رجال الشرف MEN OF HONOUR آدم نيكلسون عرض: علي سيد أحمد

رجال الشرف MEN OF HONOUR

هذه جزئيات من عاصفة وعاطفة متدفقة مثيرة, مترعة بالكلمات أحاط بها حتى أخرجها لنا نيكلسون: الحب, الشراسة, العمق, المفاجأة, الجمال, العدوان, الوحشية, المودة, الفوضى والمأساة, ومرة إثر أخرى وبإلحاح لافت للنظر, وفي كتابه المدوي وبنبرة ذات قعقعة صاخبة لكلماته.

اقتفى نيكلسون في كتابه نهج أسلافه, بل جادل نيكلسون بقناعة حول ما هو أصيل, والطريقة التي كان نيلسون يسير بها, وفهم ما يدور وراء ظهر السفينة, والشرفات المليئة بالفتحات التي تطلق منها النيران, والحنين إلى شجار العراك الصاخب لملاحم الماضي, التي تحتوي على محاربين أشداء صمدوا لتسنم ذروة المجد.

ولد نيلسون في برينهام ثورب في مقاطعة نورفولك في 29 / 9 / 1758, واحتضن أمواج البحر في عمر الثانية عشرة, قاد السفن الكبيرة في الحرب وخدم على الشاطئ وعلى متن السفن, ونتيجة لهذا تمت ترقيته إلى رتبة كابتن (نقيب). وطاف دول العالم ما بين الهند الشرقية إلى نيكارجوا, كل هذا أعطى له خبرة عريضة له ولرجاله, وقد كلّفه هذا ضعفًا في إبصار عينه اليمنى في جزيرة كورسيكا.كتب توماس فريمانتيل, واحد من الضباط المقربين لنيلسون, كتب لزوجته بتعبيرات مشرقة, مدونًا ملاحظاته حول نيلسون: (يعتبر نيلسون أحد مظاهر الثقافة الإنجليزية, وقد نشأ وبزغ من الطبقات الاجتماعية المتوسطة, واستطاع بالقليل من الخسارة أن يسيطر على بحار العالم).

ويمضي المؤلف, بدأت رحى هذه المعركة (الطرف الأغر) عند بزوغ أول أشعة فجر 21 أكتوبر 1805, وانتهت بعد أسبوع من بدايتها. ولكن لم تكن هذه وحسب أول انتصارات نيلسون, فعند مشارف الأربعين حقق نصرًا مُبينًا وانضم بمقتضاه إلى قائمة (أدميرالات البحر), وكان أول انتصاراته معركة سانت فيسنت في فبراير 1797, تبعه هجوم على سانتا كروز بحزر الكناري, هناك, فقد ذراعه اليمنى, وبعد شفائه أبحر في أوائل عام 1798 إلى البحر المتوسط لملاقاة نابليون الذي استمر في حملته مُشكلاً هجومًا غير مباشر لإنجلترا, في واقعة أبي قير البحرية في الأول من أغسطس 1798, وتم رفعه لرتبة (البارون) لانتصاره المتألق على الأسطول الفرنسي, عمل نيلسون على خنق نابليون بقطع الجيش الشرقي وتحجيم الإمدادات الأوربية له, وقُدّر له أن يستأنف مهمته مرة أخرى, فجرح ثم أبحر إلى ميناء نابلس, هناك التقى بزوجة السير وليم هاملتون, الليدي هاملتون التي أولته اهتمامًا خاصًا, وبعد ذلك أصبح نيلسون مستشارًا رئيسيًا في محكمة البوربون, ولم تكن نصائحه دائمًا جيدة, ودخل في حملة أرضية منكورة الحظ, خسر على إثرها نابلس ذاتها على يد القوات الفرنسية, ولكن أعيدت نابلس مرة أخرى إلى الملك عام 1799, بعد أن قرر نيلسون الانتقام بإمداد البوربون بثلة من الجيش, ومن جراء ذلك حاز لنفسه (دوقية صقلية), ولم تضف هذا إلى شهرته التي طبقت الآفاق شيئًا ذا بال. في تلك الآونة نجد أن حبل المودة قد استطال بينه وبين إيما هاملتون بارعة الجمال والتي خلّدتها ريشة الفنان جورج رومني.

ويمضي المؤلف ساردًا في كتابه البالغ ثلاثمائة صفحة, في وصف المعركة التي أخذت مائتين وست صفحات, مستشهدًا بالعديد من الاحصائيات لتلك الحرب: 3400 شجرة تم اجتثاثها, 5000 رجل من الأسطول البريطاني لقوا حتفهم خلال كل عام من الحروب النابليونية, 82% ماتوا من جراء المرض أو الحوادث على سطح السفن خلال عام معركة الطرف الأغر, واحد من كل ستة بحارة إنجليز حاول أن يفر من الجندية.

مساهمة هذا الكتاب على وجه الأخص ليست تأويلية, الأكثر منها واقعية حقيقية, يحلل المؤلف بإيجاز أخلاقيات ثلاثة من الأساطيل المختلفة, في كل حالة يستشف - منها - المزاج وروح النظام التي سادت القتال في سياق سياسي.

أصر نيلسون على حرية قادته في اتخاذ روح المبادأة مستفيدين من تجارب الماضي ومتكئين على رؤية المستقبل, وعندما كشف نيلسون لقادته عن خططه للمعركة, انخرط الكثير منهم في البكاء دونما حياء.

وقد مات نيلسون برصاصة أصابته في أوج احتفاله بيوم نصره في (ترافلجار), وتم دفنه في سرداب تحت كاتدرائية سانت بول, ومازالت ذكراه تجد صداها مع كل قرعة ناقوس من الكاتدرائية التي ووري الثرى تحتها, وقبالتها مسلة تتوسط الميدان الذي خلد معركته الكبرى (ميدان الطرف الأغر) ويتربع فوقها تمثال له كعلامة بارزة في قلب لندن, لبطل إنجليزي مازالت روحه ملهمة مع كل موجة بحر تترقرق على نهر التايمز.

 

آدم نيكلسون 




نيلسون





معركة الطرف الأغر 20 أكتوبر 1805, وعملتان تذكاريتان لتخليد القائد نيلسون الأولى مرتديًا زي أمير البحر. والثانية تخليدًا لمعركته الشهيرة (الطرف الأغر) صدرتا بالمملكة المتحدة سنة 2005