طرائف عربية

طرائف عربية

زمن من بهجة

سارة والعقاد

خلد المفكر الكبير عباس العقاد اسم سارة وأطلقها حية في ذاكرة الأدب العربي عندما كتب روايته "سارة"

هل تعرف كيف تعرف العقاد على سارة؟

للعقاد قوة المنطق، وضراوة المفكر الذي لا يعرف الهزل.

وسارة فتاة من لبنان كان اسمها "اليس" تعرف عليها العقاد عندما ذهب ليقابل صديقه "محمد صبري السمبوني" في البنسيون الذي يقطنه.

"للعلم" محمد صبري في الرواية هو الأستاذ زاهي.

كان البنسيون يقع في شارع الأهرام بمصر الجديدة وكان اسمه فيلا "متتروس" وكانت تديره خياطة إيطالية اسمها "ماريانا"، عندما التقاها العقاد كانت تقف بجوارها فتاة جميلة مشغولة بتأمل فستان في يدها، وعندما سأل العقاد عن صديقه أخبرته المدام بأنه خرج وسوف يعود، واضطر العقاد للانتظار، وبينما كان العقاد يتكلم مع المدام تدخلت الفتاة فى الحديث، وعندما ناداها العقاد بالآنسة غضبت منه وأخبرته بأنها بالرغم من ربيع عمرها فإنها أم لولد وبنت. بهرت "سارة" العقاد. كانت جميلة ومشرقة الوجه، تشع عيناها ببريق تختلط فيه الفرحة والاستبشار بالحياة، بضوء كأنه الأمل المستحيل.

وحين انصرفت المدام نسي العقاد نفسه وانحنى يقبل الفتاة "سارة" أو "اليس" وبعد أن فعلها خجل وظن أن الفتاة سوف تسبه وتفرج عليه الكبير والصغير، لكنها لم تفعل بل اكتفت بان تقول:

"لقد آذاني شاربك الطويل، ليتك تحفه قليلا".

بعدها كانت القصة الوحيدة في حياة العقاد والتي كانت اسمها "سارة".

خارج النص

بلغ الولع بالمستمع العربي أنه عشق يا ليل يا عين إلى حد الوله، وتمنى من كل روحه أن يسمعها في كل دور يغنيه المطربون.

رحم الله الشيخ "إبراهيم الدباغ" الذي جاء مصر من يافا بفلسطين عاشقا للشعر والغناء، حتى أن فطاحل ذلك الوقت مثل الشيخ سلامة ومحمد عثمان وعبدالحي حلمي ومنيرة المهدية قد غنوا له.

جاء الدباغ من فلسطين حين قابل هناك عبدالله النديم فسحره، عندما رآه يخطب مرتجلا في جمع من الناس.

كان الشيخ الدباغ يحضر حفلة في مسرح الشيخ سلامة حجازي وكان الشيخ سلامة يمثل مسرحية بعنوان "ضحية الغواية" وكان الشيخ يغني قصيدة "سلي النجوم أيا شارلوت عن سهري" وفجأة ارتفع صوت أحد المحامين:

"والنبي يا مولانا يا ليل من خارج النص" توقف الشيخ، وتوقفت المسرحية، وسيطرت حالة من رغبة الحضور في سماع يا ليل.

نظر الشيخ سلامة في الصالة فوجد الشاعر الدباغ فاستدعاه فورا وسأله:

هل يمكن أن تؤلف بيتا فيه يا ليل؟

فأجابه الدباغ: حبا وكرامة، ثم أنشده:

صبرت حينا على بَيْن رُميتُ به ..

وأنت يا ليل لم تطلع سنا قمري

وأعلن الشيخ أنه سيعيد إنشاد القصيدة بناء على طلب الجماهير، وبها يا ليل وظل يردد البيت خارج النص حتى صُبُح الصباح.

خطبة تسقط الحكومة

تم الاتفاق على وضع الأساس للمدينة الجامعية أيام وزارة النقراشي باشا الأولى في مصر، وكان مقررا أن يحضر الاحتفال الملك فاروق.

مضى إسماعيل باشا تيمور وكان أمينا في القصر الملكي ليعاين المكان فوجده وقد طمره طلبة الجامعة بالطين والتراب وأوراق الشجر وبكل ما في الشارع من مخلفات.

رجع تيمور باشا وأخبر الملك بما رأى فأمره الملك أن يسأل دولة النقراشي عن هذا الأمر. لما علم النقراشي اتصل بمدير مصلحة التنظيم ورفعت الأحمال في ساعات، ثم أصدر أوامره بمنع طلبة الجامعة من الحضور، خوفا من الهتافات العدائية.

لم يحضر الاحتفالات غير الحاشية والوزراء، كان وزير المعارف لا يعرف بما جرى وكان سعادته من أكبر الغافلين، وابتدأ خطبته بأن قال:

أبنائي طلبة الجامعة، حسب ما هو معد سابقا في خطابه. انكمش النقراشي في بعضه.

وهمس: الله يكسفك.

وارتفع صوت الملك: أين أولئك الأبناء يا غشيم؟

وزلزل الوزير ولم يكمل خطابه، وانصرف الملك غاضبا بعد أن أمر النقراشي بالاستقالة.

أم كلثوم بين أبريل والموسيقيين

ذات يوم عاد إلى بيته شيخ عازفي القانون في تاريخ الغناء العربي "محمد عبده صالح"، ضابط تخت الغناء في فرقة أم كلثوم الموسيقية، فوجد أن أم كلثوم قد اتصلت به أربع مرات، وطلبت منه أن يتصل بمحمد القصبجي الملحن الكبير بالإسكئدرية وأن يتقابلا بطنطا ليسافرا منها إلى إحدى قرى الأرياف لأن عمدتها الحاج "شلبي" سوف يقيم فرحا عظيما، وأنها سوف تلحق بهـم هناك. يقول "محمد عبده صالح": ركبت الديزل إلى طنطا وانتظرت القصبجي حتى جاء.. وبدأنا البحث عن العنوان. كنا نظن القرية من ضواحي المدينة، أو على الأقل قريبة منها، لكنهم أخبرونا أن علينا أن نأخذ تاكسيا إلى الطريق الزراعي، ثم نعبر نهـرا، ثم نركب ركوبة تحملنا حتى نصل إلى هذه القرية.

وسرنا ننتقل من مكان إلى مكان يوغل بنا الوقت وأحمل قانوني على كتفي، والقصبجي عوده ينهكه، وقد دخل علينا الليل القروي.

وحين قابلنا العمدة أخذنا بالأحضان لأنه كان يعرفنا، وكانت القرية غارقة في الهدوء، لا صوت لعرس أو فرح أو احتفال.

كانت الساعة قد قاربت منتصف الليل وكان العمدة يبدي اعتذاره، يضرب كفا بكف، وفجأة صلصل جرس التليفون وكانت المتحدثة أم كلثوم.

طلبت العمدة قائلة:

- "القصبجي وعبده موجودين عندك يا عمدة" ؟

أجاب: "ايوه مشرفين أهمه".

قالت وقد انفجرت ضحكتها:

- "قل لهم مبروك المقلب، وكل سنة وهم طيبين.. النهاردة أول أبريل".

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات