القدس.. تاريخ من الألم النبيل محمد الخطيب الكسواني وعمران الرشق

القدس.. تاريخ من الألم النبيل

عام على الانتفاضة

كان العام الماضي باهظ الثمن بحق, ثمن دفعه الشعب الفلسطيني من دم أطفاله وأرواح رجاله وخراب مدنه, وقد تم الدفع بالكامل في مقابل خمسين عاماً من الأخطاء العربية والعجز الذي لم نشهد مثله في تاريخنا, إن الانتفاضة الآن تدخل عامها الثاني وقد روى دمها الغزير أشجار الصبار اليائسة فنبتت فيها زهور صغيرة من الأمل, لعل هناك فجرا عربيا جديدا سوف يشرق من خلف مقابر الضحايا مبشراً بالحرية, إن الشعب الفلسطيني ورغما عن كل شيء يعيش أفضل فترة في تاريخه, فقد رفع عن عينه غمامة الوعود الكاذبة وكف عن التوسل من أجل نصرة لا تجيء من الأخ أو الصديق, ولم يعد يخدع بلعبة مائدة المفاوضات, وقرر أن يدفع ثمن الحرية كاملاً, لم يعد يهاب الموت, أو التضحية, لقد أنضجه الألم العظيم الذي يكابده كل يوم, جفت الدموع وإن لم تجف الدماء, إن الملف الذي تقدمه مجلة العربي اليوم يتضمن إطلالة تاريخية وروحية على مدينة القدس, تتجول فيها بين معالمها التي يغيرها الاحتلال الصهيوني حسب استراتيجية معدة, وبين أهلها الذين يعانون شظف العيش وقسوة الاحتلال, وشهادة اثنين من شهود الانتفاضة, تنبض كلماتهما بألم كبير لا يعينهما على تحمله إلا بصيص من أمل واهٍ, إننا نريد أن يتعاظم هذا الأمل حتى لا تذهب دماء الشهداء بلا ثمن, ونقول لكل الأنظمة المتخاذلة, يكفي خمسون عاما من التخاذل, ونقول للعالم غير العادل, ها هو الدم يستصرخكم, لقد حانت لحظة العدل.

حرية التعبير على الطريقة الإسرائيلية

أثناء جولتنا في حارات البلدة القديمة لالتقاط الصور الخاصة بالاستطلاع, صادفتنا مجموعة من المستوطنين, وعندما أسرعنا لالتقاط الصور, أثار الأمر حفيظة هؤلاء, فسارعوا للانقضاض على كاميرا التصوير وسحبها منا بالقوة إضافة لدفتر كنا نسجل فيه ملاحظاتنا, وبالرغم من محاولاتنا العديدة لإفهامهم أننا صحفيان وإن ما التقطناه من صور هو جزء من مهمتنا الصحفية. وبعد فترة من الانتظار, شابها العديد من المشادات الكلامية, وافق المستوطنون على إعادة الكاميرا, ولكن بعد أن قاموا بمصادرة الفيلم منها وإتلافه, بالدوس عليه بأقدامهم بينما ارتفعت أصوات ضحكاتهم.

(العربي)

قبل ستة آلاف سنة وضع العرب الكنعانيون حجر الأساس لبناء مدينة القدس, ومرّ الزمن وتعاقب الفاتحون والغزاة والدخلاء.. ليأتي زمن آخر يزعم فيه مستوطنون قادمون من مختلف بقاع الأرض... أن تلك المدينة العربية.. عاصمة موحدة لهم. هنا يكمن الزور في أجلى صوره, وهنا أيضاً يستدعي الأمر فضح الزيف الصهيوني الاستعماري.. وكشف تهافت مزاعمه. ولهذا الغرض انطلقت (العربي) إلى (القدس) تلك البقعة الروحية التي تتعلق بها أفئدة العرب والمسلمين.. لترصد واقعها الحالي, وتستذكر تلك الأيام العطرة في تاريخها السابق على الاحتلال الصهيوني الغادر, ومحاولاته المجرمة لتغيير معالمها. كأننا حين دخلنا شوارع (القدس العتيقة), كنا نقدم الاعتذار لكل جدار عتيق ومسجد وكنيسة. لقد كانت هذه المدينة التي لا يوجد نظير لها في العالم هي الثمن الغالي لكل الخلافات العربية ولكل الخذلان الذي نعيشه حتى هذه اللحظة.

لم تكن القدس أرضاً غنية في زراعتها فأقصى مداها ما يزرعه الناس حول بيوتهم بغية التزين, ولم تكن غنية في صناعتها فأقصى ما تصنعه كان جزءا من حاجة أهلها, ولم تكن غنية في تجارتها فجل تجارتها ما كان يخدم أهلها والقرى المحيطة بها, ومع ذلك كانت القدس مطمع الغزاة على مر آلاف الأعوام.

تقع القدس في قلب فلسطين الانتدابية, أو جنوب سوريا الطبيعية, البحر الأبيض المتوسط غربها وتبعد عنه حوالي خمسة وعشرين كيلومتراً على خط مستقيم, والبحر الميت شرقها وتبعد عنه حوالي عشرة كيلومترات على خط مستقيم.

وقد يكون الأجداد اليبوسيون اختاروا تلك البقعة الجغرافية لانها لا تغري الأجانب الطامعين فضلاً عن صعوبة الوصول إليها نتيجة وعورة المنحدرات, فكانت بعيدة عن طرق التجارة القديمة وأقرب تلك الطرق كانت تمر بعيداً بحوالي عشرة كيلومترات تملؤها العقبات الطبوغرافية.

وتوحي قسوة جغرافية كهذه بالمكان الوعر الذي شهد بناء ثاني بيت وضع للناس في الأرض (المسجد الأقصى) بقسوة المكان الجدب غير ذي زرع الذي شهد أول بيت وضع للناس في الأرض وهو المسجد الحرام.

يحدثنا فضيلة الشيخ بسّام جرار مدير مركز نون للدراسات القرآنية عن القدس كما يراها القرآن الكريم والسنة, وربما كان أحد الاعتبارات لاختيارنا الشيخ جرار لهذه المهمة هو أن يطلعنا أيضاً على نتائج أولية لدراسة أجراها المركز تبين فيها أن الصخرة الشريفة التي تعلو قمة موريا وتتوسط ساحات المسجد الأقصى هي كهف الفتية الذين أمنوا بالله فزادهم هدى ووردت قصتهم في سورة الكهف بالقرآن الكريم.

يقول الشيخ جرار: (في حديث صحيح عن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام حول أول بيت وضع للناس أنه قال:المسجد الحرام, قيل ثم أي? قال: المسجد الأقصى, قيل كم بينهما? قال: أربعون عاما. وهذا يعني أن المسجد الأقصى مغرق في القدم ويبدو أن الصخرة المشرفة هي الموقع الثاني, الذي عبد فيه الله بعد المسجد الحرام ويبدو أن أول لقاء للبشرية في الأرض كان في المسجد الحرام ومن هنا سميت أم القرى أي أم الأمم وآخر علاقة للبشرية بالكرة الأرضية هي القدس.

بداية الاستخلاف في مكة ونهايتها في القدس ومن هنا جاء حديث هي أرض (المحشر والمنشر). العلاقة بين المسجد الحرام والأقصى في البداية كانت علاقة الأول والثاني ولكنها الآن علاقة الأول والأخير ليس فقط فيما يتعلق بالوجود البشري بل بالنسبة لنزول الرسالة الإسلامية فقد ورد في الأحاديث أن المسجد الأقصى هو دار الخلافة الأخيرة.

