عندما تتزوج المرأة قبل أن تكمل تعليمها أمينة شفيق

     لا يمكن لأي أسرة أن تعيش في وفاق عقلي وثقافي إلا إذا تقاربت أو تلاشت الفروق الثقافية بين أفرادها، وتحديدا بين قطبيها الأساسيين، الزوج والزوجة.

فالانسجام العام الذي تحققه الأسرة لا يكون على أساس الظروف المادية المتاحة لها فحسب. هذا ضروري، ولكن تأتي الظروف الثقافية والتعليمية ودرجة تجانس الوعي العام لأفرادها كأساس آخر يبنى عليه الانسجام الأقوى.

في إطار من موروثاتنا الاجتماعية نجد خللا في علاقتنا الثقافية، فإلى الآن لا تزال جموع غفيرة من نسائنا خارج الإطار المدرسي النظامي. لا تزال المرأة العربية خارج إطار ما يسمى بالمؤسسة الثقافية العامة. عدد غير قليل من نسائنا أميات، وعدد آخر يجيد القراءة والكتابة، وعدد ثالث حاصل على شهادات متوسطة، وعدد قليل حاصل على شهادات جامعية. تلك هي الظروف التي نطالب بتغييرها بحيث نقضي على الأمية في صفوف نسائنا، وأن نتيج لهن فرصة النمو التعليمي العام، وبحيث يزداد وعيهن وترقى مداركهن .

الذي يقلقنا الآن هو أن تفاوتا تعليميا يحدث بين الذكور والإناث. فعدد الذكور المتعلمين أكبر من عدد الإناث المتعلمات. ينتج عن هذه الحقائق تفاوت في المستوى التعليمي والثقافي. تتعاظم المشكلة عندما يتزوج الذكور المتعلمون من الإناث غير المتعلمات. وقد لا تقف المشكلة عند علاقة الزوجين بالرغم من خطورتها على الحياة الزوجية، إلا أن تلك الخطورة تتجاوز تلك العلاقة لتصل إلى علاة الأم بالأبناء ذاتها.

وقد تجسدت هذه المشكلة في رسالة جاءت إلى البيت العربي ملخصها : أشعر بفروق كثيرة بيني وبين زوجي. فهو يتحدث لغة لا أفهمها . يعالج مشكلاته بعيداً عني وكأني لست شريكة حياته.

لم ينته الحب بيننا. كذلك لم ينته الاحترام المتبادل ، لكني أشعر بفتور في العلاقة اليومية، لأن الحور انقطع بيننا ولا يكاد يخرج عن إطار تسيير أمور البيت والأولاد كثيراً، بل دائما ما يلجأ زوجي إلى أصدقائه لمناقشة مشاكله المهمة كالمشاكل التي تعترض أمور عمله أو القضايا العامة التي تهمه. يلجأ زوجي إلى أصدقائه طالبا المساعدة في اتخاذ القرار الحاسم الذي يريده . عادة لا يلجأ إلي أبدا في مثل هذه الأمور.

أعلم أن الفارق العلمي الكبير يفصلني عنه، فهو خريج جامعة، أما أنا فأكاد أقرأ وأكتب.

ماذا أفعل حتى أقرب المسافة بينه وبيني، ومتى أحل مكان الأصدقاء في حواره العقلي؟

تلك كانت الرسالة التي حاولنا أن نجيب عليها في مقالين يناقشان أهمية تجاوز الفروق العلمية بين الزوج والزوجة، ثم أهمية أن ترفع الأم من عملها وثقافتها لمواكبة تطور أبنائها.