كنوز من السينما اليابانية

كنوز من السينما اليابانية

أساليب باهرة وتاريخ ثري

بوفاة أكيرا كوروساوا يسدل الستار على تاريخ مخرج يؤلف، مع عدد كبيرمن أبناء جيله من المخرجين اليابانيين، عصرا كاملا من الإبداعات السينمائية.

صانع "راشامون" و" الساموراي السبعة" و "أكيرو" و "يوجيمبو" و "ران" ونحو خمسة وعشرين فيلما سواها، كان أكثر المخرجين اليابانيين تأثيرا في السينمائيين الغربيين وخصوصا في السينمائيين الأمريكيين مثل مارتن سكورسيزي وفرنسيس فورد كوبولا وجورج لوكاس وستيفن سبيلبرغ. وبقدر ما كان محبا للأدب الغربي "فنقل عن دستويفسكي وشكسبير، بقدر ما أحبته السينما الغربية وهي تقتبس من أعماله "الساموراي السبعة" و "يوجيمبو". الأول انطلق فيلم وسترن من جون سترجر بعنوان "الساموراي السبعة " والثاني صنع منه وولتر هيل "آخر رجل صامد".

لكن السينما اليابانية ليست كلها كوروساوا، على أهميته وحجمه الفني الشامخ، بل فيها من المخرجين الكبار عدد كبير مثل كن إيتشيكاوا، شوهاي ايمامورا، كانيتو شيندو، ياجيرو أوزو، ماساهيرو شيندوا وآخرين كثيرين سيرد بعضهم في هذا التحقيق.

معالم

على عكس السينما الهندية لم تعرف السينما اليابانية عصرا ذهـبيا مضى، وعلى عكس السينما الصينية ، لا تشهد فترة نشاط ورواج خارجين عن التقليد. الحقيقة هي أن السينما اليابانية منذ انطلاقها في مطلع القرن وهي لا تفتأ تقدم لهواة السينما تحفاً خلاقة.

ويحتوي قديم السينما اليابانية على كنوز لا تزال تفاجئ وتبهر رواد اليوم، وعصرها الحالي لا يقل قوة وجمالا. في تلك المنطقة من العالم "شرق جنوب آسيا" هي الأولى ليس بغزارة الإنتاج ولا بحجمه- ولو أنها تحقق في هذا النطاق مكانة متقدمة- بل بتعدد المدارس والألوان الأسلوبية المتبعة للتعبير وبثراء المواد المطروحة وتشكيلاتها الفنية.

هذا هو الجانب الأساسي من المعالم التي تفرز السينما اليابانية عن مثيلاتها في منطقتها كما في العالم. وهي معالم تستمد خصائصهـا من المجتمع الياباني نفسه ومن تركيبتة الطبقية وعاداته وتقاليده في إطار تلك التركيبة.

وإذا ما شاء المرء تحديد بعض تلك المعالم كمقدمة لما سيلي، سيجد أن واحدا منها يكمن في العلاقة الجوهرية بين السينما اليابانية الأولى. والمسرح. ولسبر غور هذه العلاقة لابد من عودة إلى التاريخ.

كما في العديد غيرها من الدول ، أطلت السينما على اليابان من خلال الأخوين لومبير. لقد بعث الأخوان الفرنسيان بفريق سينمائي إلى اليابان صور وعرض تماما كما فعلت فرق أخرى توجهت إلى مصر وروسيا وتونس واليونان وفنلندا وبقاع كثيرة أخرى. سريعا. من بعد أخذت السينما اليابانية بالنشوء معتمدة على مصورين من عندها. وكما كان الحال في كل مكان آنذاك، طفق هؤلاء المصورون يلتقطون " مشاهدهم" من الشارع في منحى يمكن وصفه اليوم بالتسجيلي. تثبيت الكاميرا على رصيف لالتقاط دقيقة أو اثنتين للناس في غدوهم ورواحهم ثم عرض النتيجة في المقاهي وأماكن تجمع مثالية.

التأثير المسرحي المبكر يمكن ملاحظته من خلال مشاهدة الأفلام الناطقة الأولى في مطلع الثلاثينيات وحتى الخمسينيات أحيانا حيث الكاميرا ثابتة ومن وجهة نظر عين المتفرج في معظم الوقت. وإذا ما درست مكمن العين تجد أنها منخفضة لأن رواد المسارح كانوا يجلسون على الأرض تبعاً لتقاليد سائدة. والمشهد المصور، إذا ما كان داخليا، هو المنصة المسرحية التي يدخل إليها ويخرج الممثلون تماماً كما الوضع مسرحياً.

لكن هناك اختلافا بين المؤرخين هو السبب في التأثيرالمسرحي على السينما في تلك الفترة. هناك من يؤكد أن التأثير كان فنيا خالصا ، لكن هناك رأيا يزداد انتشارا يقول إن السبب في ذلك التأثير إنما يعود إلى قوة المسرح عندما انطلقت السينما الروائية اليابانية إلى الوجود مما دفع بها إلى محاولة جذب الرواد عن طريق التمثل بالقواعد المسرحية ذاتها

التأثير والخروج عن التأثير

ولم يكن مكان وجود الكاميرا وحجم لقطتها وثباتها الطويل في المشهد الواحد الأمارات الوحيد التي ورثتها السينما اليابانية في مطلع عهدها عن المسرح. لقد كان المسرح فناً متأصلا وعميق الجذور في العادة الجماهيرية إلى درجة أن السينما اليابانية في مطلع عهدها قامت باستعارة "الراوي" ( المسرحيات اليابانية حفظت تقليد الراوي طويلا) واستعارة عادة قيام ممثلي رجل بتأدية أدوار المرأة.

من بين أوائل المخرجين الذين تأثروا ببعض هذه المعالم على الأقل يوجيرو أوزو الذي نراه في " أيام الشباب" (1929) يحافظ على كاميرا من مستوى نظر المشاهد الجالس على الأرض متكئاً على الوسائد. لكننا نلحظ بعد أعوام قليلة أنه أخذ يتحرر في جوانب أخرى من بينها حركة الكاميرا التي كانت تغطي أحيانا دائرة الحدث كاملة (كما في "الربيع يأتي مع السيدات" - 932 1 و" الأم يجب أنتحب"- 1934).

لكنه حافظ على أي حال يعني بساطة الأدوات التقنية إلى حد أدنى ، ولم يكترث لما أخذ آخرون سواه اعتماده في تلك الفترة من استخدامات في التوليف مثل الظهور والاختفاء التدريجيين أو الكاميرا المقطرة على قضيبي حديد (Tracking Shots) وسواها. هذا لم يمنع من أن أفلامه من العام 1928 وحتى آخرها في العام 1961 (بعد ظهر يوم خريف) كانت بديعة في التقاطها ما يريد المخرج نسجه داخل تلك اللقطات المحكمة ، قليلة الحركة والهادئة.

أوزو، الذي يسوقه المؤرخون اليوم كواحد من عباقرة السينما اليابانية، بقي مرتبطا أكثر بالقانون المسرحي وذلك علي عكس رائد آخر هو نوريماسا كارياما الذي عمد بعد فترة من اتباع تلك القوانين إلى التخلي عنها. فأخذ يجلب ممثلات يابانيات لأداء الأدوار النسائية بدل الممثلين الرجال كما العادة المتأصلة منذ قرنين مضيا على الأقل، كما أخذ يستبدل بالموقع الداخل الأماكن الطبيعية.

سينما متزوغوشي!

في الثلاثينيات ارتفعت نسبة الأفلام المنتجة في اليابان. والنظام كان تنافسيا/ تجاريا كذلك الذي في هوليوود "خمسة ستديوهات كبيرة تحتكر معظم السوق" لكنه لم يمنع من خروج سينمائيين مبدعين من بينهم، واحداً أكثرهم تميزاً، كنجي متزوغوشي الذي تتم إعادة اكتشافه اليوم.

أشهرأفلام متزوغوشى وردت في الخمسينيات. واثنان من أفلامه في تلك الفترة كانا من التأثير الفني بحيث اعتبرا من بين تحف السينما اليابانية الأساسية وإلى اليوم. هذان الفيلمان هما "حياة أوهارو" (1952) و"أوغتسو" (1953) . في الأول يرصد حياة إمرأة تنحدر من مركز اجتماعي مرموق "تقع الأحداث في القرن السابع عشر" إلى حضيض الدعارة . في الثاني قصة رجلين يتعرضان لإغراء المدينة وخطاياها لكن زوجتيهما في الريف تحملان عبء تلك الخطايا. في الفيلمين كما نلاحظ، اهتمام بوضع المرأة- الضحية.

لكن براعة وجمال أسلوب سينما متزوغوشي- تكتب Mizoguchi تتجلي في أعماله الأسبق، تلك التي حققها في أواخر الفترة الصامتة مثل " الأرض تبتسم" و"عشيقة الغريب" ، وتمضي لتشمل الأفلام الناطقة في الثلاثينيات مثل " أويوكي ومادونا" "نساء أوزاكا" .

الجامع بين معظم أفلامه التي شوهدت عالميا "حقق ثمانين فيلماً آخرها في العام 1956 " هو توظيفه المشهد لينسج عليه اللوحة الفنية التي يريد والكثير من أفلامه التي وجدت طريقها للغرب منذ الخمسينيات وإلى اليوم هي أشبه بلوحات تتحرك الكاميرا عليها وهو ما نجده، على نحو مختلف في أفلام لأكيراكوروساوا ( " كاغاموشا/ محارب الظل" ، "ران").

ذكريات الحرب

ليست كل الأفلام التي أنتجت عن الحرب العالمية الثانية في السنوات الأخيرة متسامحة. إنها ليست بروباجاندا متأخرة لصالح الإمبراطورية اليابانية، لكنها. لا تغمض العين تماما عن المأساة التي نتجت عن إلقاء القنبلتين النوويتين على اليابان في العام 1945 . وفي هذا النطاق أتوقف عند فيلمين لافتين. الأول شوهد في مهرجان مونتريال العام 1991 بعنوان " حرب وشباب " للمخرج تاداشي إيماي وهو يصور قصة فتاة طلب منها أستاذها كتابة مقالة عن الحرب العالمية الثانية. تدرك أنها لا تعرف شيئاً عن تلك الفترة فتطلب من أقاربها ذلك. عمتها لا تزال صامتة منذ خمس وأربعين سنة ووالدها يرفض التطرق إلى فترة الحرب في البداية، ثم يستجيب حيث تتبدى فصول قصة حب بين عمة الفتاة " شقيقة الأب " وياباني شاب مات عندما حاول منع حشد من اليابانيين من الاعتداء على مهاجرين كوريين. بموته خلف حبيبته حبلى وما لبثت أن أنجبت لكن ابنتها ضاعت خلال غارة أمريكية على طوكيو.

الفيلم الثاني هو "أنشودة القمر" للمخرج ماساهيرو شينودا ويتولى فيه سرد حكاية عائلة تسافر بالقطار ثم البحر إلى جزيرة كيوشولدقن رماد أحد أبنائها الدي مات في الحرب. مثل أفلام جيدة كثيرة، تحتوي الرحلة على الكثير من التأملات المفتوحة على العائلة. على الأب الصارم والمنضبط وابنه الشاب الذي تولدت فيه رغبة التحرر من صرامة الأمس وتقاليده، خصوصا أن اليابان خسرت الحرب التي خاضتها. من خلال أحداث كثيرة ينجلي هدف المخرج البارع في إيصال رسالته الداعية إلى الحفاظ على التقاليد وعدم الإفراط بها لمجرد خسارة اليابان لتلك الحرب.

ونرى ذكر الحرب ونتائجها الوخيمة في أفلام مختلفة لشوهاي إيمامورا، لكن آخرها هو الفيلم الأجرأ بين الأفلام اليابانية الأخرى في في إدانته لها ومن وجهة نظر معادية للسياسة التي اتبعتها الحكومة خلالها.

الفيلم هو "دكتور أغاكي" (له عنوان آخر في اليابانية هو "طبيب المعدة" ويستلهم مادته من قصة يابانية معروفة تدور حول طبيب خلال العام 1945 يعمل في القرى ومشهور عنه أنه يرجع أي مرض إلى المعدة. هناك الكثير من الخيوط القصصية والشخصيات التي تولف ماهيه الفيلم ، لكن الخيط المتعلق بنظرة المخرج على الفترة وإدانتها، تكمن في االنصف الثاني من الفيلم عندما يسعف الطبيب مصابا من قوات الحلفاء فتداهمه قوات الحكومة وأصدقاءه حيث تعتقلهم وتعذب بعضهم .

في أفلامه الثلاثة الأخيرة، "سوناتين" و"أطفال يعودون" و"ألعاب نارية" يعايش تاكيشي كيتانو عنف الحياة التي يرصدها بقدر كبير من الروحانية . هذا مفهوم نراه في أفلام كثيرين قبله لكن كيتانو يهضمه على نحو هو في ذات الوقت مرهف وحساس وعنيف بالغ.

آخرون من جيله يبدون اليوم قادرين أيضا على الانفصال بسينما من تأليقهم. مسايوكي سوهو أحد هؤلاء. في فيلمه الأخير "هل ترقص" (أكثر الأفلام اليابانية رواجا في الغرب إلى اليوم) يقدم لنا القصة الرقيقة جدا حول موظف مثقل بتبعات البيت العمل. في أحد الأيام يرى امرأة بعنق طويل تقف عند نافذة. الوقت ليل وهو في القطار. في الليلة التالية نزل من القطار واكتشف أن من علق قلبه بها معلمة رقص غربي (هناك تمهيد مهم للتقاليد اليابانية والرقص الغربي يسبق ولوج الفيلم قصته). الآن يريد أن يتعلم الرقص الغربي فقط من أجل أن يراقص تلك المرأة، لكنه ينتهي في النهاية لتعلم أشياء في الحياة غابت عنه .

ويبرهن مخرج معاصر آخر هو سوغو إيشاي على أن القصة التشويقية يمكن لها أن تكون عاطفية أيضاً في فيلمه "متاهة الأحلام" يضعنا أمام فتاة في حالة وله أمام من يبدو رجل حياتها. لكنها تكتشف أن هذا الرجل هو المجرم الذي يبحث عنه البوليس لأنه عادة ماينفرد بالنساء ويقتلهن. النتيجة ليست فيلما بوليسيا، بل حالة من الإمعان في ذات الحب وتشويق مبرر ناتج عن كيف ستضطر بطلة الفيلم للتخلص من الخطر الذي بدأ ينتابها منتقلة إلى مشروع قتل. ما يتألف منه هذا الفيلم ليس قصة ذات غزارة في الإيحاءات النفسية فقط، بل جمال وصف لمنطقة ريفية نائية يشعر المرء معها أن أي شي وكل شيء قد يقع.

هذا الفيلم ليس بشاعرية وإنسانية ودفق عمل أخرجه في العام 1994 يويشي هيغاشي بعنوان "قرية الأحلام" حيث يرتاح الفيلم في متابعته قصة طفلين توأمين وما يحدث لهما كما لو أن الكاميرا ولدت معهما. إنها تسجل وتعلق في وئام تام مع طبيعة صبيين دون الثانية عشرة من العمر.

وأحد آخر انتصارات السينما اليابانية هو فيلم "سادا" لنوبوهيكو أوباياشي. القصة الغريبة للحب القاتل بين امرأة احترفت الدعارة ذات مرة ثم أنقذها رجل من وضعها ووقعا في الحب إلى درجة الوله والتملك النفسي الغريب الذي أدى بسادا إلى قتله والتمثيل به ثم تسليم نفسها إلى البوليس.