وفي دراسة صادرة عن مركز نون للدراسات القرآنية تم التوصل إلى أن الكهف الوارد في سورة الكهف في القرآن الكريم موجود في ساحات الأقصى وبالذات تحت قبة الصخرة.

ذلك من الناحية الدينية أما من الناحية التاريخية فالقدس مدينة عربية منذ ستة الآف عام بناها اليبوسيون وهم فرع من العرب الكنعانيين في الالف الرابع قبل الميلاد حيث سموها يبوس, أحد ملوكهم ويدعى ملكي صادق اعتنق التوحيد ومعه جمع من أهل المدينة, وسع يبوس المدينة وأطلق عليها (اور سالم) أي مدينة السلام, وبنى فيها معبداً كبيراً سماه بيت قدس لعبادة الإله الأكبر سالم, وكان هذا الملك تقياً ورعاً محباً للسلام حتى أطلق عليه ملك السلام, وبقيت المدينة عربية حتى فتحها داوود عليه السلام وسماها اورشاليم وهو اللفظ العبري للاسم العربي, وفي عهد الملك العربي ملكي صادق وفد إبراهيم الخليل إلى فلسطين فاحسن هذا الملك وفادته لأنه كان يدعو للتوحيد.

وتعاقب عليها بعد ذلك أقوام كثيرة من الروم والفرس إلى أن فتحها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بناء على وثيقة تعرف باسم العهدة العمرية ورغم تعدد الصيغ التي تناقلها المؤرخون لهذه العهدة إلا أنها جميعا تتحدث عن حالة من السلام تتضمن التعددية والحرية الدينية, ثم سقطت في يد الصليبيين نحو 90 عاماً إلى أن حررها صلاح الدين الأيوبي عام 1187.

جبال مدينة القدس

تقع مدينة القدس على عدد من الجبال أهمها جبل موريا وهو الجبل الذي يقوم عليه الحرم الشريف وتقع على قمته قبة الصخرة المشرفة بينما يربض على سفحه من جهة الجنوب المسجد الأقصى كما يقع على سفحه من الجهة الغربية حائط البراق ويقع عليه سور القدس القديم الذي يحيط بالمدينة المقدسة من جهاتها الأربع.

جبل المشارف ويدعى أيضاً جبل المشهد لأن معظم الفاتحين أقاموا عليه معسكراتهم حينما غزوا القدس كما يسمى جبل الصوانة.

وجبل الطور يدعى أيضاً جبل الزيتون ويقع إلى الشرق من القدس القديمة ويفصلها عنه وادي قدرون ويقع جنوب جبل المشارف وارتفاعه حوالي 825 متراً عن سطح البحر, ولهذا الجبل أهمية خاصة عند النصارى حيث تنتشر على سفوحه وقممه الكنائس والأديرة ويعتقد النصارى أن المسيح كان يدرس تلاميذه في منطقة آليا الواقعة في قمة الجبل, كما تناول عشاءه الأخير قبل القبض عليه في كنيسة الجثمانية, وفي هذه الكنيسة ثماني شجرات من الزيتون يقال إن تاريخها يرجع إلى أيام المسيح كان يستظل بها مع تلاميذه.

جبل المكبر وسمي كذلك لأن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب أطل منه على المدينة المقدسة وهو في طريقه لتسلمها وقال (الله أكبر( ورددت جموع الجيوش الإسلامية النداء خلفه, ويقع في الجهة الجنوبية الغربية من القدس القديمة.

وبعد هذه الإطلالة التاريخية والروحية على مدينة القدس نبدأ جولتنا فيها بين معالمها وأهلها.

والبداية من شارع صلاح الدين, وهو المنطقة التجارية الأهم خارج أسوار المدينة, يسلمك الشارع إلى باب الساهرة أحد أهم أبواب القدس, تغلب على هذا الشارع محلات بيع الملابس. يلفت الأنظار عدد من المواطنين, الذين تدل ملابسهم التقليدية الفقيرة ووجوههم السمراء و(سحاحير( خضار وفواكه افترشوها على الطريق, على قدومهم من قرى مجاورة.

قرابة العشرة من رجال ونساء وشبان, جاءوا من قرى مختلفة, حاملين ما جادت به أرضهم من عنب وتين, بل وحتى حوالي عشر يقطينات عرضها عجوز تجاوز السبعين عاماً. (كل يوم نأتي إلى هنا من قرى بيت لحم, سالكين طرقاً ترابية وعرة وخطرة) بهذه الكلمات, وبلهجة قروية حادة, خاطبتنا شادية عثمان (48) عاماً في إشارة إلى سلوكها طرقاً فرعية, لتتفادى الحاجز العسكري المقام على مداخل مدينة بيت لحم, والحصار الإسرائيلي المشدد المفروض على المدينة, أسوة بشقيقاتها من مدن فلسطينية أخرى.

وأضافت شادية, القادمة من بلدة الخضر بمحافظة بيت لحم, والتي كانت تتوسط نسوة أضفت ملامحهن الريفية, وأثوابهن الفلسطينية التقليدية السوداء المزركشة بخطوط حمراء, منظراً مميزاً عن باقي السائرين من أبناء القدس الذين يرتدون الملابس الحديثة: (أوضاعنا الاقتصادية صعبة, زوجي عاطل عن العمل منذ عدة أشهر, وهأنا هنا أحاول المساعدة, ببيع ما تنتجه أرضنا). وتابعت وهي تتحسس قطوف العنب السمراء المكتنزة, في محاولة لمسح الغبار المتراكم عليها: (بالرغم من وصولنا للقدس إلا أن مشاكلنا لا تنتهي, فكثيراً ما نتعرض للاعتقال من جنود الاحتلال الموجودين في المنطقة, إضافة لمصادرة (بضائعنا) أو إتلافها من قبل الضريبة).

والضريبة هي وحدة في بلدية الاحتلال تقوم بمساندة من الشرطة بدهم المحلات التجارية والباعة الجائلين وتصادر أو تتلف بضائعهم. وبجوار عثمان وقف فتى فلسطيني, ذو بشرة سمراء محروقة, شعره أسود فاحم أشعث, له شاربان ولحية بدأت حديثاُ بالظهور, ينظر إلى بضع حبات تمر عرضها أمامه تارة, وإلى الشارع تارة أخرى, عسى أن يمر شخص يشتري بعضاً من بضاعته. هذا الفتى المدعو محمود محمد (16 عاماً) من قرية أرطاس بمحافظة بيت لحم أيضاً, قال بينما أخذ يشير بإصبعه إلى بضعة جنود وقفوا وسياراتهم في نقطة افتتحوها بالقرب من مبنى البريد في المدينة المقدسة: (لماذا نخاف منهم, أنا لا أخاف منهم), وأضاف بصوت متهدج: (اعتقلوني أكثر من مرة, ولكني رغم ذلك أواظب على الحضور, فأنا وإخوتي العشرة وأبي الذي يعمل ببيع الفواكه مثلي بحاجة إلى النقود لنعيش).

أوضاع اقتصادية سيئة

ولا يقتصر سوء الأوضاع الاقتصادية على الباعة الجائلين, إذ يتعداهم إلى أصحاب المحلات التجارية, ومنها متجر (المكاوي) لبيع الملابس.

يقول صاحبه ياسين المكاوي ذو العينين الغائرتين والوجه النحيل: (أوضاعنا الاقتصادية صعبة جداً, فبالإضافة إلى منع أبناء الضفة من الوصول إلى المدينة بسبب الحصار المفروض منذ عدة سنوات, فهناك العديد من الضرائب الباهظة). ويقصد المكاوي بذلك ضرائب (الأرنونا) (المسقفات) والدخل والقيمة المضافة, وغيرها الكثير مما يضطر أهالي القدس لدفعه للسلطات الإسرائيلية.

وتشير دراسة حديثة أجرتها (الغرفة التجارية الصناعية العربية- القدس) إلى تدهور كبير في القطاع التجاري في المدينة, مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين خلال الانتفاضة الحالية, مما اضطر معه العديد من التجار إلى تقليل المصاريف وساعات الدوام ناهيك بعدد العمال.

وكانت معطيات إسرائيلية قد أشارت إلى أن أكثر من 60 بالمائة من فلسطينيي القدس يعيشون تحت خط الفقر. وبالإضافة للمكاوي الذي اكتوى بنار الضرائب الإسرائيلية, (حتى اضطررت إلى اقتطاع جزء من رأسمال المتجر لتسديد ما تراكم علي منها) كما يقول, فإن تجاراً مقدسيين آخرين يشتركون في المعاناة. ومن هؤلاء التجار مصطفى أبو زهرة (50عاماً) الذي يملك دكان مواد تموينية, في سوق (المصرارة) القائمة هي أيضاً بمحاذاة مدينة أسوار القدس.

والمصرارة, هي (السوق التجارية الرئيسية في المدينة المقدسة) كما يصفها المواطنون, حيث تحوي هذه السوق التي تأسست قبل أكثر من خمسين عاماً, العديد من المحلات التجارية, التي تخصص معظمها في بيع المواد التموينية بشتى أشكالها وأنواعها, ابتداء من أكياس الطحين والذرة حتى معلبات (السردين).

في المصرارة يجلس العديد من التجار خاصة من كبار السن, تشغل (النرجيلة) يدا, وكاسات القهوة أو الشاي يدا أخرى, وقد اتخذوا صناديق بعض المعلبات كراسي لهم, فيما يمر العديد من المواطنين, خاصة من الشبان اليافعين, الذين عادة ما يبادرون بطرح التحية بالابتسام ورفع أكفهم, ليقابلوا بتحية مماثلة.

لا يعكر هذا الجور إلا وجود العديد من دوريات الاحتلال في المنطقة, والتي لا تتوانى عن إيقاف أي شاب وسؤاله عن بطاقته الشخصية, أو عن سبب قدومه للمدينة, ناهيك بإزعاج المارة بإطلاق صفارات سياراتهم العسكرية, أو الصراخ على المارة عبر مكبرات الصوت يأمرونهم بالابتعاد والإفساح في الطريق لهم.
سياسة التفريغ

وتأتي حرب التفريغ في إطار سياسة احتلالية تهدف على المدى البعيد إلى إفراغ المدينة من أهلها العرب وتعتمد على شقين هما حرمان العرب من الخدمات, وحرمانهم من التوسع العمراني الذي يلبي التمدد الديمغرافي مع تشجيع واضح لاستيطان اليهود.

وحول الشق الثاني يحدثنا الدكتور خليل التفكجي من بيت الشرق وهو خبير في الاستيطان فيقول: (ترجع النشاطات الاستيطانية في القدس حاليا لخطة التطهير وهي مرحلة متقدمة من خطة أقرها شارون عام 1990 عندما كان وزيراً للإسكان وأطلق عليها مشروع (ست وعشرون بوابة حول القدس) والمقصود هو بناء أحياء يهودية داخل الأحياء العربية بحيث يصعب أمرها على المفاوضات حول الفصل بين الاحياء, مثلا في مفاوضات كامب ديفيد كان هناك طرح بوضع الحي الإسلامي والمسيحي ونصف الحي الأرمني تحت سيادة السلطة الفلسطينية والحي اليهودي ونصف الحي الأرمني تحت سيادة السلطة الإسرائيلية والسياسة الحالية تعتمد على جعل هذه الطروحات مستحيلة من خلال نشر أحياء يهودية في جميع المناطق.

الهدف الآني إقامة طريق آمن بين البوابات الأساسية والبراق, والهدف النهائي هو إيجاد موقع جغرافي في حالة المفاوضات بحيث يكون الفلسطينيون أقلية والبيوت العربية محاطة بمستوطنات. ويضيف التفكجي: (استخدمت إسرائيل أسلوبين في الضغط هما أولاً مصادرة الأرض للمصلحة العامة, وثانيا استخدام قانوني التنظيم والتخطيط).

نتيجة للأسلوب الأول صادرت إسرائيل منذ عام 1967 (35%) من مساحة القدس الشرقية, أي 24 كيلومترا مربعا وأقامت عليها 15 مستوطنة فيها 45 ألف وحدة ضمن مخطط لإقامة 56 ألف وحدة وأسكنت فيها 180 ألف مستوطن, بالمقابل كان عدد السكان الفلسطينيين سنة 1967 سبعين ألفا وعدد الوحدات السكنية 12ألفاً, أما اليوم فعدد السكان 232 ألفا وعدد الوحدات 27 ألف وحدة.

ونتيجة لاستخدام قانون التنظيم جعلت إسرائيل ما يعادل 40% من القدس الشرقية مناطق خضراء كاحتياطي استراتيجي للتوسعات الاستيطانية 6% طرقا, 5% إعادة تنظيم, و14% فقط للفلسطينيين. ومن أجل الحصول على وحدة بناء يجب إثبات الملكية ودفع رسوم تراخيص, وبالمعدل تحتاج الرخصة لخمس سنوات وتكلفة 20 ألف دولار, مما اضطر المواطنين للخروج من حدود القدس وتعرضهم لسحب هوياتهم, وبالمعدل مقابل ألف رخصة من سنة 1992 إلى 1998 صدرت للعرب حصل اليهود على تسعة آلاف رخصة, وفيما يستغرق الفلسطيني خمس سنوات للحصول على الرخصة يستغرق الإسرائيلي ستة شهور فقط. واحد المواطنين احتاج إلى 20 عاماً من 1976 إلى 1996 كي يحصل على رخصة بناء.

وإضافة إلى ما قاله التفكجي تشير المصادر في هذا الإطار إلى أن رئيس بلدية الاحتلال ايهود اولمرت صرح في نيسان (أبريل) 2001 بأنه سيعمل على تعزيز الأغلبية اليهودية في القدس وأن الحرم القدسي لليهود بجميع طبقاته فوق الأرض وتحتها وأن البلدية ستنفذ قرارات هدم منازل فلسطينية, وفي مناسبة اخرى تحدث عن الحاجة إلى بناء 120 ألف وحدة سكنية في القدس قائلاً إنه توجد أهمية كبيرة للحفاظ على التوازن الديمغرافي (70% يهود 30% عرب). أما المدير العام للبلدية رعنان دنيور فقد طالب بهدم منازل في القدس الشرقية كل أسبوع وخلال شهر رمضان تحديداً.

ويعيش في القدس الشرقية حوالي 002 ألف فلسطيني على مساحة 500,70 دونم ضمتها إسرائيل عام 1967 وصادرت منها 500,24 دونم وهناك 2,11% من مجموع مساحة القدس يسمح للفلسطينيين بالبناء فيها ويعيش 5,61% باكتظاظ رغم أنه وحسب معطيات بلدية الاحتلال فإن معدل نمو السكان غير اليهود كان سنة 1999 أعلى سبعة أضعاف مما كان عليه السكان اليهود.

