مفاصل صناعية .. لمن؟

مفاصل صناعية .. لمن؟

عمليات استبدال المفاصل وتركيب المفاصل الصناعية من العمليات الناجحة والشائعة في الغرب، ففي الولايات المتحدة الأمريكية تقدر الإحصاءات أن هناك أكثر من 450.000 عملية لمفصل صناعي سنويا، وأكثر هذه العمليات تكون لمفصل الورك والركبة والكتف.

من أجل أن نفهم جيدا مبدأ عمل هذه المفاصل ودواعي استخدامها لابد لنا أن نستعرض أجزاء المفصل الطبيعي والتغيرات التي تطرأ على هذه المفاصل في الحالات المرضية التي تستوجب استبدال المفصل بعد فشل طرق العلاج الأخرى.

مفاصل تتغير

يتكون المفصل الطبيعي من نهايتي عظمين ومحفظة تحيط بهما، تكون نهاية العظمين مغطاة بغضاريف، تشكل هذه الغضاريف سطوحا ناعمة ومرنة تمكن المفصل من الحركة بسهولة لأن هذه الغضاريف تنزلق على بعضها البعض دون احتكاك ويساعدها على ذلك وجود سائل لزج داخل المحفظة المحيطة بنهاية العظمين، ولن نتحدث هنا عن أسباب تدهور المفاصل وعن مختلف الأمراض التي تسبب تدهور المفاصل ولكن سوف نصف بشكل عام التغيرات النهائية لاهتراء المفصل.

الغضاريف التي تكون في المفاصل لها قدرة محدودة جدا للتجديد، فهي ليست كالجلد مثلا فالجلد يستطيع أن يلتئم ويجدد نفسه بشكل ممتاز بعد حدوث الجرح، لكن ما تخسره من غضاريف في المفاصل لا يتجدد ولا يعود لحالته الطبيعية. المشكلة الرئيسية في الحالات المتقدمة في التهاب المفاصل أن المفصل يخسر الغضاريف التي تغطي العظم وبذلك تصبح حركة المفصل خشنة ومؤلمة، وإذا نظرنا داخل المفصل نجد أن الغضاريف أصبحت خشنة وأن العظم في بعض المناطق أصبح عاريا من الغضاريف، وبسبب الحركة المستمرة نجد أن نهاية العظم نفسه قد اهترأت في مناطق الضغط، وبذلك يتغير شكل نهاية العظم ويتشوه شكلا العظم والمفصل، مثل هذا التشوه يؤدي إلى تغير شكل الساق، ففي الركبة مثلا وفي حالة اهتراء العظم نجد أن الساق تصبح مقوسة.

ويرافق هذا التدهور في الغضاريف عادة تغيرات في المفصل، فمحفظة المفصل مثلا تصبح سميكة بسبب الالتهاب ويظهر فيها الكثير من التندبات.

إن التغيرات المذكورة سابقا تحدث بشكل تدريجي وتختلف شدة هذه التغيرات حسب شدة المرض، وعادة تزداد في المراحل المتقدمة وتظهر هذه التغيرات في صورة الأشعة بشكل واضح.

والسبب الرئيسي لتركيب المفاصل الصناعية هو الألم الشديد الذي لا يستجيب للمعالجة المحافظة من أدوية وعلاج طبيعي، هذا الألم الشديد غير المحتمل يؤثر على حياة المريض ويجعله غير قادر في بعض الأحيان على المشي والقيام بواجبات الحياة اليومية، وحتى يستفيد المريض من مثل هذه العملية يجب أن تؤكد الفحوص السريرية والشعاعية أن سبب الألم هو تدهور الغضاريف في المفصل وأن الألم ليس له أسباب أخرى مثل نقص الدورة الدموية أو التهاب الأعصاب.

تركيب وجراحات

الفائدة الرئيسية للمفصل الصناعي هي التخلص من الألم المستمر حيث يشعر المريض خاصة بعد العمل اليومي باختفاء الألم أو تناقصه بشكل كبير،

والمريض يشعر أن الطرف أصبح أقوى من قبل وأن الحركة غير مؤلمة، والكثير من المرضى يلاحظون تحسنا في حركة المفصل، ففي حالة مفصل الكتف الصناعي يلاحظ المريض أنه يستطيع بعد العمل الجراحي تسريح شعر رأسه دون صعوبة ودون ألم، يلاحظ المريض أيضا أن نوعية حياته قد تحسنت، فهو قادر على الاعتماد على نفسه والتمتع بأشياء لم يكن يقدر عليها من قبل أيضا من الفوائد الملحوظة أحيانا هو تحسن شكل الساق، ففي الحالات الشديدة من التهاب المفصل يكون الساق مقوسا، وبعد العمل الجراحي يصبح الساق مستقيما وذا منظر طبيعي. المفصل الصناعي عادة يتكون من سطوح معدنية ناعمة، هذه السطوح الناعمة هي محاولة لتقليد الغضاريف في المفصل الطبيعي، ففي الركبة الصناعية مثلاً نجد أن الركبة الصناعية تتكون من قشرة معدنية تشبه سطح العظم الطبيعي، وبين هذه السطوح المعدنية يوضع عادة قرص مصنوع من مواد بلاستيكية خاصة "بولي إيثيلين" لتخفف من الاحتكاك بين السطوح المعدنية.

أثناء إجراء العملية الجراحية يقوم الجراح بقطع طبقة رقيقة من سطح العظم الخشن ويكون هذا القطع محسوبا ليتناسب مع السطوح المعدنية الصناعية، بعبارة أخرى يستبدل الجراح هذه السطوح المهترئة بسطح معدنية تغطي نهاية العظم، وبعد ذلك يضع قرصا من مواد مرنة بين السطوح المعدنية لتخفيف الاحتكاك وتأمين حركة ناعمة ودون ألم للمفصل، ومضاعفات العمل الجراحي لاستبدال المفاصل تشابه أي عمل جراحي آخر، ففي كل عمل جراجي هناك احتمال حصول التهابات جرثومة، أو احتمال نزف أو تجلط في الأوردة.

وقد طرأت تطورات عديدة حديثة للتقليل من هذه المضاعفات، فمثلا للتقليل من حدوث الالتهابات تجرى إجراءات خاصة في غرفة العمليات للتأكد من التعقيم الصحيح ويعطى المريض مضادات حيوية، وللتقليل من تجلط الأوردة يعطى المريض ملينات الدم ويستخدم جهازا خاصا بعد الركبة الصناعية لتحريك الركبة مباشرة لمنع التجلط في الأوردة، لذلك وقبل أن يختار المريض المستشفى التي يريد أن يتعالج فيها لابد له أن يتأكد من أن هذا المركز مجهز بكل هذه الاحتياطات، وأن الفريق العامل في المستشفى من ممرضات ومعالجين قد تمرن وتدرب على هذه الإجراءات.

هذه العمليات تجرى في معظم مستشفيات الغرب وفي بعض المراكز الطبية في الدول العربية، وقبل أن يختار المريض المركز المناسب يجب أن يتأكد أولا من ضرورة العمل الجراحي ويجب أن يأخذ رأي أكثر من طبيب واحد حول الموضوع، ومع الأسف يدفع حب المال في بعض المراكز الغربية الجراحين إلى إجراء العملية دون ضرورة.

وبعد التأكد من ضرورة العمل الجراحي يجب على المريض أن يختار مركزا قريبا منه أو مركزا في بلد يمكنه زيارته بسهولة لمتابعة نتائج العمل الجراحي، ولمتابعة المريض على المدى البعيد، وعلى المريض أن يسأل عن أمور معينة مثل: ما هي مؤهلات الجراح؟، وهل أجرى هذا الجراح مثل هذه العمليات؟، هل يوجد قسم جيد للعلاج الطبيعي مجهز لمثل هذه العمليات؟، هل المركز مجهز بأحدث الأجهزة الطبية المتعلقة بهذه العملية؟، وهل المفصل المستخدم في العملية من نوع ممتاز تم تجريبه؟.

ما بعد الجراحة .

تستغرق عملية استبدال المفصل حوالي الساعة فقط، ولكن هناك فترة إعداد المريض في غرفة العمليات قبل الجراحة تستغرق حوالي الساعة، أثناء العمل الجراحي نستخدم أحدث الأجهزة للتأكد من سير العمل الجراحي بطريقة ممتازة، بعد العمل الجراحي ينتقل المريض للعناية الفائقة لمراقبته ويبقى بها طوال اليوم، وفي اليوم الثاني يبدأ برنامج العلاج الطبيعي ويسير مريض المفصل الصناعي بمساعدة عكازين أو مشاية، يبقى المريض في المستشفى حوالي ستة أيام وأثناء وجوده يراقب بدقة للتأكد من سلامته ويجري للمريض علاج طبيعي كل يوم مرتين على الأقل ويعطي المريض أثناء وجوده بعض الأدوية مثل المضادات الحيوية لمنع الالتهاب، وتختلف هذه الأدوية حسب حالة المريض، بعد مغادرة المستشفى يعطي المريض إرشادات معينة حول العناية بالجرح وحول التمارين التي يجب إجراؤها في البيت، يستطيع المريض بعد مغادرته المستشفى المشي بسهولة بمساعدة المشاية وغالبا ما يستطيع الاعتماد على نفسه.

 

 

سميح الطرابيشي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




المفصل الصناعي





صورة مفصل طبيعي ورك





صورة مفصل طبيعي متهرئ





أجزاء المفصل الصناعي





صورة مفصل طبيعي ركبة





صورة مفصل ركبة متهرئ





مفصل ركبة قبل العملية





بعد إجراء العملية




ِ