مساحة ود

مساحة ود

أخطاء الآخرين

قبل فترة, لجأت لي صديقة تستشيرني في أمر يقلقها ويخص قريبة لها, فقد اكتشفت بالصدفة أن زوج قريبتها على علاقة مع امرأة أخرى. وقد اعتادت صديقتي أن تتدخل هي وزوجها في نزاعاتهما باعتبارهما صديقين مشتركين لتلك الأسرة التي تشمل أيضا ولدين في سن المراهقة.

القلق الذي عاشته صديقتي سببه عدم اقتناعها بالصمت والسلبية من جهة, وأيضًا ترددها في التدخل وإثارة مزيد من المشاكل في حياة الزوجين. كيف تقابل قريبتها, التي اعتادت أن تشي لها بحميمياتها الأسرية, وفي داخلها سرّ تخفيه عنها. وكيف ستتعامل مع زوج قريبتها الذي أصبح أخًا وصديقا لها أيضًا على مرّ السنوات, بذات الروح الأخوية, على الرغم من علمها بخيانته لصديقتها? شعرت فجأة بأن الشفافية انعدمت بين ثلاثة أشخاص على حساب القريبة التي هي العنصر المشترك في الاستغفال!!

وبعد أن استبعدت فكرة نقل الأمر لقريبتها كي لا تؤذي مشاعرها وتجعلها تفكر بالانفصال, فكرت باحتمال آخر وهو الحديث إلى زوج القريبة. إلا أن روحها لم تصمد أمام المواجهة عندما رد الزوج على هاتفها الجوال فلم تدر ما تقول له وادعت أن خطأً حدث في ضغطها على زر معين. فقد خطر ببالها خلال ثوان استغرقها وقت الاتصال إياه, أن زوج القريبة قد يرد عليها بطريقة غير لائقة ويعتبر ما تفعله تدخلاً فيما لا يعنيها.

لم أوافقها على فكرة الاتصال بالزوج, وسألتها ماذا لو قبل زوج الصديقة أن يتحدث في الأمر واعترف لها أنه يحب تلك المرأة ولن يقطع علاقته بها? سينتهي الأمر بمزيد من التعقيد لأنها لا تملك سلطة منعه من العلاقة الأخرى, وستبدو هي وزوجها متواطئين مع الزوج الخائن هذه المرة بعد أن كانا مجرد شاهدين صامتين.

عندما لجأت صديقتي إليّ تستشيرني بما يمكن أن تفعله في موقف كهذا, تذكرت فجأة (عمات الشكوى) كما تسميهن الصحافة البريطانية, أي النساء اللواتي يجبن على مشاكل القراء من خلال زوايا صحفية. وعلى الرغم من أنني لا أملك قدراتهن هذه على المستوى المهني فإن حياديتي التي سببها بعدي عن طرفي الموضوع الأصلي جعلتني أرى المشهد بصورة أكثر هدوءًا وأقل انفعالية.

وكانت وجهة نظري أن ما يحدث داخل أي علاقة هو شأن الطرفين فقط. ومادام واحد منهما لم يطلب مساعدة الآخرين, فليس من شأن أحد مناقشة ما يفعله أصدقاؤه وأقاربه في حياتهم الخاصة, فقد يؤدي تجاهل الموضوع إلى عودة الطرف الشارد إلى مكانه الأصلي نادمًا يحمل شعورًا بالذنب أو إحساسًا بأن ما حدث كان مجرد نزوة. ثم ما أدرانا أن المرأة المعنية تتمنى أن تعرف بخيانة زوجها لها, فماذا نفعل نحن عندما نحرجها بالحقيقة غير أننا نضعها أمام الفضح?

الزمن إذن سيحل الأمر. وإن كانت علاقة الرجل بالمرأة الأخرى جادة ولديه رغبة في أن ينفصل عن زوجته فهو الأدرى بتوقيت إعلان هذا الانفصال. وإن ذبلت العلاقة الأخرى لأنها مجرد نزوة تكون المشكلة قد حلّت بصورة سلميّة وبأقل خسائر ممكنة.

حياة الآخرين بتفاصيلها الحميمة ملكيتهم ولا تخص أحدًا سواهم. ليراقب كل منّا اخطاءه الصغيرة الخاصة به, وليترك للآخرين فرصة مواجهة مشاكله الخاصة, لعلهم يتعلمون منها أمرًا أكثر أهمية مما تعلموه من حياة منضبطة.

 

غالية قباني