وقد رصد مركز أبحاث الأراضي في القدس عدد المنازل التي هدمت خلال النصف الأول من العام 2001 بتسعة منازل وأساس منزلين ومدرسة ومسجد, وتهدف الضغوط إلى خلق ضائقة سكنية تجبر العرب على الرحيل خارج حدود البلدية وبالتالي سحب هوياتهم, لذلك يتجه المقدسيون إلى البناء غير المرخص, ويذكر أن هناك مقاولاً تابعاً لبلدية الاحتلال يتولى مهمة التفتيش على البيوت الفلسطينية ويتقاضى مكافآت مالية متزايدة كلما هدم عدداً أكبر من المنازل, وفي مفارقة عجيبة لجأت إسرائيل إلى تصنيف معظم الأراضي التي يملكها الفلسطينيون كأراض خضراء أما الأراضي المملوكة لليهود فتصنف كأراض مسموح البناء عليها ولا يكون أمام المقدسيين إلا التوجه أمام المحاكم الإسرائيلية التي تقر عملية الهدم.

وأبعد من ذلك فقد أظهرت الوثائق أن قطعة الأرض التي قدمتها إسرائيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية لبناء سفارتها مملوكة للأوقاف الإسلامية, ولعدد من المواطنين, ويعتبر ذلك اعترافاً امريكياً بالمستوطنات.

والأمر الذي يقلق إسرائيل أن المواطن المقدسي قد صمد رغم هذه السياسة وحقق أرقاماً صعبة في الحرب الديمغرافية ضده, ففي مطلع السبعينيات كان العرب في المدينة المقدسة أقل من 2,7% من سكان القدس وخلال الثمانينيات ارتفعت النسبة إلى 29% والآن تبلغ 32%.

الدعاية اليهودية المضللة

في إطار السياسة القائمة على التمييز منعت بلدية الاحتلال في القدس الغربية تسجيل ثلاثة آلاف من طلاب مدينة القدس في المدارس الحكومية دون إبداء الأسباب, وقد تقدم أولياء أمور 905 أطفال بشكوى إلى المحكمة التي اكتفت بالطلب من الوزارة أن تشرح الأسباب. وقد اعترفت أسبوعية (كول هعير) الإسرائيلية في تقرير مطول يقارن بين سكان القدس الشرقية وسكان القدس الغربية بالهوة الاقتصادية الشاسعة وفيما يلي أهم المعطيات التي وردت في هذا التقرير:

- يحصل العامل العربي على معدل 3056 شيكلا شهرياً بينما يحصل اليهودي على معدل 5417 شيكلاً شهرياً.

- ويحصل 10 ـ 20% من العمال في غرب المدينة على أقل من اجر الحد الأدنى بينما تبلغ نسبة الذين يحصلون على أقل من أجر الحد الأدنى في القدس الشرقية أربعة أضعاف.

- ويحصل 1,10% فقط من العمال في القدس الشرقية على أجر يزيد على معدل الأجور بينما يحصل على ذلك حوالي 50% من نظرائهم اليهود.

- أغلق خلال عام 1999 ما مجموعه 12% من المحال التجارية في غرب المدينة أي حوالي ألف محل بينما أغلق في البلدة القديمة في نفس الفترة 258 محلاً تشكل ربع عدد المحلات فيها.

- الصناعة الخفيفة والصناعات الثقيلة حكر على القدس الغربية وحسب معطيات اتحاد الصناعيين الإسرائيليين وجد خلال عام 1999 ما مجموعه 720 مصنعاً في القدس الغربية يعمل بها 19500 عامل وتقارب دورتها المالية فيها 5,7 مليار شيكل وتتيح للتصدير ما قيمته 700 مليون شيكل أما في القدس الشرقية فتوجد فقط ثلاثة مصانع للأقمشة.

- التكنولوجيا المتطورة: تعمل أكثر من مائتي شركة تكنولوجيا متطورة في القدس الغربية, ولا توجد أي من شركات التكنولوجيا المتطورة في القدس الشرقية. ويتقاضى مهندس برمجة ذو خبرة خمسة أعوام من القدس يعمل في رام الله أجرا قدره ألف شيكل بينما يحصل نظيره الإسرائيلي على اجر يتكون من خمسة أرقام.

- الاستهلاك: الفوارق في الأسعار بين القدس الشرقية والغربية بالمواد الاستهلاكية ضئيلة جداً وهكذا يجبر سكان القدس الشرقية رغم تدني مستوى الأجور على شراء مواد استهلاكية بأسعار متقاربة رغم الهوة الشاسعة في الأجور.

- الفقر: ينشأ 69% من الأطفال في القدس الشرقية تحت خط الفقر بينما 27% من الأطفال في القدس الغربية يعانون من حالات الفقر.

- الفنادق: يصل إلى الفنادق في القدس الشرقية 18% من مجموع السياح الذين يصلون إلى المدينة بينما تستضيف فنادق القدس الغربية النسبة المتبـــقـية.

- الصحة: تجبر الأم في القدس الشرقية على اختيار واحدة من خمس محطات صحة الطفل بينما الأم اليهودية تختار واحدة من ثمان وثلاثين محطة.

- البناء والإسكان: يتقاسم الفلسطيني في القدس منزله مع أكثر من ستة أشخاص كمعدل عام بينما يتقاسم الساكن في القدس الغربية مع 5,3 أشخاص وخلال عامي 1997 ـ 1998 تم منح 3456 رخصة بناء غرب المدينة و503 فقط في شرقها.

ورغم أن القانون الإسرائيلي ينص على أحقية كل ساكن في إسرائيل بالمشاركة في دورات تأهيل مهني حيث يقوم مكتب العمل بإرسال العاطلين عن العمل إلى تلك الدورات فإن مكتب العمل في القدس الشرقية لا يرسل العاطلين إلى دورات كهذه لأنه لا توجد دورات مخصصة لهم.

وفي غربي القدس يتوافر 1كم مجار لكل 743 نسمة, و1 كم شوارع لكل 710 نسمات, 1 كم أرصفة لكل 690 نسمة, وحديقة عامة لكل 447 نسمة, إما في شرقي القدس فالارقام بالترتيب هي 809,2 نسمة, و488,2 نسمة, و917,2 نسمة, و362,7 نسمة.

كما يضطر المواطن المقدسي من أجل التبليغ عن مولود حي أو تسجيل ابنه بالهوية خوض معركة تبدأ منذ ساعات منتصف الليل من أجل الحصول على دور حيث يؤم مكتب وزارة الداخلية الإسرائيلية يومياً 150 ـ 300 مواطن يتمكن 40 ـ 50 من الدخول وغالبية من يدخلون كانوا قد حضروا سابقاً وطلب منهم العودة مرات عديدة لإنجاز اثباتات وغالبية هؤلاء موظفون وعمال وطلاب وأمهات علماً بأن عدد الموظفين في مكتب القدس الغربية ضعف العدد في مكتب القدس الشرقية.

وقد بلغ عدد بطاقات الهوية المصادرة لعام 2000 (207) بطاقات أما خلال الفترة من عام 1967م حتى عام 2000 فقد بلغت 6386 بطاقة الأمر الذي حرمهم من حقوقهم الصحية والاجتماعية والتعليمية والقانونية, أما المنازل المهدومة خلال عام 2000 فقد بلغت 79 منزلاً وخيمة.

القديمة والجديدة

وتتألف القدس من قسمين: القدس القديمة داخل السور والقدس الجديدة نسبياً خارج السور. وهناك الكثير من الآثار الإسلامية, ففي جبل الطور يقع مسجد الصحابي الجليل سلمان الفارسي ومسجد رابعة العدوية وفي الجهة الشمالية من القدس القديمة مقبرة ماملا ويروى أنها تضم قبور سبعة الاف شهيد استشهدوا في الحروب الصليبية وقد حولها اليهود إلى حديقة عامة بعد أن داسوا جميع القبور الموجودة فيها. وفي الجهة الشرقية خارج السور تقع مقبرة باب الرحمة وفيها قبور جماعة من الصحابة الذين استشهدوا في القدس مثل شداد بن أوس وعبادة بن الصامت الأنصاري أما ضريح الصحابي الجليل عكاشة فيقع في الجهة الغربية من القدس وقد هدمه اليهود بالمعاول.

أما القدس القديمة فهي التي تقع على جبل موريا ويحيط بها سور المدينة من جهاتها الأربع وفيها كل المقدسات الإسلامية والمسيحية كالمسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة. وتتميز عماراتها بطراز شرقي قديم, فشوارعها ضيقة ومتعرجة ومسقوفة في بعض جهاتها وفيها أسواق قديمة.

السور القديم يبلغ محيطه خمسة أميال ومتوسط ارتفاعه أربعون قدما وعليه أربعة وثلاثون برجاً وله ثمانية أبواب, بنى اليبوسيون السور الأول للمدينة عام ألفين قبل الميلاد, وبنى سليمان عليه السلام السور الثاني, وبني السور الثالث أثناء الزحف الآشوري وهدمه نبوخذ نصر وبنى هيرودوس السور الرابع وهدمه القائد الروماني طيطوس عام 70 للميلاد, ولما استولى صلاح الدين على القدس رمم أسوارها وأقام عليها العديد من الأبراج وحفر حول السور خندقاً. أما السور الحالي فقد رمم معظمه زمن السلطان العثماني سليمان القانوني عام 1542 ميلادية. وللمدينة المقدسة ثمانية أبواب هي من الشرق باب الأسباط والباب الذهبي ومن الغرب باب النبي داود وباب الخليل وباب الجديد. ومن الشمال باب العمود وباب الساهرة ومن الجنوب باب المغاربة وكلها مفتوحة عدا الباب الذهبي. أما القدس الجديدة فتشمل جميع الأبنية الحديثة التي بنيت خارج السور القديم من الجهة الشرقية جبل الطور ووادي الجوز والعيساوية والشيخ جراح ومن الجهة الغربية جبل المكبر ومن الجهة الشمالية أحياء الطالبية والبقعة التحتى والبقعة الفوقا ومن الجهة الجنوبية سلوان وأبو ديس والعيزرية.

باب العمود يعرف في التاريخ باسم باب دمشق ويقع في منتصف الحائط الشمالي لسور القدس تقريباً, ويعود تاريخه إلى عهد السلطان سليمان القانوني العثماني, وتعلو هذا الباب قوس مستديرة قائمة بين برجين. أما سبب تسميته باب العامود فقد بينت حفريات جرت سنة 1936 وجود بابين يعود أحدهما إلى زمن الإمبراطور هدير يانوس وأضيف داخل أحدهما عمود, وقد بقي هذا العمود حتى الفتح الإسلامي, ولذلك سمى العرب الباب باب العمود وكان يدعى من قبل باب دمشق لأن القوافل تخرج إليها منه.

باب الساهرة ويسميه الغربيون باب هيرودوس ويقع شمال سور القدس على بعد نصف كيلو متر شرق باب العمود. باب الأسباط يقع في الحائط الشرقي, باب المغاربة في الحائط الجنوبي لسور القدس وهو أصغر الأبواب, باب النبي داوود في الحائط الجنوبي للسور, باب الخليل يقع في الحائط الغربي, باب الجديد في الجانب الشمالي للسور على مسافة كيلومتر غرب باب العمود, وفتح عام 1898 أثناء زيارة الإمبراطور الألماني غليوم الثاني لمدينة القدس كي يتمكن من دخول البلدة القديمة بسيارته.

هذه الأبواب مرتبطة بشبكة من الأزقة تؤدي إلى حارات القدس القديمة وأهمها حارة السعدية, حارة السلسلة, حارة الواد, حارة اليهود, حارة المغاربة, حارة باب حطة, حارة النبي داوود. وإلى عدة أسواق هي: سوق القطانين, سوق اللحامين, سوق العطارين, سوق السلسلة, السوق الكبير, سوق حارة النصارى, سوق خان الزيت, سوق باب العمود.

ننزل عبر عشرات الدرجات, توصلنا إلى باب ضخم بدفتين من حديد وخشب قديم, هو باب العمود أو (بوابة دمشق) كما تطلق عليه العديد من الكتابات التاريخية. ننفذ من الباب فتستقبلنا طرق قديمة اسودّت أجزاء منها جراء ما تراكم عليها من غبار السنين, محاطة بمتاجر قديمة تبيع العديد من السلع, كأشرطة الكاسيت والقبعات الرياضية, وعصير (التمر هندي) و(عرق السوس) اللذين تشتهر المدينة بهما. العديد من الأسواق, معظمها مسقوفة بحجارة تتوسطها (طاقات) تتسرب منها أشعة الشمس في خيوط رفيعة, تنير عتمة المكان بضوء خافت.

جولة في المقدسات

في العام 2000 أعلنت الحاخامية الرئيسية في إسرائيل وهي أعلى مرجعية دينية لديهم, انها ستبحث طلباً لاقامة كنيس يهودي داخل محيط الحرم القدسي تمهيداً لبنا الهيكل, يذكر أن رئيس الوزراء السابق ايهود باراك كان قد تقدم قبل ذلك بطلب مماثل إلى مفاوضات كامب ديفيد.

ويضم الحرم القدسي مسجدي الأقصى والصخرة, ويقوم على جبل موريا على مساحة 141 دونماً وتحيط به الأوقاف الإسلامية من كل جانب, ويقع المسجد الأقصى في الجهة الجنوبية من السور بناه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ويبلغ طوله 88 متراً وعرضه 35 متراً ويقوم على 53 عموداً من الرخام و49 سارية مربعة الشكل وعلى يسار المسجد من الداخل جامع مستطيل يدعى مسجد عمر وإيوان كبير يسمى مقام عزيز وإيوان صغير يدعى محراب زكريا ومن معالمه الأثرية منبر نور الدين الشهيد وقد أمر بصنعه نور الدين محمود سنة 563هجرية ليضعه في المسجد الأقصى, بعد أن يطهره من رجس الصليبين وقد صنعه مهرة النجارين في حلب - سوريا فبدا غاية في الجمال والإتقان. مضت عشرون سنة والمنبر ينتظر حتى فتح الله القدس على يد صلاح الدين سنة 583 هـ فأمر بنقله ونصبه في المسجد الأقصى حيث خطب عليه قاضي دمشق محيي الدين بن الزنكي خطبة الجمعة بعدما غابت عن المسجد حوالي 90 عاماً هي فترة الاحتلال الصليبي وقد أحرق اليهود هذا المنبر حينما حاولوا إحراق المسجد الأقصى عام 1969م.

مسجد الصخرة يقع على قمة جبل موريا وتقع تحته قبة الصخرة التي صلى عليها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إماماً بالأنبياء ليلة الإسراء والمعراج وقد بنى هذا المسجد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان. يقوم بناء قبة الصخرة وسط ساحة الحرم الشريف وهي ساحة فسيحة مستطيلة الشكل تمتد من الشمال إلى الجنود بطول 480 مترا ومن الشرق إلى الغرب بطول 300 متر, وتشكل هذه الساحة على وجه التقريب خمس مساحة مدينة القدس القديمة.

يحاط مسجد قبة الصخرة بحجارة من الرخام وقبة من النحاس وحسب ادعاءات اليهود فإن الصخرة والتي يسمونها حجر الشرق هي قدس الأقداس وهي جزء من الهيكل يرتكز العالم عليه. كما يوجد في المدينة القديمة كنيسة القيامة وترى الرواية الدينية المسيحية أن المسيح دفن فيها بعد أن صلبه اليهود وقتلوه. وسدنة هذه الكنيسة وحملة مفاتيحها من عائلة مسلمة تتوارث هذه المهمة منذ زمن عمر بن الخطاب, حينما اختلفت الطوائف المسيحية على حيازة مفاتيح القيامة وهي عائلة نسيبة, نسبة إلى الصحابية الجليلة نسيبة بنت كعب الأنصارية. كنيسة القيامة بنتها الملكة هيلانة أم الملك قسطنطين سنة 335 ميلادية, ولما احتل الصليبيون القدس اهتموا بها وعندما فتح صلاح الدين القدس أشار عليه بعض أصحابه أن يهدمها كي لا يبقى لنصارى أوربا حجة لغزو البلاد المقدسة, فرفض إشارتهم بل آثر الاقتداء بعمر بن الخطاب فأبقاها وأمر المسلمين بألا يصيبوها بسوء وقد بنيت في الموضع الذي اكتشفت فيه الملكة هيلانة خشبة الصليب, وهناك درب الآلام التي يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح سلكها حاملا صليبه يوم ساقه جند الرومان للصلب بعد أن حكم عليه الوالي الروماني بالموت وهي مقسمة إلى 14 مرحلة.

ويقع في الجهة الغربية من كنيسة القيامة الجامع العمري وهو الجامع الذي أقيم في المكان الذي صلى فيه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه, وذلك أن أمير المؤمنين حينما تسلم بيت المقدس دعاه البطريرك لتفقد كنيسة اقبر المقدس (القيامة) فلبى عمر الدعوة, وبينما كان يزور الكنيسة أدركته الصلاة فالتفت إلى البطريرك قائلاً: (أين أصلي?) فقال له (مكانك صلّ), فقال عمر: (ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة القيامة فيأتي المسلمون من بعده ويقولون هنا صلى عمر ويبنون مسجداً فابتعد عن القيامة رمية حجر وفرش عباءته وصلى وجاء المسلمون من بعده فبنوا المسجد العمري, وقد زار الرحالة التركي أولياً جلبي القدس عام 1670 فقال: (.. وفيها 240 مسجداً للصلاة, و7 دور للحديث, و10 دور لتعليم القرآن وتحفيظه, و40 مدرسة للبنين, و6 حمامات, و18 سبيلاً للماء وتكايا لسبعين طريقة إسلامية).

حرب على المقدسات

ونحن نتحدث عن المقدسات ينبغي أن نتذكر ونذكر قراء (العربي) بمقولة (ثيودور هرتزل) مؤسس الحركة الصهيونية (إذا حصلنا يوما على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء فسوف ازيل كل ما ليس مقدساً لدى اليهود وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها القرون). وعلينا ان نتذكر بالمقابل كيف فهم مؤرخ القدس عارف العارف السياسة البريطانية الاستعمارية التي عملت على تنفيذ طموح هيرتزل خاصة معاهدة سايكس ـ بيكو, حيث أصدر في 9/8/1919 صحيفة هي أول جريدة وطنية صدرت بعد الاحتلال البريطاني بعنوان (سوريا الجنوبية) ليؤكد أن فلسطين هي جزء من سوريا وذلك نابع من وعيه العميق بأن المواجهة السياسية لمخاطر اتفاقية سايكس ـ بيكو ووعد بلفور يجب أن ترسخ ثقافياً من خلال التأكيد على حقائق التاريخ والجغرافيا على امتداد ستة آلاف عام وإلا فإن تلك المخاطر سترسم واقعاً ثقافياً استعمارياً, وقد ركزت الجريدة في افتتاحيتها على ضرورة الاتحاد مع سوريا كما أبدت اهتماماً كبيراً بمتابعة الأحداث الجارية فيها وكانت تمثل روح الحركة الوطنية مع بدايات الاحتلال البريطاني لفلسطين وتنطق بلسان النادي العربي في القدس الذي كان مركز نشاط الشباب الوطني, وقد عملت السلطات البريطانية على تعطيل الجريدة عدة مرات قبل أن تتوقف نهائياً عن الصدور وكان آخر أعدادها العدد سبعون الصادر بتاريخ 27/7/1920.

نعود لتلك التواريخ كي نقرأ بوضوح أكبر ما تمارسه إسرائيل في حربها الثقافية على القدس من تدمير للمقدسات وانتهاك للحريات الدينية, ففي الجهة الغربية من الحرم القدسي يقع حائط البراق وطوله 30 متراً, وتأتي التسمية من أن الرسول عليه الصلاة والسلام ليلة الإسراء والمعراج ربط الدابة التي حملته عنده, أما التسمية اليهودية (المبكى) فتعود لان اليهود يبكون عنده أمجادهم ويعتقدون أنه جزء من هيكل سليمان المزعوم التي أثبتت مختلف الحفريات الأثرية بطلان وجوده بل واثبتت أن هذا الحائط هو أحد أسوار الحرم القديم وانه محاط بالآثار الإسلامية من كل جانب.

وفي عام 1930 قررت لجنة تحقيق دولية تابعة لعصبة الأمم في تقرير لها على خلفية المشاحنات بين اليهود والعرب ما يلي:

- للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف.

- وللمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط لكونه موقوفاً حسب الشرع الإسلامي لجهات البر والخير.

- لليهود حرية المرور إلى الحائط الغربي وإقامة التضرعات في جميع الأوقات مع مراعاة الشروط الصريحة حول أدوات العبادة وعدم وضع هذه الأدوات بجانب الحائط.

- لا يسمح لليهود بنفخ البوق بالقرب من الحائط أو أن يسببوا أي إزعاج آخر للمسلمين.

لكن أول ما فعله اليهود بعد حرب يونيو عام 1967 كان هدم حي المغاربة الإسلامي وتوسيع الساحة الواقعة أمام حائط البراق الذي استولوا عليه كاملاً وأصبح معبداً لهم. وحينما انتهت حرب يونيو لفت الضابط الإسرائيلي أبراهام شتيرن الملقب بايتان بن موشيه نظر موشيه دايان وزير الدفاع آنذاك لوجود مراحيض ملتصقة بحائط البراق من الشمال فأعطاه إذناً لهدمها, ونظراً لكون القيادة الإسرائيلية تستعد لتستضيف مئات آلاف اليهود في عيد نزول التوراة ولم يكن المكان الضيق بين حائط المبكى وسلسلة البيوت المجاورة لا يتسع إلا لبضع مئات من الأشخاص فقد تقرر هدم الحي. في العاشر من يونيو عام 1967 وعند منتصف ليل مساء السبت شرعت الجرافات بهدم بيوت حارة المغاربة, قبل الشروع بالهدم طالبوا السكان بمغادرة الحي خلال ربع ساعة, العديد من الناس هدمت البيوت فوق رؤوسهم, الضابط قرر انه تحت باحة المبكى توجد بقايا أثرية لعهود مختلفة ولذلك قامت الجرافات بالحفر إلى حين وصولها إلى مناطق فارغة لتلقي الزبالة (الجثث). ايتان بن موشيه وهو اليوم مهندس متقاعد يبلغ 81 سنة يسكن مستعمرة جيلو في القدس وقد نال لقب عزيز القدس, ويذكر أنه في طفولته عاش في الخليل والقدس سنوات العشرينيات وتحدث عن حياة آمنة عاشها في الأحياء العربية.

إلى جانب باب المغاربة في نهاية حائط البراق الذي هو جزء من الحائط الغربي للحرم يقع باب السلسلة الذي يعلوه بيت يعود بناؤه أيضاً إلى عهد المماليك ومدرسة عرفت بالمدرسة التنكيزية سكنه الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين وتحول إلى مقر للشرطة الإسرائيلية عام 1967م, وعلى بعد أمتار من الباب وإلى اليمين يقع طريق الواد حيث بيوت الحي الإسلامي التي استولت عليها المدرسة الدينية عطيرات كهونيم وحولتها إلى مساكن ومدارس دينية توراتية يؤمها التائبون من اليهود وأشهرهم أرييل شارون. كما تعاني المدرسة التنكيزية من الأضرار الناتجة عن الحفريات بالمنطقة شأنها شأن سائر العمائر التاريخية.

يوم 7 يونيو 1967م ثالث أيام حرب يونيو دخل الكولونيل مردخاي غور ساحات الأقصى بسيارة مجنزرة ورفع العلم الإسرائيلي على قبة الصخرة ولم ينزل العلم إلا بعد تدخل القنصل التركي. وفي 10 يونيو تم هدم مائة وخمسة وثلاثين بيتاً في حارة المغاربة في الساعة الثامنة من مساء السبت. وفي 11 يونيو أزيلت حارة المغاربة بأكملها بما فيها من منازل ومدارس وزوايا ومساجد علماً بأنها وقف إسلامي مخصص للمسلمين المغاربة منذ مئات السنين وفي ذات الشهر عقد اجتماع لحاخامي العالم طالبوا بهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه وفي 18/4/1968 أعلنت إسرائيل استملاك خمسة مساجد هي مسجد المحارب ومسجد العمري ومسجد الخانقاه الفخرية ومسجد الشيخ عمر المجرد ومسجد عثمان بن عفان وعشر مدارس وزوايا, وبدأت سلسلة من الحفريات تحت أركان الأقصى الشريف استمرت حتى الآن وفي 21/8/1969 تم إحراق المسجد الأقصى من الناحية الجنوبية وفي 3/2/1970 وصلت الحفريات تحت اساسات المسجد الأقصى. ومنذ 7/6/1967 حتى 23/12/1993 تم تسجيل 457 انتهاكاً إسرائيلياً للحرم القدسي الشريف شملت عدداً من المجازر والاقتحامات والمصادرات وهدم الأبنية وتشققها والصلاة في ساحاته. وكانت آخر هذه الاعتداءات أثناء إعداد هذا الاستطلاع حيث كررت جماعة أمناء جبل الهيكل يوم 5/10/2001 محاولات لاقتحام المسجد الأقصى ووضح حجر أساس الهيكل المزعوم عليه.

وكانت اليونسكو في العام 1999 قد أصدرت قراراً حول القدس الشريف جاء فيه:

- إن مدينة القدس القديمة تعاني من التوسع الحضري الجاري في ضواحيها.

- ان التغييرات في التركيبة الاجتماعية يمكن أن تؤثر في المدى البعيد على تماسك النسيج الحضري والتراث المعماري للمدينة القديمة.

- إن الاعتبارات المتعلقة بعلم الآثار وصون المعالم الآثرية في المدينة القديمة وضواحيها تظل مثاراً للقلق.

الحرية الدينية

الأب الدكتور عطا الله حنا الناطق الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية في القدس والأراضي المقدسة يتحدث عن الحرية الدينية في القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي فيقول: (لا توجد حرية عبادة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي, والإنسان الفلسطيني محروم من أبسط حقوقه ولا يتمكن من الوصول إلى مقدساته الإسلامية والمسيحية ومكان عمله للحصول على لقمة العيش الكريم, وإسرائيل تعتدي على المقدسات ورجال الدين وتحاول التدخل في الشئون الإسلامية والمسيحية ولكن شعبنا يقاوم هذه السياسة ويرفضها, فهو يقاوم الاحتلال ببسالة وإيمان بالله أولاً, وبحقه في أرضه ومقدساته ثانياً. إسرائيل الكيان المغتصب لحقوقنا تتغني بالديمقراطية ولكن أين هي الحرية والديمقراطية في كيان يحرم الناس من التنقل, وحتى المواطنون في مناطق عام 1948 فإنهم يعانون من التمييز العرقي. لذلك نعتقد أن إسرائيل أبعد ما تكون عن الحرية والديمقراطية وإعطاء حرية العبادة).

ويضيف الأب حنا حوال الاعتداءات الإسرائيلية على بيت الشرق والمؤسسات الفلسطينية في القدس: (إسرائيل تسعى منذ عام 1967م إلى تهويد المدينة المقدسة, والمساس بمقدساتها العربية الفلسطينية وهي إجراءات مرفوضة وغير شرعية والاستيلاء على بيت الشرق عمل استفزازي خطير تحاول إسرائيل من خلاله طمس عروبة القدس والمساس بصمود المقدسيين الذين يسعون للحفاظ على مدينتهم العربية الفلسطينية الإسلامية - المسيحية, نحن نندد ونستنكر هذه الإجراءات ونطالب العالم بأن يتدخل, فإسرائيل تعامل الفلسطينيين وهم أصحاب الديار والأرض وكأنهم غرباء, تسعى لجعلنا عابري سبيل خاصة في القدس, هي تأتي بالمهاجرين الجدد من روسيا وغيرها من الدول لكي يستوطنوا بلادنا, إن بيت الشرق رمز من رموز الوجود العربي في القدس والمساس به مساس بهذا الوجود).

وفي هذا المجال نستذكر الاعتداء الذي تعرض له سماحة الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس والديار الفلسطينية فسألناه عن حادثة اعتقاله فأجاب: (لم يكن اعتقالاً وإنما كان بأسلوب الخطف والقرصنة حيث نصبت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية كمينا لسيارتي فاعترضوها وطلبوا مني النزول في مكان محاصر منعوا مرور السيارات في حينها من المنطقة, واضطررت أن أذهب معهم إلى مركز التحقيق, تعرض عدة علماء للسجن والاعتقال والسلطات الإسرائيلية لا تمنح أحتراماً للعلماء المسلمين في حين تعطي حصانة واحتراماً لحاخامات اليهود للدلالة على التفرقة العنصرية في المعاملة).

ويستذكر الشيخ صبري احداثاً جساماً تعرض لها المسجد الأقصى المبارك أثناء عمله في كنفه, فيذكر حريق المسجد الأقصى الذي وقع في 21/8/1969, والاقتحامات العسكرية في عام 1982, وفي عام 1984, مما أدى إلى استشهاد عدد من حراس المسجد الأقصى ومجزرة الأقصى عام 1990, مما أدى إلى استشهاد 25 شخصاً, وجرح المئات وانتفاضة النفق عام 1996 مما أدى إلى استشهاد مائة شخص وجرح الآلاف وانتفاضة الاقصى المباركة التي اندلعت في 28/9/2000, ولا تزال مستمرة, وقد استشهد حتى الآن ما يزيد على 700 شخص وجرح ما يزيد على 28 ألفاً.إن مدينة القدس هي مدينة محتلة وسلطات الاحتلال تحاصر مدينة القدس عسكريا وتضع حواجز عسكرية على الطرقات المؤدية إلى المدينة وتمنع المصلين من الوصول إليها وعليه فلا حرية عبادة في ظل الاحتلال البغيض, إن الحصارات للمدن والقرى والمخيمات يضعف العمل ويقيد الحركة وبالتالي لا نتمكن من القيام بالاعمال المطلوبة منا.

وفي هذا الصدد تذكر المصادر أن عدد المستوطنين الذين يسكنون البلدة القديمة هو ثلاثة آلاف مستوطن مقابل 31 الف مقدسي حيث صادرت سلطات الاحتلال عام 1967 حوالي 167 دونما من أصل 871 دونما وهي المساحة الكلية للبلدة القيمة وتشمل الأراضي المصادرة حي المغاربة, وجزءاً من حي الشرف والمدرسة التنكيزية التي تحولت إلى مركز لحرس الحدود وكذلك المدرسة العمرية في باب الغوانمة والمدرسة البكرية في باب الملك فيصل, وعقارات سكن زهرة عويضة في سوق الحصر, ودكان حارة الشرف في حارة الشرف, ومسجد الحرير في حارة الأرمن, ومخازن مسجد القيمري في الباب الجديد ومسجد الشيخ حسن (القلعة) ومقام النبي داوود في باب الخليل, كما صادرت أرض السلودحا 38 دونما في سلوان والخاتونية و8 دونمات جنوب الحرم الشريف وارض زكي بيك أربعة دونمات ووقف أمين الخالدي 11 دونما, وتدعي إشرافها على منطقة القعدة في الطور وغيرها من مناطق تعتبر وقفاً إسلامياً.

سلطات الاحتلال تسعى للاستيلاء على أملاك الوقف الإسلامي وتهويدها علماً بأن الحفريات أظهرت أن 80% من الآثار المكتشفة إسلامية والباقي بيزنطي وروماني ولم يتم الكشف عن أي آثار لها علاقة باليهود.

السبعيني عمر الحروب حّدق بنا بعينيه اللتين أخفتهما تجاعيد وجهه قال لنا وهو جالس أمام متجره الصغير في أحد أزقة القدس الذي تخصص في بيع الآثار وخاصة الفخار والنقود, (إن اليهود يدعون أن لهم آثاراً في بلادنا ولكن التنقيبات كشفت زيف ادعاءاتهم فلا شيء لهم في هذه البلاد, كما أطلقت الحكومة الإسرائيلية العنان للتجار اليهود لممارسة أبشع أشكال التجارة والسرقة للمعالم الآثرية, وطمست معالمنا الدينية حيث أزالت حي المغاربة وحولت مسجد حي الشرف إلى كنيس يهودي, وعبثت بمقبرة باب الرحمة في باب الأسباط حيث أتت الجرافات الإسرائيلية على مئات القبور وبعثرت عظام الموتى).

بيت الشرق مغلق ولكن...

وصلنا بيت الشرق, الذي يعتبره المقدسيون أكثر من مركز لاستقبال الزوار الأجانب, فهو يقدم لهم العديد من الخدمات, من قانونية واقتصادية وترميم وغير ذلك, بالإضافة لكونه الرمز الدولي بأن القدس مدينة فلسطينية.

بيت الشرق الآن مغلق, وقد أزال الجنود الإسرائيليون عن سطحه العلم الفلسطيني, وأغلقوا الطرق المؤدية إليه بحواجز أسمنتية ضخمة, مانعين أي فلسطيني من الوصول. وكانت قوات الاحتلال قد أغلقت جميع المؤسسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس واستولت على مقارها قبل قرابة ثلاثة أشهر.

وبالرغم من ذلك, يبدو العاملون في بيت الشرق مصممين على التحدي, وهو ما عبر عنه اسحق القواسمي, مدير دائرة الترميم هناك بقوله: (نتجمع كل يوم, قرابة الساعة التاسعة صباحاً, لعدة ساعات قريباً من المبنى وكأننا في حالة دوام). وعن سبب التجمع, قال القواسمي: (نحن هنا للاحتجاج من ناحية, ولمساعدة من يأتينا من أهالي المدينة من ناحية أخرى).

وبجوار القواسمي كان يجلس عجوز مقدسي في الحادية والستين من عمره هو داوود التوتنجي, بادرنا بالقول وبنبرة فيها الكثير من الحزم وهو يشير إلى رجلين جلسا إزاءه: (نحن لسنا موظفين ولكننا مقدسيون ولذا فإننا نأتي كل صباح لهذا المكان ونجلس عدة ساعات لنؤكد إسلامية وعروبة هذا المكان).

ولبيت الشرق - هذا القصر الذي يمتزج فيه جمال الطبيعة ورونقها الآخاذ في الأسلوب التوظيفي المعماري الفني, تاريخ طويل, يعود إلى عام 1897, وهو ثاني بيت شيده الحسينيون خارج أسوار مدينة القدس, حين بناه إسماعيل حقي موسى باشا الحسيني الذي كان مديراً للمعارف في الحكومة العثمانية ثم في سلطة الانتداب, ليكون مسكناً خاصا به وعاش فيه حتى توفي عام 1945م, كما كان القصر مقراً لاستضافة العديد من الشخصيات الأجنبية التـــي تزور القدس, إضافة للمناسبات المهمة التي تقام فيه.

 

محمد الخطيب الكسواني وعمران الرشق





صورة الغلاف





عام على الانتفاضة





عام على الانتفاضة





 





 





 





مدخل خان الزيت. أسواق القدس العتيقة. التاريخ ينام هنا ولا نصيب لإسرائيل فيه





القبة الذهبية التي تهفو إليها قلوب المسلمين. تحاصرها الأحياء اليهودية من كل جانب





سوق أفيتموس في حارة النصارى





مسجد عمر بن الخطاب يطل على أسوار كنيسة القيامة





أعمال على قدم وساق لبناء فندق اسرائيلي في القدس العربية فيما الفنادق العربية تضطر للاغلاق





الواجهة الأمامية لكنيسة القيامة





راهب وراهبة مقدسيان في ساحة كنيسة القيامة





سوق العطارين، داخل الأسوار بمحاذاة الحرم القدسي الشريف





أحد الحوانيت العربية داخل أسوار القدس





مدخل باب العمود أحد الأحياء العتيقة في القدس





شارع السلطان سليمان خارج الأسوار





تاجر الأواني الفخارية في حديث ودي أمام متجره في حي الواد





برج الكنيسة اللوثرية أعلى بناية داخل السور





صبية مقدسيون يجلسون قبالة أحد أبواب البنايات القديمة





أحد الأزقة داخل الأسوار





شيوخ في ساعات الصباح يقرأون القرآن الكريم في مسجد قبة الصخرة





طفل مقدسي يجلس بجوار مدخل بيته في منطقة عقبة الخالدية