عن وردة من دم المتنبي

عن وردة من دم المتنبي

قرأت في مجلة العربي العدد (587 أكتوبر 2007)، للأستاذ فاروق شوشة في باب «جمال العربية» مقالة بعنوان «البردوني و... وردة من دم المتنبي»، ولفت انتباهي تعليقه في ذيل الصفحة (166) على كلمة (لموعة) التي جاءت في البيت الأول لقصيدة البردوني وهي:

من تلظي لموعه كاد يعمى كاد من شهرة اسمه لايسمى


وقال: «هكذا جاءت في ديوانه (ترجمة رملية لأعراس الغبار) والكلمة غير موجودة في المعاجم المعروفة. وربما كانت صحتها «دموعه» وهي الأقرب إلى المعنى والصورة الشعرية»، وقد اندهشت عند قراءتي لهذا التعليق كيف لا وقد قال الشاعر:

فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم


ومن هنا فقد بحثت في المعاجم العربية المشهورة، ووجدت الكلمة هي لمَعَ يلمَع لمعًا، كما قال صاحب مختار الصحاح (لمعَ البرق أضاء وبابه قطع)، يقطع قطعا. ولم أكتف بذلك حيث إني لم أجد اللموع، وإنما وجدت اللمع، وهو مصدر لمع، ولذلك فتحت لسان العرب، فوجدت فيه (لمعَ الشيءُ يلمَعُ لمعًا ولمعانًا ولمُوعًا ولمِيعًا وتِلمّاعًا وتَلمَّعَ كلُّه بَرَقَ وأضاءَ)، وقال صاحب تاج العروس (لمَعَ البرْق كمنَعَ: لمْعًا بالفتح ولمعانًا محرّكة أيْ: أضاءَ كالتمعَ وكذلكَ الصُّبْحُ يُقالُ بَرْقٌ لامِعٌ ومُلْتَمعٌ وكأنَّه لمعٌ بَرْقِ وبَرْقٌُ لمّاعُ كشّداد وبُرُق لُمَّعٌ ولَوَامِعُ.

وقالَ ابنُ بزرْدَ: لمَعَ بالشَّيءِ لمْعًا: ذَهَبَ بِهِ، قالَ ابنُ مُقبلٍ:

عَيثى بلُبِّ ابْنَةِ المَكْتومِ إذْ لمَعَتْ بالرَّاكِبينِ على نَعْوانَ أنْ يَقِفا


وبعد أن عرفنا معنى كلمة اللموع، فإن المعنى لصدر البيت - تجنبًا للإطالة - (من شدة توهج اللموع والإضاءة التي ينتأ بها المتنبي كاد أن يفقد بصره، ويصاب بالعمى).

ومن ذلك نلاحظ أن اللموع هو الأقرب إلى المعنى، والصورة الشعرية، وليس الدموع كما رأى ذلك الأستاذ فاروق شوشة، وما هذا التعقيب إلا كقطرة ماء سقطت مني في نهر جار وقتما كنت أحتسي منه لأروي عطشي، رحم الله البردوني، وأعان الله الأستاذ فاروق شوشة على قضاء حقوق نام قاضيها، وبارك الله في مجلة العربي التي تفتح صفحاتها لكتّابها الذين يقربون لنا زادًا نحن بعيدون عنه.

طارق عبدالعزيز
لحج - اليمن

بهروا الدنيا..
وما في يدهم إلا الحجاره..
وأضاءوا كالقناديلِ، وجاءوا كالبشاره
قاوموا.. وانفجروا.. واستشهدوا..
وبقينا دبباً قطبيةً
صُفِّحت أجسادُها ضدَّ الحراره..

نزار قباني