«الفرنشايز» نظام امتياز العلامات التجارية ما هو؟ وماذا نتوقع؟

«الفرنشايز» نظام امتياز العلامات التجارية ما هو؟ وماذا نتوقع؟

أثبتت التجارب نجاح أسلوب العمل بنظام منح حقوق الامتياز التجاري في خلق فرص أعمال ناجحة قادرة على المنافسة في السوق الدولية لما تتمتع به من مواصفات قياسية ترقى به للعالمية.

في العقد الماضي أظهرت الدراسات أن العمل بنظام منح حقوق الامتياز التجاري قد رفع نسب نجاح أكثر من 85% من المشروعات الجديدة التي بدأت بتطبيق هذا الأسلوب في العمل، وذلك نتيجة نقل الخبرات والتدريب والمعرفة والدعم المستمر من مانح حق الامتياز التجاري للحاصلين عليه. وقد بدأ العمل بنظام الامتيازات التجارية، كمنهج عمل تجاري في العالم، مع خمسينيات القرن التاسع عشر.

إلا أن ما شهده الربع الأخير من القرن العشرين من انتشار للامتيازات التجارية، سواء من حيث مجالات عملها، أو من حيث أعدادها أو أعداد مستخدميها أو عالميتها، اعتبر ثورة غير مسبوقة ساهمت، ولاتزال تساهم بإحداث تغيرات جوهرية في أكثر من 75 مجالاً من أوجه العمل التجاري من منتجات وخدمات مطبقة في مائة دولة حول العالم.

ويمكن وصف حق الامتياز التجاري بأنه تحالف استراتيجي قوي يقدم وعدًا بنجاح طويل الأمد، ومن أجله تستثمر جميع الأطراف مصادرها وكفاءتها للحصول على مكاسب استراتيجية لتسويق المنتجات أو الخدمات. ويدخل في هذا النظام نوعان على الأقل من الناس:

1 - مانح حق الامتياز التجاري: وهو الذي يعير علامته التجارية أو اسمه التجاري ونظام المشروع ويدعى مالك حق الامتياز التجاري franchiser.

2 - المستفيد من حق الامتياز التجاري: وهو الذي يدفع ضريبة وأجرًا دوليًا أوليًا في الغالب مقابل الحصول على حق عمل الصفقات باسم مانح حق الامتياز التجاري ونظام شركته. ويسمى الشخص المستفيد من حق الامتياز التجاري «franchisee».

ومن الناحية الاصطلاحية، «franchise» يعني العقد الذي يربط الطرفين إلا أنه غالبًا ما يستخدم هذا المصطلح ليعني المشروع الفعلي الذي يقوم به المستفيد من حق الامتياز التجاري.

وفي مشاريع الامتياز التجاري، يقوم مانح حق الامتياز التجاري بتقديم خطة كاملة أو شكل العمل وتوصية المستفيد بحق الامتياز التجاري بذلك لإدارة وتشغيل المؤسسة. وتعتمد الخطة على تقديم الإجراءات التفصيلية المرحلة للأوجه العامة للمشروع وما يمكن أن يتوقع من مشاكل إدارية وكذلك يقدم منظومة متكاملة للقرارات التي سيواجهها المستفيد من الامتياز التجاري. ومن أهم مزايا شراء حق الامتياز التجاري أن نظام العمل وطرق توزيع السلع والخدمات المرتبط بالعلامة التجارية قد تم تطويرهما واختبارهما، وكنتيجة لذلك، يمكن توقع حدوث التوسع السريع والناجح في بيع التجزئة أكثر منه في حالة المشروعات التي تبدأ بأفكار «محلية».

وقد بدأ العمل بنظام الامتيازات التجارية، كمنهج عمل تجاري في العالم، ولاتزال تساهم بإحداث تغيرات جوهرية في أكثر من 75 مجالاً من أوجه العمل التجاري من منتجات وخدمات مطبقة في مائة دولة حول العالم. ففي عام 2000 قدر المحللون القيمة التي وصلت إليها مبيعات الشركات المانحة حق الامتياز التجاري والشركات المستفيدة من حق الامتياز التجاري بتريليون دولار وفقًا لمبيعات التجزئة الأمريكية السنوية من أصل 320.000 مشروع صغير يعمل بحق الامتياز التجاري في 75 مجالاً.

ويرى بعض المحللين أن عولمة الامتيازات التجارية ظاهرة جديدة بدأت عام 1990 ويعزونها لأسباب عديدة منها: التطور التقني الواسع في عالم المعلومات، والاتصالات، وانتشار بعض أساليب الحياة التي صارت تطغى على اهتمامات معظم المستهلكين. ووفقًا لقول أحد خبراء الامتيازات التجارية فإن الأسباب الرئيسية وراء العمل بنظام الامتيازات التجارية هي: الوقت، والقوى العاملة، والمال. فاستراتيجية الامتياز التجاري تعتمد على، أولا: استثمار الفكرة الأصلية للمنتج أو الخدمة، ثانيا: نقل الخبرة المطلوبة للشركاء الجدد. وعلى الرغم من معدلات النمو المتزايدة لصناعة الامتيازات التجارية في منطقة الشرق الأوسط، والتي يقدرها الخبراء بحوالي 27% إضافة إلى تقديرهم أن تصل مساهمته في قطاع البيع بالتجزئة إلى أكثر من 50% خلال السنوات القليلة المقبلة، إلا أن الفرص المتاحة والإمكانات المتوافرة لا تزال أكبر من معدلات النمو. ويعود السبب بشكل رئيسي إلى قصور حقيقي معرفي حول هذا المفهوم، إلى حد ذهاب بعض التحليلات العالمية للقول إن منطقتنا تعاني من «أمية الامتيازات التجارية».

مزايا ومثالب

على الرغم من وجود قصص نجاح كثيرة تم فيها تبني نظام الامتيازات التجارية إلا أنه من المؤكد أن تحالف المستفيد من العلامة التجارية وخبرات مانح الامتياز التجاري يشكلان معًا شراكة قوية حيث تجمع بينهما الكفاءة الدولية المحترفة التي يتمتع بها المانح والطموح والرغبة بالنجاح اللذين ينطلق منهما المستفيد من مرجعيته المحلية. وبالمقابل على المستفيد أن يتخلى عن استقلاليته الذاتية في مقابل حصوله على القوة التسويقية والتدريب من الجهة المانحة للامتياز التجاري.

ولكي ينجح تملك الامتياز التجاري يجب أن يكون هنالك توازن بين المزايا المأمولة مثل: انخفاض تكلفة التشغيل، القوة السويقية ومحدودية المخاطرة اعتمادًا على سمعة المانح، وبين المثالب المتوقعة مثل: التخلي عن قدرة الاستقلالية والالتزام بكل القيود والإجراءات المختلفة التي يضعها مانح حق الامتياز التجاري. وبشكل عام، فإن البداية التجارية مع أحد الأنظمة العاملة بنظام الامتياز التجاري لا شك أنه أسهل بكثير من الاستقلال الشخصي بالعمل، ذلك لأن مانح حق الامتياز التجاري على استعداد دائم لتقديم المساعدة عند ظهور أي نوع من المشاكل، ذلك لأن النجاح المتبادل هو الحافز الحقيقي وراء هذه المشاركة التي تتجاوز الحدود الجغرافية.

وبشكل عام، فإن حق الامتياز التجاري ليس وصفة سحرية للنجاح، فقد أظهرت إحدى الدراسات التي قامت بها منظمة جالوب في شهري سبتمبر وأكتوبر من عام 1997 عن مالكي حقوق الامتياز التجاري ومواقفهم تجاه تجربتهم بالعمل من خلال الحصول على الامتياز التجاري أن أكثر من 90% منهم أعربوا عن اعتقادهم بأنهم كانوا ناجحين جدًا أو على الأقل ناجحين إلى حد ما. بينما أعرب اثنان أو ثلاثة في المائة ممن تم سؤالهم عن شكهم في نجاحهم إذا ما قاموا بمفردهم بمزاولة النشاط نفسه.

وقد توصلت دراسة أجريت لاستطلاع أسباب فشل مشاريع الامتياز التجاري، إلى أن وضوح الرؤية والتحضير الجيد ودراسة الجدوى عناصر أساسية في نجاح أي مشروع. وفي دراسة أخرى انتهى الباحث إلى أن التطوير المستمر لا غنى عنه لاسيما في حالة مشاريع التشغيل الناجحة وذلك لمواكبة التغير المستمر الذي يطرأ على ظروف الأسواق العالمية ومتطلبات الأسواق المحلية.

ومن أهم مزايا تطبيق نظام الامتيازات التجارية:

علامة تجارية معروفة: ربما من أهم مزايا العمل بهذا النظام هو استغلال علامة تجارية، غالبًا ما تكون معروفة عند المستهلكين في العالم أجمع، وهذا يوفر مبالغ طائلة تصرف على الإعلانات في حال التعامل مع منتجات أو خدمات غير معروفة من قبل المستهلك المحلي.

تدريب نظامي للطاقم المحلي: تقوم جامعة Holiday Inns التي أسست عام 1972 بتكلفة خمسة ملايين دولار بتوفير الدورات التدريبية اللازمة لجميع مستأجري العلامة التجارية. وتوفر جميع مشروعات الامتياز التجاري برامج تدريب تشمل كلاً من: عمليات التشغيل - التسويق - الإعلانات - العروض الخاصة - إدارة المخازن - المحاسبة - الإدارة - التأمين - العلاقات العامة. وتمتاز هذه البرامج التدريبية بأنها لا تتطلب معرفة سابقة من قبل المستفيد أو طاقم عمله بل إن بعض المانحين يفضلون ألا يكون لدى المستفيد خبرة سابقة.

خدمات إدارية وتسويقية: غالبًا ما ينجذب المستهلك نحو العلامات التجارية التي تقدم «خدمة أفضل» كل مرة، وهذا أحد أسباب نجاح فكرة العلامات التجارية، إذ إن المستهلك يتوقع جودة الخدمة نفسها في أي محل من محلات العلامات التجارية. أي أن العلامة التجارية قد حازت ثقة المستهلك، وبالتالي، قلّ الوقت الذي يستهلكه المستفيد المحلي للمستهلك، وبالتالي ستقل مصروفاته على الدعاية، وهذا أدعى للتركيز على تحسين نوعية الخدمة / المنتج.

وفي مشروعات حق الامتياز التجاري، يقوم مانح حق الامتياز التجاري بتقديم خطة وإجراءات العمل المعتمدة في جميع فروعه وتوصية المستفيد بالالتزام بمقاييس حق الامتياز التجاري لإدارة وتشغيل نشاطه. وتعتمد الخطة على تقديم الإجراءات التفصيلية المرحلية للأوجه العامة للمشروع، وتتوقع معظم المشاكل الإدارية المحتملة، وتقدم منظومة متكاملة للقرارات التي يواجهها المستفيد من حق الامتياز التجاري. ومن أهم مزايا شراء شكل العمل لحق الامتياز التجاري، أن النظام وطرق توزيع السلع والخدمات تم تطويرهما واختبارهما وارتباطهما بالعلامة التجارية. إلا أن هذا كله لا يضمن النجاح للمشروع إذا كان ينقص المستفيد الطموح أو الرغبة في النجاح أو المثابرة.

الحفاظ على معايير الجودة: السر وراء نجاح الامتياز التجاري الدولي، هو تقدير العملاء في جميع أنحاء العالم للعلامات التجارية الشهيرة باعتبارها مؤشرات للجودة والخدمة والقيمة، وهذا يدفع مانح حق الامتياز لفرض عدة معايير للجودة على المستفيد لضمان تقديم خدمة / منتج تليق بسمعة العلامة التجارية دوليًا. هذه «الدكتاتورية» في فرض أنظمة العمل، غالبًا ما تكون في مصلحة المستفيد حيث إنه سيطلع بشكل مباشر على خبرة المانح في تشغيل المشروعات، وبالتالي ستصبح جزءًا من أسلوبه في العمل، لا سيما إن استبدل نشاطه الحالي بآخر بعد حين.

مصاريف تشغيل أقل: هذه ميزة إضافية حيث إن معظم المانحين لا يتكلفون مصاريف إعداد دور العرض (المعارض أو الواجهات) إذ إنها غالبًا ما تكون ضمنية في المصاريف المبدئية التي تدفع للمانح. كما أن المستفيد يتلقى مساعدات مستمرة من قبل المانح بخصوص تصميم وصيانة المعارض والمخازن، وهذا سيوفر عليه استشارات وساعات عمل كثيرة.

وأما عن مثالب تطبيق نظام الامتيازات التجارية فمن أهمها:

التوقعات العالية غير الواقعية: خبرة المانح التجارية - علامته التجارية - أساليب الدعاية والبيع جزء مما يتمنى المستفيد اكتسابه، فهو يرى أن نظام العلامة التجارية رهان رابح. ولكن الصورة ليست واقعية بالكامل، فبينما يرى المانح أن هذا النظام فرصة لا تعوض للتوسع في مناطق جديدة، فإن هذا لا يعني بالضرورة حتمية النجاح. فالنجاح يتحقق عندما يتبنى سياسات التسويق والإدارة وتعليمات العمل التي يقدمها المانح ويطوعها لخدمة نشاطه بما يتناسب مع ظروف بيئته المحلية.

متطلبات الاستثمار: تختلف متطلبات الاستثمار بصورة هائلة، فهي تعتمد كلية بشكل أساسي على نوع الصناعة وقطاع الاستثمار. ويمكن أن تتراوح التكلفة الكلية المبدئية بين حوالي ألفي دولار أو أقل وقد تصل إلى مليون دولار، طبقًا لطبيعة حق الامتياز التجاري الذي وقع الاختيار عليه، وكذلك ما إذا كان ضروريًا امتلاك أو استئجار العقار اللازم لمزاولة النشاط التجاري. علاوة على ذلك، فإن هناك رسومًا مبدئية تفرض من قبل معظم مانحي حق الامتياز التجاري على الراغبين باستثمار حق الامتياز التجاري.

تقييد الاستقلالية: على المستفيد أن يتخلى عن قدر من استقلاليته في تغيير شكل المنتج / الخدمة وهذا ما لا تسمح به عادة الجهة المانحة لحق الامتياز التجاري. فالمستفيد من حق الامتياز التجاري عليه أن يكون مستعدًا للوفاء بكل القيود والإجراءات المختلفة التي يضعها مانح حق الامتياز التجاري، مع أن هذا الالتزام لا يقيد الإبداع وتطبيق الأفكار الجديدة. وفي تاريخ «نظم الامتياز التجاري» هناك الكثير من قصص النجاح التي تبيّن الدور الذي لعبه المستفيدون على الامتياز في تسويق العلامة التجارية الأم والمساهمة في بنائها بطريقة مبتكرة. فمثلاً «وجبة هابي ميل وفكرة البيغ ماك» كانت من أفكار الحاصلين على امتياز إدارة علامة ماكدونالدز وليس الشركة الأصلية.

