أوربا والمسلمون.. التطور التاريخي لصورة الآخر

أوربا والمسلمون.. التطور التاريخي لصورة الآخر

لم يكن الدين سببًا في الصراع بين البشر في أي زمان ومكان، بيد أنه كان دائمًا المبرر والغطاء لأطماع الاقتصاد، وطموحات السياسة، ووحشية الحرب. ومن المثير أن هذه العوامل التي تتخذ من الدين غطاء لها قد تؤدي أحيانًا إلى الاعتماد المتبادل، والتفاهم، بل والتقارب، حين تخلع عن نفسها رداء الدين، ويصدق هذا على تاريخ العلاقات بين أوربا والعالم الإسلامي على مدى أربعة عشر قرنًا من الزمان. لقد كانت العلاقات بينهما نموذجًا للعلاقات بين الحضارات المتجاورة، حربًا وسلامًا، منافسة وتعاونًا، عداوة واعتمادًا متبادلاً على الآخر، وهكذا شأن البشر جميعًا حين يتجاورون في كيانات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، ولا يكون للدين في مثل هذه العلاقات، التي تمور بالحيوية والتفاعل، سوى دور المبرر والغطاء.

ولأن الحضارة العربية الإسلامية كانت تدور حول الإسلام، على حين كانت حضارة أوربا العصور الوسطى تدور حول المسيحية في صيغتها الكاثوليكية، فإن الدين كان غطاء ومبررًا لكثير من جوانب العلاقات بين الجانبين. وعلى الرغم من أن المسلمين والمسيحيين جميعًا يشتركون في بعض الممارسات الدينية المتشابهة، ويقدسون المزارات المقدسة نفسها في فلسطين، ويبجلون نفس أبطال قصص الكتاب المقدس الذين تحدث عنهم القرآن الكريم من الأنبياء والرسل السابقين على النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وعلى الرغم من أن القرآن الكريم يتحدث باحترام شديد عن السيدة مريم العذراء، وعن السيد المسيح - عليه السلام - وعن المعجزات التي تمت على يده بإذن الله، فإن هناك فوارق جوهرية بين الديانتين تشكّل حواجز مانعة أمام أتباع كل من الإسلام والمسيحية في قبول «الآخر». ومن المثير أن هذه «التشابهات» الدينية بين المسلمين والمسيحيين الأوربيين لم تصمد أمام «الاختلافات», كما كانت تستثير العداوة بدلاً من أن تدعو إلى إخمادها. لقد كانت الحواجز الحقيقية تتعلق برفض المسلمين لألوهية المسيح - عليه السلام -، والثالوث، وحادثة الصلب من ناحية، وعدم اعتراف المسيحية بالإسلام وبالنبي عليه الصلاة والسلام من ناحية أخرى.

لقد كان جهل أوربا المسيحية بحقيقة الإسلام من أهم أسباب الصدام تاريخيًا، لاسيما أن هذا الجهل كان مقترنًا بالمصلحة والأطماع الاقتصادية والسياسية، لقد كان الإسلام بالنسبة لأوربا العصور الوسطى «شيئًا بعيدًا» عند ظهوره في القرن السابع الميلادي، حقيقة أن الإسلام ظهر في شبه الجزيرة العربية في الوقت الذي كان فيه سكان شمال أوربا وغربها لايزالون على وثنيتهم، وكانت جهود المبشرين لتنصير الإنجليز، مثلا، لاتزال بعيدة عن تحقيق هدفها. ولكن الفروق بين انتشار الإسلام في مناطق شرق المتوسط، ونشر المسيحية في شمال أوربا وغربها كانت جسيمة ومذهلة، ويتمثل أوضح هذه الفروق في أن العرب قد حملوا الإسلام لينشروه بين شعوب لها حضارات عريقة، واعية بذاتها، لها آدابها المكتوبة، بل ولها دياناتها (ومنها المسيحية بطبيعة الحال)، وعلى الجانب الآخر، فإن المبشرين الذين جاءوا بالمسيحية إلى أقصى الغرب والشمال الأوربي حملوها إلى مجتمع أمي كان في حالة تلق واستقبال، ولم يكن قادرًا على العطاء في مجال التطور الفكري. لقد أسهمت الشعوب العريقة التي دخلت الإسلام في الحضارة العربية الإسلامية بموروثاتها القديمة، ولكن الشعوب الجرمانية التي دخلت المسيحية، لم يكن لديها ما تقدمه. لقد كان الجزء الغربي «اللاتيني» من عالم البحر المتوسط بقايا شاحبة من التراث الكلاسيكي القديم، على حين كانت المناطق التي ضمها الإسلام تحت رايته، والناطقة بالفارسية واليونانية والسريانية وغيرها، أرقى ثقافة وأكثر «تقدمية» داخل مناطق نفوذها المباشر، كما تسربت التأثيرات الهندية والصينية إلى عالم الإسلام بفضل الذين أسلموا من أبناء هذه المناطق.

