المنطقة الشرقية بعُمان بوابة البحر والصحراء

المنطقة الشرقية بعُمان بوابة البحر والصحراء

تصوير: حسين لاري

في كل مرة أزور عمان تكشف لي عن وجه جديد من وجوها، وهي الخاصية التي لا تملكها بلدان كثيرة، فهذا الغنى في التنوع ما بين تضاريس سهلة وجبال ممتنعة وما بين صحراء ممتدة وبحر زاخر قد أعطى عمان مذاقا فريدا، وجعل تجربة أهلها تجربة مليئة بالغنى والتنوع، كأنها بشكل أو بآخر اختصار لتراث الخبرات البشرية تجمع في مكان واحد، هناك الفلاحون الذين زرعوا الوديان وحفروا الأفلاج العميقة في جوف الصخر، والرعاة الذين حفظوا تضاريس الصحراء ككف اليد وتحملوا شظفها، والذين سكنوا وعورة الجبال، والذين ركبوا البحر وتحملوا هول أمواجه، وهل سلكت البشرية طوال تاريخها غير هذه السبل؟

بداية الرحلة كانت في مكتب وكيل وزير الإعلام حمد الراشدي الذي قال لنا: سوف تذهبون إلي رأس الحد، أبعد نقطة في عآلمنا العريي، قلت له: كنت أحسب أن رأس مسندم هي أبعد هذه النقاط؟ قال وهـو ينهض: دعنا نر ذلك على الخريطة، ولكى يؤكد كلامه نهض واقفا وأخذ يشير إلي خريطة خلف مكتبه، كانت رأس الحد بالفعل هي أبعد قطعة من الأرض ممتدة وسط مياه الخليج العربي على شكل رأس مثلث. وأضاف: لقد كانت هذه المنطقة مخبأ مهما لسفن الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية، بل إن مياه البحر في هذه المنطقة مختلفة عن أي مكان آخر، فالبحر في شمالها مختلف عن جنوبها وسوف ترون ذلك بأنفسكم.

في المساء كان لنا لقاء آخر، كان في صحبة الشاعر العماني سيف الرحبي رئيس تحرير مجلة (نزوي)، وطاف بنا الحديث في أرجاء كل شيء، من مباهج الثقافة حتى أحزان الوضع؟ العربي، وفي الحقيقة قل أن يلتقي عرييان دون أن يتبادلا مراسيم الحزن على الوضع العربي الراهن، ولكن سيف هذه المرة كان شاهدا ومشاركا في تربة جديدة يستعد المجتمع العماني كي يخوضها فقد أصبح عضوا في أول مجلس للدولة يضم الخبرات العمانية الرفيعة المستوى من مختلف التخصصات، ومهمته هي دراسة مختلف القضايا بموضوعية وإعداد الدراسات عنها، وكذلك المساهمة في إيجاد حلول لهذه المشاكل وهو مثل حلقة الوصل بين مجلس الشورى ومجلس الوزراء أي بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، كان السناتور، سيف الرحبي- كما أصبح أصدقاؤه يطلقون عليه- مقدما على التجربة وهو متهيب، خائف من أن تستنفد السياسة طاقة الشعر الموجودة داخله، كان يمثل حالة الكثير من المثقفين في عزوفهم عن الاقتراب من مراكز صنع القرار؟ ولكن أليس لهذا السبب تلفت كل السياسات وأصبحنا نبكي على أطلال كل السياسات العريية؟، أليس من المهم أن يكون للمثقفين دور أكثر تأثيرا في صنع هذه السياسة بدلا من أن نتركها للمحترفين الذين أتلفوها طويلا؟ على أي حال حملت أسئلتي وبدأنا السفر، لم أكن أدري أن أمامنا رحلة أمامنا رحلة طويلة، لقد وقعت ضحية الخرائط التي تبسط التضاريس وتقرب المسافات، فقد كنت أحسب أن الوصول إلى جزيرة مصيرة لا يستلزم أكثر من إطلاله على البحر من مدينة صور، ولكن على أرض الواقع تبين أن الطرق التي تؤدي إلى هذه الجزيرة عليها أن تخترق مسافات وعرة وسط الصحراء الشرقية المنبسطة والشديدة الغور في آن واحد، فالمنطقة الشرقية من عمان تزج بين بيئات ثلاث، الصحراء الممتدة التي لم تكتشف إمكاناتها الحقيقية بعد، والتي تعد البيئة الطبيعية لتنمية ثروة الرعي، ولعل أصدق مثال لذلك شهرة مدينة بإقامة سباقات الخيل والهجن، وثانية هذه البيئات هي البحر الذي تمتد سواحله لتصل الخليج ببحر العرب، حيث خرج الصيادون والمقاتلون وطلبوا الرزق الحلال، وقد كانت أسماك القرش التي تكثر في هذه المنطقة تقف لهم بالمرصاد، ولكن الصيادين لا يتراجعون بل يحققون صيدا سنويا يبلغ حوالي 27 طنا وهو يمثل ثروة غذائية خاصة للسلطنة، أما ثالثة هذه البيئات فهي المدن التي تمتزج على طرقها الأسفلتية عناصر البحر والصحراء، وهكذا تمتد المنطقة الشرقية في تفاعل بين الجغرافيا والتاريخ، ففي قلهات أقام مالك بن فهر الأزدي عاصمته منذ 2500 عام، وإلى مصيرة أبحر الإسكندر، وعند رأس الحد اختبأت سفن الحلفاء وما زالت مداخل الميناء المتعرجة تمثل المأوى للسفن المعصوف بها.

بوابة الصحراء

سارت بنا السيارة على مسافة نصف يوم كامل حتى نقضي الليل في مدينة سناو التي تعتبر البوابة للصحراء الشرقية، وكان من الممتع أن نتجول على أقدامنا في هذه المدينة الهادئة بعيدا عن سيارات مسقط الصاخبة، وسوق سناوهو السوق الرئيسي لكل أنواع الأغنام في المنطقة الشرقية ورائحتها لا تغادره ليلا أو نهارا، وهي تهيمن على كل ما يحيط بها من حوانيت الصناعات التقليدية، والكثير من الصناعات يحافظ عليها شيوخ من كبار السن ما زالو يحملون في أعماقهم سر الصنعة ويجدون متعتهم في ممارستها، أحد الشيوخ قال لنا لماذا لا تذهبون لزيارة بيت سعد بن علي العامري داخل المدينة سوف يرحب بكم وتجدون فيه آثارا من كل تلك الصناعات التقليدية، في البداية حسبت أنه يعني متحفا حكوميا صغيرا ولكن الأمركان مبادرة أهلية من واحد بن عشاق هذا الفن التراثي استطاع أن يحول بيته الصغير إلى مركز المأثورات، وقام بجمعها من مختلف أجزاء الصحراء عندما توجهنا إليه لم يكن موجودا ولكن أهله أصروا على دخولنا وقدموا لنا القهوة والتمر قبل أن تعرض زوجته أمامنا مقتنياتها بطريقة لا تخلو من الاعتزاز، أجزاء من أنسجة السدو وصناديق عرس مصنوعة من سعف النخل وأسرجة من الجلد المدبوغ وقرب للماء ومصابيح صدئة وخناجر مطوسة من الفضة. كانوا قد جمعوا بدأب شديد كل الأدوات المهددة بالانقراض أمام زحف التقدم، تحدثت إلينا زوجته، من تحت نقابهـا الذي يبدو أنها لا تخلعه أبداً، بحب وهوس عن تاريخ كل قطعة في المنزل، وكيف كانت تستعمل وكيف تم العثور عليها، لم أكن أفهم الكثير من لهجتها البدوية السريعة الإيقاع ولكنها أخذتني معه رغما عني إلى ذلك الإحساس بقوة ما تمثلة البرية في نفوسهم قالت في تفاخر وأضح: منذ عام جاء التلفزيون الإيطالي إلى بيتنا وقام بتصوير كل هذه الأشياء، لقد شاهدنا بيتنا بواسطة "الدش"

فنون البدو التقليدية مازالت موجودة وتتمتع بالحياة ، وتعتمد صناعة نسيج السدو بالدرجة الأولى على وجود قطعان الرعي، وفي تخضع بطبيعة الحال إلى نوع من تقسيم العمل، ففي الوقت الذي يقوم، فيه الرجال برعي الماعز والأغنام، تقوم النساء بنسج صوفها لتوفير احتياجات الأسرة ولتجهيز- العرائس، ومن حسن الحظ أنه تنتشر في الصحرأء الشرقية أنواع من الماعز ذات الشعر الطويل والألوان المختلفة، ويتم قص هذا الشعر بتمرير السكين على مكان الخصلة، وهي مهمة يقوم بها الرعاة والنساء البدويات، وهو صوف متين تصنع منه الحبال، أما أصواف الخراف التي هي أكثرنعومة فهي تقص ثم يتم تنقيتها من النفايات وتبدأ النساجة بعد ذلك في، لفها في جدائل طويلة قبل أن تتم صباغتها، واللون الأحمر هو أقوى الألوان وهو يتم باستخدام نبات الفوه الذي يجري استيراده من الهند، ثم يجف ويعلق على الأنوال المنزلية الصغيرة، ومن المدهش أن تقويم هذه الأنوال بصنع هذه الأنسجة الجميلة المعقدة الأشكال، ولابد أن الأمر يحتاج إلى نوع مديد من الصبر يفوق صبر بينلوبي الذي تحدثنا عنه الأساطير.

على حافة البحر

في الصباح كان علينا أن نواصل بقية السفرة إلى بلدة " شنا" التي تقع تماما على الشاطىء في مواجهة جزيرة مصيرة، كان أمامنا حوالي مائتي كيلو متر، الجزء الأكبر والأصعب يبدأ عندما ينتهي الأسفلت، حيث تبدو الصحراء الشرقية بكل اتساعها وبريتها وبكل ما تثيره في النفس من مخاوف، وكانت مشاهد السيارات المعطلة على الجانبين تزيد من هذه المخاوف، توقفنا قليلا عند كوخ خشبي حولته امرأة بدوية كاستراحة على مفترق الطرق للصحراء، كان هناك جمع من الزائرين الأجانب يتناولون المرطبات وهم متناثرون وسط الكثبان، أثارت واحدة منهم انتباهي، كانت تلف رأسها بعمامة عمانية بطريقة ماهرة وكانت كلماتها خليطا من العربية والإنجليزية، كانت هي التي تقود خطى هذا الوفد الألماني عبر ربوع المنطقة الشرقية وتحفظ معالمها أكثر مما تحفظ معالم (بافاريا) السلطنة وتحولت إلي (دليل)، للزائرين- التي جاءت منها، كانت عاشقة للصحراء كما قالت لي، جاءت إلى عمان للمرة الأولى مع زوجها، وهنا غمرها الدفء، دفء من وهج الرمل ومن مودة الناس، وعندما حانت لحظة الرحيل، وجدت نفسها غير قادرة على العودة إلى برد الشمال، رحل زوجها وبقيت هنا وتحولت بالتدريج إلى رحالة نهمة في ربوع عمان كلما زارت منطقة ازدادت لهفتها لرؤية المزيد، وتحول عشقها إلى العديد من الأكل الأفواج التي أصبحت تزور السلطنة متأثرة بها، قلت لها: ولكن لماذا تعشقين عمان لهذه الدرجة؟ قالت وهي تبتسم: أعتقد أن هكذا يجب أن يكون العالم.

كانت عائدة من مصيرة وكنا متجهين إليها، وبدأت السيارة في التكافز بنا فوق آلطريق غير الممهد، ولأنني فلاح من أعماق الأرض السوداء فإن هيبتي من الصحراء تكون دائما شديدة الوطأة، إنها اللانهاية التي تذكرك بالمصير البشري، ذلك لأنني أعد مسافاتها بالأمتار، وقد قدر لي أن أجتاز في عمان العديد من هذه المفازات، في جادة الحراسيس على أطراف الربع الخالي، وفي المنطقة الشرقية، في البداية كانت الجبال العالية تبعث في النفس بعضا من المؤانسة، كما لو أنك طوال الوقت في رفقة من يقوم بحراستك، ولكن عندما تكون الصحرء مستوية وممتدة أمامك فإن الرعب الذي تثيره يكون كبيراً، كانت الصحراء تواصل تغيرها على مدى عيوننا، ولانعدام أحيانا رؤية بعض القرى المتناثرة، ولكن الشيء المثير للدهشة أن الخدمات التي كانت تقدمها الدولة تصل إلى كل مكان مهما كان نائيا، بل إن سلطنة عمان تعتبر من الدول النادرة التي حولت طائرات الهليكوبتر إلى وسائل نقل شعبية تحمل الفلاحين وحيواناتهم ومنتجاتهم من المناطق النائية إلى الأسواق.

وبرغم قسوة الصحراء وجفافها فمن الصعب على ساكنيها الحياة خارجها، وهي ليست خالية من المزروعات كما يتبدى لنا للوهلة الأولى، ففي كل مسافة كانت تبرز أمامنا مجموعة من الأشجار التي تنبت ورقا أخضر رغم لونها الرمادي، عرفت فيما بعد أنها شجرة الشيشلان وهي واحدة من أهم الأشجار بالنسبة للبدو، وهي شجرة فريدة ونبيلة أيضا، تنمو في أشد المناطق جفافا على شدة نحولها فهي تمثل القدرة على مقاومة عواصف الصحراء، وهي لا تجود بظلها فقط ولكنها تقدم الطعام اللازم للحيوان والحطب لوقود الإنسان، وحتى عندما تحاصرها الرمال من كل جانب فهي تقاوم ذلك عن طريق الإنبات الجانبي والرأسي، ويقال إن الذي يحافظ على حياة هذه الشجرة هو جذورها البالغة الطول التي تصل أحيانا إلى 60 مترا، أي أنها تستمد ماءها من الطبقات العميقة وهو الأمر الذي يساعدها على مقاومة أشد فترات القحط، وقد اكتشف أهل عمان هذه الخاصية الفريدة فتم استخدامها كجزء من برنامج تشجير المناطق القاحلة في عمان.

