لوحة الفنانة الجزائرية «بايا» على طابع بريدي

لوحة الفنانة الجزائرية «بايا» على طابع بريدي

في مقالة «الطفولة وإبداعاتها في الطابع البريدي العربي»، عرضت الباحثة اللبنانية هدى طالب سراج نماذج لطوابع بريدية لإبداعات الأطفال، مصوّرة على طوابع البريد المتداولة كل من: الكويت والجزائر والإمارات العربية المتحدة.

ومما هو جدير بالذكر أن صورة طابع بريد الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية المنشور بالعدد (587) أكتوبر 2007م صفحة 146، هي في الواقع صورة عن لوحة لفنانة الجزائر الكبيرة «بايا Baya» (1998 - 1931) المولودة في برج الكفان «الجزائر» وأم لستة أطفال، والتي أثارت الدهشة في الأوساط الثقافية الباريسية. حيث تحول رسومها المسائية في معرض ميغت Meaght إلى حدث استثنائي، وأخذت بلب «أندريه بريتون Andre Breton» رائد السريالية ومفكرها. فعبّر عن ذلك في نص أصبح مشهورًا: «إنها لصدفة استثنائية أن يقترن تحت أنظارنا، في شخص «بايا» اللطيف جدًا، التياران اللذان يغذيان الفكرة الشاعرية، فلنعط المجال ولو مرة واحدة، أن نكشف لهم منبعًا مشتركًا في كائن رقيق بقدر ما هو متميز. وبالفعل، فإن سباقًا في الظروف المناسبة جدًا يسمح، في هذا الظهور البرّاق، وتحت سماء نوفمبر 1947 المضطربة في باريس، يسمح بأن تشع «بايا» في الداخل كما في الخارج، بكل سحر بلادها».

وختم نصه التاريخي الذي أعلن فيه ميلاد الإبداعية الجزائرية، وقدمها للفن التشكيلي العالمي بقوله «أتكلم، ليس ككل الآخرين كي أرثي نهاية، إنما لأشجع البدء، وقد أضحت «بايا» ملكة على هذه البداية، بداية عصر الانعتاق والوفاق، عصر التصدع الجذري مع السابق، والذي يشكّل الإقناع المنهجي إحدى ركائزه الرئيسية للإنسان وهو غالبًا، أكبر من الطبيعة. إن الذي يغذي ذلك التراكم من عمر الألفة والتحرر عند «شارل فودييه» هو ذلك المحرك الجديد الممنوح من «مالكولم دو شازال»، أما الشهاب المضيء الذي أعلن عنه ذلك المحرك، فأقترح أن نسميه «بايا»، إنها «باية» تلك التي من مهمتها أن تعيد شحن كلمات الحنين الجميلة بالمعاني العربية السعيدة، حيث أمسكت وأحيت «بايا» غصنها الذهبي».

وظلت تلك الشابة الجزائرية اليتيمة منذ طفولتها المبكرة، في نضالها بعاصمة الفن والثقافة تواصل تقديم إبداعاتها الخفية، والتي وجد الناس في أعمالها الفردوس المفقود، لوحات مفرحة تعج بالعصافير ذات الريش المدهش والفراشات التي تموج حول نساء متلاشيات لهن شعر طويل متموج.

وكانت تقول: «عندما أرسم، أشعر بأني سعيدة وفي عالم آخر، أنسى كل شيء». لديها خيالها وأحلام مدهشة وحكايات أسطورية ورؤية تشغل كامل اللوحة، وتملأ فراغها بأشكال لحيوانات خرافية، وطواويس وأسماك وفواكه، تتناغم في كيانات متعددة بألوان ساطعة طازجة بجمال وبساطة وثراء متجدد.

تعرفت إلى بيكاسو واشتغلت في مدينة الخزف المعروفة فالوري Valauris جنبًا لجنب مع بيكاسو، «وقد جاور مشغلي مشغله، وكان يزورني من حين لآخر، فنتناقش حينًا، ونأكل الكسكسي حينًا آخر، وكان لطيفًا جدًا». وعرضت «بايا» ماابتكرته من فازات وأعمال السيراميك جنبًا لجنب مع بيكاسو.

وتعرض أعمالها «20 عملاً» بالمتحف الوطني للفنون الجميلة بالجزائر، وهي من أهم اللوحات التي نفذتها بألوان الجواش التي أنجزتها بين 1947 ونهاية الخمسينيات، كما يعتز متحف معهد العالم العربي بباريس بمجموعة لوحات «بايا». ونظم لها المتحف الوطني بالجزائر معرضًا استعار له مجموعة أخرى من أعمالها التي لدى أسرتها، والمعرض أقيم في إطار الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007 م.

يحي سويلم - مصر