إلى أن نلتقي أنور الياسين

إلى أن نلتقي

القردة تعترض

انهال القرد بالعصا فوق ظهر الرجل الذي دخل الغابة ليجمع الحطب. ثم أخذ يبادله اللكمات بعد ذلك بينما بقية القرود الأخرى جالسة على أغصان الأشجار وهي تصفق كأنها تشاهد مباراة ممتعة. وفي النهاية هرب الرجل مذعورا في الغابة، ومن المؤكد أنه كان يقسم إنه لن يعود إليها مرة أخرى.

حدث هذا في إحدى غابات نيجيريا حيث بدأت الحيوانات تدافع عن بيتها الذي لم يعد آمنا في مواجهة انتهاكات الإنسان المتكررة. لقد اختارت القرود هذه المرة ضحية عزلاء لا تملك بندقية أو منشارا أو جرافة تكتسح ما أمامها من أشجار الغابة، ولكن من يدري ماذا تختار غدا؟!. ولقد جاء الدور على بقية الحيوانات كي تمارس كل ما تستطيعه من أجل الدفاع عن ملاذها الأخير.. عليها أن تبرز أنيابها ومخالبها وأن تقوم بهجمات انتحارية ضد كل من يحاول إصابة خضرتها بالموت. فلم تشاهد البشرية في تاريخها الطويل مثل هذا الاعتداء على البيئة التي تعيش عليها. ففي هذا القرن أتلفنا آلاف الغابات التي تكونت على مدى مليارات السنين، وكأننا بذلك نضيع كل المخزون التاريخي لهذا الكوكب الذي وجدنا عليه. فقد تسبب إزالة الغابات الاستوائية في إنقراض 17500 نوع حيواني ونباتي بشكل سنوي، أي أن معدل الانقراض قد وصل إلي 10 آلاف ضعف ما كان عليه الوضع قبل ظهو ر الإنسان. وإذا استمر الحال بنفس هذا المعدل فسوف تختفي ربع الأنواع في حوالي 30 إلى 50 عاما. أي أنه في ظرف 200 عام سوف تنقرض كل أشكال الحياة على الأرض. أليس هذا أمرا مفزعا ؟، وهل نبالغ إذا قلنا إن سكان العالم الذين سوف يصل عددهم عشرة بليون نسمة في بداية القرن القادم سوف يفاجئون بالأرض وقد قبضت يدها وقلصت غلتها؟. لقد تراجع الإنتاج الزراعي في 94 دولة وانخفض صيد السمك بمقدار 4 مليون طن سنويا.. وهذه الكارثة ليست بعيدة عنا كما نتصور - نحن أهالي الصحراوات الوادعة ففي الخليج وخلال حرب تحرير الكويت تم إلقاء حوالي 8 مليون برميل من النفط في تلك الرقعة الضيقة من المياه وما زالت السواحل الكويتية تعاني من هذا الأمر، وفي بعض مناطق الصحراء انخفضت عدد الحيوانات التي كانت تقدر بالآلاف إلى بعض مئات فقط، وما زالت برك النفط تغطي مساحات كبيرة من الرمل.. أليست القرود على حق إذن عندما تهو ي على الإنسان ضربا لعله يفيق من الحماقات التي يصنعها بيديه ؟.

إننا نود لونحضر مجموعة القرود العاقلة هذه كي تعطي علقة ساخنة لكل المجانين الذي سببوا هذه الكوارث في الخليج.. وفي بقية العالم.

 

أنور الياسين

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات