إلياذة العرب وحرب البسوس

إلياذة العرب وحرب البسوس

بعد التهنئة باليوبيل الذهبي لمجلتنا المتألقة دومًا نتمنى لكم مزيدًا من التوفيق والسداد.

سعدت بموضوع «سيرة عنترة بن شداد إلياذة العرب» الذي طرحه بإجادة وموضوعية الدكتور جميل قاسم في العدد (590) من «العربي» والذي تناول تلك السيرة الخالدة لأحد رموز وفرسان التاريخ العربي القديم بصورة امتزج فيها التاريخ والتراث بعلم النفس والفن، وأجدني أمام ذلك المزيج السلس، ومقارنته المثلى بالإلياذة الإغريقية لبطلها أخيل، والتي كانت قمة في الروعة والسمو أشيد بذهاب الدكتور قاسم لذلك التشبيه الموفق.

وأمام ذلك التمثيل الإبداعي لكاتب الموضوع الذي لا أظنه كان سببًا في الخلط بين حرب البسوس، التي ذكرت في ثنايا الموضوع المشار إليه، وحرب داحس والغبراء، التي عايشها عنترة بن شداد وانطلق صيته منها. ولا نأتي بجديد إذا قلنا إن  حرب داحس والغبراء، التي استمرت قرابة «40 سنة» بين عبس قوم عنترة بن شداد، وذبيان بني عمومتهم بسبب سباق الخيل الذي كان بطلاه الجواد داحس والفرس الغبراء اللذين كانا لقيس بن زهير سيد من سادات عبس، وذلك عندما كان مقيمًا بجوار حذيفة بن بدر سيد بني بدر، الذي زايد على أفضلية فرسيه الخطار والحنفاء، وطلب منازلة فرسي قيس داحس  والغبراء، فقبل قيس على مضض وبسبب المكيدة التي حاكها سيد بني بدر للجواد داحس أثناء السباق بالإيعاز لأحدهم بعرقلة سيره أثناء السباق، تطورت الأمور إلى أن قام قيس بن زهير بقتل ابن سيد بني بدر، وشد الرحال ومن معه من بني عبس إلى الربيع بن زياد العبسي، وبعدها استمرت الحرب أربعين عامًا لم تنته إلا بعد تدخل هرم بن سنان بن أبي حارثة، والحارث بن عوف المري، وأصلحا بين عبس وذبيان، وتحملا الديات، وهما اللذان أشار إليهما زهير بن أبي سلمى في معلقته:

تداركتما عبسًا وذبيان بعدما تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم


أما حرب البسوس، فهي الحرب التي كانت بين بكر وتغلب ابني وائل في الجاهلية، واستمرت قرابة «40» عامًا، كما تشير الروايات، والله أعلم.

دواس بن عقيل
إعلامي وباحث