عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

العرب والتجربة الآسيوية

يحفل عدد هذا الشهر بأكثر من قضية تسعى «العربي» إلى إلقاء الضوء عليها، أولاها هي حاجتنا نحن كعرب إلى النظر لتجارب الشعوب الأخرى في مجال التنمية والتقدم، فقد اتخذنا من الغرب ولفترة طويلة من الزمن قبلة نتجه إليها كلما حاولنا الخروج من وهدة التخلف، وجعلنا من معايير الحضارة الغربية المثال الذي نطمح لتقليده. كما أن خبرات الغرب أصبحت هي التي نتطلع لاكتسابها، وآلاته هي التي نحرص على استيرادها، كما أنه أصبح مقصد كل البعثات الدراسية التي نرسلها، وكنا في كل ذلك نتصرف دون أن ندري بعقدة المغلوب الذي يحس بالدونية تجاه الغالب، فهذا الغرب قد استعمرنا واستنزفنا كثيرا، وكان السبب المباشر لكل ما نحن فيه من تخلف. ومن المؤكد أن موقعنا الجغرافي الذي يتوسط العالم قد جنى علينا كثيرا، وجعلنا في تماس دائم وصراع لا يهدأ مع أوربا، ولن يهدأ هذا الصراع قريبا، خاصة مع وجود إسرائيل. لذا فقد آن لنا أن نبحث عن تجارب أخرى، لدى شعوب أخرى لا تحكمنا معها عقد الماضي، وقد أكدت المجلة خاصة في أعدادها الأخيرة ضرورة الاتجاه شرقا. وفي افتتاحية رئيس التحرير في هذا العدد - وفي العدد الذي سبقه - ركز على ضرورة الالتفات إلى التجربة اليابانية والنظر إليها بعمق، خاصة أن اليابان من الدول التي ليس لها تاريخ استعماري في منطقتنا، كما أن تاريخها الاستعماري في آسيا كان قصيرا ومثيرا للندم في نفوس اليابانيين أنفسهم، إضافة إلى أن اليابان راغبة بشدة في إقامة علاقات مباشرة مع العالم العربي دون وصاية غربية، وهي تريد أن تنقل لنا جزءًا من خبراتها وتجربتها وأن تخلق نوعًا من التعاون البناء مع منطقة تعتبرها المصدر الأساسي للطاقة التي تحتاج إليها.

وتحاول «العربي» في هذا العدد - وتأمل أن تواصل ذلك في أعدادها القادمة - أن تواصل الاقتراب من هذه التجربة الآسيوية المميزة، لذلك فهي تعبر آلافا من الكيلومترات كي تلقي الضوء على العاصمة «طوكيو» التي تمتزج فيها تقاليد الحضارة الشرقية بالتكنولوجيات المتقدمة التي أُخذت وتم تطويرها حتى تتناسب مع هذه التقاليد. وتحفل «العربي» إلى جانب ذلك بالعديد من الموضوعات، فهي تقيم آخر إبداعات الدراما التلفزيونية من خلال مسلسلين عربيين لفتا الأنظار حين تم عرضهما في شهر رمضان الماضي ومازالت الفضائيات العربية تعيد عرضهما، كذلك تنشر «العربي» أكثر من موضوع عن الفنون، كما يتجلى ذلك في التراث الإسلامي من خلال إبداعات الفنان المسلم في المصحف الشريف، والفنون المعاصرة كما يعرفها العرب والعالم. ويحفل العدد أيضا بالعديد من القضايا المهمة نترك لك - عزيزي القارئ - مهمة اكتشافها والاستمتاع بقراءتها.

 

المحرر