يتعاطى بعض مرضى السكر حقن الأنسولين بانتظام لتعويضهم عن قلة ما يفرز
منه في جزر «لانجر هانز» الموجودة في البنكرياس، ويساعد الأنسولين على احتراق
الجلوكوز في أنسجة وخلايا الجسم، وتحويل الزائد منه إلى دهون. لذلك فإن نقص
الأنسولين أو عدم مقدرة الجسم على الاستفادة منه يؤدي إلى خلل في التمثيل الغذائي
للمواد النشوية والبروتينية والدهنية، وبالتالي إلى الارتفاع المستمر لنسبة السكر
في الدم وظهوره بكميات كبيرة في البول وبالتالي حدوث أعراض مرض السكر. ويحدد كل
طبيب لمريضه نوع وكمية الأنسولين المطلوبة ومواعيد حقنه به، كما يحدد له كميات
الطعام التي يتناولها، ومقدار المجهود العضلي الذي يقوم به.
والطبيب - من وراء ذلك - يهدف إلى منع حدوث مضاعفات السكر سواء الحادة
أو التي قد تحدث مستقبلاً، وذلك بإعادة نسبة السكر في الدم إلى حالتها الطبيعية.
ولا يمكن للمريض العادي أن يقرر ذلك بنفسه لاختلاف متطلبات العلاج من مريض إلى
آخر.
ما الغيبوبة؟
عندما يتناول مريض السكر جرعة زائدة من العلاج المخصص له أو يهمل
تناول الطعام عقب تناوله العلاج، فإن نسبة الجلوكوز في الدم تتناقص تدريجيًا حتى
تصل إلى الدرجة التي يبدأ فيها الجسم في محاولة لتعويض هذا النقص إفراز كميات زائدة
من الهرمونات التي تعمل على زيادة نسبة الجلوكوز بالدم، ومن بينها هرمون
«الأدرينالين» الذي ينتج عن زيادة إفرازه سرعة ضربات القلب مع رعشة باليدين وزيادة
إفراز العرق، وفي الوقت نفسه فإن نقص كمية الجلوكوز الواردة إلى المخ يؤثر بشدة في
أدائه لوظائفه، ويظهر ذلك في إحساس المريض بعدم القدرة على التركيز مع صداع شديد،
وقد يصل الأمر إذا لم يتدارك الموقف إلى فقد الوعي، وهو ما يطلق عليه «غيبوبة نقص
السكر بالدم».
أسبابها:
1- تناول مريض السكر جرعة أكبر مما ينبغي من العلاج المخصص، سواء كان
في صورة أقراص أو حقن الأنسولين.
2- أو يتناول مقدارًا من الطعام أقل مما ينبغي تناوله لاستيعاب
المقدار المحقون به من الأنسولين أو الأقراص.
3- أو يتناول وجبة الطعام بعد تناول الأنسولين مباشرة، أو يهمل تناول
إحدى الوجبات.
4- أو يقوم بمجهود عضلي أكثر من المعتاد.
كل ذلك يؤدي إلى خفض مستوى السكر في الدم إلى درجة كبيرة، ويترتب على
ذلك حدوث ما يسمى «صدمة الأنسولين»، أو رد فعل الأنسولين، وهو الاسم الشائع للحالة
التي تسمى طبيًا «Hypoglycaemia» التي تعني هبوط كمية السكر في الدم عن معدلها
الطبيعي.
خطورتها:
تعد هذه الغيبوبة من أخطر مضاعفات مرض السكر، نظرًا إلى أنها تحدث
«فجأة»، وقد تفاجئ مريض السكر في بعض المواقف التي تنتج عنها خطورة، مثل قيادة
السيارة أو العمل على الآلات أو الاستحمام في البحر. أو إذا بقي وحيدًا بعيدًا عن
الملاحظة، أو إذا لم يكن معه أحد في المنزل أو الفندق مثلاً، أو أثناء النوم.
أعراضها... وعلاماتها:
أ - في البداية.. يجب على كل مريض بالسكر تذكر هذه الأعراض جيدًا:
1 - شحوب الوجه، وعرق بارد يبدأ على الجبهة.
2 - جوع شديد، ورعشة في اليدين.
3 - زيادة عدد ضربات القلب، والشعور بها.
4 - دوخة وفقدان التركيز وحدّة الذهن، أي بطء الاستيعاب.
وقد تختلف الأعراض عن ذلك اختلافًا بسيطًا، فتشمل الصداع والغثيان
واضطرابًا في الرؤية والشعور بالإجهاد والميل إلى النعاس.
ب - يلي ذلك بعد فترة تختلف حسب جرعة الأنسولين أو الأقراص:
1 - ازدياد العرق وضربات القلب.
2 - تظهر على المريض تشنجات عضلية مصحوبة بانفعالات عاطفية كالضحك
والبكاء، ويعلو صوته ويبدو في حالة تشبه حالة السكران، لدرجة أن كثيرًا من هؤلاء
المرض لا يجدون المساعدة بسبب ظن الناس أنهم سكارى!
3 - وتنتهي هذه الحالة بالغيبوبة التي قد تطول، أو يفيق بعدها المريض
عندما تستهلك كمية الأنسولين الموجودة في جسمه، مما يدعو إلى الإسعاف السريع.
غيبوبة نقص السكر وزيادته
من الأهمية بمكان أن يلم مريض السكر بالأعراض والعلامات المميزة لهذين
النوعين من الغيبوبة، نقص السكر وزيادته، ويمكن بإيجاز تركيز الفروق الأساسية
بينهما في الآتي:
غيبوبة نقص السكر: تحدث فجأة، ويكون التنفس هادئًا منتظمًا والنبض
قويًا، ويكون الجلد واللسان رطبًا، مع وجود رعشة باليدين، وعرق غزير، والمريض لديه
رغبة شديدة للأكل (جوع شديد) وتعالج بتناول السكر أو عصير البرتقال.
أما غيبوبة زيادة السكر بالدم: فتبدأ تدريجيًا، ويكون التنفس عميقًا
(شخيريًا) والنبض ضعيفًا وسريعًا، والجلد واللسان جافًا، والعطش شديدًا، وتفوح
رائحة الأسيتون من فم المصاب (رائحة التفاح المعطوب) وتعالج بحقن الأنسولين.
الإسعاف من الغيبوبة
1 - إذا كان المصاب واعيًا وقادرًا على البلع: أعطه فورًا قطعًا من
السكر أو عصير الفواكه المحلى بالسكر مثل عصير البرتقال أو قطعة شيكولاته أو غيرها
من الأطعمة والأشربة الحلوة لكي ترفع مستوى السكر لديه، وإذا تحسنت الحالة بعد بضع
دقائق أعطه المزيد من الأطعمة أو الأشربة الحلوة، وانصحه باستشارة الطبيب
حالاً.
2 - إذا كان المصاب فاقدًا وعيه ويتنفس طبيعيًا:
يجب وضعه في وضع الإفاقة، والعمل على نقل المريض بسرعة إلى المستشفى
وهو في وضع الإفاقة أو حتى يحضر الطبيب.
3 - يجب على مريض السكر نفسه معرفة أعراض وعلامات غيبوبة نقص السكر
حتى يمكنه وقف هذا النقص «خاصة أثناء الحالات التي يكون فيها بمفرده، أو أثناء
النوم، فإن نقص السكر يؤدي إلى الاستيقاظ»، وذلك بتناول السكر الذي يجب أن يكون في
متناول يده «بجوار الفراش مثلاً»
4 - ومن الضروري تعرّف المحيطين بالمريض على أعراض نقص السكر بالدم
حتى يمكنهم في بعض الحالات ملاحظتها حتى قبل المريض نفسه، وأن يساعدوه على تناول
السكر.
5 - يفضل أن يتعلم من يحيط بالمريض من الأهل والزملاء حقن مريض السكر
عند حدوث غيبوبة نقص السكر بحقنة اسمها «الجلوكاجون»، وهو هرمون آخر يصنعه
البنكرياس وهو على عكس الأنسولين يؤدي إلى رفع نسبة السكر في الدم، وتعطى إما تحت
الجلد أو العضل، وهذه الحقنة ترفع نسبة السكر بالدم خلال 15 - 20 دقيقة، ومن ثم
تختفي أعراض الغيبوبة الشديدة، الأمر الذي يتيح بعد ذلك تناول المواد السكرية،
ويمكن أخذ مشورة الطبيب المعالج في ذلك.
6 - إذا اختلط الأمر على المريض وذويه أو المسعف، فمن الممكن إعطاؤه
كمية كبيرة من السوائل المحلاة بالسكر، فإذا كانت الحالة نقصًا في السكر، عاد
المريض إلى رشده في خلال دقائق، وإذا كانت زيادة في السكر، فإن الأمر يستدعي سرعة
نقل المريض إلى أقرب مستشفى للعلاج السريع.
طرق الوقاية
1 - يمكن لمريض السكر وقاية نفسه من غيبوبة نقص السكر إذا ما اتبع
تعليمات طبيبه، الذي يقوم بتعريفه على الأعراض المبدئية لها، وطريقة علاجها بتناول
قطع السكر أو عصير البرتقال، وينصح الطبيب مريضه باحتفاظه ببعض قطع السكر
لاستعمالها في مثل هذه الحالة الطارئة.
2- يجب على مريض السكر حمل بطاقة شخصية (كارت) يسهل العثور عليها تفيد
بأنه مصاب بمرض السكر حتى يتمكن المارة من إسعافه إذا ما أصيب بغيبوبة نقص السكر
وهو خارج منزله، ويكتب على أحد وجهي هذه البطاقة توجيهات للمسعف بما ينبغي عمله،
فيكتب ما يلي:
- أنا مصاب بمرض السكر، عند إغمائي أو سوء تصرفي، أرجو إعطائي قطعتين من
السكر المذاب في الماء أو قطعة حلوى، وإذا تعذر البلع فأرسلني إلى طبيب أو مستشفى.
ويدون في الوجه الآخر من هذه البطاقة ما يلي: اسم المريض ورقم تليفونه وعنوانه،
واسم الطبيب المعالج وعنوانه.
3- يجب على مريض السكر حمل هذه البطاقة لأن غيبوبة نقص السكر، تعتبر
من الحالات الخطيرة التي تستلزم سرعة تشخيصها وعلاجها، فالخطأ في التشخيص أو العلاج
قد يؤدي إلى الوفاة، فضلاً عن تلف بعض خلايا المخ إذا ما استمرت من دون علاج مدة
طويلة.
4- ليس ثمة شك أن مريض السكر إذا ما اتبع إرشادات طبيبه المعالج في ما
يختص بكمية الطعام التي يصفها لها، وجرعة الأنسولين التي يحددها له، وكذلك مقدار
المجهود البدني الذي يقوم به، ومداومة إجراء الفحوص وتحليل البول بانتظام، إذا ما
اتبع هذه الإرشادات ونفذها بدقة، فليس هناك ما يمنعه من أن يحيا حياة صحية قوية من
دون أن تصيبه أعراض السكر أو مضاعفاته الخطيرة.