مشاريع متنوعة

أول ما يتبادر إلى الذهن عند ذكر مشروعات الامتياز التجاري هو مطاعم الوجبات السريعة، إلا أن المنظمة الدولية لمشروعات حق الامتياز التجاري قد أدرجت أكثر من 75 نوعًا مختلفًا من الأنشطة التجارية. وهذا يبدو منطقيًا لأن ذلك الاقتصاد أصبح موجهًا بشكل أكثر للخدمات والتكنولوجيا، لذا أصبحت مشروعات الامتياز التجاري تغطي كل المجالات بدءًا من الخدمات الإعلانية والبريدية والتغليف والتعليب والشحن إلى البناء وخدمات المواعيد وفحص المنازل وأنظمة الأمن ومبيعات الفيديو والإيجارات. وبعض المجالات الأخرى مثل الخدمات البيئية وصالونات تصفيف الشعر والمساعدات والخدمات الصحية والملابس وخدمات الأطفال والمنتجات والخدمات التعليمية وخدمات الاتصال والكمبيوتر وخدمات العناية بالحدائق والتجارة في الفنادق واستراحات الطرق والوكالات السياحية، كل تلك، أمثلة ممتازة للتطبيق الناجح لمشروعات الامتياز التجاري في كل المجالات.

الكويت ونظام الامتياز

لا تتوافر أرقام رسمية حول حجم قطاع الامتيازات التجارية في دولة الكويت، وإذا كانت التقديرات تشير أيضًا إلى المليار و 270 مليون دولار بوصفه الرقم الذي يعادل حجم القطاع في منطقة الشرق الأوسط ككل، فإن غياب الرقم الفعلي من شأنه أن يضع علامات استفهام حول إمكانية تحقيق تطوير حقيقي في هذا القطاع من دون الاستناد إلى بنية علمية قوامها بالدرجة الأولى توافر أرقام رسمية. وإن كانت منطقة الخليج بشكل عام والكويت بشكل خاص تسعى بجدية لأن تشكّل في السنوات القليلة المقبلة واحة تمركز للامتيازات التجارية في المنطقة، وبتعبير آخر «نقطة امتيازات ساخنة». إلا أن الوصول إلى تحقيق هذا الهدف المعلن، يستوجب المجابهة مع تحديات كثيرة والتعامل معها بجديّة وحذر وتذليل عقباتها.

وتتنوع طبيعة هذه التحديات بين القانوني المتمثل بغياب صريح للتشريعات الخاصة بهذا القطاع، والتوعوي المتمثل بقصور في فهم طبيعة الامتياز التجاري. ولا يغيب عن هذه التحديات اتفاقيات التجارة الحرّة وانفتاح الأسواق وتوقع حدوث قفزة محتملة في مجال الامتيازات التجارية. وفي جولة سريعة على نوعية الامتيازات التجارية المسيطرة على السوق الكويتي، يتضح أن الصدارة تنالها العلامات التجارية الأمريكية، وتحديدا في مجال مطاعم الوجبات السريعة أو المقاهي. ولا يعتبر هذا الأمر مستغربًا، فالولايات المتحدة تستحوذ على أكبر نسبة من سوق تصدير العلامات التجارية في العالم.

وقد دفع غنى التجربة وانتشارها حكومات الغرب, في الولايات المتحدة الأمريكية - الأنشط عالميًا في هذا المجال - والدول الأوربية إلى سنّ القوانين والتشريعات الخاصة بهذا النوع من الأعمال بحيث تضمن حقوق صاحب العلامة التجارية من جهة، والحاصل على الامتياز من جهة أخرى. كما تم استحداث قوانين خاصة بأنشطة المنافسة وتوزيع التراخيص على أكثر من صاحب امتياز في واحد من منطقة جغرافية واحدة على مستوى الدولة أو الإقليم.

أما في الكويت، فقد بقي نشاط الامتيازات التجارية مصنفًا، من الناحية القانونية، تحت بند قوانين أخرى قد تكون ذات علاقة، لكنها غير مختصة بكاملها بهذا النشاط. فالقوانين التي تنظم عمل العلامات التجارية، والأسماء التجارية وحقوق الملكية وبراءات الاختراع وغيرها، لاتزال هي المتحكّمة في نشاط الامتيازات التجارية في المنطقة من دون إجراء أي عملية فرز أو فض التباس بين القوانين المتبعة وطبيعة القضايا الخاصة بالامتيازات التجارية. ومن المنتظر أن تنهض جهات مماثلة بهذا الدور في دول مثل مصر ولبنان، ودول منطقة الخليج العربي، وتحديدًا في المملكة العربية السعودية ودبي والدوحة.

