طرائف عربية

طرائف عربية

فصاحة عربية

ثأر بنصف بيت

يحكى - والله أعلم - أن شاعرا كان له عدو، فبينما هو سائر ذات يوم في طريق إذ خرج عليه عدوه وصرخ في وجهه: أنا قاتلك، لا مفر لك. فلما تأكد الشاعر أنه مقتول لا محالة قال: يا هذا أنا أعلم أن المنية قد حضرت، ولكن سألتك الله إذا قتلتني، فامض إلى داري وقف بالباب وقل: ألا أيها البنتان إن أباكما.. فقال القاتل: إليك هذا ثم جز رأسه، وعندما فرغ أتى إلى داره ووقف بالباب وقال: ألا أيها البنتان إن أباكما.. وكان للشاعر ابنتان فلما سمعتا قول الرجل: ألا أيها البنتان إن أباكما.. أجابتاه بفم واحد: قتيل خذا بالثأر ممن أتاكما.. ثم تعلقتا بالرجل ورفعتاه إلى الحاكم فاستقرره، فأقر بقتله فنفذ فيه شرع الله.

القحط والغلام

قحطت البادية أيام "هشام" فقدمت عليه العرب . فهابوا أن يكلموه ، وكان فيهم "درواس بن حبيب" وهو ابن ست عشرة سنة ، له جدائل وعليه شملتان ، وعلى وجهه نجابة . قال "هشام" لحاجبه : حتى الصبيان يدخلون علي ! فوثب "درواس" حتى وقف بين يديه قائلا : يا أمير المؤمنين إن للكلام نشرا وطيا ، وإنه لا يعرف ما في طيه إلا بنشره ، فإن أذن لي أمير المؤمنين أن أنشره نشرته . فأعجبه كلامه وقال له : انشره لله درك . فقال : يا أمير المؤمنين إنه أصابتنا سنون ثلاث . سنة أذابت الشحم ، وسنة أكلت اللحم ، وسنة دقت العظم ، وفي أيديكم فضول مال ، فإن كانت لله ففرقوها على عباده ، وإن كانت لهم ، فعلام تحبسونها عنهم ، وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم ، فإن الله يجزي المتصدقين . فقال "هشام" : ما ترك الغلام لنا في واحدة من الثلاث عذرا‎ فأمر للبوادي بمائة ألف دينار ، وله بمائة ألف درهم ، ثم قال له : ألك حاجة ؟ قال : مالي حاجة في خاصة نفسي دون عامة المسلمين . فخرج من عنده وهو من أجل القوم .

أية بلاغة؟!! وأية لغة؟!!

من نوادر البلغاء أن عبدالملك بن مروان قال في مجلسه : من يأتيني بحروف المعجم في بدنه (يقصد الأبجدية)؟ . نهض سويد بن غفلة وقال : أنا لها يا أمير المؤمنين قال : هات . فقال (أنف. بطن. ترقوه. ثغر. جمجمة. حلق. خد. دماغ. رقبة. زند. ساق. شفة. صدر. ضلع. طحال. ظهر. عين. غبب. فم. قفا. كف. لسان. منخر. نغنوغ. هامة. وجه. يد).

وهذه آخر حروف المعجم . قام رجل وقال : أنا أقولها مرتين من جسد الإنسان . قال الأمير : أسمعت يا سويدي . قال السويدي : أنا أقولها ثلاثا : قال الأمير : هات ولك ما تتمناه . قال السويدي : أنف ، أسنان ، أذن ، بطن ، بنصر ، بزة ، ترقوة ، تمرة ، تينة ، ثغر ، ثنايا ، ثدي . جمجمة ، جنب ، جبهة . حلق ، حنك ، حاجب . خد ، خنصر ، خاصرة . دبر ، دماغ ، درادير . ذقن ، ذكر ، ذراع . رقبة ، رأس ، ركب . زند ، زردمة ، زبيبة . ساق ، سرة ، سبابة . شفة ، شعر ، شارب . صدر ، صدغ ، صلعة . ضلع ، ضفيرة ، ضرس . طحال ، طرة ، طف . ظهر ، ظفر ، ظلم . عين ، عنق ، عاتق . غبب ، غلصمة ، غنة . فم ، فك ، فؤاد . قلب ، قفا ، قدم . كف ، كتف ، كعب . لسان ، لحية ، لوح . منخر ، مرفق ، منكب . نغنوغ ، ناب ، نن . هامة ، هيئة ، هيف . وجه ، وجنة ، ورك . يمين ، يسار ، يافوخ . ضحك الأمير وقال : انعموا عليه ، وبالغوا في إحسانه.

الصبي فصيح اللسان

لما جاءت الخلافة لخامس الخلفاء عمر بن عبدالعزيز أتته الوفود مباركة ، فإذا فيهم وفد الحجاز فنظر إلى صبي صغير السن وقد أراد أن يتكلم فقال "عمر" : ليتكلم من هو أسن منك (أي أكبر منك عمرا وخبرة) ، فإنه أحق بالكلام منك . فقال الصبي : يا أمير المؤمنين لو كان القول كما تقول لكان في مجلسك هذا من هو أحق بالأمر منك ، قال "عمر" صدقت فتكلم ، فقال الصبي : يا أمير المؤمنين إنا قدمنا عليك من بلد نحمد الله الذي من علينا بك ، ما قدمنا عليك رغبة منا ، ولا رهبة منك ، أما عدم الرغبة فقد أمنا بك في منازلنا ، وأما عدم الرهبة ، فقد أمنا جورك بعدلك ، فنحن وفد الشكر والسلام . فقال له "عمر" رضي الله عنه : عظني يا غلام ، فقال : يا أمير المؤمنين إن أناسا غرهم حلم الله ، وثناء الناس عليهم ، فلا تكن ممن يغره حلم الله وثناء الناس عليه فتزل قدمك ، وتكون من الذين قال الله فيهم ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون . فنظر "عمر" في سن الغلام فإذا له اثنتا عشرة سنة فأنشدهم "عمر" رضي الله تعالى عنه:

تعلم فليس المرء يولد عالما وليس أخو علم كمن هو جاهل

فإن كبير القوم لا علم عنده صغير إذا التفت عليه المحافل

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات