عولمة الفساد: البنك الدولى .. هل يقرض الوهم؟
عولمة الفساد: البنك الدولى .. هل يقرض الوهم؟
" سادة الوهم " هو العنوان الذى اختارته الباحثة الأمريكية " كاترين كوفيلد " لكتاب يحمل عنوان فرعيا هو " البنك الدولى وفقر الأمم " ، واخترقت فيه ، عبر مئات المقابلات والتقارير ، واحدة من أبرز قلاع " العولمة " فى العصر الراهن . وتكشف الباحثة ، وهى سبق أن حصلت على أكثر من جائزة عالمية لؤلفاتها حول البيئة ، صوراً من الفساد الذى يتوافق مع قروض المشروعات التى يقدمها البنك للدول الفقيرة ، والفارقة أن البنك الذى منح "مكافحة الفساد " أولوية مطلقة فى جدول أعماله فى العام الماضى ، تعرض قبل أشهر لهزة هى الأولى منذ نشأته ، عندما أعلن عن وجود " فساد " داخل مؤسساته ذاتها ، وأعلن مديره جيمس ولفنسون فى حينه " إذا كان البنك يكافح الفساد لدى الدول التى تأخذ قروضاً ، فعلينا التأكد وبشكل قاطع من أن الأعمال تسير بشكل ممتاز داخل مؤسساتنا ". ووفقا لصحيفة " واشنطن الأمريكية ، فإن المهندس الصحى فريتز رودر يغزاتهم بالحصول على رشاوى لقاء منح جار له عقداُ لمعالجة المياه فى الجزائر ، كما طاول التحقيق اثنين من السمئولين اليابانيين . وقد ضربت قروض البنك الدولى فى العام 1998 رقما قياسيا عندما بلغت 28.6 مليار دولار ، ومن هنا يمكن تقدير حجم الفساد فى عصر العولمة من خلال كتاب " سادة الوهم " أولا ، كما من خلال التقرير السنوى لعام 1997 الصادر عن البنك نفسه ، ولعل أبرز ما يشكف عنه الكتاب والتقرير معا أن الدول الرئيسة المساهمة فى تمويل النبك تنال شركاتها حصة الأسد من مشاريع البنك ، وتسترد أحيانا مع زيادة كبيرة ما دفعته للبنك ، ومن هنا يصبح من حق الدول المقترضة أن تنال حصة أكبر من مشاريع البنك ، كما من حقها أيضا أن تنال هامشا واسعا فى تنفيذ المشاريع بعيداً عن هميمنة " الخبراء " الذين يفرض البنك تعيينهم ، وهم فى النهاية ليسوا زوجة القيصرو ... فوق الشبهات . الخمسة الكبار تشير الباحثة إلى أن البنك قد دفع ، منذ إنشائه ، ما يزيد على 250 مليار دولار للموردين ثمناً لهذه البضائع والخدمات . وتضيف : إن العقود لتنفيذ مشاريع البنك تمنح وفقا لنظام وضعه البنك نفسه تحت اسم " عروض المنافسة الدولية " ، وهذا النظام يفترض أنه يضمن منح العقود ، وبشكل عادل ، لصاحب العرض الأرخص كما تمنح العروض المحلية خصما يتراوج بين 10 و 15 % لتحسين القرض أمام الشركات المحلية للفوز بعقود فى مواجهة شركات عالمية كبيرة ، وهذا أحد الأسباب فى أن ما نسبته 44 % من تمويلات البنك توزع على شركات فى البلد المقترض ، أما نسبة الـ 56 % الباقية من القرض فتذهب إلى شركات أجنبية ، معظمها فى الدول الغنية ، وكما يقول مسئول فى البنك " إن معظم أموالنا لا تذهب إلى الجنوب " الفقير " ، إنها تذهب مباشرة من واشنطن إلى بنسلفانيا ، حيث تصنع التوربينات ، أو إلى فرانكفورت ، حيث تنتج آلات الحفر " . إن العقود التى يوفرها البنك هى واحدة من أبرز الدوافع لدى الدول الغنية للمشاركة فى عضويته ، وكما يشير مايسون وآشر فى كتابهما الذى يعتبر موجعية حول تاريخ البنك " أن المساهمين الرئيسيين فى رأسمال البنك يعتبرون ، بشكل أو بآخر ، أن هناك خطأ فى المشروع أو أنه يتجاهل الحقائق السياسية إذا كانت حصصهم فى المحصلة النهائية من العقود تقل عن المبالغ التى ساهموا بها فى رأسمال البنك " ، وبكلمات أخرى ، فإن الأعضاء الأغنياء فى البنك يتوقعون أن يحصلوا من البنك على الأقل ، وعلى شكل عقود ، قدر ما دفعوه على شكل مساهمات فى رأس المال . وتقول المؤلفة إن الأعضاء الخمسة الرئيسيين فى البنك وهم : الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطاينا هم الأكثر استفادة من العقود مع البنك ، وقد حصلت تلك الدول حتى الآن على نصف المبالغ أنفقها البنك على مشاريعه ، أما الولايات المتحدة الأمريكية بالذات فقد حصلت شركاتها على 24 مليار دولار من عقود عمل مع البنك وهو المبلغ نفسه الذى ساهمت به الحكومة سواء فى البنك أو فى وكالة التنمية الدولية . أما بريطانيا فقد كانت أحسن حالا فقد دفعت مبلغ 7 مليارات دولار وحصلت بالمقابل على عقود بمبلغ 12 مليار دولار يقوم البنك بتمويلها. عمولات و.. سيارات مع وجود مشاريع بمليارات الدولارات لدى البنك فإن الشركات الأجنبية تقوم باستئجار وكيل محلى فى البلد المقترض يكون ممثلها لدى الحكومة ، وهذا الوكيل يحصل عادة على نسبة معينة من قيمة العقود التى تكسبها الشركة بواسطته ، وكما يشير أحد المستشارين الدوليين فإن الخطورة فى المشاريع الكبيرة خاصة ، هى أن يسقط بعضهم فى إغراء عرض النقود على بعض الأشخاص ، وربما ليس النقود بالضرورة بل السيارات وفى البلدان الفقيرة فإن السيارة تعنى شيئا كبيرا . والفساد ، أو دفع الرشوة ، كما تقول المؤلفة يصعب ضبطه : إلا بالمصادفة ، كما فى حالة جرت أخيرا ، مع شركة كندية حصلت على عقد استشارى فى دولة " بوروندى " بعد مناقصة مفتوحة أشرفت عليها لجنة من الخبراء المحترمين ، وقد اتفقت الشركة مع شركة ثانية على استخدام بعض العاملين لديها ، وذهب رئيسا الشركتين إلى موعد عمل مع رئيس لجنة الخبراء البوروندى الذى ما إن بدأ الاجتماع حتى أخرج ، وعلى المكشوف ، قائمة تضم أسماء عدد من أعضاء اللجنة ، ومن بينهم اسمه ، وطلب أن تتم دفع الرشاوى لهم ، رئيس الشركة الثانية رفض على الفور وغادر الاجتماع وقطع علاقته بالمشروع ، فيما بعد أبلغت الواقعة لطرف آخر فى البنك له علاقة بالمشروع ومن ثم تمت إعادة المناقصة ، وبالطبع لم يتم تسجيل الواقعة ، وكما يشير أحد المسئولين ط فى الأحوال العادية فإنه ليس هناك أى مفتش يمكنه أن يكتشف مثل هذه الواقعة " . الموظفون فى الحكومة بالطبع هم من يقبض الرشاوى ، ولكن على ما يقول مسئول فى شركة إنشءات هندسية " إن رواتب موظفى الحكومة هى ضئيلة غالبا ، وعندما يكون راتب الموظف ضئيلا بينما هو يملك فى الوقت نفسه صلاحية التعامل بمبالغ كبيرة ومع أناس يرغبون فى الحصول على عقود ويعرضون بالمقابل " جوائز " كبيرة ، فماذا تتوقع أن يحصل ؟ فى إفريقا مثلا فإن كلفة المشاريع ترتفع حوالى 10 % تدفع للفساد ، ولا فائدة من القول إن الأمور تسير دائما بهذا الشكل ، إنها أموال البنك وعلى البنك أن يضع نظاما للمناقصات أكثر كفاءة ". الرشاوى معفاة من الضرائب لم يتلق البنك دعما يذكر من أعضائه فى جهوده لمكافحة الفساد . الولايات المتحدة وحدها لديها قانون منذ عام 1977 يمنع دفع الرشاوى لمسئولين أجانب للحصول على عقود . الدول الأخرى لا تملك مثل هذا القانون ، وقد رفضت ألمانيا أخيرا تبنى مثل هذا القانون ، أكثر من ذلك ، أن دولا مثل استراليا ، كندا ، إسبانيا، النمسا ، الدانمارك ، سويسرا ، وألمانيا تعتبر الرشاوى المدفوعة لشركات أجنبية معفاة من الضرائب ، وفى عام 1993 فإن عددا من المسئولين السابقين فى البنك الدولى بالمشاركة مع رجال أعمال دوليين أنشأوا منظمة تحمل اسم " الشفافية العالمية " مهمتها مكافحة الفساد ، وعلى نطاق واسع بات مسألة عالمية فى معظم العقود الدولية الكبيرة بين الشمال وأغلب دول الجنوب ، وكلما كان المشروع أكبر فإنه يجذب اهتمام مسئول أعلى ، وعلى افتراض مثلا أن خمسة فى المائة من كلفة المشروع سوف تدفع رشاوى ، فإن المنظمة تضع الدليل التالى للمستفدين : إن خمسة فى المائة من مشروع تبلغ كلفته 200 ألف دولار سوف تثير اهتمام مسئول يحتل المنصب الثانى بعد المدير ، فإذا كانت كلفة المشروع مليونى دولار فإن الخمسة فى المائة سوف تفتح شهية المدير نفسه ، أما إذا وصلت الكلفة إلى 20 مليون دولار فإن الخمسة فى المائة هى مبلغ من حصة الوزير ومن معه ، وفى حالة كانت قيمة المشروع 2000 مليون دولار فإن ضخامة العمولة تليق باهتمام رئيس الدولة المقترضة نفسه ، وتشير المنظمة إلى أن " العمولة " . تختلف من دولة إلى أخرى ، وأن نسبة الخمسة فى المائة تبدو قليلة لأن الحديث أخيرا بدا يدور حول نسب تترواح بين 10 و 15 فى المائة من قيمة المشروع . بل وقد تصل هذه النسبة إلى 30 فى المائة فى إندونسيا مثلا ، وفقا لتصريح أطلقه فى عام 1993 وزير مالية إندونيسيا السابق سومير توجوكو ديكو سمو ، عندما قال : لو أمكن وقف الهدر والفساد فى الحال فإننا لن نعود بحاجة إلى المساعدات الأجنبية . وتقتبس المؤلفة من كتاب " الطعام أولا " عرضا لصفقة نموذجية فى تايلاند تتضمن الآتى : 420 حاسبا يدويا بسعر 50 دولار للقطعة ، 30 حاسباً مكتبياً بسعر 160 دولاراً للقطعة ، 30 آلة لعرض الأفلام بسعر 1200 دولار للقطعة ، ويعلق مؤلفا الكتاب على هذه الصفقة بالقول إنها تبدو وكأنها مشروع تخرج لتلميذ فى أكسفورد يدرس الإعلام الجماهيري ولكنها فى الواقع مشروع زراعى يموله البنك فى آسيا. السد وحرب الفولكلاند " هذا السد نجح فى تمويل حرب الفولكلاند " العبارة أطلقها مسئول فى البنك الدولى ، والسد المقصود هو " سد ياسريتا " وقد أقيم على النهر الذى يفصل بين الباراغواى والأرجنتين ، أما الرئي الأرجنتينى كارلوس منهم فقد أطلق على السد نفسه لقب " نصب الفساد " ، فقد تناوبت على السد منذ أول اتفاق على إنشائه عام 1973 عدة عهود ، وعدد من الرؤساء وعشرات من الوزراء وكان الجميع يرضع من حليب السد الذى يوفره البنك الدولى . كانت التقديرات الأولية لكلفة السد لا تزيد على مليار ونصف المليار دولار ، وفى عام 1979 قدم البنك قرضا للسد بقيمة " 210 " ملايين دولار قبضتها حكومة الجنرالات ،وفى عام 1983 تسلم الرئيس راؤول ألفونسين السلطة من الجنرالات ، وكانت فاتورة السد قد وصلت إلى مليار دولار ، وقد انقسمت الحكومة نحول ما إذا كان عليها أن تتابع بناء ذلك السد الأسطورى ، غير أن وزير الأشغال العامة ، والمستشار فى البنك الدولى روكا كارينزا حسم المسألة ونجح عام 1988 فى الحصول على قرض جديد من البنك بقيمة " 252 " مليون دولار ... لمتابعة بناء السد . ومع وصول الرئيس كارلوس منعم إلى سدة الرئاسة فى العام 1990 كانت نفقات سدة الرئاسة فى العام 1990 كانت نفقات بناء السد قد تجاوزت مبلغ 3 مليارات دولار ، أى ضعف التكلفة الكلية المقدرة ، ومع ذلك فإن ما تم إنجازه من السد لم يكن يزيد على 60 % فقط من الإنشاءات ، وكانت الشكوك تحوم حول جميع العقود التى تم توقيعها مع الشركات الكبرى ، ولكن هذا لم يمنع البنك فى عام 1992 من دفع قرض ثالث بقيمة " 300 " مليون دولار لمتابعة بناء السد . ومنذ ذلك التاريخ والأوضاع تزداد تدهولااً ، فقد اكتشفت بعثة من البنك فى عام 1995 أن ما يزيد على 15 ألفا من المزارعين الذين فقدو أراضيهم ومنازلهم بسبب بناء السد لم يتم تعويضهم نهائيا ، فهم لم يمنحوا أى بدل مالى أو أى أراض ، كما اكتشفت البعثة عددا من الفضائح التقنية من بينها أن " مصعدا للأسماك " بلغت كلفته ما يزيد على 25 مليون دولار . يصلح فقط لصعود الأسماك عكس التيار ، ولكنه لا يسمح لها بالعودة بعد وضع بيوضها ، وهو ما يصح فيه المثل " الداخل مفقود والخارج مولود " ، وبالطبع لم تستطع أى سمكة الخروج من مصعد السد . اليوم يقدر البنك الدولى أن سد " ياسريتا " سوف يكلف حكومة الأرجنتين لإنهائه مبلغ 6 مليارات دولار ، أما الرئيس منعم فيرفع الكلفة إلى 12 مليار دولار " ! " والعقلانية ليست دائما من سمات البنك الدولى . وما تبقى للخبير ونصل إلى مسألة " الخبراء " فالبنك عندما يقدم قرضا لتمويل مشروع يشترط على المقترض الاستعانة بخبراء للإشراف على المشروع ومتابعة أعماله حتى النهاية ، ويزعم البنك ، وفقا للمؤلفة ، أنه لا يملك أرقاما عن كلفة الخبراء فى المشاريع التى يمولها ، ولكن فى عام 1990 قامت وزارة المالية فى بنجلاديش بدراسة حول هذا الموضوع ، تبين منها أنه عام 1971 ، وهو تاريخ استقلال بنجلاديش وحتى عام 1976 فإن 93 % من هؤلاء المستشارين والخبراء الذين فرضهم البنك كانوا من الأجانب ، وتحديداً فإن معظمهم كانوا من أوربا الغربية أو من الولايات المتحدة ، وقد بلغ الحد الوسطى لراتب كل مستشار " 7250 " دولاراً ، مع أن بعضهم زاد راتبه على " 13 " الف دولار شهريا ، يضاف إلى الراتب تزويد الخبير أو المستشار " الدولى " بمنزل ذى مواصفات لائقة للسكن ، وكذلك بدل مواصلات ، يضاف إليها مكاتب لائقة للعمل ، ونفقات أخرى تصل متوسطها الشهرى إلى " 9500 " دولار ، وقد تضاعفت التكاليف منذ إجراء تلك الدراسة ، مع العلم أن متوسط دخل الفرد فى بنجلاديش لا يزيد على " 200 " دولار سنويا " ! " . إن المستشار الأجنبى يعيش غالبا حياة لا يمكن أن تتوافر له فى وطنه ، فهو يحصل على سائق سيارة ، وخادمة أو أكثر ، وطباخ ، ويستانى ، وكلهم تصرف عليهم الحكومة المقترضة ، مما يوفر للخبير أن يضع معظم مدخراته فى بنوك لندن أو نيويورك ، وعلى ما يقول مسئول إفريقى " إن الخبراء الأجانب عندما يصلون ، ربما يصابون بخيبة أمل ، ولكنهم يعملون على التكيف بأٌل جهد ممكن ، إنهم يتأكدون أولا من أن مكيفات الهواء تعمل دون توقف ، وكذلك السيارات ، ومثلها الرحلات .. وعندئذ ، فإن كثيرين منهم لا يقومون بأى عمل " . وتروى الباحثة فيضا من الحكايات عن هؤلاء الخبراء والمستشارين الأجانب الذين تحكمون بكل مشروع تخطيطا وتنفيذا ، ومن بين هذه الحكايات تقرير وضعه عضو فى صندوق الدفاع عن البيئة " كورينا هورتا " لمشروع فى غينيا قامت بزيارته عام 1992 ، وكان البنك قد تلقى شكوى بشأنه ، فكتبت : إن أبرز ما يظهر من هذا المشروع الزراعى فى منطقة الغابات هو مجموعة من الفيللات المبنية على الطراز الغربى ، ووفقا لمواصفات قررتها مجموعة من الخبراء تعيش فى بلدة " سيريدون " السغيرة ، وهذه المستوطنة التى يسكنها الخبراء تصم أربع فيللات حديثة ، وتمثل نقيضا صارخا للبناء المتواضع والفقير الذى تقيم فيه إدارة الغابات ، حيث يفتقد المياه الجارية والكهرباء ، مع أنه لا يبعد إلا مسافة قصيرة عن الفيللات التى بناها الخبراء المسئولون عن مشروع رعاية وتطوير شئون الغابات . أما اللافت للنظر فهو أن إدارة الغابات فى المنطقة عاجزة عن توفير أكثر من ستة حراس لحماية 260 الف أكر من الغابات ، و.. يا للمصادفة ، إنه نفس العدد من الحراس الذين يقومون على حماية فيللات المستشارين (!) . مستشارون أميون وهنا ربما يقال إن هؤلاء الخبراء والمستشارين الذين يطلب البنك التعاقد معهم يمثلون " زيدة " المعرفة الغربية ، ولكن فى حاجة بنجلاديش مثلا فإن 42 % من هؤلاء المستشارين يحملون شهادات ودراسات عليا جامعية ، و28 % منهم لا يحلمون إلا شهادة التخرج من الجامعة ، و15 % يحملون فقط الثانوية العامة بالإضافة إلى اثنين بالمائة من السمتشارين لا يحملون أى شهادة مدرسية على الإطلاق(!). ومع أن من بين مهمات المستشار أو الخبير الأجنبى أن يقوم بتدريب مجموعة من أهل البلاد لى القيام بعمله إلا أنه ، ووفقا لخبير كان يعمل فى غينيا الاستوائية ، فإن معظم هؤلاء الخبراء لا يرحب كثيرا بمسألة التدريب هذه مما يضطر الحكومة إلى تجديد التعاقد معه ، سنة بعد أخرى ، وهناك واحد من هؤلاء حصل على نصف مليون دولار عبر تحديد التعاقد . أرقام طازجة هنا ، لعله من المفيد العودة إلى البنك الدولى فى التقرير السنوى لعام 1997 ، حيث تقرأ فى الصفحة 180 ، وتحت بند " مدفوعات البنك الدولى للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية للبلدان الموردة مقابل التوريدات الخارجية " ، نقرأ الأرقام التالية التى حصلت عليها البلدان الموردة مقدرة بملايين الدولارات الأمريكية : فرنسا " 8008 " ملايين ، ألمانيا " 12794 " مليونا ، اليابان " 14590 " مليونا ، المملكة المتحدة " 8426 " مليونا ، الولايات المتحدة " 22016 " مليونا . أى أن هذه الدول الأكثر مساهمة فى البنك الدولى هى الدول ذاتها التى تحصل شركاتها على أكبر عقود ممكنه من مشاريع البنك ، وهى مشاريع تهدف فى الأساس إلى تنمية العالم الثالث ومساعدة فقرائه ، ولكن عندما تسترد الدول السماهمة والغنية ما دفعته مع الفوائد ، وعندما يلتهم خبراؤها ومستشاروها كتلة نقدية خيالية من المسئولين فى الدول المقترضة على عمولة قد تصل إلى ثلثى كلفة المشروع ، عندئذ يصبح مشروعا أن نطرج السؤال : من يساعد من ؟
|