابرة على ذكر الملكة فيتغير فجأة وجه الملك، كما يتغير صوته ولهجته!!

تلك هي بعض الملامح التي اكتملت بها عناصر الدراما الشكسبيرية لهذا المسلسل والتي وصلت بها إلى ذرى عالية! والتي أزعم أنها كانت من أغرز ينابيع السحر التي اجتذبت قلوب الملايين من مشاهديه!

بالقطع كان هناك من لايمكن إحصاؤهم من هذه الملايين اهتموا أيضًا بأحداث السياسة والمجتمع المحلية والعالمية التي تعرض لها المسلسل، وبخاصة أن الحرب العالمية الثانية كانت تسيطر على معظم الأحداث في حلقات المسلسل، ووجدوها فرصة للمقارنة بين ما جرى قبل ثورة يوليو 1952 وما بعدها.

وأزعم أن الكثيرين من هؤلاء انجرفت بهم المناقشات حول المسلسل إلى تصفية الحسابات بين مرحلتين، وقد أدى هذا الانجراف إلى أن يركز كل فريق على الجانب الذي يهمه، فركز أنصار ثورة يوليو 1952 على إغفال المسلسل لتصوير

ما كان يجري في قاع المجتمع في عصر الملك فاروق وبالتالي لم تظهر المآسي الناجمة عن اختفاء العدالة الاجتماعية. وركز أنصار مرحلة الملك فاروق على اختفاء الديمقراطية في عصر ثورة يوليو وما نجم عن ذلك من كوارث، بينما كانت زهور الديمقراطية، التي تتفتح في عصر الملك فاروق، تسمح لفؤاد سراج الدين وزير المالية في حكومة الوفد الأخيرة أن يسائل رئيس الديوان الملكي عن الأسباب التي من أجلها يطلب الملك بعض مخصصاته المالية قبل موعد صرفها، لأنه

لا يستطيع أن يسمح بصرفها قبل الموعد دون أن يسجل أسباب ذلك فيضطر إلى إخباره بأن الملك يريد شراء حجرة نوم جديدة لعروسه الملكة ناريمان . لقد حرصت كاتبة السيناريو كما حرص المخرج على أن يظهرا كيف أن النغمة الأساسية لهذه الدراما الشكسبيرية يجب أن تبقى إلى آخر لحظة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، وهي الحلقة، التي كان الملك فاروق فيها محاصرًا في قصر رأس التين يوم 26 يوليو وهو اليوم الذي كان عليه فيه أن يغادر البلاد . في هذا اليوم يأتيه تليفون من الخارج من أمه الملكة نازلي، التي كانت تعيش في أمريكا في ذلك الوقت، تمارس آخر فصول حماقاتها بعد موت أحمد حسنين، كانت تريد أن تطمئن على ابنها الملك فاروق بعد أن سمعت بأخبار الثورة.

وحين يعلم الملك ممن أبلغه بأن أمه هي التي تطلبه لتطمئن عليه فإنه بإشارة من أصبعه يعلمه بأنه لا يريد الرد على أمه!

كأن كاتبة السيناريو والمخرج يقولان للمشاهدين، إن جرح الملك من أمه كان أقسى من كل ما يحدث له, وأن رغبته في عقابها كانت أشد من رغبته في الرد على من حاصروا قصره، لقد طلب من قائد الحرس الملكي ألا يرد على رصاص المحاصرين للقصر من قوات الجيش لأنه في النهاية لم يرد أن يتحارب الجنود المصريون من حوله، كان رحيمًا بالمصريين في حربه معهم أو حربهم معه.

ولكنه لم يكن رحيمًا بأمه في «حربه الأهلية» معها!.

 

أبوالمعاطي أبوالنجا 





مشهد من مسلسل «الملك فاروق» والممثل تيم الحسن الذي قام بالدور الرئيس





 





صراع الملك فاروق مع أمه الملكة نازلي التي قامت بدورها وفاء عامر





الملك فاروق والملكة فريدة.. زواج لم ينجح