جزر القمر

جزر القمر "هاواي" عربية في قلب المحيط

كنت أدرك أن عامين هي مدة قصيرة لإعادة اكتشاف نفس المكان. ولكن هذه المدة كانت عاصفة بالأحداث على هذه الجزر الصغيرة. لقد تركت جزرا هادئة وديعة. ولكن السؤال الذي كان يلح في ذهني.. هل غيرت الأحداث من طبيعة البشر فيها؟.

كنت في آخر زيارة عام 1994 لجمهورية جزر القمر الاتحادية الإسلامية. ولا يزال هذا البلد يخلو من أي سجن أو شرطة في الشوارع أو حتى إشارة مرور واحدة. ويتكلم لغة غير مكتوبة لم يتغير منه شيء رغم ما حدث فيه من مشاكل. لقد عدنا للجزيرة بتنظيم رائع من طيران الإمارات وقد استقرت الأمور للنظام الجديد بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت بعد الاحتلال الذي استمر أسبوعا من قبل المرتزق بوب دينار في22 سبتمبر1995والذي يعرفه هل جزر القمر، وأدى إلى الإطاحة بالرئيس السابق محمد جوهر الذي يعيش في الجزيرة معززا مكرما، وقد أدينا معه صلاة الجمعة وبعدها صلاة عيد الأضحى في مسجد مدينة ستاهول الكبير، وهي ثاني أكبر مدينة في الجزيرة بعد مورني العاصمة، حيث أسفرت الانتخابات الحرة عن وصول الرئيس الحالي محمد تقي عبدالكريم وهو مهندس زراعي حافظ للقرآن الكريم ويرأس حزب الاتحاد الوطني الديمقراطي (U.N.D.C.. ) " كاريبو" بهذه العبارة يلقى "القمريون" زوارهم مرحبين. الأرخبيل البركاني يبدو من بعيد واحدا من الأرخبيلات الكثيرة التي تنبت من قاع المحيط الهندي وترتفع آلاف الأمتار، لكن الولوج إليه وحط الرحال فيه يحمل مفاجأة مريحة للنفس، فالبقاع البركانية الممزوجة بالشمس والمساحات الخضراء تشع بسحر الأرض العذراء، والقدوم من المدن الصاخبة يحمل على الاستسلام برفق إلى إيقاع الحياة الهادئة.

أرخبيل جزر القمر سماه الرحالة أرخبيل "جزر العطور". والجزر الأربع الكبرى التي يتألف منها كانت علي مدي القرون محط رحال المسافرين. البحارة الذين ساقتهم إليها الرياح، أغراهم بالبقاء سحر الطقس والشذا الساحر الذي يلف أرجاءها. والزوار أينما ساروا خصوصا عند القمم البركانية أو في أرجاء الغابة الاستوائية، تستقبلهم النباتات والزهور العطرية وبينها النادر أو المستنبت الذي استكان فوق الأرض البازلتية الدافئة وتضوع جواه يلف الدروب والشواطئ. في كل بقعة من الجزر هناك حكاية يسردها السكان بعضها يروي أساطير الغابات والمخلوقات الغريبة وبعضها الآخر يكاد يحاكي قصص التراث الفولكلوري التي يسمعها المرء على مسافة آلاف الكيلومترات في أوربا أو آسيا أو أمريكا، وفي مناطق ثلجية أبعد ما تكون عن البراكين البحرية وعالمها الدافئ. كل شيء في الأرخبيل اختار أن يكون صغير الحجم، باستثناء البشر والصخور والنباتات الاستوائية. المسافر الذي يشاهد الماشية، من ضأن وبقر وجواميس، وقد ربطت في الأسواق والمراعي القليلة أو على جوانب الطرق، واستدقت أطرافها ودنت هاماتها وأجسادها من الأرض، يخيل إليه أنه يدخل عالما سحريا يسكنه أقزام كبار. على الرغم من أن السكان يمتلكون قامات متوسطة ونحيفة فإن الخضر والطيور الداجنة والحيوانات الأليفة التي تقاسمهم عالمهم تتميز بحجم صغير. وينطبق هذا الحجم الصغير حتى على بيضها وبشكل يبعث الدهشة لدى كل من تحمله قدماه في جولة على الأسواق القليلة العدد: القديمة منها والحديثة. في القرى التي يتحلق فيها رجال ونساء يقتعدون أبواب بيوتهم، أو المحال والمقاهي القليلة إن وجدت، تنتشر آثار تشير إلى دخول العرب والشيرازيين الذين حملتهم رياح الفتح الإسلامي والتجارة في القرن الثامن الميلادي. المهاجرون الذين تكدسوا في السفن الشراعية الصغيرة وقدموا من آفاق بعيدة زرعوا الحياة والثقافة الإسلاميتين في وجدان الشعب القمري الذي تعود جذوره إلى موجات هجرة أتت من الساحل الشرقي للقارة الإفريقية. وفي الإمكان رؤية المساجد وقصور السلاطين الغابرين وأضرحة الأولياء تنتصب شاهدا يؤكد عمق علاقة الإسلام بالأرخبيل كما في قرية بانغا كولي التي يحدثني مرافقي بابا كلود عن عراقة نسبها العربي والشيرازي.