نقترب من شاطئ البحر، نعرف ذلك عندما تتغير طبيعة الصحراء ويختلط الرمل بذرات الملح وتصبح المساحات الممتدة أمامنا بيضاء اللون، نجد العبّارة التي سوف تقلنا إلى الجزيرة راسية في الانتظار، نسرع بالدخول آملين أن نصل إلى مصيرة في وقت مبكر، وسرعان ما نتبين أنه ليس للعبارة وقت محدد للسير، فهي لا تبحر إلا إذا بلغت حمولتها أربع سيارات، طال الوقت او قصر، وهكذا بدانا لعبة الانتظار، جاءت سيارة وأخرى ولم تات الرابعة، ولأنني قد جربت مشاق الطريق الذي جئنا منه، فقد أدركت أن جلستنا سوف تطول، نزلت أنا وزميلي المصور نستكشف الشاطئ الخالي إلا من بضعة أكواخ متفرقة من الصفيح، وكانت أسراب النوارس تتمشى بمهل، تاركة آثار مخالها على الشاطئ غير آبهة بحركة البشر القليلين، تدور أمامنا مساومة كبيرة لشراء السمك، يأتي من البحر أحد قوارب الصيد وهو محمل بالعشرات من سمك "الكنعد" الضخم، لا يبقى واقفا في الانتظار طويلا حتى تظهر سيارة نقل صغيرة جرى تحويلها إلى خزان صغير للثلج، إنها الإنقاذ الوحيد للقارب المترع بالسمك، كل سمكة مهما كبر حجمها وزاد وزنها بريال واحد، "أقل قليلا من 3 دولارات" يحاول الصياد المجادلة، ولكن السمك الراقد في القارب تحت الشمس الحارة والثلج البعيد المنال يجعله يقبل، وتبدأ عملية فحص السمك، فالمشتري يمسك بكل سمكة ويفتح خياشيمها أولا، ثم يضعها في العربة وسط الثلج أو يلقيها على الشاطئ لأنها تالفة، وبالتدريج بدأت كومة السمك التالف في الارتفاع حتى أصبحت تلا صغيراً، سألت في فزع: ماذا سيحدث لكل هذه الكمية من الأسماك، قالوا في هدوء: لا شئ، ستعود للبحر مرة أخرى ولكن بلا حياة، كان الصياد يدفع ثمن قاربه الصغير غير المجهز بوسائل الحفظ المناسبة.

أخيرا بعد انتظار دام أكثر من ساعتين ظهرت السيارة الرابعة، ودبت الحياة في ماكينات العبارة وبدأت رحلتنا إلى مصيرة التي كان من المقرر لها أن تستغرق زهاء الساعة، فوق مياه بالغة الخضرة وبدأ الهواء يهب قليلا، وارتفع دولفين في الهواء مكونا دائرة صغيرة من رذاذ الماء اختفى سريعا، للبحر في عمان سحر خاص، ولعل هذا ما دفع أهلها للخروج إليه وتقبل أهواله في سعيهم إلى الرزق والمغامرة، فلا توجد الا مناطق قليلة تمنحك هذا التنوع الذي تجده في بحر عمان وبتلك الوفرة في الحياة الطبيعية وبهذه الدرجة من صفاء الماء قل أن تجد لها نظيرا في أي مكان في العالم، فهناك على الشواطئ تعرجات من حقول المرجان، ويقال إن أفضل أنواعه هو الذي ينمو في اتجاه الشمال من جزيرة مصيرة، با أنه قد تم اكتشاف مستوطنة يوجد بها أنواع جديدة من الحيوانات المرجانية لم تكن معروفه من قبل، تمتد من جزيرة مصيرة حتى رأس الحد، كما أن الجزء المحمي من الجزيرة والذي يسمى خور مصيرة هو الموقع الذي تم فيه اكتشاف عروس البحر وهي تختلف عن عروس الأساطير، فهي سمراء اللون لها شريط أبيض خلف العينين وبأنف أبيض طويل، ويرجع هذا التنوع الخلاق إلى اختلاف درجات حرارة المياه واختلاف اتجاهات الريح الموسمية في الموقع الواحد، وقد شاهدنا هذا الأمر على الطبيعة حين وصلنا إلى مصيرة.

الجزيرة الهادئة تماما، فقد وصلنا إليها في ساعات القيلولة وقد قلت الحركة في شوارعها إلى حد كبير، بحثنا عبثا عن الفندق الوحيد الموجود في الجزيرة حتى أننا استعنا بالشرطة لمعرفة مكانه، كان في مقدمة الجزيرة بجانب المرسى تماما، ويبدو أننا قد مررنا عليه أكثر من مرة دون أن نفطن لوجوده، فلم تكن هناك لافته معلقة عليه، وكان مغلقا بعد أن قلت أعداد الرواد، ومع ذلك فقد كان نظيفا ومجهزا بكل شئ إلا الطعام، وبرغم عدد سكان الجزيرة القليلين نسبيا فهي أكبر حجما من جزيرة البحرين وتحتل موقعا مهما وسط الخليج العربي، وقد كان كل بحارة الخليج في الزمن السابق يمرون عليها لأنها كانت محطتهم الأخيرة قبل الخروج إلى بحرالعرب والانطلاق إلى الهند .

