بورصة الكويت.. سوق نضجت على نيران الأزمات

بورصة الكويت.. سوق نضجت على نيران الأزمات

من رحم الأزمات العصيبة والمتتالية خرجت سوق الكويت للأوراق المالية (البورصة) واستمدت قوتها ونضجها، حتى باتت اليوم تصنف كواحدة من أفضل الأسواق الناشئة في العالم وأكثرها جذبا للمستثمرين، كما تأتي في صدارة الأسواق الخليجية والإقليمية لجهة التنظيم والخبرات المتراكمة على المستويين الفني والتشريعي. بيد أن سوق الكويت للأوراق المالية، وبعد أكثر من ربع قرن على تأسيسها كسوق رسمية منظمة اكتسبت خلاله المزيد من العمق والتنظيم وبعد أن استقطبت اهتمام المستثمرين والشركات المحلية والأجنبية يدعمها اقتصاد وطني حر ومنفتح، تمتلك حاليا الكثير من الاستحقاقات التي تؤهلها للعب دور أبعد من النطاق المحلي والانتقال للإقليمية.

لم يأت هذا من فراغ وإنما نتيجة للتطورات المتلاحقة والمتسارعة التي شهدتها بورصة الكويت على الصعيدين الفني والتشريعي إضافة إلى مقومات الجذب التي تتمتع بها.. فعلى الصعيد الفني شهدت القيمة الرأسمالية للبورصة نموا هائلا لتصل إلى نحو 141 مليار دولار في نهاية عام 2005 بعد أن كانت هذه القيمة لا تتعدى 15 مليار دولار في عام 1995، لتحتل المرتبة الثانية بعد البورصة السعودية على مستوى المنطقة من حيث القيمة السوقية، ووصل عدد الشركات المدرجة في البورصة إلى 160 شركة في نهاية عام 2006 بعد أن كان عدد الشركات المدرجة 77 شركة ثم 86 شركة خلال عامي 1996 و 2000 على التوالي، وتتنوع قائمة الشركات المدرجة بين شركات محلية وخليجية وعربية لتتيح للمستثمرين قاعدة عريضة من الفرص الاستثمارية.

وتستمد بورصة الكويت سمعتها وقوتها من سمعة ونوعية الشركات المدرجة فيها ونوعية أرباح هذه الشركات وعوائد الاستثمار فيها مقارنة بالشركات المدرجة في أسواق أخرى في المنطقة، فقد تخطت استثمارات عدد كبير من الشركات المدرجة حدود السوق المحلية إلى الأسواق الإقليمية بل والعالمية أيضا ولكل منها قصص نجاح مشهودة في الأسواق العالمية، حيث استطاعت أن تنافس بقوة في تلك الأسواق وتحقق نجاحات باهرة.

وشهدت كميات وقيم التداول في بورصة الكويت نموا كبيرا أيضا خلال السنوات الماضية تشهد به الأرقام، ففي الوقت الذي لم يتعد متوسط قيمة الأسهم المتداولة في اليوم الواحد خلال عام 1995 نحو 5 ملايين دولار، وصل هذا المتوسط إلى نحو 20 مليون دولار في عام 1996 ، ثم إلى أكثر من 30 مليون دولار في اليوم في 1997 ، تراجع في عام 2000 مع تراجع التعاملات في السوق ليصل إلى نحو 5 ملايين دولار، ليقفز متوسط التعاملات اليومية إلى نحو 120 مليون دولار خلال 2005 الأمر الذي يعكس تزايد عدد الشركات وتوسع أنشطتها.

ومن بين عوامل جاذبية سوق الكويت للأوراق المالية رخص أسعار غالبية الأسهم المدرجة مقارنة بالأسواق المجاورة والدليل على ذلك أن معدل السعر إلى الربحية أو مايسمى بمعدل الـP.E الذي يقيس مدى جاذبية الأسهم ومستوياتها السعرية قياسا بأرباحها يبلغ في السوق الكويتية مابين 10 إلى 12 مرة في حين يبلغ في السوق السعودية مثلا نحو 40 مرة، والمعروف أنه كلما انخفض هذا المعدل وأصبحت الأسهم أكثر إغراء على الاستثمار والعكس إذا ارتفع هذا المعدل.. يدعم مقومات سوق الكويت للأوراق المالية كذلك أن التعاملات فيها حاليا يغلب عليها الطابع المؤسسي من خلال تجربة صناديق الاستثمار التي تكاد تنفرد فيها سوق الكويت بين الأسواق الخليجية من حيث كثافتها وعددها ودورها في السوق.

التعاملات في سوق الكويت للأوراق المالية ليست مقتصرة فقط على السوق النقدي أو عمليات البيع والشراء الفورية شأن الغالبية العظمى من الأسواق الناشئة، وإنما أدخلت إدارة السوق أدوات استثمارية أخرى بالتعاون والتنسيق مع كبريات الشركات الاستثمارية المدرجة التي تقدم هذه الأدوات بما يسهم في تنويع الخيارات أمام المستثمرين في البورصة ويوسع من الفرص المتاحة لهم وفي الوقت ذاته تتنوع الشركات الاستثمارية التي تقدم هذه الأدوات أيضا بما يتيح للمستثمرين اختيار الشركة الأفضل للتعامل معها، ومن الأدوات الاستثمارية المقدمة حاليا في البورصة الكويتية «البيع الآجل» الذي طبق قبل نحو عشر سنوات وتتيح الأداة للعميل شراء الأسهم بالأجل أي تسديد جزء من قيمتها عند الشراء والجزء الآخر عندما يحل أجل الصفقة وفقد العقد المبرم بين العميل والشركة التي تقدم الأداة.. أما الأداة الأخرى المقدمة حاليا تسمى «الخيارات» أو «الأوبشن», وبورصة الكويت هي السوق المالية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي تقدم هذه الأداة.. وخلال وقت قريب ستطرح إدارة السوق بالتعاون مع إحدى الشركات الاستثمارية الكبرى أداتين جديدتين هما «البيع على المكشوف» و«إقراض واقتراض الأسهم» لتكون بورصة الكويت أيضا السباقة في تقديم هاتين الأداتين في الشرق الأوسط.

وقبل نحو أربعة أعوام طبقت بورصة الكويت التداول عبر شبكة الإنترنت بحيث يمكن لأي عميل متابعة حركة السوق من أي مكان حول العالم, وإتمام صفقات البيع والشراء من خلال الإنترنت, وهو الأمر الذي مكن الكويتيين المعروفين بكثرة أسفارهم، من أن يكونواعلى تماس دائم بالسوق، كما أن هناك شركات تقدم خدمات «أون لاين» للمتاجرة في الأسهم عبر الإنترنت نيابة عن العميل.

هذه المقومات الفنية الأساسية التي تشكل دعائم رئيسية للبورصة الكويتية في انطلاقتها كسوق إقليمية، يدعمها أيضا اقتصاد حر ومفتوح ينمو بنسب جيدة حيث سجل الاقتصاد الكويتي أداء قويا وبلغ متوسط النمو خلال عام 2004 / 2005 نسبة 7.5 في المائة، إضافة لذلك يمضي أداء سوق الكويت للأوراق المالية مدعوما بسياسة ائتمانية حصيفة لبنك الكويت المركزي حفظت للسوق توازنها وسلامتها أثناء الصعود والتراجع على حد سواء.

تطورات تشريعية

أما على الصعيد التشريعي فقد شهدت التشريعات المتعلقة بسوق الكويت للأوراق المالية تطورات ملحوظة خلال السنوات القليلة الماضية، ومن بين أبرز التشريعات التي طبقتها إدارة السوق، العمل بقانون الإفصاح والشفافية الذي طبق في العام 1999 وكان له أثر بارز على دعم مبدأ الشفافية والإفصاح عن الملكيات في الشركات المدرجة، بيد أن إدارة السوق تعتزم إدخال تعديلات على هذا القانون لسد بعض الثغرات.

وتعكف الجهات الرسمية حاليا على تطبيق عدد من التشريعات أبرزها إنشاء هيئة لسوق المال تتولى مهام الإشراف والرقابة على جميع أنشطة سوق المال ابتداء من تراخيص الشركات وحتى إجراءات تصفيتها.. كما يجري الترتيب لإنشاء سوق موازٍ يعمل جنبا إلى جنب مع السوق الرسمية، وتدرج فيه الشركات الأصغر حجما تمهيدا لانتقالها للسوق الرسمية لاحقا. وتبذل إدارة السوق جهودا دءوبة لتطوير الوسطاء وشركات الوساطة العاملة في السوق انطلاقا من الدور الأساسي الذي تلعبه هذه الشركات في السوق ولتصبح هذه الشركات جاهزة لاستحقاقات المرحلة المقبلة للسوق..كما عمدت لجنة سوق الكويت للأوراق المالية التي يترأسها وزير التجارة والصناعة، إلى وضع شروط جديدة لإدراج الشركات الجديدة في البورصة تضمن دخول شركات قوية ورصينة تشكل فرصا جيدة للمستثمرين المحليين والأجانب وتحفظ للسوق سمعته.

يتزامن كل ذلك مع توجهات حثيثة بتعديل قانون الشركات التجارية القديم والذي يعود للعام 1960 ، حيث تقضي هذه التعديلات في جانب منها بتأسيس سوق للسندات والسماح بتحويل السندات إلى أسهم، وهي تعديلات تطالب بها الشركات منذ فترة طويلة.

وكان مرسوم أميري بتنظيم سوق الكويت للأوراق المالية قد صدر في 14 أغسطس 1983 في أعقاب مايسمى بأزمة سوق المناخ في العام 1982 عندما كانت البورصة تعمل بشكل غير رسمي وغير منظم قبل هذا التاريخ حيث تراكمت الممارسات السلبية ودخلت للسوق شركات ورقية إلى أن انفجر الوضع وانهارت الأسعار ولجنة سوق الأوراق المالية يرأسها وزير التجارة والصناعة وعضوية مدير عام السوق، وممثلون عن وزارة التجارة ووزارة المالية وبنك الكويت المركزي، وعضوان من ذوي الخبرة والكفاءة يختارهما مجلس الوزراء، إضافة إلى أربعة أعضاء تختارهم غرفة تجارة وصناعة الكويت يكون من بينهم أحد الوسطاء.

وفي أكتوبر الماضي أصدر مجلس الوزراء قرارًا بتعيين الدكتور صالح الفلاح مديرا عاما جديدا لسوق الكويت للأوراق المالية خلفا للمدير السابق الدكتور صعفق الركيبي، ويعتبر الفلاح أحد الشخصيات المالية البارزة حيث شغل العديد من المناصب القيادية منها رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لبنك الكويت والشرق الأوسط، ورئيس لجنة المصارف، والعضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار.

الدكتور الفلاح يؤكد أن تطوير البورصة وتعزيز استقلاليتها وإبعادها عن السياسة وتطبيق القوانين على الجميع، على رأس أولوياته، مشيرا إلى أنه يمضي قدما في خطط واستراتيجيات التطوير التي وضعتها الإدارات السابقة وفي الوقت ذاته يتعرف باستمرار على احتياجات السوق على الصعيدين الفني والتشريعي.

وقال الفلاح: إن الوضع المالي الحالي للكويت في أحسن صوره وهو ما يجب أن ينعكس على الاقتصاد ومن ثم على البورصة، مؤكدا أن الكويت تمتلك بورصة عريقة وراسخة تعد الأكثر تنظيما بين أسواق المال الخليجية.. «أنا هنا أتكلم عن القوانين والأسس الموجودة والتجارب التي مرت بها البورصة وتعلمت منها الكثير».

استراتيجية للتطوير

مدير ادارة التداول في سوق الكويت للأوراق المالية محمد الثامر يرى أن: بورصة الكويت كان لها الريادة في المنطقة فيما يتعلق بإدراج الشركات غير الكويتية في بورصة الكويت بالتوازي مع إدراجها في بورصات دولها وهي خطوة جيدة، مؤكدا أن مثل هذه الخطوات يتعين أن تكون متأنية ومدروسة.. باعتقادنا أن النهج الحالي لإدارة السوق في التركيز على تعديل نظم وقواعد البورصة بما يتناسب مع النظرة والطموحات المستقبلية، هو نهج موفق.

وعن أداء سوق الكويت للأوراق المالية يقول الثامر: يمتاز سوق الكويت بالأداء المتزن والعقلاني في أوقات الصعود والتراجع، وقد يكون أهم معيار للمقارنة هنا هو معدل الـ E.P. أو معدل السعر إلى الربحية، مشيرا إلى أنه حتى في أثناء الفورة التي دخلتها أسواق المنطقة ومن بينها السوق الكويتية خلال الفترة من 2003 إلى 2005 وجدنا أن صعود السوق الكويتية كان صعودا متأنيا وعقلانيا وأكثر واقعية لا بعكس تضخم الضغط النقدي «الكاش» الذي تدفق على السوق، الأمر الذي جعلنا وبتحليل بسيط مازلنا حتى الآن عند أعلى من أدنى نقطة وصل إليها السوق خلال العام الماضي بنحو 30 في المائة، فيما بعض الأسواق الأخرى تراجع بعضها عن أدنى نقطة وصلتها بنحو 50 في المائة وهذا مؤشر غاية في الخطورة.

كذلك تشير المؤشرات التاريخية إلى أن سوق الكويت نمت بشكل متأنٍ وفي الوقت ذاته تراجعت حاليا بشكل متأنٍ، وفي مقارنة بسيطة أيضا سنجد السوق الكويتي تراجعت من أعلى نقطة وصل لها بنحو 20 في المائة بينما بعض أسواق المنطقة المجاورة تراجعت من أعلى نقطة بنحو 75 في المائة..أما بالنسبة للكويت كون المؤشر يتراجع بنحو 20 في المائة في ظل عوائد تتراوح بين 8 إلى 12 في المائة وبالتالي فإن الخسارة الفعلية هنا تقارب 8 في المائة فقط، وذلك الاستقرار وتراجع مستوى المخاطر هو أحد أهم عوامل الجذب للسوق الكويتية.

شفافية المعلومات

وبالإضافة إلى الأداء المتوازن والعوائد الجيدة لسوق الكويت للأوراق المالية مقارنة بأسواق أخرى في المنطقة، فإن السوق الكويتية تمتاز أيضا بخاصية هي في غاية الأهمية والحساسية بالنسبة لأسواق الأوراق المالية وتشكل واحدة من أهم دعائم اتخاذ القرارات فيها وهي سهولة وإتاحة تدفق المعلومات لجميع المتعاملين في وقت واحد.. حيث تلزم إدارة سوق الكويت للأوراق المالية الشركات المدرجة بالإعلان عن أنشطتها وعقودها وجميع التطورات التي يمكن أن تؤثر في قرارات المستثمرين باقتناء السهم أو بيعه، إعلانها في وقت واحد لجميع المتعاملين في السوق، إضافة إلى الإعلان كل ثلاثة أشهر عن البيانات المالية، والمخالفون لهذه التعليمات يتعرضون لعقوبات شديدة،

وتبدو هنا نقطة في غاية الأهمية، كما يقول مدير إدارة التداول محمد الثامر، وهي نمو عدد شركات الاستثمار خلال العامين الماضيين بنسبة 100 في المائة تقريبا وهذه الشركات تتخصص في إدارة المحافظ الاستثمارية نيابة عن العملاء وتحمل المخاطر نيابة عنهم أيضا، وبالتالي فإن نمو عدد الشركات الاستثمارية يوفر فرصة لا تتكرر للمستثمر الفرد لكي يضع أمواله لدى محافظ هذه الشركات التي يديرها أشخاص محترفون لديهم القدرة على التحليل واستقراء الأوضاع جيدا.

مؤشرات التداول

وعلى صعيد تطورات التداول في سوق الكويت للأوراق المالية خلال السنوات الأخيرة، فقد ازداد مؤشر السوق بنسبة 268 في المائة خلال الفترة من 2003 - 2005 وذلك بعد ثلاث سنوات من الخسائر وقعت بين أعوام 1989 ـ 2000، وكان عام 2005 هو عام الذروة لسوق الكويت للأوراق المالية حيث ارتفع مؤشر السوق بنسبة 78.2 في المائة، وارتفعت القيمة السوقية وحجم التداول بمستويات قياسية وتخطت القيمة السوقية حاجز الـ 140 مليار دولار لتمثل 190 في المائة من إجمالي الدخل القومي للكويت مقارنة مع 91 في المائة فقط في نهاية 2002 ، وكان أداء سوق الكويت خلال هذه الفترة الأفضل على مستوى أسواق دول مجلس التعاون الخليجي وتفوق بشكل ملموس على المعدل العام لأداء الأسواق الناشئة.. بيد أن الانتعاشة التي حققتها السوق حتى نهاية 2005 تلتها عمليات تصحيح على مراحل متتالية خلال العام 2006 الذي كان من أثقل الأعوام التي مرت على البورصة الكويتية، كما جاء هذا التصحيح في إطار حركة تصحيح شاملة للأسواق الخليجية، إضافة إلى الانعكاسات السلبية للأحداث السياسية والعسكرية في المنطقة ومن بينها العدوان الإسرائيلي على لبنان وتداعيات الملف النووي الإيراني.

وكان لسياسة بنك الكويت المركزي الحصيفة والخطوات التي اتخذها أبلغ الأثر في الحفاظ على أداء متوازن لسوق الكويت للأوراق المالية في أوقات الازدهار والتراجع على حد سواء، ففي مرحلة الازدهار التي شهدها السوق خلال الفترة من 2003 حتى 2005 اتخذ المركزي خطوات فعالة لتظل السيولة في إطارها المعقول حيث بدأ في رفع سعر الخصم بداية من يوليو 2004، كما فرض في أغسطس 2004 نسبة 80 في المائة كحد أقصى للإقراض مقارنة بالودائع وذلك لتقنين القروض التي يمكن أن تتدفق لتمويل الأسهم وتؤدى إلى تضخيم أسعارها بشكل مبالغ فيه، وفي أوقات التصحيح تجنب البنك المركزي سياسة رفع سعر الخصم لتجنب أي تضييق على السيولة في جو شهد عملية تصحيح سريعة لسوق الأوراق المالية، كما تدخلت السلطات الكويتية بطريقة مباشرة بزيادة الأرصدة المباشرة للهيئة العامة للاستثمار في السوق، ومن ثم ووفق هذه السياسة الحصيفة تتمتع سوق الكويت للأوراق المالية بالاستقرار والتوازن في الأداء الذي تنأى به عن الصعود المفتعل أو التراجع المؤلم، بما يجعله محط اهتمام المستثمرين والشركات الأجنبية ويصب في مصلحة التوجه بتحوله لسوق إقليمية.

خبرة وريادة

ويشير الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور الذي عمل مستشارا اقتصاديا لمجلس الأمة، إلى أن الحديث عن تجربة بورصة الكويت يتعين أن يأخذ بعين الاعتبار نقاطًا عدة أهمها التجارب والأزمات التي مرت بها بورصة الكويت والتي جعلتها اليوم واحدة من أفضل الأسواق الناشئة تنظيمًا ونضجًا، وفي الوقت نفسه فإن البورصة الكويتية هي أطول البورصات الخليجية عمرا وبالتالي أكثرها خبرة، مما يجعل كفة الريادة في المنطقة تميل لمصلحة البورصة الكويتية وان كانت بعض البورصات الخليجية سبقتها بخطوات محدودة على صعيد إقرار بعض التشريعات، لكن التنظيم وحده ليس كافيا وإنما المهم أيضا عامل الخبرة والنضج وهو ماتتميز به بورصة الكويت.

وأضاف بوخضور: هناك استحقاقات أساسية أيضا لتهيئة مناخ جيد للاستثمار بشكل عام أهمها الشفافية والحرية وعدم الازدواجية والديمقراطية والمساواة، وجميعها تنظيمات يتمتع بها مناخ الاستثمار في الكويت مايدعم وجود سوق مالية قوية، وان كانت هناك بعض أوجه القصور في بعض من هذه التنظيمات فإن العيب في التشريعات وليس في المؤسسات، في الوقت ذاته هناك خطورة على مناخ الاستثمار إذا لم تتوافر هذه التنظيمات.

وقال بوخضور: كون الكويت تعتمد في مسارها على النفط بما يمثل أكثر من 90 في المائة من دخلها وبالتالي الإنفاق الحكومي يعتمد على توفر السيولة والإيرادات النفطية وبالتبعية القدرة على الإنفاق على المشاريع التنموية التي تستفيد منها الشركات المدرجة في البورصة بشكل مباشر وغير مباشر، فان ذلك يمثل خللا في التركيبة الكويتية، لكن الشركات الكويتية فطنت لذلك وعمدت لتنويع مصادر دخلها ليس فقط بالاعتماد على الإنفاق الحكومي وإنما أيضا من خلال إقامة مشاريع دولية في أسواق متعددة حول العالم.

وأكد بوخضور أنه في ظل وجود هذه المقومات مازالت السوق تحتاج إلى الإصلاح، ولابد أن يتبع عملية الإصلاح بعض الآلام، لكن كلما بدأ الإصلاح مبكرا كانت الآلام أخف وطأة.

يجب أيضا أن نأخذ في الاعتبار الشركات المدرجة، كما يقول بوخضور، وهي شركات أيضا في غالبها عتيدة وعريقة تكونت عبر أجيال متتابعة، ومرت كذلك بتجارب كثيرة أعطتها نوعًا من الرسوخ في الاستثمار والشفافية والوضوح وبفضل هذه الخبرة أصبح لدى الشركات الكويتية المدرجة حضور إقليمي وعالمي فاعل من خلال مشاريع تساهم بالفعل في عملية التنمية في الأسواق التي توجد فيها في الخارج متخذة من الكويت قاعدة انطلاق أساسية لها.

هيئة سوق المال

وعلى صعيد تطورات سوق الأوراق المالية في الكويت ودعما لمركز السوق التنظيمي كأحد أهم الاستحقاقات قبيل الانطلاق للإقليمية وافقت لجنة الشئون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة في أغسطس 2006 على مشروع قانون تنظيم سوق المال والذي يقضي بإنشاء هيئة لسوق المال تتولى مهام الإشراف والرقابة على جميع أنشطة سوق رأس المال ابتداء من تراخيص تأسيس الشركات وحتى إجراءات تصفيتها، وسيلغي القانون الجديد عند إقراره بشكل نهائي التشريعات الحالية التي تحكم عمل الشركات التي يتم تداولها في البورصة.

ويطالب خبراء الاقتصاد في الكويت بالإسراع في إنشاء هيئة سوق المال لتعزيز الشفافية والرقابة على الشركات ودعم سياسة الإفصاح، وحماية حقوق المتعاملين، إضافة إلى فصل دور الرقابة عن التشريع وهو الدور المزدوج الذي تضطلع به إدارة السوق حاليا، ويؤكد وزير التجارة والصناعة فلاح الهاجري «أهمية وجود هيئة سوق المال ضمن سلسة القوانين والتشريعات المنظمة للنشاط الاقتصادي والتجاري التي تدفع باتجاه تطوير الكويت كمركز إقليمي رائد وبورصتها كسوق إقليمية».

وتقول الدكتورة أماني بورسلي المدرسة بجامعة الكويت: إن إنجاز دراسة هيئة سوق المال استغرق نحو عشرة أشهر، وأنجزت المشروع بالتعاون مع جهات عالمية متخصصة أبرزهم المستشار روبرت ستل هوتا، الذي سبق له أن شارك في إنجاز 35 هيئة لسوق المال، مؤكدة أن مشروعها الذي يحتوي على نحو 100 مادة تم إعداده بمهنية عالية بعيدة عن تضارب المصالح، لكي يظهر بالصورة التي نطمح لها والتي من أبرزها سد الثغرات الحالية.

وذكرت بورسلي أن إدارة البورصة دورها فقط هو مراقبة المشاركين والمتعاملين، فيما ستكون الهيئة مظلة عليا تراقب الجميع، مشيرة إلى أن سوق الكويت للأوراق المالية فعلا بحاجة لهيئة بالمعني العالمي.

ومن جهته اعتبر رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة النائب أحمد باقر أنه بات من الضروري ومن الأهمية بمكان وجود هيئة لسوق المال لتحقق جملة من الأهداف أبرزها حماية البلاد من الهزات المضرة بالاقتصاد، وأن تكفل حماية السوق وفق أنظمة ثابتة ومتينة.

وأضاف باقر: يجب أن تحقق الهيئة الشفافية الكاملة التي تضمن الرقابة المهنية والاطلاع على التلاعبات كما هو معمول به في بريطانيا حيث يوجد مكتب متخصص لكشف عمليات التلاعب، مؤكدا أن وجود الهيئة يضمن وجود أنظمة شفافة وعادلة وثابتة تطبق على الجميع، وتعالج كل التعاملات.

الآجل والخيارات

وفي عام 1998 أطلقت إدارة سوق الكويت للأوراق المالية أولى الأدوات الاستثمارية، وهي أداة البيع الآجل، بالتعاون مع الهيئة العامة للاستثمار وبدأت الخدمة آنذاك بصانع سوق واحد أو شركة واحدة تقدم الخدمة، وكانت بورصة الكويت هي التي انفردت بين البورصات العربية وبورصات منطقة الشرق الأوسط بتقديم هذه الخدمة، وشهدت أداة البيع الآجل تطورا كبيرا طوال السنوات الماضية منذ العام 1998 ، فبعد أن كانت تقدم من خلال شركة واحدة وصل حاليا عدد الشركات الاستثمارية التي تقدمها كصانع سوق على الأداة نحو 16 شركة وتوسع حجم سوق الآجل ليصل حاليا إلى نحو 500 مليون دينار (ما يقارب 1.5 مليار دولار).

والآجل هو عبارة عن شراء أسهم بأجل محدد بقيمة معروفة يضاف إليها نسبة من الفائدة لفترة معينة بمقدم معين. وللمستثمر اختيار فترة الأجل التي تناسبه مابين شهر، وثلاثة أشهر، وستة أشهر وتسعة أشهر.

وفي هذا الصدد يقول مدير الاستثمارات المحلية في شركة الساحل للتنمية والاستثمار عبدالله العصيمي: إن البيع الآجل من المشتقات المالية التي انفردت بها بورصة الكويت بين بورصات المنطقة وحققت دعما كبيرا لسوق الكويت للأوراق المالية، وأشار العصيمي إلى أن أداة الأجل شهدت تطورات كبيرة طوال نحو ثماني سنوات منذ بداية انطلاقتها واتسعت قاعدة الشركات التي تقدمها حتى وصلت إلى نحو 16 شركة حاليا، غير أن العصيمي يرى أن وجود 16 شركة تقدم الخدمة للمتعاملين أكثر من العدد اللازم.

وفي مارس 2005 بدأت بورصة الكويت في تقديم أداة استثمارية أخرى فريدة وهي «الخيارات» أو الأوبشن بالتعاون مع شركة المركز المالي الكويتي، على عدد من الأسهم ليكون لبورصة الكويت أيضا السبق في طرح هذه الأداة على مستوى المنطقة.

وقال بدر الغانم مساعد نائب الرئيس للاستثمار المحلي والخليجي في شركة المركز المالي ـ التي تقدم الأداة ـ إن الأداة تشمل حاليا خيارات الشراء فقط ولم تطرح بعد خيار البيع للأسهم، مشيرا إلى أن «عقد خيار الشراء هو عقد قانوني يبرم بين صانع السوق (مصدر الخيار) وبين العميل وهو المستثمر في السوق ويعطي لحامله خلال فترة سريان العقد الحق وليس الإلزام بشراء كمية معينة من الأسهم بسعر محدد (سعر التنفيذ)، ويمكن أيضا لحامل عقد الخيار إعادة بيع العقد إلى صانع السوق في الوقت المحدد من قبل صانع السوق.

وأشار الغانم إلى أن شركة المركز المالي تعكف حاليا بالتعاون مع إدارة السوق على تفعيل وتطوير سوق الخيارات، حيث وصلنا للمراحل النهائية في صياغة القوانين المتعلقة بخيارات البيع لتشمل الأداة خيارات الشراء والبيع، بالإضافة إلى تقديم الخيارات على عدد أكبر من أسهم الشركات المدرجة، موضحا أن حجم صندوق «فرصة» الذي تقدم الشركة من خلاله أداة الخيارات، يبلغ 100 مليون دينار (ما يقارب 300 مليون دولار).

تجربة الصناديق

لعل أحد أهم الهواجس التي يهتم بها الاقتصاد أن يكون الاستثمار في الأوراق المالية استثماريا مؤسساتيا يغلب على التعاملات فيه الطابع المؤسسي طويل الأجل وليس الطابع الفردي قصير الأجل، وتتمتع سوق الكويت للأوراق المالية حاليا بالطابع المؤسسي في الأداء مع وجود المضاربات بالطبع التي تعد «ملح البورصات، هذا الطابع المؤسسي تم تكريسه عبر تزايد شركات الاستثمار التي تدير محافظ مالية بمليارات الدولارات وصناديق الاستثمار التي تعد تجربة فريدة في بورصة الكويت أضافت الكثير للسوق والمتعاملين فيها

ويبلغ عدد الصناديق الاستثمارية الموجهة للاستثمار في سوق الكويت للأوراق المالية، حاليا نحو 66 صندوقا موزعة بين الأسهم والسندات والعقار، لكن صناديق الأسهم تستأثر بالحصة الأكبر وتدير صناديق الأسهم مايزيد على 3 مليارات دولار، تديرها شركات محترفة وعريقة، وتعتبر الهيئة العامة للاستثمار ـ الذراع الاستثماري لدولة الكويت ـ المساهم الأكبر في هذه الصناديق.

ويشير في هذا الصدد العضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار بدر السعد إلى أنه عندما بدأت الهيئة في تشجيع الصناديق كان ذلك التوجه بهدف الحد من بعض الممارسات غير المواتية ومنها، كما قيل وقتها، إن مجموعة من الأفراد تتحكم في السوق والحل هو أن يكون هناك صناديق استثمار تخلق نوعا من التداول المؤسساتي، وبالفعل شجعت الهيئة العامة للاستثمار إنشاء الصناديق وأعربت عن الاستعداد للمساهمة بـ 50 في المائة من رأسمال أي صندوق ينشأ لتشجيع صغار المستثمرين وتشجيع التداول المؤسسي، ووضع ضوابط، لأن تكون الوحدة بألف دينار، لايمكن لأي شخص اليوم أن يستثمر بألف دينار في السوق، لكن ذلك ممكن من خلال الصناديق، كما وضعت ضوابط على التصويت في الجمعيات العمومية وبالتالي حمت الصناديق من المشاركة في تغيير مجالس إدارات الشركات، لأن الهدف هو الاستثمار المهني البحت.

وأضاف السعد: نصيب الهيئة في الصناديق التي ساهمت فيها نحو 600 مليون دينار (ما يقارب ملياري دولار)، وقد نجحت الهيئة في تشجيع إنشاء الصناديق، وفي الفترة الأخيرة قلنا إننا سنخرج من أي صندوق أداؤه ضعيف وندخل في صناديق لم ندخل معها في السابق ونفذنا هذه السياسة بالفعل وتخارجنا من بعض الصناديق ضعيفة الأداء، ونحن على استعداد للمشاركة في أي صندوق ينشأ ويقدم فكرة جديدة وقيمة مضافة للسوق وبالفعل، دخلنا مع بعض الصناديق، وهدفنا تطوير السوق أكثر من الاستثمار ذاته.

وحول تجربة الصناديق الاستثمارية في سوق الأوراق المالية، يؤكد قيس الفرج مدير ادارة الاستثمارات المحلية والخليجية في البنك التجاري الكويتي»، تجربة الصناديق ممتازة أعطت عمقا للسوق وأثبتت هذه التجربة أن صناديق الاستثمار هي أأمن وسيلة للاستثمار، كما سمحت للمستثمرين الأفراد بالاستثمار في شرائح واسعة من الأسهم بمبلغ صغير ما كان لهم أن يحصلوا على هذه المميزات لولا وجود الصناديق.. إنها تجربة مفيدة يحق لسوق الكويت أن يفخر بها.

ويضيف الفرج: إن مستثمرين كثيرين محليين وأجانب يرغبون في الاستثمار في بورصة الكويت، حيث بالإمكان الحصول على شركات بأسعار منخفضة مقارنة بأرباحها ومعدلات نمو هذه الأرباح، لدينا شركات أرباحها في نمو بينما أسعارها تراجعت حتى وصل معدل الـ E.P إلى عشر مرات، ونحن عادة ما ننصح المستثمرين الأفراد بالاستثمار في السوق من خلال الصناديق الأقدر على التحليل والأقدر على تحمل المخاطر.

شركات الوساطة

ويعمل في سوق الكويت للأوراق المالية حاليا نحو ثماني شركات للوساطة المالية تتولى إتمام صفقات البيع والشراء نيابة عن العملاء مقابل عمولات محددة، وتراقب إدارة السوق أداء هذه الشركات جيدا وتخضع سجلاتها للتفتيش الدوري.. وتمتلك شركات استثمارية كبرى حصصا مؤثرة في عدد من شركات الوساطة، وتهتم إدارة السوق بتطوير مهنة الوساطة والوسطاء من خلال إلحاق الوسطاء بالدورات التدريبية الدورية لرفع كفاءتهم والوصول بمهنة الوساطة للمستويات العالمية لإدراك إدارة السوق بأهمية دور شركات الوساطة في تأهيل البورصة للانطلاق نحو الإقليمية، وبدورها تطالب شركات الوساطة إدارة السوق بأن يتعدى دورها إتمام الصفقات والسماح لها بتقديم الاستشارات واستثمار جزء من فوائضها المالية في السوق.

مدير إدارة الوسطاء في سوق الكويت للأوراق المالية عبد العزيز المرزوق يقول: إن إدارة السوق تبدي اهتماما كبيرا بتطوير مستوى وأداء شركات الوساطة والعاملين في هذه المهنة، حيث أعطيت هذه الشركات المرونة والحرية في افتتاح فروع خارجية، في الوقت ذاته يتم تدريب وتأهيل الوسطاء وفق مستويات عالمية ومنح الوسطاء شهادات عالمية لمن يجتاز الدورات التدريبية، هذه الشهادات تحدث بشكل دوري، كما يمنح الوسطاء رخصا عالمية لتوعية الوسطاء واطلاعهم على تطورات الاسواق العالمية.

وأشار المرزوق إلى أن إدارة السوق طلبت من شركات الوساطة زيادة رءوس أموالها لتواكب التطورات العالمية، وتواكب مراحل التطوير المتسارعة في البورصة الكويتية.

رئيس مجلس إدارة شركة الخليج للوساطة المالية خالد الصالح يؤكد أن شركات الوساطة المالية في بورصة الكويت تطورت كثيرا مع تطور السوق منذ أن كانت الصفقات تعرض من خلال مجرد لوحة يدوية، واستطاعت مواكبة التطورات التقنية المتسارعة في هذا المجال، مشيرا إلى أن سوق الكويت للأوراق المالية تشهد تطورات متلاحقة ويتعين ألا تتأخر شركات الوساطة عن هذه التطورات.

وقال الصالح: إن إدارة السوق الحالية تبذل جهودا دءوبة لتطوير مهنة الوساطة وهناك لقاءات دورية بين الوسطاء والإدارة تستمع فيه الإدارة لمطالبنا وتسعى لتذليلها، مشيرا إلى أن الوسطاء يطالبون حاليا بتوسيع دورهم في السوق ليمتد إلى تقديم الاستشارات للعملاء واستثمار جزء من فوائضنا المالية في السوق.

النساء يدرن ملياري دولار في بورصة الكويت

ظلت التعاملات المباشرة في سوق الكويت للأوراق المالية مقتصرة على الرجال فقط، حيث كان يحظر على النساء دخول عالم الاستثمار في البورصة مباشرة من قاعة التداولات، حتى حلول السابع والعشرين من يناير 2005 عندما سمحت إدارة البورصة للمرأة بالتعامل في البورصة مباشرة وخصصت لهن قاعات تداول مستقلة مجهزة بأجهزة الكمبيوتر وشاشات عرض إلكترونية لمتابعة الأسعار والعرض والطلب والأخبار اليومية، وخصصت الإدارة لهن وسيطات لتمثيلهن في التعاملات، على قدم المساواة مع الرجال.

ويقول عبد العزيز المرزوق مدير إدارة الوسطاء في سوق الكويت للأوراق المالية إن جدية المرأة ورغبتها الأكيدة في دخول عالم الاستثمار جاءتا بعد أن أثبتت نجاحا لافتا في عالم الاستثمار وإدارة الشركات.

وأشارالمرزوق إلى أن قيمة تداولات المرأة في السوق خلال العام 2003 ، العام الأول لدخول المرأة البورصة، وصلت إلى 40 مليون دينار، وكان عدد الوسيطات أربعا فقط، وفي عام 2004 ارتفعت قيمة تداولات النساء إلى 160 مليون دينار وزاد عدد الوسيطات إلى 11 ، وفي نهاية عام 2005 ارتفعت قيمة تداولات المرأة لتصل إلى 630 مليون دينار (بما يتجاوز ملياري دولار) أي أربعة أضعاف البدايات في عام 2003 ووصل عدد الوسيطات إلى 17 في نهاية 2005.

أزمات ودروس مستفادة

مرت سوق الكويت للأوراق المالية بالعديد من الأزمات خلال تاريخها زادتها قوة وصلابة، بداية من أزمة العام 1976 حيث كانت التعاملات تتم بشكل غير منظم، شهدت خلالها الأسعار تراجعا حادا نتيجة تراكم عدة عوامل.

وفي العام 1982 عندما كانت السوق لا تزال غير منظمة وغير رسمية عصفت بها أعتى وأشد الأزمات عندما انهارت الأسعار بشكل غير مسبوق نتيجة حلول استحقاقات البيوعات الآجلة فيما عرف بأزمة المناخ، بعد أن كانت الأسعار شهدت ارتفاعا كبيرا خلال العام 1981 فيما يشبه الفقاعة التي انفجرت بالفعل في وجه المتعاملين وتسببت هذه الأزمة في إفلاس الكثيرين بل وموت بعضهم واندثار شركات كثيرة، ومازال الاقتصاد يعاني تداعيات هذه الأزمة حتى الآن.

كانت أزمة الغزو العراقي للكويت في أغسطس 1990 هي أقصى مايمكن أن يتعرض له اقتصاد دولة، حيث كان كيان دولة معرضا للاندثار وليس اقتصادًا أو سوق مال فقط، لكن الاقتصاد الكويتي سرعان ما تجاوز هذه الأزمة، وعادت بورصة الكويت بعد التحرير أكثر تنظيما.

وفي العام 1997 تعرضت الأسعار في سوق الكويت للأوراق المالية لتراجع حاد اثر وقف بنك الكويت المركزي للعمل بقرار المارجن «الإقراض بالهامش لتمويل الأسهم»، بالإضافة إلى وقوع خلافات شديدة بين مجموعتين استثماريتين كبيرتين في السوق استمرت لفترة طويلة تركت هذه التداعيات تأثيرها على السوق، كذلك كانت هذه الأزمة مدعاة للخروج بتشريعات ساعدت على تنظيم السوق أكثر.

كان فتح سوق الكويت للأوراق المالية أمام المستثمرين الأجانب في عام 2000 قرارا فاصلا في تاريخ البورصة الكويتية كخطوة إيجابية تتماشى ومقتضيات التحرير المالي الذي تنتهجه الكويت وبداية حقيقية للانطلاق ببورصة الكويت نحو الإقليمية، جاء هذا التطور بمقتضى المرسوم رقم 20 لسنة 2000 .

وأسهمت هذه الخطوة في زيادة الشفافية وسرعت إجراءات التطوير، كما انعكست بشكل واضح على زيادة قيمة وكميات التداول، وتعد بورصة الكويت واحدة من أفضل البورصات الإقليمية جذبا للاستثمارات الأجنبية ليس فقط بسبب عوائد الاستثمار المرتفعة وإنما أيضا لتدني مستوى المخاطر على الاستثمار، وبورصة الكويت من البورصات القليلة التي تجمع هاتين الخاصيتين.

أوقديها يا ابنةَ النورِ فقد خبتِ النيرانُ نيرانُ النوى
أسعدي اللوامَ اشقيني فها كان ما شاءوا وزيديني جوى
وانكئي بي كُلَّ جرحٍ ودعي جرح قلبي ان يكن عنك ارْعَوَى
أنا أهوى فيكِ موتي ناشدًا كلَّ آسٍ لي، يرى الموتَ الدوا


فهد العسكر

 

محسن عبد الهادي