الجزر ليست فقط حكرا على ذكريات الحضارة وصروح التراث. إذ من الممكن أيضا رؤية بقايا آثار الغزو البرتغالي وغزوات القراصنة والقادمين من جزيرة مدغشقر. قرب العاصمة موروني. يوقفني مرافقي قليلا عند سيف الجون الفضي ليقول لي : "هنا ألقت نساء المدينة أنفسهن خشية الوقوع في أيدي القراصنة" من دون أن يقول متى ومن أين أتى هؤلاء القراصنة ؟.

الأسطورة بعض من حكايات حقيقية تروى في كل مدينة نامت على كتف البحر واستيقظ سكانها ذات يوم على صراخ مناد يحذرهم: لصوص البحر. في جزر القمر خمس مجموعات عرقية تمازجت هي البانتو، والعرب، والبرتغاليون، والفرنسيون، والمدغشقريون. البحر كان البوابة التي نزل منها الفاتحون والغزاة والقراصنة على أرض الجزر، ولعل هذا الأمر يفسر كيف أن البحر يبقى مرتبطا بوجدان السكان الذين لوحت الشمس وجوههم ورسمت عيونهم بلون من جذل يرنو إلى الأفق. والجزر الأربع الرئيسية ذات تكوين بركاني استقطبت على الدوام القادمين من كل حدب وصوب، والأرخبيل يرتفع وسط قناة موزمبيق بعلو 3500 متر فوق القاع مشرئبا فوق مياه البحر ومتوسطا المسافة بين جزيرة مدغشقر والساحل الإفريقي اللذين يبعد كل منهما 300 كيلومتر في كل اتجاه. أكبر الجزر هي "القمر الكبرى" التي فيها العاصمة موروني والتي تمتد بطول 68 كلم من الشمال إلى الجنوب وبعرض 24 كلم من الشرق إلى الغرب، وتبلغ مساحة الجزيرة 1024 كيلومترا مربعا ويبرز في وسطها كارتالا وهو أكبر بركان لا يزال حيا في العالم وإن كانت ثوراته هادئة وآخرها حدثت قبل أربعة أعوام وأدت فقط إلى تدمير منازل قرية يقطنها 500 شخص لم يصب أحد منهم بأذى. كارتالا بركان مهيب يرتفع إلى 2361 مترا. وإذا أخطأته العين فإنها لن تخطئ الحرائق الصغيرة التي يشعلها على سفحه المزارعون الذين يعيشون على أدام الطعام الذي يستنبتونه من ترابه البركاني الأسود. والوصول إليه مشيا مغامرة شائقة تحتاج إلى مالا يقل عن ثماني ساعات في الجو الحار والرطب. لكنه عناء يقبل عليه السياح من هواة المغامرات ليسعدوا في النهاية ببلوغ قيمته والتمتع بمرأى الفجوة البركانية الضخمة التي تتوسطه. طريق الصعود كما طريق الهبوط يحتاج إلى حذاقة ومهارة فضلا عن الأحذية الرياضية المناسبة. وبوسع المرء أن يتمتع أثناء سيره وسط الغابة الاستوائية التي تحيط بسفح البركان بمشاهد ومناظر بديعة وأصناف من النباتات والأعشاب المدهشة التي تمتد بخيلاء مالئة الدروب والمعابر ومغطية الأشجار التي تتساقط جذوعها بغزارة لافتة تحت تأثير المناخ الاستوائي الذي يسرع تآكلها تصبح بدورها غذاء للأشجار النهمة النامية حولها. بين الميزات النادرة التي تتمتع بها جزر القمر أن الحياة فيها آمنة تماما، والسير في  الغابة كما في وسط المدينة وفى أي ساعة آمن للغاية، إذ لا عقارب ولا أفاع ولا حيوانات سامة أو ضارية. كما أن الجرائم لا تقع على الإطلاق باستثناء حوادث نشل بسيطة لا تعني وجود جريمة منظمة أو مجرمين حقيقيين. ويبلغ من شدة الإحساس بالأمان أن الأطفال يذهبون وحدهم إلى المدارس الواقعة على مبعدة من دون أن يساور أهاليهم الخوف على سلامتهم، كما أنهم يخرجون من المنازل للعب حتى وقت متقدم من دون أن يساور الأهل أي شعور بالقلق أو التوجس، فالحياة هادئة والخوف من الآخر ترف يستغنى عنه القمريون لأنهم كما عالم السياحة لديهم جزء من طبيعة بكر تحفل بالطيبة وحسن الوفادة. تنتظر جزر القمر كل عام قدوم موسم الأمطار الذي يسميه السكان "كاسكاسي" والذي يستمر من (ديسمبر) حتى (أبريل) وترافقه حرارة مرتفعة تتجاوز الثلاثين درجة. وفي جزيرة "القمر الكبرى" شلال وحيد يمكن رؤيته لدى الهبوط من الغابة الاستوائية، لكن الجزيرة تخلو بحد ذاتها من الأنهار لأن طبيعة الأرض البازلتية والتراب الرخص يمنعان تشكل الخزانات الجوفية التي تستطيع حبس مياه الأمطار. وتنحدر قطرات المياه المنهمرة فوق سفوح الجزيرة في سيول لا تلبث أن تجد نفسها تصب في مياه المحيط  الهندي، في رحلة سريعة تجتازها من السماء إلى البحر. وقد تدارك السكان هذا الأمر ببناء خزانات ترتفع جدرانها قرب كل بيت وفيها تختزن مياه المطر التي يفوق منسوبها في السنة 2700 ملم. ويكفي مخزون الشتاء حاجة الصيف ويبرد طقسه الذي يحل دافئا ولا يخلو من حرارة. للمياه في ذاكرة القمريين معنى فريد، فهي القطرة التي تهطل من السماء والامتداد الشاسع الذي يحيط بحياتهم، وهي أيضا جزء من مخيلتهم الجماعية ومن الأحلام والأساطير التي حبكتها الأجيال الماضية.

البحيرة المالحة أو "سولت ليك" استلقت فيها المياه الجوفية وامتزجت بمياه البحر. يمر بها العابرون للطريق التي تحيط بشاطئ الجزيرة الذي يتم توسيعه هذه الأيام استعدادا للانتخابات المقبلة وإرضاء لجمهور الناخبين. البحيرة تنام في كنف فوهة بركان خامد عمقها 90 مترا. البراكين ليست الشيء الذي يمكن للسائح أن يفتقده في جزر القمر فكل منطقة حافلة بالكتل الترابية السوداء التي تحمل لفح النار ووهج حرارته الماضية، بما في ذلك المناطق الساحلية. فإن ما يميز البحيرة المالحة هو اتصالها بالبحر عن طريق أربعة منافذ جوفية، كما أنها جزء من تراث أسطوري يزعم أن السباحة فيها، لمن يهبط إلى مياهها، تشفي من كل الأمراض. وتقول الأسطورة إن عجوزا سألت أهل القرية التي كانت تقوم في موضع البحيرة جرعة ماء فرفضوا، فدعت عليهم ونزلت بهم لعنة دمرت قريتهم وأحالتها إلى بحيرة، لذا فإن أحدا لا يرد في الجزيرة سائلا يطلب كأس ماء.

لا وجود لإرشادات المرور

الطريق في جزر القمر لا يحتاج إلى إشارات مرور. بالكاد هناك مجال لمرور سيارة واحدة، وعلى السائقين بالتالي أن يسيروا بسرعة معتدلة، في حال اقتضى منهم الأمر أن يتوقفوا لإحدى السيارات القليلة التي تمر في الاتجاه المعاكس. وغالبا ما يناور السائق لإيقاف سيارته على جانب الطريق لإعطاء مجال لمرور السيارة الثانية. وهناك مواصلات عامة للراغبين في الانتقال بين مختلف المناطق، وهذه المواصلات من نوع خاص، وإن كان يطلق عليها اسم "بوش تاكسي" جزافا، ذلك أنها عبارة عن شاحنات صغيرة يصعد إليها الراغبون في الانتقال. وهي قد تكون حلا زهيد الكلفة للراغبين في إراحة أقدامهم وتسريع رحلتهم في هذه الجزيرة التي ينبض فيها الزمن في شكل هادئ. أجمل المشاهد التي قد يصادفها المسافرون مرأى الأطفال الذين يقدمون إلى السائح جوزة الهند المقشورة لشرب مائها مقابل ألف فرنك قمري أي نحو ثلاثة دولارات. وقد يكون مثل هذا المبلغ كافيا أحيانا لشراء الطفل الصغير لوازمه المدرسية التي تؤهله للذهاب إلى المدرسة ليستطيع تحصيل علمه. وتعجز غالبية العائلات عن تأمين المبالغ الزهيدة التي تحتاج إليها لإرسال أطفالها إلى المدارس والإنفاق على لوازمهم وثيابهم. إلا أن ذلك لا يمنع السائح من ضبط مشاعره فلا يندفع إلى مد الأوراق النقدية لكل طفل يسأله ذلك، وإلا وقع في المحظور الذي يتعين على كل سائح إلى البلدان الفقيرة تجنبه: أي تعويد الأطفال على التسول والكسل. وبالإمكان التوقف على الطريق للتمتع بمرأى المناظر البديعة والساحرة التي تحفل بها الجزر. وهناك الكثير من القرى المصممة والمنفذة وفق أساليب معمارية أوربية مما يحمل المرء على التساؤل حينما يعبر وسطها إذا لم يكن انتقل فجأة إلى قرية إيطالية أو سويسرية تتوسط الغابات الاستوائية والشواطئ الساحرة البيضاء.