في مواجهتنا توجد سلسلة من التلال المتوسطة الارتفاع، فوق أعلى واحدة منها توجد كرة بالغة الضخامة، إنها علامة قاعدة الطيران لسلطنة عمان التي تشغل مساحة مهمة من الجزيرة وهي أهم منشآتها الحيوية، ولعل موقع مصيرة المهم الذي يقع في مواجهة قلب السلطنة تقريبا هو الذي جعل منها موقعا مميزا للطيران السلطاني ، وبعيدا عن أسوار القاعدة توجد أسوار أخرى تخص مركز إذاعة محطة الـ"بي بي سي" البريطانية التي اتخذت من مصيرة أيضاً مركزا لتقوية إرسالها للمنطقة العربية، وبعد ذلك فالجزيرة مفتوحة وبلا أسوار ، وهي تتكون من عدة قرى مثل دفيات والسمر ومرصيص التي يوجد فيها حصن أثري قديم، بعض هذه القرى مهجور بعد أن تغيرت الأماكن وتطورت طرق الحياة ، فهناك المساكن الجديدة التي تنظم في أحياء متكاملة الخدمات، والتي وفرتها الدولة لسكان الجزيرة، وعلى مبعدة منها هناك الأكواخ المعدنية الصدئة والتي أصبحت مهجورة الآن ، بون شاسع بين حياة الشظف وبين الحياة التي ينعم بها أهل مصيرة ألآن ويبلغ عددهم حوالي ثمانية الآف نسمة، ولأن الجزيرة تعتمد في موردها الأساسي على مواردها الغنية بالأسماك، وحتى لا تتكرر تلك المأساة التي شهدتها على الشاطئ فقد وجدت في الجزيرة العديد من مصانع تبريد وتغليف الأسماك وهي مصانع جيدة الإعداد ومحصولها وفير لأنه يعتمد على بحر من أغنى بحور العالم.

السلاحف الخضراء

وتمثل مصيرة نقطة لتلاقي المناخات والبحار المختلفة ، فالقسم الشمالي منها يطل على الخليج العربي بمياهه الخضراء الهادئة ودرجات الرطوبة والحرارة المرتفعة، أما الجزء الجنوبي من الجزيرة فهو يطل على بحر العرب المفتوح بمياهه الزرقاء وأمواجه التي لا تهدأ، كانما عالمان قد أجتمعا في مكان واحد، وكانت مصيرة دائما هي المحطة الرئيسية في بحر العرب ويقال إن الإسكندر المقدوني قد اتخذها قاعدة لهذا الغرض واطلق عليها اسم "سيرابيس" وبرغم أنها فقدت شهرتها في صناعة السفن فإنها ما زالت أجود مناطق السلطنة في صنع الشباك .

ولكن المساء كان يحمل لنا موعدا خاصا على شواطئ مصيرة . لقد كان موعدنا لنشهد إحدى الظواهر البحرية التي تتميز بها هذه الجزيرة وهي السلاحف الخضراء التي تخرج من الماء مع غروب كل شمس لتضع بيضها فوق رمال الجزيرة الناعمة، وتعود إلى البحر مع بزوغ أول خيوط الضوء، ويقال إن هناك حوالي 20 ألف سلحفاة تضع بيضها سنويا على الشواطئ العمانية ولكن القسم الأكبر بالتأكيد يتم على شواطئ مصيرة ورأس الحد ، وتعتبر عمان بذلك أهم محمية طبيعية في العالم للمحافظة على هذا النوع من السلاحف ، ومازالت دورة حياة السلاحف غامضة، فهي تخرج من بيضها وتقضي حياة طويلة تمتد لفترة تزيد على الثلاثين عاما بين البحر واليابسة في حياة غامضة متخفية عن أي وجود بشري، وأكبر أعداء السلاحف- بعد الإنسان بطبيعة الحال- هي طيور النورس فهي التي تلتقط بيضها وتمنع دورة تناسلها ، ومن حسن الحظ أن أطباق السلاحف الشهية ليست واسعة الانتشار في عمان وإلا لم تجد هذه السلاحف البيئة الآمنة التي تعيش فيها، ويصف كتاب قديم كتبة الرحالة الإغريقي " أجاثارشيدس" طريقة السلاحف الضخمة في هذه المنطقة بطريقة تجسد الذكاء الفطري للصياد العماني ومدى معرفته بسلوك الكائنات، فهم ينتظرون حتى يقبل الليل وتلجأ السلاحف الضخمة التي لا يقل حجمها عن حجم قارب صغير ألى المياه الساكنة للنوم وهي مقلوبة إلى ظهرها، يتوجه إليها سكان هذه الجزيرة في هذه الأثناء ويقومون بقلبها، ثم يواجهون جسمها بالكامل حتى لا تهرب منهم ويقوم أحد الأفراد بربط حبل طويل في ذيلها ويسبح بها إلى الشاطئ، وعندما يحملونها إلى الشاطئ يخبزون جميع اجزائها تحت أشعة الشمس يقيمون وليمة الصيد الكبرى ويستعملون غطاء السلحفاة لجلب الماء وللاحتماء أو للإبحار كقارب صغير، ويبدو أن الطبيعة قد وفرت للصيادين كل ما يحتاجون إليه في هدية واحدة، الطعام والإناء والمسكن والقارب.

صور.. درة البحر

تاخذنا العودة إلى مدينة "صور" إلى نفس المسار، نعبر مدن وقرى الصحراء الشرقية، وتبدو الجبال الشامخة المحيطة بالمدينة شديدة الوعورة، على الطريق البري إلى مدخل المدينة توجد بوابة قديمة كانت تتحكم قديما في الداخلين إلى المدينة والخارجين منها، كانت قبيلة المشرقي تستولي على المقدرات الموجودة في منطقة تتميز بتوسطها بين العوالم القديمة، ويمكن اعتبار أهل صور هم أول رواد للساحل الإفريقي، وقد وصف المسعودي صاحب "مروج الذهب" رحلته من عمان إلى شرق إفريقيا بصحبة هؤلاء التجار الأشداء من عرب الأزد عدة مرات، وقد وصف المخاطر والأهوال التي لاقاها في هذه المياه الإفريقية، عاش معهم ثلاث سنوات في شرق إفريقيا يراقبهم ويدون تصرفاتهم والطريقة التي يتاجرون بها مع السكان المحليين، وعندما عاد معهم إلى عمان لم ينس شوقه لهذه الارض فركب البحر مرة اخرى وعاد إلى شرق إفريقيا.

لقد قدر لي أن أعيش تجربة الملاحة في بحر شرق إفريقيا وأنا متجه إلى جزيرة زنجبار، وقد علمني البحر الهائج تجربة لن أنساها ما حييت، وقد سألت نفسي لحظتها، كيف استطاع بحارة عمان أن يتغلبوا على هذه الأهوال بسفنهم البدائية القديمة وقد ظل هذا السؤال معلقا حتى ذهبت إلى "صور" ورأيت طريقتهم في صنع السفن وعرفت سر هذه الخبرة العميقة التي اكتسبوها في صراعهم مع الموج، ففي مصنع ملئ بجذوع الشجر، لم تكن المطارق تتوقف عن الدق، كان جمعة بن حسين الربان والقلاف يمارس نفس الحرفة التي ورثها عن أجداده، كان يصنع "بوما" ضخما يستعد للإبحار في بحر العرب، قال لنا: إن كلفته سوف تصل إلى 25 ألف دينار "حوالي 75 الف دولار" دون الماكينة ولم ينس أن يضيف في فخر.. إنها تعرف الطريق إلى مومبسا وحدها.

في مكان آخر على الساحل كانت تقف السفينة "فتح الخير" في مواجهة مياه الخليج، إنها آخر سفينة من نوع "غنجة" التي كان يجيد صناعتها العمانيون، وقد كانت مبيعة في اليمن ولكن في إطار خطة السلطنة لاستعادة التراث القديم ثم شراؤها وإعادة ترميمها لتتحول إلى نصب تذكاري في هذا المكان. أما متحف المدينة وهو صغير نسبيا في أحد أحد أركان أحد الأندية الرياضية فهو حافل ببعض شواهد هذا الماضي، وشهرة صور في صناعة السفن تعود لمئات الأعوام. وقد نبت فيها جيل من القلاليف يعرفون كيف يختارون الأخشاب المناسبة والتي تأتي في معظمها من شواطئ الهند وحجم السفن المناسب لصنعها، وحتى عندما أراد المستكشف الإيرلندي "تيم سيفرن" أن يعود تجربة رحلات السندباد بنفس سفينته التقليدية تم بناء هذه السفينة في صور برغم أن اسمها صحار وقد أطلق عليها هذا الاسم لأنها المدينة التي خرج منها هذا الرحالة العربي القديم.

تعتبر عمان في الشرق العربي ومراكش في الغرب منه هما الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتين تمكنتا من التصدي للاستعمار القادم عن طريق البحر، وقد حققتا في هذا المجال إنجازات تاريخية باهرة، وقد تزامنت في عدة متقارية الضربة التي تلقاها البرتغاليون في الخليج مع هزيمتهم في وادي المخازن على أرض المغرب عام 1578 ويعود لعمان الفضل الأول في القضاء على الإمبراطورية البرتغالية في الشرق الإسلامي وهي الأمبراطورية التي تكونت مع بداية القرن السادس عشر وامتدت من سواحل البرتغال إلى سواحل الهند الغربية وامتلكت أقوى الأساطيل المعروفة في ذلك الوقت.

