عزيزي العربي

عزيزي العربي

الخلل .. في علاقة العرب بالسياسة

.. رئيس التحرير

استوقفني العرض والتحليل الجيدان للكتاب الأخير للدكتور محمد جابر الأنصاري في افتتاحية العربي بالعدد "474" مايو 1998، فوجدتها فرصة مناسبة لأكتب هذه الكلمة تحية للجهد، ومعرباً عن سعادتي بذلك، فأنا من القراء المتابعين لإنتاج الدكتور الأنصاري، وكتابه الأخير بالذات "العرب والسياسة .. أين الخلل ؟ " تابعته عبر حلقات نشرت في صحف خليجية، فأيقنت أنه كتاب غير عادي، إن كاتبنا يطرح قضيتنا المزمنة.. قضية البعث والنهوض.. إنه يغوص بعيدا إلى الأعماق السحيقة في التكوين المجتمعي العربي.. ليعود بإجابات أعتقد أنها شافية لتساؤلات إنه لا يقنع بالعلل الظاهرة والتي نعرفها متمثلة في النظم التربوية والتعليمية والسياسية، فهو يتساءل ويتعجب، ما لهذه الشجرة التي طال غرسها، لا تعطي ثمارها المرجوة، برغم كل البذل والعناية؟

إنه يحفر التربة عميقاً ويتتبع الجذور الغائرة، ليصل إلى أصل الداء وعلة العلل.

إن الأنصاري بهذا العمل يقدم لنا إجابات مقنعة، بل هي في رأيي شبه نهائية، أو قد تصل إلى حد الكمال كما في تعبيركم، وذلك عن تساؤلات طرحت في بدايات القرن، تتساءل: لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا؟ وكيف السبيل إلى النهوض والانبعاث من جديد؟ وهكذا فإن "تساؤلات بدايات القرن وجدت إجاباتها في نهايات القرن" وإن اهتماماً حقيقياً وجاداً من كتابنا لا يسعه إلا أن ينشغل بهذا الكتاب تحليلا ودراسة، وكانت افتتاحيتكم هي البداية الموفقة التي أرجو أن تعقبها دراسات وتحليلات، وفي الختام هي دعوة للقارئ العربي للاطلاع على الكتاب وسيجد نفسه بعده غيرها قبله.

د. عبدالحميد الأنصاري
الدوحة- قطر

ماذا أعددنا للقرن القادم؟

.. رئيس التحرير

لماذا يصيبنا الوجوم عندما نقرأ هذا السؤال المفحم؟

هل أننا لا نعرف الإجابة؟ أو لأننا نخاف من الإجابة التي نعرفها؟

أغلب الظن أن الاحتمال الثاني هو الأقرب إلى الحقيقة. فالإجابة التي نعرفها موجعة، ولكنها الوحيدة. الإجابة التي نعرفها لا تؤلهنا للدخول الامتحان. نحن تماما مثل ذلك الطالب الذي قضى ليلة الامتحان يلهو ويلعب ويضيع الوقت، وعند باب القاعة وقبل الامتحان بنصف ساعة أخذ يتصفح الكتاب بسرعة عله يدرك شيئا. بينما لدى غيرنا ما يدخلون به.

لديهم إجابات عديدة وليس إجابة واحدة فحسب. غيرنا في جعبته الكثير ليدخل به إلى هذه الحقبة التاريخية الجديدة، رافعا رأسه، أما نحن فماذا في جعبتنا؟ باختصار شديد لا شيء عفوا.. هذه ليست مبالغة .. وليس تشاؤما. وإما هي الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها. بل يجب قبولها والتعايش معها خطوة خطوة، والآن أخبروني أيها السادة ماذا لدينا غير ذلك السلام وما أدراكم ما السلام. ذلك الذي مازلنا نحمله من غرفة الإنعاش إلى غرفة العناية المركزة. ويلتقطه اليهود من عثرات مدريد إلى نكبات أوسلو. ويا لهذا السلام المسكين، ألم تمت بعد! ألم يحملوا نعشك إلى الآن! لقد سئمنا نشرات الأخبار وهي تنقلك من غرفة إلى غرفة، ومن مستشفى إلى آخر. جعلونا يا سيدي السلام.. نتساءل عن أي سلام يتحدثون؟

لقد خلطوا علينا الأوراق. فأمامنا يتصافح الساسة وخلفهم حمامة بيضاء تحمل غصن الزيتون. وأمامنا أيضاً مذيعة تبتسم وهي تقرأ تقريرا يصور طفلاً أصابته رصاصة، ورجلا عجوزا يقاوم جنديا مدججا بالسلاح، وامرأة ترفع يديها إلى الله بد أن طردت من منزلها. وفي نهاية التقرير تردد المذيعة تلك الجملة الشهيرة" .. لا نعاش عملية السلام".

