السيمبيوتر: المغامرة الهندية في حلبة الكبار.. وليد الشوبكي

السيمبيوتر: المغامرة الهندية في حلبة الكبار.. وليد الشوبكي

«السيمبيوتر» إجابة الهند على إشكالية الفجوة الرقمية. فهو حاسوب جيب يسعى لإتاحة فوائد تكنولوجيا المعلومات للمستخدمين في البلدان الفقيرة من المتعلمين والأميين على السواء. وبين نجاحات هذه التجربة وإخفاقاتها ثمة دروس جديرة بالنظر، فهي في نهاية الأمر تجربة كيان قريب من عالمنا العربي، تعطينا المثال دون إحباط، ولا مبالغة.

قبيل وصول حقبة التسعينيات لنهايتها، كان قد ترسّخ في وعي نفر من الباحثين ورجال الأعمال الهنود اعتقادان: أولهما أن تقنيات المعلومات (كالحواسيب وغيرها) يمكن أن ترفع إنتاجية الأفراد بمستويات فارقة وتحسن فرصهم الاقتصادية في المستقبل، خاصة في البلدان الفقيرة - والهند إحداها. وثاني الاعتقادين أن معظم تقنيات المعلومات الموجودة حينئذ كانت مصممة في الأساس للمستخدمين في العالم المتقدم، وليست صالحة بالضبط لتلبية احتياجات المستخدمين في الدول الفقيرة. فتلك التقنيات قد تكون باهظة الثمن، أو أنها تتطلب إمكانيات غير متاحة دوما (كمصدر موثوق للكهرباء مثلا)، أو أنها تحتاج إلى مستوى ما من المعرفة التقنية لا يتوافر لدى معظم المستخدمين البسطاء في العالم الثالث، حيث تشيع الأمية.

وهكذا بزغت فكرة «السيمبيوتر»، الذي يُعد أول محاولة جادة لتطوير حواسيب مناسبة لفقراء العالم، في استخدامها وكلفتها ووظائفها. و«السيمبيوتر» (SIMPUTER) لفظة سكّها العالم الهندي الدكتور سوامي مانوهار، أحد مخترعي الحاسوب الهندي، وتضم الأحرف الأولى من كلمات «حاسوب بسيط الاستخدام، رخيص الثمن، متعدد الوظائف».

وللسيمبيوتر محطات، أولها البدايات الأولى كخاطرة في عقول باحثين هنود عام 1998، ثم ما أعقب ذلك من صدور النموذج التجريبي الأول عام 2002، ثم طرح طرز تجارية وعسكرية عديدة بداية من النصف الثاني لعام 2004. وبين هذه المحطات وبعدها ثمة قصة يرويها في حوار مع «العربي» من مدينة بانجالور الهندية المهندس فيناي دِشبانده، أحد الآباء المؤسسين لمشروع السيمبيوتر، ورئيس إحدى الشركتين اللتين تنتجان حواسيب السيمبيوتر المحمولة تحت أسماء تجارية مختلفة.

نشأ السيد دشبانده وحصل على تعليمه الجامعي في ولاية حيدر أباد في الهند. ثم سافر للولايات المتحدة ليحصل على درجة الماجستير في علوم الحاسوب من جامعة ستانفورد عام 1970. وعمل هناك في شركات عدة لأربع سنوات، ثم عاد للهند ليؤسس أول شركة له (PSI لأنظمة البيانات). ثم توالت الشركات التي أسسها لتصل إلى خمس شركات حتى الآن، بعضها انتقلت ملكياتها كاملة لآخرين، وبعضها لا يزال مملوكا بنسب متفاوتة للسيد دشبانده.

وكان معه هذا الحوار

  • كيف بدأ السيمبيوتر؟

- بدأ مشروع السيمبيوتر من حفل عرس دُعيت له عام 1998 في ولاية ماهاراشتا غربي الهند، حيث يسكن بعض أقاربي. هناك التقيت أحد مديري البنوك التعاونية (cooperative banks)، الذي طلب مني أن أزوره في المقر الرئيس للبنك بمدينة «كاراد« عندما علم باشتغالي في حقل تكنولوجيا المعلومات. صباح اليوم التالي، أدهشني عندما زرت ذلك البنك الصغير، الذي لا تزيد فروعه على 30، وودائعه حوالي 30 مليون دولار أميركي، أدهشني أنه يستخدم تكنولوجيا متقدمة للغاية. فهذا البنك يسمح لأي من زبائنه المزارعين، الذين يعمل معظمهم في زراعة قصب السكر، أن يُجروا كل تعاملاتهم البنكية - من سحب وإيداع وما شابه - من خلال نافذة واحدة، في أي من الفروع الثلاثين. وهذا ما لا تقدمه حتى الآن بعض البنوك الكبيرة في بانجالور.

فسألت صاحبي: ما حاجتك إليّ إذن؟ إنكم تقومون بعمل ممتاز فعلا. فقال إنه يواجه مشكلة في برنامج المدخرات الصغيرة (micro-savings)، أحد البرامج الادخارية للبنك. في هذا البرنامج يقوم وكلاء للبنك بالمرور على المزارعين المشتركين يوميا ليحصلوا منهم ما توفر لديهم من مدخرات. فأحيانا يكون لدى المزارع 5 روبيات وأحيانا 50 روبية، وهكذا والدولار الأميركي الواحد يساوي 45 روبية تقريبا. ولأن وكلاء البنك لم يكونوا موظفين نظاميين، وإنما يتقاضون نسبة مما يحصّلون من مدخرات، فإن بعضهم كان يقوم بالتزوير؛ فيعطي المزارع إيصالا صحيحا بالقيمة التي حصل عليها، لنقل 50 روبية، أما صورة الإيصال والتي تذهب للبنك آخر اليوم، فتكون غير واضحة، ومسجلاً بها 5 روبيات فحسب. وتسبب ذلك في خسائر كبيرة.

سألني مدير البنك حول إمكانية الحصول على جهاز إلكتروني محمول يسجل بدقة المدخرات التي يحصلها كل وكيل للبنك ويطبع الإيصالات إلكترونيا، ومن ثم يسد ثغرة التزوير المصاحبة للإيصالات المكتوبة يدويا. وقال إنه سيشتري لبنكه 1000 وحدة، إن تمكنت من تطوير ذلك الجهاز وبسعر لا يزيد عن 200 دولار.

عدت إلى بانجالور وأخذت أفكر في الاقتراح. ففي الهند ما يزيد على 5000 من هذه البنوك التعاونية. ثم هناك المؤسسات المالية الحكومية، والبنوك التقليدية الكبيرة، والبنوك الأجنبية. فإذا ما اشترى كل من هذه البنوك 1000 وحدة، فإن حجم سوق هذه الأجهزة الحاسوبية المحمولة يزيد على خمسة ملايين وحدة. فإذا تمكنّا من تغطية 20% من هذا السوق، فإن ذلك يعني مليون وحدة، وهو رقم يستحق المبادرة.

عندما حادثت أساتذة في علوم الحاسوب من أصدقائي في المعهد الهندي للعلوم(IIS) بشأن هذه الفكرة قلت لهم: إذا كان لهذا الاستخدام البنكي وحده هذه الآفاق الكبيرة، فماذا لو أضفنا لذلك الجهاز الحاسوبي استخدامات أخرى ذات أهمية للمستخدم العادي؟ فمثلا، لو أضفنا إمكانية التعرف على أسعار المحاصيل في أسواق مختلفة في الهند، فإن المزارع سيختار السوق الذي به أعلى الأسعار لمحصوله بدلا من أن يعطي محصوله لوسطاء يجنون معظم الربح بغير مبرر. ثم هناك الاستخدامات التعليمية والترفيهية وما شابه. وهكذا بدأنا نفكر معا في مشروع السيمبيوتر.

  • ولكني قرأت أن شرارة السيمبيوتر انطلقت أول الأمر في مؤتمر لتكنولوجيا المعلومات ببانجالور عام 1998؟

- هذا المؤتمر - وكنت أحد منظميه - ناقش كيفية توسيع قاعدة المستفيدين من تكنولوجيا المعلومات وتحقيق التنمية بصورة عامة. وبعد ذلك بشهر تقريبا كان لقائي بالمصرفي. ثم تركز تفكيرنا، أنا ومجموعة المعهد الهندي للعلوم، حول الحاسوب المحمول بسيط الاستخدام، متعدد الوظائف. وأنشأنا «وديعة السيمبيوتر» وبدأنا العمل.

  • كم من الوقت استغرق تطوير النموذج الأولي للسيمبيوتر؟

- أربع سنوات. أما الإنتاج التجاري فلم يبدأ قبل عام 2004. واستغرق الأمر عاما آخر ليتعرف المستخدمون (من الشركات خاصة) على الفروق بين السيمبيوتر وحواسيب الجيب المحمولة الشائعة.

عقبات تقنية وحلول مبتكرة

  • ما الصعوبات التقنية التي واجهتكم لتطوير الحاسوب بالمواصفات التي خططتم لها: بساطة الاستخدام، تعدد الوظائف، رخص الثمن؟

- واجهنا صعوبات عديدة. أولها بالطبع كان توفير مصدر للطاقة الكهربية. فبينما تتوافر الطاقة الكهربية في الدول الغربية أو المتقدمة في كل مكان تقريبا، فإن مصادر الطاقة الكهربية في الدول النامية إما غير موثوقة أو غير متوافرة أصلا. ومن ثم، فإن عدم توافر مصادر دائمة للطاقة الكهربية يجب أن يكون في اعتبارك عند التفكير في تصميم حاسوب لهذه الفئة من المستخدمين. وهكذا تأكد لدينا من البداية أنه لا بد من استخدام بطاريات يسهل إعادة شحنها؛ والأهم من ذلك، أن المستخدم يستطيع أن يستبدل هذه البطاريات أثناء عمله (في الحقل مثلا).

الصعوبة الثانية، وهي كسابقتها لم تدخل في اعتبارات مصممي المنتجات القادمة من الدول الغربية، أن التأخر في إعادة تزويد البطاريات بالطاقة قد يؤدي إلى فقد البيانات المخزنة على حواسيب الجيب الشائعة. ولكن هذه ليست مشكلة في الغرب لأن هناك دائما مصدرا للطاقة الكهربية أينما كنت. ولكن الأمر يختلف في القرى الهندية. ولذا راعينا ألا يؤدي استبدال البطاريات إلى فقد أي من البيانات المخزنة على الحاسوب، وإن لم يُزود بالطاقة لعشر سنوات.

أما الصعوبة الثالثة فكانت اللغة. فكل المنتجات الغربية تعمل بصورة أساسية باللغة الإنجليزية. في الهند لا يتحدث الإنجليزية سوى 5% من السكان. وحوالي 45% من الهنود أميون. فكيف نصل لهذه الفئة من المستخدمين؛ وكيف نعمل على تمكينهم بجعل تكنولوجيا المعلومات في متناولهم؟ لهذا كان لا بد من دعم السيمبيوتر بلغات عدة، كاللغات الهندية المحلية إضافة إلى لغات أخرى كالعربية والصينية.

أما فيما يتعلق بالمستخدمين الأميين، فقد وفرنا في الحاسوب شاشة عرض تعمل باللمس. تظهر من خلال هذه الشاشة أيقونات على هيئة صور. لمعرفة أي معلومات ذات صلة بمحصول الطماطم مثلا، يلمس المستخدم أيقونة الطماطم على شاشة الحاسوب، فيستجيب الأخير بأن يعرض فئة أخرى من الصور هي خيارات لما يستطيع المزارع أن يسأل بشأنه. فتظهر له مثلا صورة النقود للتعرف على أسعار الطماطم في أماكن مختلفة في الهند ليحدد أيها أنسب ليبيع فيها ما لديه، أو تظهر صور أخرى تدل على أنواع الأسمدة المتاحة أو على أنواع المبيدات الحشرية أو ما شابه. ولأن الحاسوب مزود بجهاز «مودم» للاتصال بالإنترنت، فإنه يستطيع الحصول على المعلومات المتجددة، عن أسعار الغلة مثلا، إما بالاتصال بالشبكة العالمية مباشرة، أو بالاتصال بالحواسيب الخادمة التابعة للحكومة والتي تضاف إليها هذه المعلومات بصورة متجددة. ولا يحتاج المستخدم إلى الاتصال بالإنترنت للاستفادة مما على هذه الحواسيب من معلومات، ولكن يحتاج إلى خط هاتف أرضي من السهل توافره لدى أكشاك الخدمة العمومية.

وربما يوجه لنا أحدهم انتقاداً بأننا بذلك نشجع الأمية. ولكن ذلك ليس صحيحا. فقد أثبت أحد المشروعات التجريبية للسيمبيوتر أن المستخدمين صاروا أكثر رغبة في تعلم القراءة بعد استخدامهم للحاسوب.

أما أكبر التحديات على الإطلاق فكان تخفيض السعر إلى مستويات معقولة، وقد اتبعنا عدة إجراءات لتحقيق ذلك. أولا، أن فريق التصميم والتطوير كان كله من العلماء والباحثين الهنود، وهم يتقاضون أجورا أقل بكثير من نظرائهم في الدول الغربية. وثانيا، أن تصميم الحاسوب كان من البراعة بحيث يعتمد على أجزاء شائعة من العتاد الحاسوبي (hardware)، ودون الحاجة إلى أي أجزاء مصممة خصيصا ترفع من كلفته الكلية. وثالثا، أننا استخدمنا نظام تشغيل وتطبيقات مفتوحة المصدر (open-source)، ومن ثم لم نضطر لدفع مقابل لترخيص استخدام التطبيقات الحاسوبية (software) أو في مقابل الملكية الفكرية. ومحصلةَ لذلك كله، يتراوح سعر السيمبيوتر الواحد بين 120 دولارا، للوحدات غير المدعومة بالألوان، إلى حوالي 250 دولارا وفقا للسعة التخزينية وسرعة المعالج وغيرها من الإمكانيات.

بيد أن سعر 200 دولار، أي ما يساوي تقريبا 10 آلاف روبية، يظل بعيدا عن متناول شريحة كبيرة من مزارعي الهند الفقراء. ولذا قررنا من البداية أن نشجع الملكية الجماعية للسيمبيوتر. ولكن للحفاظ على خصوصية البيانات لكل مستخدم، كان لابد أن يدعم الحاسوب بتقنية البطاقات الذكية (Smart Cards) التي تتيح تخزين البيانات لكل مستخدم على حدة، وأن يحمل هذه البطاقة معه عند الانتهاء من استخدام الحاسوب. وهكذا صار بإمكان 10 مزارعين مثلا أن يتشاركوا معا في شراء السمبيوتر، كل منهم يدفع 20 دولارا فحسب. ويخزن كل منهم بياناته الخاصة على بطاقة ذكية سعرها دولار واحد.

للأميين فقط؟

  • أحد الانتقادات التي وُجهت للسيمبيوتر أن إمكانياته واستخداماته كانت محدودة للغاية بصورة تجعله مفيدا فحسب للمستخدمين الأميين وليس لعموم المستخدمين. ما تعليقكم؟

- ربما كان هذا التقييم صحيحا أول الأمر. كما أقر بأننا ربما كنا على درجة من السذاجة في بادئ الأمر عندما اعتقدنا أننا طورنا حاسوبا غير مسبوق. فالحق أني عندما أنظر للطرز الأولى الآن لا أجدها أكثر من نماذج تجريبية، ولم يكن متوافرا لها تطبيقات جاهزة لتعمل عليها.

لقد أدركنا أننا كنا في حاجة أولا إلى أن نضع السيمبيوتر في أيدي المزارعين لنعرف أي الاستخدامات مفيد وأيها غير ذلك. وهذا ما فعلناه وتعلمنا منه كثيرا، وأدمجنا ما تعلمناه في التصميمات اللاحقة في 2004. ولكن كان يجب أن نفعل ذلك قبل أن نعلن عن السيمبيوتر في 2002. أعترف بأن إعلان 2002 كان سابقا لأوانه.

من ناحية أخرى، نحن والشركة التي تطور طرزا أخرى من السيمبيوتر كيانات محدودة الحجم، ولم يكن بمقدورنا أن نسوق السيمبيوتر عالميا للمستخدمين الأفراد. فإضافة إلى التكلفة العالية لإتاحته عالميا، يتطلب ذلك أنواعا من البرامج والتطبيقات (مثل معالجة النصوص والجداول المحاسبية) لم تكن متوافرة على السيمبيوتر. وفي هذا أتفق معك في أن المستخدمين من غير الأميين لم يجدوا فيه التطبيقات التي يبغونها، مقارنة بحواسيب الجيب الأخرى.

ولكن ما إن بدأت الشركات تتعرف جيدا على السيمبيوتر حتى بدأت في استخدامه في تطبيقات متعددة. فمثلا، هل رأيت سيارة «سكوروبيو»؟ إنها سيارة رياضية شائعة تنتجها شركة «ماهيندرا آند ماهيندرا» الهندية. هذه الشركة تستخدم السيمبيوتر في تشخيص الأعطال في موتور «سكوربيو»، سواء في المصنع أو أنشطة الصيانة اليومية. وهذه هي المرة الأولى في العالم التي يستخدم فيها حاسوب جيب لهذا الغرض. وثمة شركة تعدين تستخدم السيمبيوتر لتتبع أماكن خام الحديد وتوفر نتيجة لذلك حوالي 50 ألف روبية سنويا. إضافة إلى ذلك، نتفاوض الآن مع دولة في إفريقيا وشركة في أوربا لنشر السيمبيوتر على نطاق واسع.