عندما صعدت دولة اليعاربة في عمان كانت تعاني من أكثر من حصار، في الخلف كانت صحراء الربع الحالي القاحلة، العدو الطبيعي والذي لاخلاص منه، وأمامهم البحر الذي كان محفوفا بالمخاطر، ولكن لم يكن هناك مفر من ركوبه، وهكذا بدأ العمانيون في تطوير سفنهم القديمة متأثرين بالسفن الأوربية التي اقتحمت الخليج، فاستخدموا المسمار وبذلك استطاعوا أن يبنوا سفنا أكبر ذات شراع مثلث يجعل هذه السفن أسرع، ولكن قبل ذلك كان لابد من تحرير طريق الذي يقودهم إلى البحر، خاصة أن معظم ا لقلاع والمباني المهمة في أيدي البرتغاليين، وقد بدأت هذه المسيرة الصعبة في عهد الإمام ناصر بن مرشد الذي بدأ حربه البرية لاستعادة مسقط وبقية المدن المحتلة من أيدي البرتغاليين وقد تحقق ذلك في عام 1949م.

وهكذا استطاعت البحرية العمانية أن تهبط إلى البحر وأن تبدأ مطاردتها للأسطول البرتغالي على السواحل الهندية والإفريقية، وعندما حاول البرتغاليون القيام بهجوم مضاد وإعادة الاستيلاء على مسقط مرة أخرى منوا بهزيمة ثقيلة، وفي عهد السلطان بن سيف كان الأسطول العماني قد تطور إلى درجة كبيرة مكنته من الاستعانه بالمدافع والسفن الكبيرة الحجم، وقد بني بعضها في الهند، وتم شراء البعض الآخر من الهولنديين، وقد أثارت هذه القوة قلق بقية الأساطيل الأوربية، لدرجو أن وصفها المؤرخ آن بروس قائلا: "كانت قوة العرب في مسقط من حيث الشحن والقوى البشرية هائلة بدرجة تثير الرعب في نفوس الاوربيين، وكل الدلائل تقول إنهم سوف يسيطرون على الخليج قريبا"، وقد تحقق الكثير من هذا القول، فقد اعتمد العمانيون دائما مع البرتغال على عنصر المفاجأة، بحيث لم يكن الأسطول البرتغالي يدري من أين تاتي الضربة، فقد طرودهم أولا من مواني "فارس" القريبة ثم اتجهت سفنهم بعد ذلك إلى المحيط ثم اتجهت سفنهم بعد ذلك إلى المحيط الهندي بحيث هاجمت قواعدهم في باسين وميناء بومباي، وبعد ذلك بسنوات قليلة كان الاسطول العماني يقف على السواحل الإفريقية حيث خاض معركة طويلة نجح فيها بالاستيلاء على قلعة المسيح في مومباسيا في عام 1698، ثم تبع ذلك سيطرتهم على بمبا وكلوه وزنجبار حتى تم طرد البرتغاليين من جميع قواعدهم الواقعة شمالي موزمبيق وأصبحت هذه المدينة جزءا من الأراضي التابعة لعمان.

عمان وقوة أسطولها

ولكن كيف استطاعت عمان أن تصل إلى هذه الدرجة من القوة بحيث تستطيع أن تهزم قوة أوروبية كانت تسود معظم العالم؟

لقد أثار هذا السؤال الكثير من الرحالة الأوربيين المهتمين بهذه المنطقة، وفي الحقيقة كان الأمر مزيجا من الخبرة والإمكانات المتوافرة، فقد استطاع سلاطنة عمان أن يقيموا صداقات قوية مع بعض أمراء الهند ضمن لهم مددا دائما من الأخشاب الصالحة لبناء السفن، وقد فكر الإنجليز بعد ذلك ان القضاء على البحرية العمانية لن يتاتى لهم الا بقطع هذه الصلات، وقد عبر الرحالة فايزر عن خشية بلاده بقوله: "من الضروري عدم استفزاز العمانيين إذ إننا لن نجني من ذلك سوى ضربات تكال لنا".