فأي سلام؟ أجبنا يا سيدي السلام. أي سلام يريدون أن نحمله لندخل به إلى القرن الحادي والعشرين؟!

خالد الصعب
الظهران- السعودية

مجلة العربي
بقلم: جهاد الزين

تحضرني في مناسبة كهذه كل أنواع النوستالجيا الريفية والمدينية": في قراءتي طفلاً إلى جانب جدي العجوز في "عليه" البيت في القرية خلال عطل الصيف، لآخر عدد من "العربي" ينقلني إلى مناطق في العالم العربي تراثية، ويعرفني على مدن وبلدان توفر لي أن ازورها تدريجيا بعد عشرين عاما وبعضها الآخر لم أزره حتى الآن في أقصى اليمن أو أقصي السودان، إلى القصائد المنشورة جنباً إلى جنب من مختلف أرجاء العاربة والمستعربة في بلداننا، إلى بعض الترجمات العلمية لآخر المكتشفات. كل هذا يحضرني في هذه المناسبة كأنما، ودون أي مبالغة في التعبير، لا أفصل وجود الكويت كبلد عن وجود مجلة العربي، حتى أنني اطمأننت إلى أن الكويت عادة عندما عدت أري الآن على مكتبي مجلة العربي تصدر بانتظام.

ولقد واكبت بالقدر الذي أتيح لي محاولات التحديث ضمن التقليد التي لجأت أليها "العربي" بين ثلاثة رؤساء تحرير وأعجبني دائما هذا الإصرار على التجديد أو على السعي إلى التجديد في داخل تقاليد المجلة الشكلية والمضمونية.

لا أظن أن كثيرين في الكويت يعرفون بالضبط ماذا تعني هذه المجلة للكثيرين في المدن والأرياف العربية. ولا أخفي في الآن معا أن أي محاولة للتفكير بتطوير حضورها أمام تحديات التكنولوجيا والثورة المعلوماتية، والمتغيرات عامة في بنية الثقافة والإعلام العربيين، ليست مهمة سهلة على الإطلاق. فهذه الخيمة الجميلة المتنقلة والحاملة لأريج البلدان في الستينيات والسبعينيات لعلها تحتاج إلى شيء جديد، ودائما من ضمن التقاليد، على مشارف القرن الحادي والعشرين. وهذا بطبيعة الحال غير غائب بالتأكيد عن أذهان المشرفين عليها لأن المهمة المطلوبة هي إنقاذ فرادة مجلة العربي، مجلة من روح القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين على غرار "الهلال" التي لا تزال تصدر من القاهرة و"المقطم" و"المقتطف" ولربما لاحقا "الرسالة" لكي تتمكن من الاستمرار بالمستوى والدور نفسه في القرن الحادي والعشرين.

أليست هي النوستالجيا بعينها؟ ومن قال إنه لا يمكن تحديث النوستالجيا وتحويلها إلى عمل مستقبلي؟

حكاية بايات تونس

.. رئيس التحرير

طالعت في العدد "472" مارس 1998 من مجلة "العربي" مقالا للكاتب سليمان مظهر في ركن "شعاع من التاريخ" بعنوان: "حكاية بايات تونس" واسترعي انتباهي أخطاء تاريخية تستوجب التوضيح والتصحيح.

أولا: ذكر الكاتب: "وأن الأميرة زكية ابنة الباي محمد الأمين كانت قائدة الحركة النسائية المساندة للثورة " وهذا أمر مبالغ فيه إذ إن دورها لم يتجاوز ترؤسها للجنة "إعانة المعوزين" التي أمر الباي- والدها- بتكوينها لتخفيف المجاعة التي اجتاحت البلاد إبان الحرب العالمية الثانية، ولم يتجاوز دعمها للمعركة التحريرية غير المساندة السلبية وتقديم الأموال للحزب الحر الدستوري الذي تربطها ببعض قادته علاقات شخصية ليس إلا. أما رموز الحركة النسائية ممن أشتهرن بالكفاح وتجر عن ويلات السجون والمعتقلات فهن أبعد ما يكن عن أميرات القصور الرافلات في النعيم وحياة الترف وملاعق الفضة والذهب!

ثانياً: ذكر الكاتب أن المنصف بأي عم الأميرة زكية والصواب أنه ابن عم لوالدها محمد الأمين، كما أورد أن هذا الأخير "لم يكن صاحب حق في العرش حين استماله الفرنسيون ليحل محل ابن عمه الباي منصف" والواقع أه كان وليا للعهد بحكم أنه أكبر الأعضاء سنا وهي القاعدة المتبعة في الخلافة للعائلة الحسينية المالكة. وقد تولى الحكم مباشرة بعد تخلي المنصف بأي عن عرض أجداده تحت ضغط الحكومة الفرنسية بسبب مواقفه الوطنية ضد احتلال بلاده وتم نفيه إلى "جهة الأغواط" بالجزائر في: 1/6/1943 ثم إلى مدينة "بو" بفرنسا وليس إلى مدينة "بوردو" كما ورد في المقال.

ثالثا: أشار الكاتب إلى أن أول ثورة شعبية ضد الباي قام بها زعيم تونسي هو علىي بن غذاهم كانت في عهد أحمد باي، وصوابه أن الثورة حدثت سنة 1764 في عهد محمد الصادق بأي الذي تولي الحكم سنة 1859 بعد محمد بأي "1855- 1859".

أما أحمد بأي فكانت فترة حكمه من أكتوبر 1837 إلى مايو 1855، ولم تحدث أي ثورة في عهده.

وحول علي بن غذاهم ذكر أنه شيخ قبيلتي "ماجد و"الفرافش"، وصوابه ماجر والفراشيش ولم يكن شيخا عليهما بالمعنى الإداري "عمدة" بل زعيما ورئيسا للثوار ولم يحدث أن "زحف على رأس آلاف من أبناء القبيلتين إلى العاصمة وأعلن خلع الباي الذي اضطر إلى الاختفاء عن الأنظار" حسب رواية الكاتب، فالوقائع التاريخية تثبت أن الثورة انتشرت في أغلب القبائل بالمدن والقرى باستثناء العاصمة المطوقة بآلاف العساكر مما يصعب اختراقها ولم يدخل علي بن غذاهم الذي لقب بباي الأمة إلى العاصمة إلا وهو في حوزة الجند مكبلا بالأغلال بعد اعتقاله في 28 فبراير 1866 بجهة تبرسق "100 كلم" غرب مدينة تونس ودفع به إلى زنزانة قصر باردو ثم إلى "كراكة" حلق الوادي إلى أن توفي مسموما حسب بعض الروايات في 11 أكتوبر 1867.

وبهذا قصدت التصويب للأمانة التاريخية والله الموفق.

محمد علي المؤدب
قفصة- تونس

وتريات
الجرح الدامي

الجرح الدامي في يدها

مرسوم في يدها قلبي

لا أعرف كيف أواسيها

أو أشرح كيف لها حبي

لا أعرف ماذا يرضيها

فهواها في بدني ثوبي

لا أطمح إلا أن ترضي

ويسير خطاها في دربي

في بعدي تشعلني حباً

وأنا المحتاج إلى الشرب.

قدمت إليها عاطفتي

كقدوم الماء من النار

قدمت إليها أحلامي

وعلى كتفيها أطياري

ما القلب إذا يهوي إلا

مزماراً هام بمزمار

أشعاري في فمها ورد

وخلاصة عطر العطار

أصداء هواما في شعري

تتزايد ضد التيار

أبحرت ولم أخسر شيئا

وظفرت بحب فعال

وظفرت بموج لهم يهدأ

لم يخمد شعلة أفعالي

أبحرت فأبحرت الدنيا

طمعاً أن تنشد أقوالي

من أهوى فجرني عشقاً

للأحسن غير أحوالي

لا ساحل عندي أذكره

وسواحل حبك في بالي

شعر : عبد الله الأقزم
القطيف- السعودية

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




غلاف الكتاب