إلى أن نلتقي

إلى أن نلتقي

الغزل و .. الوسم

قرأت عن كتاب الخبيرة الفنلندية إيلا كاساري التي أكدت أن "الغزل" هو مثل الفيتامين منعش ونافع للصحة ويجلب العافية. وصدقت الخبيرة الفنلندية باعتبارنا نعيش عصر الخبراء، فكل نشاط من أنشطة الحياة صار يحتاج إلى جيوش من الخبراء لاكتشافه وفهمه، وبما أن معظمنا ليس خبيرا في "الغزل" فقد كنا نغازل بخجل، بينما بعد ما قالته الخبيرة صار باستطاعة الواحد أن يغازل حتى أمام زوجته، تماما كما يتناول حبة الفيتامين، أو يذهب إلى الصيدلية لشراء دواء للرشح.

مع ذلك فإن ثلاثة أرباع نساء الأرض من المتزوجات لم يصدقن الخبيرة الفنلندية لأنها لم تقل أن الغزل ينبغي أن يقتصر على الزوجات فقط، بل تركت جميع أبواب الغزل مفتوحة على مصاريعها أمام الأزواج .. للحفاظ على رشاقتهـم النفسية وعافيتهم الجسدية.

هؤلاء الزوجات يصدقن الخبيرة الهولندية، وليس الفنلندية التي كانت أول من كشف أن الموسيقى تجعل البقرة الحلوب تعطي حليبا أكثر.. وقامت بعشرات التجارب أثبتت خلالها صحة نظريتها، ثم تحولت النظرية إلى صناعة ثقيلة تقوم على تزويد مزارع البقر بأجهزة تبث الموسيقى، فترتاح البقرة نفسيا وتطلق العنان لأثدائها كي تعطي أكبر قدر ممكن من الحليب، وقد سمعت أخيرا من صديق هولندي أن هناك شركة تعمل حالياعلى تطوير هذه الصناعة، بحيث يتم تزويد كل بقرة بما نسميه "هدفون" يثبت على الأذنين فتكون الاستجابة أكثر سرعة، كما أن الخبراء قد اكتشفوا أن البقر الهولندي خاصة متنوع الأمزجة، وليس مثل بعض شعوب العالم الثالث التي تهب على أقدامها ما إن تسمع اسم القائد الملهم، وبالتالي فقد قرر هؤلاء الخبراء التعاون مع الشركة على تطوير موسيقى خاصة بمزاج كل بقرة، بانتظار أن يكتشف أحدهم "النشيد الوطني" الذي يستجيب له جميع بقر الأرض! ولا أعرف كيف تصدق النساء أن الموسيقى يمكن أن تؤثر في بقرة حلوب، بينما يرفضن تصديق أن الغزل يمكن أن يؤثر في زوج "حلوب" لا يبقين في جيبه دينارا واحدا وقبل أن ينتصف الشهر؟ أعتقد أن الإجابة تحتاج إلى خبير أيضا، ولكن ربما من المفيد أن نطرح السؤال بطريقة مختلفة، فالخبيرة الفنلندية قالت إن الغزل نافع للطرفين، المرسل والمتلقي، يعني المدير والسكرتيرة مثلا، فلماذا جاء الاحتجاج من النساء مع أن العافية سوف تشملهن؟

ربما يقول الخبراء إن العالم عموما يحكمه الرجل، وأن الرجل هو غالبا من يبدأ بالمغازلة، وأنه بالتالي سوف يتحكم وحده بعملية "الأمن الغزلي" على وزن الأمن الغذائي والأمن القومي، ومن هنا فإنه سوف يكون المستفيد الأول من هذه النظرية.

وقد سألت سيدة متزوجة إذا كانت تهتم بصحة زوجها، فأجابت: بالطبع، إنني أتعب في طبخ وجبات تتوافر فيها كل أنواع الفيتامينات، كما أنه عندما يصاب بتصلب في رقبته أو في عموده الفقري فإنني أنا من يقوم بتدليكه.. أما إذا أصابته نزلة برد أو حمى فأنا أيضا من يسهر على توفير الكمادات وتغييرها طوال الليل.

وسألتها: وإذا قلت لك إن هذه المهمات الشاقة التي تقومين بها يمكن أن تتوافر كلها إذا ما سمحت لزوجك بأن "يغازل" أخرى... ولم تدعني السيدة أكمل سؤالي، إذ قالت بحزم: ألم تسمع بالوسم؟ كنا نحمل مرضانا إلى الطبيب العربي، وكان يحمي الحديد ويقوم بوسم المصاب، سواء بالحمى أو بتصلب الرقبة والعمود الفقري .. أعتقد أن الوسم أشد فعالية من الغزل.. وربما نعود إليه للحفاظ على عافية. . أزواجنا.

... ونظرت حولي باحثا عن مخرج!.

 

أنور الياسين

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات