أم الشعراء... صرخة في مشهد رحيل نازك الملائكة

أم الشعراء... صرخة في مشهد رحيل نازك الملائكة

شعر

حين تلبَّسَ روحيَ عبقُ الشعرِ
وجدتُكِ نافذةً..
وصلتْ بينَ الرمل بكفي... والبحر..
(... قد لا يدرك بعضُ الناس خسارةَ مثلي حينَ تغلَّقُ نافذةٌ تفْضي للبحرِ،
وتحملُ لهسيسِ الرملِ...
أناملَ نسمةِ فجرٍ بحرية..!!)
سيدتي
أشعرُ أنَّ هواءَ الحجرةِ صارَ ثقيلا
وأحسُّ الرملَ الناعمَ يطمسُني..
منذُ فقدتُ نوافذَ صحْوي بغيابك..
سيدتي ترقدُ بالبصرة أو بالكوفة أو بالحلة..
تهتفُ بين الإغماءةِ والأخرى للوطنِ الشعرِ
وللحلم القومي... وللإنسان
والشعرُ الأخرسُ أقْعى في مُفْتتحِ المقهى
يتأمَّلُ خارطةَ الصمتِ ويستحلبُ قات الهذيان..!!
سيدتي لا تعرف أنَّ النقاد الجهلة
ما أبقوا في عينِ الشعرِ دموعًا...
لا تعرف أنَّ الشعراءَ
ابتاعتهم أنظمةٌ برعت بالبيع.. وأنا حيران..
لا أعرف أي الأنظمةِ أعادي أو أي الأنظمة أبيع؟!!
قيَّدني طفلٌ كنتُ حلمتُ طويلا
أن أكتبَ شعري في عينيه،
واقتادَ الحلالون شراييني
لمقامٍ يسكبُ دمنا في مجرورِ التطبيعِ
ولا نصرخْ..!!
جرَّدني خََوَرُ الرفْقةِ مِنْ حرفِ سيفٍ..!!
أسلمني ضعفي للغربةِ والإلغازِ.. وللخذلان..
هل يكفي حزني
وقصائد أكتُبها للبسطاءِ بشط الكرخ
وللقتلى الأحياءِ..
وللأحياءِ الشهداء؟!!
أم أصرخُ في وجهِ بنيك جميعًا:
أم الشعراءِ تموتُ..
ونوافذُ حجرتها موصدةٌ
تمنعُنا أنْ ندخلَ فجرَ البحرِ لغرفتها
يا كل الحكام الحكماء...
سيظلُّ الشعر يتيمًا يلعننا
إنْ ماتت في حجرتها
خنقًا... أو شوقًا للبحرِ العربي
والبحرُ متاحٌ لخنازير الشطئان

 

درويش الأسيوطي