هذا الملخص الذي يقرأ هنا كما لو كان دمويا وقانتا يتحرك على الشاشة كما تتحرك يد رسام على لوحته. ذات القصة كان قدمها مخرج ياباني نال من التقدير الغربي أكثر بكثير مما يستحق هو ناغيزا أوشيما الذي قدمها في فيلم "في مملكة الحواس". أوباياشي يعيد تقديمها على نحو شاعري جمالي فاتن، ويخلط بين الألوان والأبيض والأسود ويركب الكاميرا في زوايا تعكس الخاص والأجواء كما لا يستطيع أن يفعل إلا صاحب مشروع فني ورؤية سينمائية صافية.

قصة أميرة

وأحد الأفلام اليابانية الأكثر حضوراً في اليابان خلال العام الماضي لم يكن فيلما حيا على الإطلاق بل هو فيلم من نوع الرشوم المتحركة. وهذا نوع آخر نشط في السينما اليابانية ، ليس فقط كما بل كيفا أيضا، نوع يختلف عن مصادر الأفلام الكرتونية الأخرى الأساسية ومدارسها الأولى في تشيكوسلوفاكيا "أيام اتحاد الجمهوريتين" وبولندا وألمانيا والولايات المتحدة : ففي حين أن السينما الكرتونية القادمة من أوربا الشرقية أساسا كثيرا ما تعكس سخرية سوداء قاتمة وبديعة، وبينما تنتج هيوليوود المدرسة "المعروفة لها من هذه السينما، قدمت السينما اليابانية في السابق- كما اليوم - أعمالا أكثر حده على صعيد استخدام الألوان وعلى صعيد التوجه الضمني لكل فيلم.

"نيمو الصغير" في العام 1991 حمل تنوعا ثريا لفيلم كرتوني موجه للصغار، وهذا التنوع ممحور حول تقنية الرسم والتنفيد، كما حول الموضوع الذي إذ يتوجه للصغار (اقتباسا عن رسوم شعبية في المجلات الأمريكية عرفت منذ العام 1900) لا يمتنع أيضا عن التبحر عميقا في الخيال الرحب كعادة الأفلام الفانتازية الحية.

وفي العام الماضي تم تقديم " الأميرة مونونوكي" وفي العام الماضي تم تقديم "الأميرة مونونوكي" هذءالمرة استيحاء الثقافة الشعبية اليابانية نفسها. قصة شاب شجاع يخلص قريته من هجوم خنزير وحشي تلبسته الأرواح الشريرة، لكن الشاب خلال القتال يصاب بجرح خفيف، إنما كاف لانتقال الأرواح الشريرة إليه إلا أذا ما توجه عميقاً إلى الغابة واتصل بالأميرة مونونوكي وهي أميرة غريبة الأطوار تصادق الذئاب وتعيش حالة حرب مع امرأة أخرى أسست في الغابة كينونة اجتماعية تعتمد على التوسع بالتدريج.

أحداث هذا الفيلم- الذي أخرجه هاياو ميازاكي- سريعا ما تتبلور أمام العين على أساس رسالة ناضجة تماما تتوجه إلى الصغار بمفهوم خاص يناسب الكبار أيضا. فالحرب بين المرأتين هي حرب حول البيئة. واحدة تريد المحافظة عليها والأخرى تسعى للتوسع "الاقتصادي" الصناعي في المفهوم الاجتماعي" ولو اضطرت إلى هدم الأشجار والتأثير في عادات وحياة حيوانات الغابة.

نسبة لنجاح الفيلم الكبير في اليابان قامت شركة ميراماكس الأمريكية بشراء حقوق توزيعه لإطلاقه في الولايات المتحدة قريبا. هذه المرة السينما اليابانية هي التي تغزو هوليوود وليس العكس.