العالم الثالث وبنية وينتل

  • ذكرتم على موقع شركتكم على الإنترنت أن الحواسيب المعتمدة على «بنية وينتل» (Wintel architecture) ( 1 ) غير ملائمة لبلدان العالم الثالث. ما سبب ذلك؟

- لأكثر من سبب. أولا، وكما يدل الاسم، الحواسيب العاملة وفقا لـ «بنية وينتل» تعتمد على المعالجات الحاسوبية من شركة إنتل وعلى التطبيقات الحاسوبية من شركة مايكروسوفت. تطبيقات مايكروسوفت تحتاج إلى تحديث بصورة دورية، لأن هناك إصدارات أحدث دوما. ثم تجد أن الإصدارات الأحدث لا تعمل على المعالجات القديمة، فتُضطر إلى شراء معالجات حاسوبية حديثة. وهكذا في حلقة مستمرة، بالرغم من أن حاسوبك ربما لا يزال يعمل بصورة جيدة للغاية. ولكن لا خيار لك سوى شراء حاسوب جديد لأن الدعم الفني والأجزاء البديلة لحاسوبك «القديم» لم يعودا متوافرين.

السبب الآخر والأكثر أهمية هو أن الحواسيب المعتمدة على «بنية وينتل» تستهلك بطبيعتها قدرا هائلا من الطاقة الكهربية لتشغيلها. فحاسوب سرعته 4 جيجا هرتز من تلك الحواسيب التي تعمل وفقا لـ «بنية وينتل« يستهلك ما يتراوح بين 200 إلى 400 وات في الساعة. بينما يتراوح استهلاك الطرز التجارية الحالية من السيمبيوتر - وبعضها موجه للاستخدامات المكتبية - بين 4 و 8 وات في الساعة.

«بنية وينتل» مناسبة لاقتصادات الدول المتقدمة، وليس للدول الفقيرة. لهذا فإن هؤلاء الذين ينادون بإرسال حواسيب مستخدمة من تلك المعتمدة على «بنية وينتل» لبلدان العالم النامي يتجاهلون نقطة مهمة وهي: من أين ستأتون بمصادر للطاقة الكهربية المنتظمة لتشغيل هذه الحواسيب؟ اذهب إلى أي من القرى الهندية النائية عن الحضر ولن تجد هناك مصادر للطاقة الكهربية؛ فماذا ستفعل بالحواسيب؟ لقد رأيت في مدارس حكومية هندية حواسيب تبرعت بها - بعد استخدامها لفترة - دول أوربية. وكانت هذه الحواسيب يعلوها التراب لأن الطاقة الكهربية كانت من التذبذب بحيث لا تكفي لشحن بطاريات تلك الحواسيب.

المشكلة الرئيسة في «بنية وينتل» أن من صمموها لم يكن في مخيلتهم مستخدمو العالم الثالث على الإطلاق. ومن ثم، فإن كل المحاولات التي تجري الآن لتكييف هذا النموذج ليكون أكثر ملاءمة لبلدان العالم الثالث لن تؤدي إلا إلى تحسينات محدودة. ولعل أوضح الأمثلة على قصور «بنية وينتل» هو استهلاك الطاقة الكهربية. ربما يتغير ذلك في المستقبل، ولكن حتى اللحظة، الاستهلاك الزائد للطاقة الكهربية من نقاط ضعف «بنية وينتل» الجليّة.الحواسيب المعتمدة على «بنية وينتل» عالية الكلفة للغاية حتى وإن حصلنا على الحواسيب ذاتها مجانا كتبرعات أو ما شابه. وذلك بسبب التكاليف الأخرى (كمحولات الطاقة وكمية الطاقة الكهربية المستهلكة)، وكذلك بسبب عدم التمكن من الاستفادة منها بالصورة القصوى لاحتياجها إلى متطلبات لا تتوافر في معظم البلدان النامية.

  • أخيرا، ما التغير الذي سيحدث لحياة مزارع بسيط وفرصه الاقتصادية عندما نضع في يده حاسوبا محمولا رخيصا أو مكلفاً؟

- كما أشرت آنفا، أولى الفوائد أن جعل المعلومات المتجددة حول المحاصيل وأسواقها وأسعارها في متناول المزارعين سيزيح الوسطاء، مما يعظم العوائد للمزارعين. إضافة إلى ذلك، وربما أكثر أهمية، أن هذه الحواسيب ستحسن من نوعية الحياة المزارعين البسطاء لأنها يمكن أن تعمل كأداة للتعلم والترفيه والتواصل مع الآخرين.

 

وليد الشوبكي 




المهندس فيناي دشبانده احد مؤسسي مشروع السيمبيوتر





شاشة يمكنها العمل بواسطة اللمس حتى تقضي على مشكلة عدم معرفة اللغة الإنجليزية





حواسيب رخيصة الثمن تفيد المزارعين وتريح الوسطاء