عزيزي العربي

عزيزي العربي

تعقيب

عرب الأهوار هم أهل العراق

ورد في العدد (569) الصادر في أبريل 2006 من مجلة العربي تعقيب للدكتور يحيى عبدالمجيد رءوف، التعقيب جاء ردًا على الدكتورة سامية حبيب في موضوعها الموسوم (لمحة عن المستنقعات وعرب الأهوار) الوارد في العدد (548) يوليو 2004 وهنا أود أن أبين ما يلي:

أولاً: ضرورة التمييز بين مفهومي الأهوار والمستنقعات لغة واصطلاحًا.

فما يعرف الآن بالأهوار كان في الأصل امتدادًا طبيعيًا للخليج العربي الحالي الذي كان يتصل بالبوابة الجنوبية للعاصمة السومرية (اور) التي أسسها الملك السومري (أورنمو) والذي تعني ترجمته (ملك القصب).

والقصب من نباتات الأهوار الأكثر شيوعًا وقد تلاشى الخليج وانحسر بفعل التراكمات الغرينية والترسبات الرملية مخلفًا وراءه بقعًا مائية كوّنت الواقع الطبيعي لأهوار جنوب العراق، وتناولت الدراسات هذا الموضوع وأشبعته بحثًا وتدقيقًا، ويقف في مقدمة الباحثين الدكتور أحمد سوسة. أما إنسان الأهوار فهو ذاته إنسان الحضارة السومرية التي تركت آثارًا واضحة المعالم عبر ثقافة ووجود شكلا إسهامًا فاعلاً في المسيرة الإنسانية.

ثانيا: يقول التعقيب إن «عرب أهوار العراق سماهم بعض الأقدمين الزط أو الزنة واعتبرهم من مهاجري الهند ولكنهم ليسوا عربًا»!!

لم يذكر من هم الأقدمون من المؤرخين الذين اعتبروهم كذلك ولم يبين للقارئ كيف ترسّخت قناعته بأن ثلث سكان العراق ليسوا عربًا؟

لقد جاء التعقيب خاليًا من روح البحث العلمي الرصين ولم يذكر ببيان واضح من هم الهنود والزنوج والزط وأين هي مراكز وجودهم في مناطق الأهوار؟ وبما أن عائلتي من سكنة المنطقة منذ عام 1538 م ولي اهتمام متواصل بها منذ سنوات أجمع خلالها تراث وثقافة وأنساب أهل الأهوار لم أجد مصدرًا تاريخيًا واحدًا يقول بما ورد في التعقيب.

ثالثا: قبائل الأهوار العربية التي تشكل مجمل السكان هي بنو أسد وتشكل ما نسبته 55 % من السكان إضافة إلى بني لام من طي وأبي محمد من العزة وعبادة من عامر بن صعصعة وبني حيقان من حمير وجميعهم عرب أقحاح.

فاضل الغزي
عضو اتحاد الصحفيين العراقيين

العولمة والصحوة

في العدد 572 يوليو 2006 تساءل د.طارق متري في مقالة بعنوان «العولمة والصحوة الدينية» عن تزامن ظاهرتي عودة الدين والعولمة، كما تساءل عما إذا كان هناك تأثير متبادل بين العولمة والصحوة الدينية؟ أم أن الصحوة الدينية في وجه من وجوهها هي أحد مظاهر العولمة؟ أم أن هذا التزامن هو مجرد صدفة، بمعنى أن هناك أسبابًا أدت إلى نشوء ظاهرة العولمة وأسبابًا من نوع آخر أدت إلى الصحوة الدينية وشاءت الظروف وحدها أن تتزامن الظاهرتان؟

وهذه التساؤلات التي طرحها المؤلف خطيرة ومهمة وأحسب أنها ستفتح مجالاً للبحث بين المسئولين والمثقفين في وطننا العربي، واسمحوا لي أن أدلي برأيي في الرد على هذه التساؤلات التي ربما تكون قد خطرت ببال البعض غيري أو لم تخطر.

1 - فبالنسبة للتساؤل الخاص بوجود تأثير متبادل بين العولمة والصحوة الدينية لا أعتقد أن العولمة فقط هي التي ساعدت على إيقاظ الصحوة الدينية بشكلها الحالي، فقد راحت رايات الدين تلوح في الأفق رويدًا رويدًا بعد انهيار الوحدة بين مصر وسورية وبعد زعزعة الثقة في القومية العربية إثر نكسة 67 وما تلا ذلك من متغيرات، ومن قدّر له العيش في أي بلد عربي في ذلك الوقت فإنه يدرك تمامًا ما كان يعتري صدور تلك الشعوب العربية من حب وإيمان بالقومية العربية حتى أن ذلك كان يغطي على أي مشاعر أخرى بما فيها المشاعر الدينية نفسها، ولكن بعد انكسار الوحدة وبعد الصدمة الكبرى وتراجع القومية العربية كان لابد من وجود (البديل) لكي تحيا هذه الشعوب من جديد فهي لا تستطيع العيش بلا أمل أو بلا ذاتية مستقلة، من هنا جاء البحث عن (الخلاص الديني)، حيث بدأت جحافل الجماعات الدينية في التدفق، وبعد أن كانت أماكن العبادة مخصصة للصلاة فقط تحولت إلى مراكز للتجمع والشرح والإفتاء وغير ذلك من أنشطة، كما تغيّرت السياسات بالمعدل نفسه، فبعد أن كانت الآمال تنعقد على مجرد وحدة وقومية عربية يدين لها الجميع تعدت هذه الآمال آفاقًا أوسع وأرحب فاتسعت دائرة الوحدة لتشمل البلاد الإسلامية الأخرى كباكستان وإندونيسيا وماليزيا تحت شعار الخلافة الإسلامية، وتخيّل البعض أن هذا هو الحل ليستعيد العرب والمسلمون أمجادهم.

2 - ويخطئ من يظن أن النزعة الدينية التي نشاهد لها نشاطًا مكثفًا اليوم هي أقوى مما كانت عليه في منتصف القرن الماضي مثلا، بل إن العكس قد يكون هو الصحيح، كل ما تغير في الموضوع هو المظهر فقط، فالتيار الديني كان موجودًا بقوة في الماضي ولكن كان وجوده كامنًا أو هادئًا ولم يكن بحاجة إلى أن يدلل على نفسه بمظهر شكلي، كما لم يكن بحاجة إلى وجود جماعات دينية تعضّده من هنا أو من هناك، بل نستطيع أن نقول إنه كان ينبض بقوة من الداخل فكلما كان الدين متغلغلا في أعماق النفس كان أكثر رسوخًا من كونه متعلقًا بأهداب جلباب أو حجاب، وإذا قدّر لك أن تشاهد إحدى الحفلات المسجلة لأم كلثوم في ستينيات القرن الماضي فسيروعك أن جميع الحاضرات كن سافرات الرأس، بل إنه في ذلك الزمن ظهر الميني جيب والميكروجيب وعلى الرغم من ذلك كان السلوك الطيب والأخلاق الحميدة هما سمة ذلك العصر فلم نكن نسمع عن حالات الاختطاف أو الاغتصاب كما نسمع الآن.

3 - وما ساعد على ظهور الصحوة الدينية كما نراها الآن هو الإحساس بالإحباط والظلم والخوف من المستقبل مما دفع البعض للتفكير في استعادة أمجادنا القديمة، فما نراه الآن قد يعبر عن التخوف من الآخر أو من هؤلاء الذين سبقونا في مجال العلم والتكنولوجيا والتسليح مما حرك الخوف في النفوس من أن يفقد البعض هويته أو تضعف مقاومته فكان رد الفعل المناسب لذلك هو المزيد والمزيد من المظاهر الدينية التي تهتم بالشكل وليس بالجوهر، والحل هو التخطيط الواسع بمفهومه العلمي لتملّك المستقبل وليس لاستعادة الماضي، ثم التعليم الجاد والبحث العلمي المخلص وليس النقل والتقليد، وبعد ذلك لا يبقى إلا العمل ثم العمل، فالعمل هو أسمى آيات العبادة.

عادل شافي الخطيب
القاهرة - مصر

تصحيح

أشكركم على تشريفي بنشر قصيدتي (بحر العشق) في العدد (572) يوليو 2006.

ثانيًا: إليكم بعض الملحوظات عن بعض الأخطاء المطبعية التي وقعت في القصيدة فغيرت بعض المعاني وأخرى كسرت وزن البيت وهي:

البيت التاسع:

يا فاتنًا بالشعر (غير) النادي والصحيح (غيد) النادي.

البيت الثامن عشر:

فغدوت هيمانًا بذات (خلالٍ) والصحيح بذات (خلاخلٍ).

البيت الرابع والعشرون: مع ذا فقد (كسا) الجمال والصحيح فقد (كُسِيَ).

سعد بن ثقل العجمي
الكويت

تعقيب

سد مروي

سعدنا أن كان استطلاع شهر سبتمبر 2006 العدد (574) عن سد مروي الجديد والذي يقام في منطقة الشلال الرابع في السودان.

وأود أن أضيف أن قلب مملكة مروي وعاصمتها تبعد حوالي 200 كلم جنوب منطقة السد الحالية، وهي كيان مملكة مروي 350 ق. م - 300 م، والتي اشتهرت بملوكها، تمامًا كما تشتهر بملكاتها اللائي حكمن وقدن الجيوش وبمجوهراتهن المعروضة في المتاحف العالمية.

أما اسم السد فهو (سد مروي) بكسر الميم على اسم الجزيرة، التي أقيم فيها جسم السد، وتزخر منطقة السد بالآثار القديمة، التي تعود للفترات المختلفة ومعظمها في شكل مدافن قديمة ورسومات صخرية، والتي كنا نود أن يعرض بعض منها بدلاً من ذهب مروي. أضف إلى ذلك فإن اسم مروي قد أطلق على مدينة مروي الحالية تيمنًا بمروي القديمة، التي تقع جنوبها بحوالي 200 كلم. وهذا لا ينفي وجود الأهرام في المنطقة (منطقة السد) حيث نجد أهرام نوري ومدافن الكرو الشهيرة الخاصة بحكام مملكة نبتة 900 - 350 ق. م.

د. انتصار صغيرون الزين
رئيس قسم الآثار
جامعة الخرطوم - السودان

بين سندان الحصار ومطرقة البحث

فور أن فتحت مجلة «العربي» الغراء، العدد 573 أغسطس 2006، التي تشكل معيني الذي لا ينضب، وقعت عيناي على مقال قلما يجد له مكانًا أو بالأحرى ملفًا كاملاً في المجلة الموقرة، على الرغم من شموليتها، ويتعلق الأمر بموضوع «محاولة لفهم الجغرافيا التطبيقية» للدكتور غانم سلطان أمان.

وأعتقد أن هناك أسئلة تتبادر إلى ذهن أغلب طلبة شعبة الجغرافيا في الوطن العربي:

- هل يمكن الحديث عن الجغرافيا كعلم مستقل بذاته، بعد تزايد الأصوات التي تنظر إليها بعين الاحتقار منذ الفكرة التي لفظها المتخصص في علوم التربية «جان بياجيه»، الذي اعتبرها «لقيطة العلوم». ولكن في المقابل، ألا تشكل الجغرافيا المنبع لكل المعارف والعلوم أو «ملتقى الطرق» (Carrefour) الذي تتقاطع فيه كل العلوم على حد تعبير أبي الجغرافيا الفرنسي بيير جورج Pierre George.

- السؤال الثاني: هل يمكن الحديث عن وجود الجغرافيا التطبيقية في الوطن العربي، على الرغم من المجهودات المبذولة من طرف أهلها (الجغرافيين العرب)، أم تظل المعضلة، ويظل اجترار الطروحات الغربية وآلياتها هو السائد.

إن المعرفة أو نظرية المعرفة - كما يطلق عليها في الأوساط الفلسفية - قضية كبرى محورية في كل اتجاه ومذهب ونحلة وعلم، إذ بسببها يمكن أن نحفر في جذور كل مذهب فكري وعلم من العلوم، لاستخراج مبادئه المنطقية ومنطلقاته الفلسفية، ليسهل - بعد ذلك - تصوره والحكم عليه، فهي من المعرفة بمنزلة الأم، ومن العلوم بمنزلة الجذر.

إن انعدام الوعي بذواتنا وأزمة فقدان الثقة بقدراتنا على الفعل والتغيير لما هو آت من الضفة الأخرى، يجعل قدرتنا على الفعل والمشاركة الإيجابية في صنع القرار وإحداث برامج تعليمية جديدة وطموحة، يجعلها ضعيفة ومغلفة بالانتظارية... وقد تساءل «جوستاف لوبون» في كتابه «حضارة الهند»: «كيف استطاع البريطانيون ببضعة آلاف من الجنود أن يستعمروا الهند ذات الملايين العديدة؟! وأجاب: عند تشريح جمجمة الهندي لا نراها مختلفة عن جمجمة الإنجليزي، ولكن الفرق هو الإرادة: الثبات والعزم في قوم، والضعف والاستكانة في آخرين».

بعبارة موجزة، إن الأمة التي تعيش تقتات على فتات موائد الغير، لا يمكن أن تصنع نصرًا، أو أن تبني مصرًا، بل ستظل أمة ضعيفة هزيلة تابعة، لا متبوعة.

ولكن الأدهى والأمر لهذا التخصص الفريد من نوعه في الوطن العربي هو تفريخ العطالة أو قل جيوش من الكفاءات المعطلة خاصة في تخصص الجغرافيا التي تتناسل يومًا بعد يوم ولا تجد من يحتضنها. وهنا نعاود الكرة من جديد. من السبب وما السبب في هذا التخافت والتلاشي؟ هل البرمجة التعليمية لمادة الجغرافيا غير المتوازنة (الوسائل التعليمية العتيقة الموظفة في تدريس المادة)، أم غياب تكافؤ الفرص أم أن الجغرافيا في العالم العربي لا تتناسب مع المحيط السوسيو - اقتصادي للبلدان العربية؟ وهنا أفتح قوسًا لأشير إلى أنه في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وبعض دول الاتحاد الأوربي، هناك طريقة فريدة وعملاقة في تدريس مواد الجغرافيا، وذلك بالجمع بين النظري والتطبيقي ليس على مستوى الأوراق في الفصل ولكن في المصنع والمجتمع في اليابان.

مولاي المصطفى البرجاوي
إقليم خنيفرة - المغرب

شعر

سندبادُ يُودِّعُ البحْر

إلى أين يا سندبادْ؟
رُوَيْدَكَ..
لا الناسُ عادوا كما قد عَهِدتَ..
ولا البحرُ عادْ
ولا الموجُ يرعى لمن عاشروهُ عهودَ الودادْ
إلى أيّ أرضٍ ستمضي.. وكل البلادْ
لها الآن وجهُ المنافي
وكلُّ المرافي
لها الآنَ لونُ الفيافي
وقلبُ الجمادْ
تمَهَّل.. ربيبَ الرياحْ
فقدْ تعِبَ البحر منكَ
ولستُ أرى غيْرَ هذا الجبينِ الذي
شكَّلتهُ الجراحْ
وغيرَ عيونٍ تعتَّقَ فيها السُهادْ!
وأنتَ المغامِرُ.. أنتَ المقامرُ بالعمرِ
أنتَ العنادْ
وأنتَ الزنادُ.. وأنتَ الجوادْ
تُحمحِم صُعْدًا.. وتنقضُّ كالنسرِ فوقَ الوهادْ
ويسري صهيلُكَ.. مختلطًا بالرعودِ
يرجُّ النِجادْ
وتشرَعُ للريحِ مَعرَفةً من إباءٍ
كَسَيْفِ الحقيقةِ..
ما مالَ يومًا لخطّ الحيادْ
وأنتَ الذي قد زَرَعتَ نخيلَ الجسارةِ
في كلّ وادْ
بمجدافِكَ الخشبيِّ انطلقتَ..
وأعلنتَ بدءَ الجهادْ
إلى أينَ تمضي..؟
وقد لغَّموا الموجَ...
قد راوَدُوا الريحَ عنْكَ
وقدْ أغلَقَ البحرُ أبوابَهُ
ونكَّسَتِ الشمسُ أعلامَها
وكلُّ الزوارق جاثمةٌ في الرمالِ..
وبئسَ المهادْ
وكلُّ الرفاقِ القدامى..
نسوا الآنَ مِلحَ الرحيلِ
همُ الآن فوقَ الحريرِ.. وتحتَ الحرير
يُملّون أعْيُنَهم بالجواري الحِسانِ..
وبالصّافناتِ الجيادْ
همُ الآن في أهلِهمْ.. ينعمونَ بدفءِ الأسرَّةِ..
وانفرطَ الحلمُ فوقَ الوسادْ
همُ الآنَ يأتمرونَ عَلَيْكَ..
وصورتُكَ الآنَ تملأُ كلَّ المواني..
وأصبحتَ متَّهمًا بالفسادْ..!
حنانَيْكَ.. يا سندبادْ
دعِ البحرَ.. للبحرِ.. والارتيادْ
وأنزل سفينَكَ.. مجدافَكَ الأثريَّ..
ومِزْوَلةَ الوقتِ.. هذا الشراعَ العتيق..
- أللبحرِ..؟
- لا.. للمزادْ
هنالِكَ يصعَدُ سهمُكَ بينَ العبادْ
ولا يصبحُ السندبادْ
بُكائيةً.. من مراثي الزمانِ الأخيرِ..
بليلِ الأسى تُستعادْ!
ودمعةَ حزنٍ بعينِ السَّهارى
إذا ما حكَتْ.. أو بكَتْ شهرَزَادْ..!

د. نصر عبدالقادر
البحيرة - مصر

تعقيب

شقائق الرجال

في الحقيقة أحب مجلة «العربي» كثيرًا، فهي تحمل إلينا بين طياتها من العلوم في شتى المجالات ما ينفع ويفيد القارئ العربي وغير العربي، وهي مرجع يعتمد عليه. في العدد (570) مايو 2006، قرأت بإمعان واهتمام مقال الدكتورة فوزية العشماوي تحت عنوان «المرأة المسلمة كيف يفتري الغرب عليها؟» وفي فقرة «هل هي نصف الرجل?» (ص 20) أشارت الدكتورة إلى أن «الغرب يفتري على المرأة المسلمة بأنها نصف الرجل استدلالاً إلى أن شهادتها نصف شهادة الرجل»، وأضيف إلى ما قالته أن الله سبحانه وتعالى قد أعطى المرأة مكانة عظيمة مقارنة عما كانت عليه في السابق قبل الإسلام من وأد وقتل وحرمان من الميراث، فجاء الإسلام وحررها من ذلك الاستبداد وبين لها حقوقها وواجباتها ونقلها من حياة الاستبداد والقهر والعبودية إلى حياة الحرية والمشاركة. أما من ناحية الشهادة، فإن المرأة لا تعتبر بشهادتها ناقصة في الإسلام، بل هي أكثر مما يتصوره الغرب وغيرهم، فهي نصف الدين وشقيقة الرجل، كما بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال النساء شقائق الرجال .

فتح عبدالمجيد المقعد
ذمار - اليمن

شيوخ الإسلام يقاومون

في إطار ملف «شيوخ الإسلام يقاومون» بالعدد رقم (572) لشهر يوليو 2006 م من مجلة «العربي» قدم الدكتور حيدر إبراهيم مشاركة عن «مهدي السودان» وأفاض خاصة في سرد جهاده ضد الاستعمار، وأجد من المفيد لقراء «العربي» تقديم بعض الهوامش للمقال.

أولاً: لابد لنا أن نقر أن محمد أحمد الذي سرد المقال تاريخه ليس هو المهدي الذي تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بظهوره وبصفاته، وإنما صار اسم «المهدي السوداني»، إذا ذُكر لا يُقصد به سواه، لذا لا نجد حرجًا من إطلاقه عليه فيما يلي وقد سبقه وتلاه لادعاء المهدوية كثيرون.

ثانيًا: نقل الكاتب أن العلماء - الذين سماهم بالرسميين - ذوي الخلفية الأزهرية كانوا معادين لفكرة «المهدي»، والواقع أنه كان للأزهر وعلمائه دور كبير في دعم المهدي، وذلك مع إقرارهم بأنه ليس المهدي فعلاً وإنما كانت مساندتهم لحركته لأنها حركة جهادية ضد الإنجليز، فيذكر الدكتور عبدالودود شلبي في كتابه «الأصول الفكرية لحركة المهدي السوداني ودعوته»، أن جمال الدين الأفغاني فكر في إرسال الشيخ محمد عبده للعمل مع المهدي، كما حاول محمد عبده إرسال السلاح للمهديين.

ويذكر نعوم شقير في تاريخه أنه كان في داخل الخرطوم أثناء حصار المهدي لها عالم أزهري مصري اسمه أحمد العوام نفي للسودان إثر فشل الحركة العرابية، قام بصياغة البيانات المؤيدة للمهديين، حتى قام جوردون بحبسه، ثم عفا عنه ولكنه عاد لتهييج الناس ضد الإنجليز وحرض امرأة على تدمير مقر ذخيرتهم، فقام «جوردون» بقتله، بل إن مؤرخ سيرة المهدي نفسه، الشيخ إسماعيل الكردفاني كان أزهريًا.

أيضًا كانت فتوى علماء «الأزهر» وعلى رأسهم شيخ الإسلام محمد عليش «في مروق الخديو توفيق عن الإسلام لما دخل في حماية الإنجليز المعتدين على مصر» خير سند لخروج المهديين على ممثلي الخديو في السودان.

ثالثًا: كان للحركة العرابية أثر كبير على الحركة المهدية، التي سبقتها بأشهر قليلة، وقد كان انشغال الجيش المصري في حربه ضد الإنجليز والخديو سببًا في خلو الساحة قليلاً للمهديين، ولما ألقي القبض على عرابي ورفاقه، تم إرسال الجيش المصري - أو جيش عرابي - للسودان بقيادة الإنجليز، فظنوا أن ذلك ليس إلا للقضاء على من تبقى منهم، فكانوا يفرون بعتادهم للانضمام للمهدي، ويذكر العميد كامل الشرقاوي في كتابه «العذاب الذي لاقاه المسلمون على أيدي الغرب» أن ما لا يقل عن ثمانية عشر ألف مصري انضموا للمهدي السوداني.

وآخرًا: قام الإنجليز بتجميع جيش بقيادة كُتشنر بعد موت المهدي فتمكنوا من هزيمة أتباعه، ولم يشف غليلهم مما حل بهم وبقائدهم جوردون سوى قيام «كُتشنر» بنبش قبر المهدي وبعثرة عظامه ثم إرسال جمجمته للمتحف البريطاني! والعجيب أن يقوم عبدالرحمن بن المهدي» (1885 - 1956 م) في عام 1919 م بإهداء سيف والده لملك بريطانيا لما ذهب له مهنئًا بانتصار بلاده في الحرب العالمية الأولى، الذي أعاده له ليدافع به عن الإمبراطورية!

سيد عبدالمطلب علي
القاهرة - مصر