ومن المعروف أن نظم الوكالة الاقتصادية تخضع لقوانين حكومية يحدد بعضها حصة صاحب الوكالة المحلي بنسبة 51% بينما تكون حصة الأجنبي 49%. لكن نظام «الامتياز التجاري» يتيح درجة أكبر من الحرية في العلاقة بين مانح ترخيص الامتياز الأجنبي وبين «الوطني» المستفيد من الترخيص، من دون أن يكون هناك هامش كبير لتدخّل الحكومة.

أميّة الامتياز التجاري

على الرغم من معدلات النمو المتزايدة لصناعة الامتيازات التجارية في منطقة الخليج العربي، والتي تم فيها استثمار أكثر من مليار و 27 مليون دولار في هذا القطاع في العام 2004 حيث نالت المملكة العربية السعودية والإمارات الحصة الأكبر منها، فإن الفرص الممكنة لاتزال أكبر من معدلات النمو. كما أن أغلب المستثمرين متحمسون للحصول على امتيازات تجارية في قطاع الأطعمة والذي تستهلك منطقة الخليج العربي نسبة 40% من الحجم العالمي منه في العالم.

ويعزى السبب بشكل رئيسي إلى قصور حقيقي حول مفهوم «العلامات التجارية». فصناعة الامتيازات التجارية ممكن أن تشمل قطاعات أخرى مثل: السيارات والصحة والاتصالات والتعليم وغيره. كما أن المعرفة لا تقتصر حول تصفح شبكة الإنترنت واستطلاع الفرص العالمية المتاحة لاستقدام علامات تجارية عالمية جديدة إلى المنطقة، كما يحصل في الغالب، وإنما يستوجب الأمر ثقافة إدارية وتسويقية لايزال انتشارها بطيئًا في البيئة العربية. ومع ظهور بعض الشركات والوكالات المتخصصة في تقديم حلول التطوير والتدريب والاستشارات في مجال العلامات التجارية، فمن المتوقع أن يساهم هذا الأمر بسد الثغرة في هذا المجال. ففي دبي تحديدًا، تقوم بعض هذه الشركات بتزويد الراغبين في الحصول على الامتيازات بالمعلومات الضرورية التي تقلل من احتمالية فشلهم.

والجدير بالذكر هنا، تجربة المملكة العربية السعودية التي استطاعت أن تصدّر بعض علاماتها التجارية إلى أوربا وأمريكا وبالطبع إلى منطقة الخليج. ولايزال هناك أكثر من 120 علامة سعودية لمنتج أو خدمة مرشحة لأن تبيع رخصة استخدامها بطريقة نظام الامتياز التجاري، على غرار تجارب ناجحة مثل «الطازج» و«كودو» و«زهور الريف» و«هوت أند كريسبي».

ويرجع خبراء الامتياز التجاري هذا الأمر إلى كبر مساحة المملكة التي تجعل المستثمر السعودي يقبل على التوسع عن طريق منح الآخرين حق الامتياز التجاري.

ولابد من التأكيد مجددًا على أن الفرص المتاحة والإمكانات المتوافرة لاتزال أكبر من معدلات النمو مما يبشر بمستقبل واعد لمثل هذا القطاع التجاري. كما أن دول المنطقة تسعى بجدية ومع البدء بتنفيذ اتفاقات التجارة الحرّة لأن تشكّل في السنوات القليلة المقبلة واحة تمركز للامتيازات التجارية في المنطقة، إلا أن الوصول إلى تحقيق هذا الهدف يستوجب المجابهة مع تحديات قانونية وإدارية والتعامل معها بجديّة وتذليل عقباتها. ومن أبرز التحديات غياب الأرقام الرسمية عن حجم تجارة العلامات التجارية في المنطقة مما يقودنا للتساؤل حول إمكانية تطوير حقيقي في هذا القطاع من دون الاستناد إلى بنية علمية مبنية على أرقام فعلية.

 

وحيدة الميان