ويتمثل الفرق الثاني في أن لكل من الإسلام والمسيحية «كتابًا» يقدّسه أتباع كل منهما، فالمسيحيون لديهم «الكتاب المقدس» «بقسميه : العهد القديم والعهد الجديد»، والمسلمون لديهم القرآن الكريم يحمل كلمات الله التي نزل بها الوحي. بيد أن الفارق هنا يتمثل في أن القرآن الكريم نزل بلغة «جديدة» فرضها على العالم القديم «فقد كانت العربية التي نزل بها القرآن الكريم غير سائدة في العالم القديم، ومن ثم كانت جديدة على أبناء الحضارات القديمة». أما الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية، فقد حملت لغة أوربا الرومانية القديمة «أي اللاتينية» إلى أمم جديدة لم تكن تعرفها، وهي الشعوب الجرمانية، التي اجتاحت هجراتها أوربا وغيّرت من بنيتها السكانية فيما بين القرن الخامس والقرن الثامن الميلاديين.

وهكذا كانت البنية الأساسية لكل من الحضارة العربية الإسلامية والحضارة الأوربية الكاثوليكية مختلفة بطبيعة الحال، وربما كان هذا هو السبب الأساسي في أن علاقة أوربا الغربية بالمسلمين كانت في أدنى مستوياتها في القرن الثاني الهجري/الثامن الميلادي «مع استثناء الوجود الإسلامي في الأندلس». فقد كان «البعد» و«الجهل» من أهم أسباب عدم التواصل أو التباعد بين الجانبين. فلم يكن هناك ما يساعد الأوربيين في أقصى شمال أوربا وغربها على معرفة الإسلام، أو المسلمين سواء في تراثهم القديم، أو في ديانتهم الجديدة، ولم يكن جوار المسلمين لهم في الأندلس يعني شيئًا في هذا الموقف، فقد ظل «البعد المعنوي» قائمًا على الرغم من الجوار الجغرافي، كما بقي «الجهل» مطبقًا يعززه الخوف والحسد والعداء ضد هذا الجار «المختلف» في إسبانيا.

لقد كان وجود الإسلام يمثل أكبر مشكلة واجهت أوربا في العصور الوسطى، وقد تجلّت هذه المشكلة على مستويات عدة، فعلى المستوى السياسي والعسكري استدعت هذه المشكلة التعامل الدبلوماسي، والاحتكاك العسكري الذي تصاعد في الفترة ما بين القرن الهجري الأول/السابع الميلادي، والقرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي، حتى تبلور في الحملات الصليبية التي جرّدها الغرب الكاثوليكي ضد المنطقة العربية طوال قرنين من الزمان (السادس والسابع الهجريين/الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين). وعلى المستوى الثقافي والفكري، استدعت العمل على فهم السبب في انتشار الإسلام بالشكل الذي زرع الخوف في قلوب أبناء الغرب والشمال الأوربي. وعلى المستوى النفعي (البراجماتي). كان لابد من حلّ مشكلات التعايش مع العالم الإسلامي في عالم البحر المتوسط، وبحث إمكانات التبادل التجاري مع المسلمين من القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي فصاعدًا.

بيد أن المشكلة الأساسية التي واجهت الغرب الأوربي بشأن الإسلام كانت مشكلة معرفية، فقد كان الأوربيون يجهلون تمامًا «سر» وجود الإسلام: ما دوره الإلهي في التاريخ الإنساني؟ هل كان ظهور الإسلام من علامات نهاية العالم، أم أنه مرحلة في تطور الديانة المسيحية؟ هرطقة أم انشقاق عن المسيحية، أم ديانة جديدة؟ هل هو دين من عمل الإنسان، أم من وسوسة الشيطان؟ هل هو نظام فكري يستحق المعاملة باحترام؟

كانت تلك الأسئلة المضنية المربكة تمسك بتلابيب العقل الأوربي لتشكّل معضلة تاريخية تستعصي على الحل. كانت تلك مشكلة معرفية تم المساس بها مسًا هينًا من خارجها. ولم يكن من الممكن حلّ هذه المشكلة دون المعرفة اللغوية والأدبية، التي لم يكن من السهل آنذاك تحقيقها. ومن ناحية أخرى تفاقمت مشكلة «الجهل» بالإسلام في أوربا الكاثوليكية لأن أصحاب الفكر والمتعلمين في أوربا كانوا من الرهبان ورجال الكنيسة الكاثوليكية الذين غلب عليهم الانحياز، ووقعوا أسرى العداء ضد الإسلام والمسلمين، كما تملكتهم الرغبة القوية في «عدم المعرفة» خوفًا من أن يصيبهم «الدنس» إذا ما حاولوا «معرفة» شيء عن الإسلام أو المسلمين.

ومن ناحية أخرى، لم يكن هناك شيء في تراث أوربا القديم يمكن أن يساعد أبناءها على معرفة الإسلام، أو فهمه، في تلك الفترة، لقد كان الإسلام، على عكس اليهودية، دينًا جديدًا جاء بكتاب يحمل كلام الله بلغة غريبة لا يعرفها الأوربيون. لقد كان ظاهرة جديدة في التاريخ الإنساني، ولم يعرف الأوربيون عنه في تلك الفترة سوى تلك الدعاية النزقة التي روّجها رجال الكنيسة الكاثوليكية المتعصبون. وعلى المستوى الدنيوي، كان نجاح الإسلام متجسدًا في وجوده القوي في عالم البحر المتوسط، وفي شبه الجزيرة الأيبيرية «الأندلس»، وكان المسلمون بالنسبة لأوربا آنذاك بمنزلة «الجار» القوي، الغني، المخيف، كما كان يستثيرون دوافع الحسد والقلق في نفوس قادة المجتمعات الأوربية في ذلك الزمان.

في القرون الأولى من تاريخ العلاقات الإسلامية - الأوربية كان الجهل والعداء من أبرز خصائص الموقف الأوربي من الإسلام والمسلمين، بيد أن هذا الموقف لم يكن ثابتًا في كل وقت، كما أنه لم يكن سائدًا في نطاق جغرافي ثابت، فقد كان هناك قدر كبير من التفاوت في المواقف الأوربية بحسب طبيعة الأماكن التي تعاملت مع المسلمين من ناحية، وبحسب درجة الوجود الإسلامي ومدى قربه أو بعده من ناحية أخرى. فقد كان الإسلام والمسلمون مشكلة بحر متوسطية لا مشكلة أوربية عامة في العصور الوسطى الباكرة، إذ كانت إيطاليا وصقلية، وجزر البحر المتوسط، وإسبانيا، هي التي جرّبت الاحتكاك الفعلي بالمسلمين وعانت من الغزو والحرب. ولكن شمال أوربا وغربها كانا يريان في المسلمين عدوا من بين أعداء محتملين عدة. وعلى حين كانت المشكلة بالنسبة للمناطق البحر متوسطية مشكلة سياسية واقتصادية وعسكرية، كانت بالنسبة لمناطق الشمال والغرب الأوربي مشكلة معرفية في المحل الأول. ولهذا نجد في كتابات هذه المناطق نغمة تشي بالبعد الجغرافي والمعنوي حين يكتبون عن المسلمين. ومَن يقرأ كتاباتهم يتملكه إحساس بأن هذه الكتابات عبارة عن نتاج وهمي لخيال شرير. ولم يكن هذا الموقف في حقيقته سوى حصاد الجهل الذي تمت تغطيته باختراع الصورة الخيالية الشريرة للإسلام والمسلمين.

وعلى الجانب المسلم، لم تكن المشكلة المعرفية قائمة، أو لم تكن قائمة بهذه الحدة على الأقل، فلم يكن المسيح، أو قصته، أو المسيحية، أمورًا يجهلها المسلمون. فقد خصص القرآن الكريم مساحة كبيرة للحديث عن السيدة مريم العذراء، وحملها وولادتها الإعجازية للسيد المسيح - عليه السلام - حتى رفعه الله. كما أن الوجود التاريخي للمسيحية في المناطق التي صارت مناطق إسلامية فيما بعد، وفر الكثير من المعلومات عن المسيحية ومذاهبها على أرض الواقع، فضلاً عن أن أعدادًا كبيرة من المسيحيين تحولوا إلى الإسلام، وكانوا يعرفون دينهم السابق بشكل جيد بطبيعة الحال، لقد كان المسلمون يعرفون الكثير عن المسيحية، ولكن إيمانهم بوحدانية الله كان يعني إنكارهم للثالوث، والتجسّد، وألوهية المسيح.

ومن ناحية أخرى لم ينبذ المسلمون التراث الثقافي والفكري للمناطق التي فتحوها، وإنما أقبلوا على ترجمة آثار هذا التراث مستعينين في عملية الترجمة الكبرى بعدد من العلماء المسيحيين. وعندما انتقلت عاصمة الدولة الإسلامية من المدينة المنورة في الحجاز، إلى دمشق في بلاد الشام، كان ذلك يعني الانتقال إلى وسط حضاري أكثر تأثرًا بالتراث الهيللينستي الذي جمع بين الثقافة اليونانية القديمة وثقافات مصر والشام والعراق. لقد كانت البقعة التي نجحت حركة الفتوح الإسلامية في ضمها إلى دار الإسلام تنعم بحظ من التراث الفلسفي الذي ترجمه المترجمون السريان المسيحيون إلى العربية. كما نعمت بتراث مدرسة الإسكندرية، في الطب، والفلسفة، والرياضيات.. وغيرها. أما في مشرق العالم المسلم، فقد كان تراث البلدان التي تحدث أهلها بالسريانية والفارسية، مثل الرها، ونصيبين، والمدائن وجند يسابور «حيث ساد المسيحيون النساطرة»، وأنطاكية «المونوفيزيتية»، من أهم الروافد الثقافية التي صبّت في المجرى العام للحضارة العربية الإسلامية. وكان هذا الأساس الذي قامت عليه البنية المعرفية الإسلامية بالمسيحية والمسيحيين في العالم المسلم وخارج هذا العالم.

وهنا ينبغي أن نؤكد حقيقة مهمة للغاية في موضوعنا، ومؤداها أن صورة الأوربي «الفرنجي» في التراث العربي الإسلامي آنذاك كانت متوارية تمامًا خلف ضبابية الغموض. فقد كان الغرب الأوربي «باستثناء إسبانيا وجنوب إيطاليا وجزر البحر المتوسط» بمنزلة «منطقة سوداء مجهولة» من الناحية المعرفية. وعلى الرغم من أن المؤرخ هنري بيرين نبه إلى انقسام عالم البحر المتوسط، فإنه أرجع هذا إلى الفتوحات الإسلامية. والحقيقة أن ما تسبب في هذا الانقسام والعزلة، التي عانتها أوربا الغربية هي الفوضى الناجمة عن الغزوات الجرمانية، التي اجتاحت أوربا منذ القرن الخامس الميلادي «أي قبل ظهور الإسلام» ثم الحروب الإقطاعية التي مزقت أوربا حتى القرن الحادي عشر. وتحت الزعامة البابوية، كانت أوربا الغربية والشمالية مجتمعًا متخلفًا متعصبًا ضد «الآخر»، سواء كان هذا «الآخر» متمثلاً في الكنائس المسيحية غير الكاثوليكية، أو في الشعوب الأوربية، التي كانت لاتزال على وثنيتها في شمال أوربا ووسطها وشرقها، أو المسلمين، والخلاصة أن المسلمين لم يشعروا بالحاجة إلى معرفة «الفرنجى» ولم يعرفوه فعلاً بشكل حقيقي إلا من خلال الحملات الصليبية في القرن الحادي عشر.

هكذا، كانت صورة الآخر مشوشة، غامضة، ومضطربة لدى كل من المسلمين والأوربيين، وكان هناك إحساس متبادل لدى كل منهما بالبعد المادي والمعنوي، سواء على المستوى الجغرافي، أو المستوى الثقافي، في القرون الثلاثة الأولى بعد ظهور الإسلام، وقد أدى هذا إلى سيادة تصورات وهمية عن «الآخر» لدى كل من الطرفين من ناحية، وإلى سيادة الأوهام الأيديولوجية عن انقسام النصف الغربي من كوكب الأرض إلى جزأين يفصل بينهما خط رفيع، عالم الإسلام، وعالم المسيحية، من ناحية أخرى، وعلى المستوى المعرفي تمت ترجمة هذه الصورة الوهمية المصطنعة إلى مجموعة من المفاهيم الفضفاضة التي تتحدث عن ديانتين متعارضتين، وثقافتين مختلفتين، وحضارتين متصادمتين، وفي هذا السياق الأيديولوجي صارت «دار الإسلام» و«عالم المسيحية» مفهومين مجردين يحملان معنى ومغزى أوسع وأشمل من مجرد اسمين لديانتين مختلفتين.

ووجه الخطورة هنا أن أيًا من هذين المصطلحين لم يتحدد في ضوء الحقائق التاريخية المتغيرة، وإنما تم تحديده في ضوء النماذج غير القابلة للتغير مثل الدين واللغة، أو الميراث الثقافي. لقد كان الفقهاء وعلماء اللاهوت، لا المؤرخون، هم الذين طرحوا فكرة «الحدود» بين «دار الإسلام» و«عالم المسيحية» ولذلك كانت كتب المؤرخين على الجانبين ترصد من الحقائق التاريخية المتغيرة ما يهدم هذه الفكرة الأيديولوجية من أساسها. لقد كشفت هذه الفكرة الأيديولوجية الوهمية عن «الحدود» بين الإسلام وأوربا عن مرحلة باكرة من مراحل التطور التاريخي لصورة «الآخر» لدى كل من المسلمين والأوربيين، وهي مرحلة يغشاها الغموض والارتباك الناجم عن نقص «المعرفة» وغياب التجربة التاريخية. ولكن هذه المرحلة - على أي حال - كانت متوازية نسبيًا إذا ما قورنت بالتطور الذي وصلت إليه صورة الآخر في عصر الحروب الصليبية.

وتلك قصة أخرى.

مضت قرونٌ خمسةٌ
مذ رحلَ «الخليفةُ الصغيرُ» عن إسبانيه
ولم تزل أحقادنا الصغيره..
كما هيَه..
ولم تزل عقليةُ العشيره
في دمنا كما هيه
حوارُنا اليوميُّ بالخناجرِ..
أفكارُنا أشبهُ بالأظافرِ
مَضت قرونٌ خمسةٌ
ولا تزال لفظةُ العروبه..
كزهرةٍ حزينةٍ في آنيه..
كطفلةٍ جائعةٍ وعاريه
نصلبُها على جدارِ الحقدِ والكراهيه..

نزار قباني

 

قاسم عبده قاسم