40 عاما من التنوير

40 عاما من التنوير

إن الاحتفال بمرور أربعة عقود على تأسيس (العربي) ليس مجرد احتفال بمجلة فكرية ثقافية نجحت في أن تصمد، وأن تتطور طوال هذه الفترة الزمنية المديدة في الوقت الذي احتجبت فيه عشرات المجلات العربية، بل هو احتفال بمؤسسة ثقافية كويتية- عربية شامخة تجاوز تأثيرها الحدود، والأقطار، وامتد عبر أجيال متعددة، واحتفاء بمعلم بارز من معالم الثقافة العربية المعاصرة تنتظر إضافته المضيئة في مطلع كل شهر فئات اجتماعية وعمرية متنوعة نجد في صفوفها القراء العاديين، وتلامذة المدارس الثانوية، وطلاب التعليم العالي، ونجد في الوقت ذاته رجال الإعلام، وأساتذة الجامعات وكبار الكتاب على اختلاف النزعات الفكرية، والمشارب الثقافية والفنية، وهنا تكمن قوة مجلة "العربي".

إن رقما واحداً: (ثلاثمائة ألف) نسخة توزع من "العربي" شهـرياً في مشارق الأرض ومغاربها لبرهان ساطع على مدى التأثير والإشعاع، ولانغفل عن الإشارة في هذا الصدد إلى أن أسباب وفاء القارئ لدوريته المفضلة "العربي" متعددة نجد في طليعتها ثراء المحتوى وتنوعه، وجدية الأقلام العربية المطلعة من فوق هذا المنبر الحر الساعي إلى نشر ثقافة الحداثة والتنوير، والهادف إلى قراءة التراث العربي من جهة، والواقع العربي الراهن من جهة أخرى قراءة نقدية جادة تسهم في تعميق الفكر التعددي، وقبول الرأي المخالف.

إن أهمية الاحتفال تكمن في تقويم مسيرة الماضي، والاستعداد للمرحلة الجديدة، وهنا يطرح سؤال محوري نفسه: ماهي الأسباب التي جعلت " العربي" تصمد وتتطور مع تطور الزمن، وتحقق هذا الانتشار والتأثير؟

إنها دون ريب أسباب متعددة، متنوعة، وقد يسرع البعض قائلا: إنه الدعم المادي السخي، وهذا في نظري، ليس صحيحا، فهنالك مجلات عربية رسمية حظيت بدعم مادي كبير، ولكنها سرعان ما تحولت إلى أبواق دعاية فمجها الناس وعزف عنها القراء فماتت .

وأكتفي هنا بالتلميح إلى سببين أساسيين من أسباب النجاح: أولا: تداول ثلاثة أسماء من كبار المثقفين والإعلاميين على رئاسة تحريرها، وقد عرفوا بفكرهم النقدي، وإيمانهم بأنه لاتقدم دون إعلام حر، جريء، ونجحوا في أن يجعلوا من "العربي" مجلة حرة مستقلة برغم صدورها عن جهه رسمية، وهذا أمر ليس يسيرا في العالم العربي.

ثانيا: لعل هذا السبب الثاني هو الذي يمثل حجر الزاوية في إماطة اللثام عن أسباب نجاح مسيرة مؤسسة "العربي"، وهو مرتبط بالأول وثيق الارتباط، وأعنى به ذلك الهامش الواسع من الحرية الذي اشتهر به المجتمع الكويتي، فلا يمكن أن نتصور "العربي " تصدر في بلد عربي يرزح تحت نير العسف والاستبداد.

 

الحبيب الجنحاني

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




صورة الغلاف