الساموراي الحقيقي

في خضم كل ما مر معنا لم يتسع المجال للحديث عن سينما الساموراي. وهو ليس حديثا قابلا للحشر أو الإيجاز بل موضوع يطول البحث فيه. فالساموراي الواجهة البطولية التي عرفناها عبر أفلام كوروساوا أساسا (ولو أن مخرجين عديدين غيره قبله وخلاله أقدموا على تحقيق أفلام عنها). وهم كما عرفناهم في "الساموراي السبعة" و"يوجيمبو" لكوروساوا على سبيل المثال ، محاربون أشداء يجيدون السيف ولا يكادون يجيدون غيره.

فرسان، بكلمات أخرى ولو أن التاريخ الياباني كما تذكر بعض كتبه في هذا الشأن- عرف أبطالاً أكثر تأثيرا هم الأسياد والأمراء. أما الساموراي فكانوا العصبة التي تحارب لهم . إذا ما كان ذلك صحيحاً وليس لدينا ما يثبت أنه لم يكن، فإن الساموراي على بطولته وقوته، ليس أكثر من الرجال الذين اعتمد عليهم "الأبطال الحقيقيون" لشق الطريق أمام انتصاراتهم وإنجاح مساعيهم في تثبيت الحكم وإلحاق الهزيمة بالأعداء. ليسوا الجيش، بل ما يعرف اليوم بـ" القوات "الخاصة" إذا، ما كان التاريخ يعيد نفسه بالفعل.

الساموراي، فى هذا الخصوص هو المعادل لراعي البقر الأمريكى وللفارس العربي (الذي نسمع عنه أو نقرأ دون أن نراه في الأفلام وبل دون أن يبحر كتابنا في بحثه). وثمة ما يجمع بين الثلاثة بلا ريب وهو أن التاريخ لولا السينما لما توقف عندهم. فمثل أي محارب وحيد في دنياه ، وجد الساموراي نفسه بلا قضية وانتهى رمزا للتناقض ما بين الفقر والقوة.

رغم تنوع وثراء المواضيع التى طرحتها السينما اليابانية فإن قصص الساموراي الشعبية كانت الأكثر انتشارا "مئات منها ما بين الثلاثينيات والستينيات" ما يفيد في معرفة حجم هذا الجانب. من التاريخ في الثقافة اليابانية وما يفيد أيضا ضرورة الرجوع إلى هذا الموضوع منفصلا في مناسبة أخرى.

معلومات

- أول أفلام يابانية مصورة احتوت على: مشاهد من السوق في طوكيو ودكاكين الجيشا "1897"

- أول مخرج معروف: تسونيكيشي شيباتا.

- أول دراما: موجيمي غاري لشيبتاتا "1897"

- أول دراما طويلة: "حياة تسوكي شوبا را" (1912).

- دخول النطق إلى السينما: 1929.

- دخول الألوان إلى السينما: 1951.

- متوسط عدد الأفلام الروائية الطويلة التي أنتجت في العشرينيات: 700 فيلما. بعد الحرب: 350 فيلما.

السينما اليابانية والحرب

قبل الحرب العالمية الثانية كان عدد شركات الإنتاج السينمائية الكبيرة يبلغ خمس شركات. خلال الحرب هبطت إلى ثلاث. الإنتاج السنوي في مطلع الأربعينيات وصل إلى 500 فيلم في السنة، مع دخول اليابان الحرب وحتى نهايتها انحدر العدد إلى 45-60 فيلما حتى العام 1949 عندما عاود ارتفاعه فبلغ 129 وبعد خمس سنوات إلى نحو 300 فيلم.

عدد الصالات بدوره انخفض قبل أن يصعد من جديد:

من 2500 صالة إلى 850 صالة خلال الحرب "رقم لا يزال مرتفعا- قل هو أكبر من عدد كل صالات السينما في العالم العربي- قديما وحديثا".

 

 

محمد رضا

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




سادا لنوبوهيكو أوباياشي