المشكلة في المصادر الأوربية التي تناولت هذا التاريخ البحري العماني أنها طبعته بطابع المركزية الأوربية التي تفسر تطلق عليها لقب "القرصنة" وهو الأمر الذي لم تفعله مع الأسطول البرتغالي الذي قدم إلى منطقة محتلا فقتل وسرق ونهب، وفي الوقت الذي كانت تكرم فيه إنجلترا قراصنتها الذين يقومون بالسطو على السفن الإسبانية، كانت تنظر باستنكار إلى القوة البحرية الصاعدة في الخليج وهي تحاول أن تؤمن نفسها وسواحلها، لقد عاش البرتغاليون في المناطق التي استولوا عليها في عزلة المستعمر، يسلبون ثم يختفون داخل قلاعهم الحصينة، بينما امتزج البحارة العمانيون بالسكان فتاجروا معهم وتزوجوا منهم وأحدثوا نوعا من التفاعل البشري نتج عنه الجيل السواحيلي المنتشر الآن في شرق إفريقيا ولا تعود صلة العمانيين بساحل إفريقيا إلى زمن حروبهم مع البرتغاليين فقط، فهذه الصلات فرضتها الظروف المناخية وهبوب الريح الموسمية التي كانت تقود سفنهم في هذا الاتجاه، وسجل القرن السابع الهجري واحدة من أكبر الهجرات العمانية والتي كانت سببا مباشرا في نشر الإسلام في هذه المنطقة، وقاد هذه الهجرة سليمان بن مظفر النبهاني صاحب عمان الذي لم يكتف بالإقامة فقط ولكنه تزوج من أميرة سواحلية من أصل إفريقي فارسي وأصبح أول حاكم لأسرة بني نبهان في شرق إفريقيا.

وتشوه الاتهامات الأوربية الحقائق وتدعي أن تجارة الرقيق في شرق إفريقيا التي تحكم فيها اليعاربة وسيطروا على التجارة في المحيط الهندي، فقد كانت تجارة الرقيق ابتكارا أوربيا في الأساس لسد الحاجة في الأيدي العاملة بمزارع القطن في الجنوب الأمريكي لمناجم الذهب في البرازيل، وكميات التجارة الرئيسية كانت تتم في غرب إفريقيا لا في شرقها وهي المنطقة القريبة من أماكن ترحيل هؤلاء العبيد، لقد أنشأت أوربا المراكز التجارية وأشعلت نار الفتنة بين القبائل الإفريقية بهدف تحقيق آسوا استغلال للقوى البشرية شاهدة التاريخ، ولا ننكر بالطبع أن هناك العديد من العرب قد شاركوهم في هذا الأمر ولكنهم كانوا بمنزلة الوسطاء الأوربية المحرك الأول لهذه التجارة.

لقد كانت تجارة العبيد جزءا ضئيلا لم تدعمه الأرقام والإحصاءات من تطور كبير شهدته هذه المنطقة بواسطة العرب العمانيين، وقد كان من الطبيعي أن يعتنوا بهذا الأمر الذي كان عصب الحياة الاقتصادية في العصور الوسطى، ولكن في عهد البوسعيديين بدا التطور العمراني والزراعي، ويعود الفضل لهم لإدخال زراعة القرنفل إلى جزيرتي زنجبار وكلوه وهما تعدان أكبر منتجين لهذا المحصول على مستوى العالم.

الماضي والحاضر في مدينة صور يلتقيان دائما، فهي مدينة تعيش بماضيها ولكنها لا تكف عن التطلع نحو المستقبل، ففي لقائنا مع نائب والي "صور" سعود بن بدر الرواني تحدث إلينا عن مشروع ميناء صور الذي مازال قيد الإنشاء وكيف سيغير الوجه التجاري لهذه المنطقة إضافة إلى مصنع "اليوريا" الذي سوف يبدأ إنتاجه مع مطلع القرن القادم، وهي مازالت تحلم باستعادة دورها التجاري المهم الذي جعلت المسعودي يقول عنها :"إذا أردت أن تعرف أين تجتمع الصين والهند والعرب في مكان واحد، عليك بالذهاب إلى مدينة "صور".

 

 

محمد المنسي قنديل

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




المنطقة الشرقية بعمان بوابة البحر والصحراء





المنطقة الشرقية بعمان بوابة البحر والصحراء





وكيل وزارة الإعلام حمد الرشدي





خريطة المنطقة الشرقية بعمان





المانية عاشقة للصحراء والمدن العمانية فضلت الإقامة في السلطنة وتحولت إلى دليل للزائرين





المتحف التقليدي الصغير في مدينة سناو وصاحبة المتحف داخل منزلها تستعرض ما لديها من مقتنيات من فنون الصحراء





صناعة الخناجر في عمان تراث عميق من ممارسة هذا الفن





مساومة على شاطئ البحر في شنا السمك الجيد يدخل الثلاجة والتالف يلقى على الشاطئ





أهل مصيرة هجروا بيوت الصفيح القديمة وأصبحوا يقيمون داخل منازل عصرية حافلة بكل الخدمات





قبة القاعدة الجوية للطيران السلطاني في جزيرة مصيرة





تراث معماري ما زال قائما ومحافظاً على رونقه في رأس الحد





السمك هو الثروة الرئيسية في ميناء صور والحياة البحرية في عمان شديدة التنوع





سعود بن بدر الرداني نائب والي صور





نصب تذكاري في مدخل مدينة صور مصور عليه أمجادها البحرية





جمعة بن حسين مازال يمارس صناعة السفن كما ورثها عن خبرة الأجداد