عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

فبراير.. شهر الحرية

في فبراير من كل عام تملأ أنفاس الحرية أجواء الكويت، فهو بحق شهر التحرر والاستقلال، وعلامة فارقة في التاريخ المعاصر لهذا البلد العربي. تحررت الكويت فيه مرتين، الأولى عندما أنهت اتفاقية الحماية مع بريطانيا عام 1961 وأصبحت دولة مستقلة وعضوا مؤثرا في عالمها العربي، وفعالا على مستوى العالم، واتخذت من فبراير رمزا لهذه الذكرى, وتحررت للمرة الثانية بالحديد والنار في عام 1991 من آثار العدوان الغاشم الذي قام به النظام العراقي البائد. ووسط احتفالات التحرير لابد لنا من وقفة تأمل، فالحرية التي نالتها الكويت كان ثمنها العديد من التضحيات، وتركت آثارا على التضامن العربي مازالت باقية حتى الآن، فالعدوان على الكويت أشبه بالزلزال العظيم الذي لم نفق من توابعه حتى الآن، وهو ينبهنا إلى أن أخطر ما نواجهه هو الحروب العربية - العربية، فهي تجهض كل أحلام التنمية والتقدم، وتمزق كل أحلام الوحدة ومساعي التكامل. لقد خسرنا في حروبنا العربية - العربية من ثرواتنا ومواطنينا وسمعتنا، أكثر بكثير من حروبنا مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، وتسببت في ضياع المزيد من الأراضي العربية. لقد آن الأوان لأن تتوقف كل أنواع الحروب، وأن يبدأ مستقبل عربي جديد نسعى فيه إلى لَمِّ الشمل وتوحيد المقصد والهدف، وهذا هو درس المستقبل الذي يقدمه لنا فبراير الكويت.

في هذا العدد من «العربي» يستكمل رئيس التحرير فكرته التي بدأها في أعداد سابقة عن الاتجاه شرقا، وقراءة التجربة الآسيوية في مجال التنمية، وهو يتجه في افتتاحيته إلى واحدة من أنجح التجارب في عالمنا المعاصر وليس في آسيا فقط، فاليابان هي نموذج للمقارنة والتحدي، ويدعو إلى مشروع عملي نستطيع من خلاله دراسة أسس النهضة اليابانية، لعلها تكون رافدا لنهضتنا العربية التي مازلنا نتوق إليها.

وتواصل «العربي» الاتجاه شرقا، فتعود لزيارة كوريا الجنوبية، حيث تشارك في قيام أول مؤسسة متخصصة تسعى لدعم العلاقات بين كوريا والعالم العربي. وتقدم «العربي» أكثر من ملف في هذا العدد، فهناك محور عن العرب وإرهاصات المجتمع المدني، حتى نشارك في دعم هذا التيار الذي يغمر العالم، والذي هو أحد مقدمات الديمقراطية. وهناك ملف آخر عن الشاعر اللبناني الكبير محمد علي شمس الدين، الذي مزج بين النفس الشعري والمضمون الفكري في العديد من دواوينه. وتشارك «العربي» دولة الكويت في احتفالات فبراير بنشر ملف عن بعض الأنشطة الثقافية التي شهدتها الكويت أخيرًا وأثارت عددا من القضايا والتأملات. وهي تأمل أن تكون بهذا العدد قد أرسلت بعضا من نسائم ربيع الثقافة في أوصال برد الشتاء.

 

المحرر