عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

عام النضج

بهذا العدد تدخل «العربي» عامًا جديدًا من عمرها المديد، تبدأ به الشهر الثاني من عامها الخمسين، فقد صدر عددها الأول في شهر ديسمبر عام 1958، ومنذ ذلك الحين لم تتوقف عن الصدور إلا في عام واحد بسبب الغزو الغاشم، الذي شنّه النظام العراقي السابق على دولة الكويت، لغير ذلك العذر القهري لم تخلف «العربي» موعدها مع قارئها، فقد واصلت الصدور والانتشار حتى في أحلك الظروف، وها هي تدخل عامها الخمسين حاملة تجربة من النضج الفكري، يؤهلها ويدعم مكانتها في صدارة المجلات الثقافية العربية. وقد عقدت «العربي» في الشهر الماضي ندوة مهمة عن «المجلات الثقافية ودورها في الإصلاح الثقافي» استعرضت فيها دور المجلات التي سبقتها والتي مازالت ترافقها في الصدور في دعم الثقافة، والقيام بدور مهم في تنوير الطريق أمام المواطن العربي وتزويده بكل المعارف التي يحتاج إليها، فالمعرفة هي الطريق لحرية المواطن العربي، لأنها الكفيلة بتحريره من الأوهام والخرافات وقيود التخلف التي تحيط به وربقة الذل المفروضة عليه، ولهذا تضع «العربي» على عاتقها هذا الهدف وتسعى إليه منذ نصف قرن من الزمن، وهو الهدف الذي أكدت عليه كل أوراق الندوة ومناقشاتها الحامية.

وتنبع أهمية تحرير المواطن العربي من تخلفه وأوهامه، من اللحظة الحرجة التي نمر بها، فالمخططات التي ترسم لطمس هويته وتفتيت بلاده أفظع مما يتصوره عقل. ويشير رئيس التحرير في مقاله الافتتاحي إلى واحدة من تلك المخططات الشريرة، التي يهتم الغرب بنشرها حول خريطة شيطانية جديدة تمزق المنطقة العربية وتقوم باقتطاع أجزاء من أمة وتلصقها بأمة أخرى، بحيث لا يستطيع المواطن فيها أن يتعرف على وطنه، ولا يعرف ما هي حدوده ولا حدود جيرانه، وهي خريطة، الجميع خاسر فيها بالتأكيد.

ويحفل العدد إضافة لذلك، بالعديد من المقالات والموضوعات المهمة، فـ «العربي» ترحل إلى مالي، التي وقع الاختيار عليها هذا العام لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية، نظرا لما لعبته عاصمتها «تنبكتو» من دور في الإشعاع الثقافي والحضاري في قلب القارة السمراء، كما تقدم صوراً نادرة من خلال عدسة المصور الإسباني خورخي إستيفا الذي وقع في عشق البحار العربية، وتركب سفن القراصنة لترصد غزواتهم على الشاشة الفضية. ثم تقدم ملفًا إضافيًا عن الراحل سمير سرحان الذي لعب دورًا مهمًا في نشر الكتاب في مصر، ولعب دورًا أكثر أهمية في إعادة الوشائج الثقافية المصرية مع بقية البلدان العربية، بعد أن كانت قد تقطّعت في أعقاب كامب ديفيد. وتحفل «العربي» غير ذلك بالعديد من الموضوعات والقضايا المهمة التي تؤكد نضج «العربي» كمطبوعة وكرسالة.

 

المحرر