وتغري الرمال الناعمة بالترجل مرات ومرات علي طول الطريق الذي تسلكه السيارة. ولا يستطيع السائح أن يقاوم في مثل هذه اللحظات الإغراء الكبير للسير حافي القدمين والإحساس بمتعة الدفء وهي تصعد إلى كامل الجسد. ويختلط سحر المشهد في هذه المواضع الساحرة بعذوبة النسيم المنعش والصخب الهادئ للمياه والداعي إلى التأمل. ويكمل هدير الأمواج المتواصل واصطفاقها جمال المنظر الذي تلونه رائحة البحر المحببة ويعلوه سطوع شمسه المشرقة. ولعل أجمل المتع التي يحصل عليها الزائر للجزر هي التجوال في مزارع الفانيليا وأزهار "ليلانغ لانغ" التي تعتبر جزر القمر أكبر مصدر لها في العالم وهي مادة عطرية نفاذة ورائعة تستخدم أساسا لكثير من مستحضرات الصابون ومواد ومستحضرات التجميل. كما بوسع السائح أن يزور مزارع البهارات والتوابل المختلفة التي تمنحه نكهة خاصة منعشة مختلفة عن تلك التي يمكن أن يعطيه مذاقها حينما تمتزج بالأطعمة بعد أن تكون قد جففت وأبقيت في العلب المغلقة والمعتمة فترة طويلة. ولا يستحسن مغادرة الجزر قبل المرور بأسواقها القديمة والحديثة حيث يعرض البائعون منتجاتهم وبعضها للاستهلاك اللاحق وبعضها الآخر للاستهلاك الفوري من خضر وفاكهة. وهي على صغر أحجامها ذات طعم مميز، إلا أنه ينصح بعدم تناول أي طعام غير مطهو ما لم يغسل بالمياه المعدنية كاحتياط وقائي ولو كان المرء حصل على كل اللقاحات الطبية التي يتعين أخذها قبل زيارة البلدان الاستوائية. وهناك محاذير قد يتعرض لها السائح ومنها شراؤه قرون الفانيليا التي قد يخدعه الباعة أحيانا ويبيعونه قرونا تعود إلى محصول السنة السابقة أو المواسم قبلها. ويتعين على السائح أن يتنبه أيضا إلى هامش التوفير الكبير الذي يمكن أن يحصل عليه إذا أتقن المماكسة ونجح في إقناع البائع بمنحه خفضا "معقولا" للسعر المطلوب، وهو خفض قد يراوح بين 20 و50 في المائة في أحسن الأحوال وعلى السائح أن يتزود بكل حاجاته من الملابس والكماليات قبل القدوم لأن جزر القمر لا تحفل بمحال الملابس والمخازن الكبيرة. وهناك الكثير من الباعة الذين يعرضون خلاصة زهور "ليلانغ لانغ" وهي زيوت مستخرجة من الزهور بعد تقطيرها في مرجل ضخم. والعملية قد تستغرق أكثر من 12 ساعة عادة إلا أنها لا تتوقف عند استخراج الكمية الأولى ( الفئة الممتازة) ولكنها تستمر مرتين عن طريق إضافة المياه إلى المرجل لاستخراج بقية الزيوت العطرية. إلا أن الكميات التي تستخرج في المرة الثانية وفي المرة الثالثة تقل جودة عن الأولى، وهذه الكميات بالضبط هي التي يبيعها التجار عادة للسياح. ولا يعني شراء زيوت طبيعية جودتها بالضرورة، لأن الصنف الممتاز منها يبقى فواحا ذا رائحة زكية ولو استخدم لفترة طويلة. أما الصنفان الثاني والثالث فهما ليسا على الدرجة نفسها من طيب الرائحة إذ فيهما رجع رائحة نباتية غير العطر نفسه ولعل مردها لمكونات أخرى للزهور ذات الأشكال النارية الفاتنة. وهناك أيضا مجال لمن يبحث عن فرصة لشراء هدية إلى سيدة من معارفه راغبة في تقليد بنات الجزر الاستوائية، حيث يعرض الباعة قطعا من خشب الصندل الذي يباع في الأسواق مع حجر خشن لبريها علية. وتأخذ النشارة الناعمة بعد ذلك وتمزج بقليل من الماء ويدهن بها الوجه فتعطي لونا أصفر فاقعا، وهو عادة اللون الذي يبدو علي وجوه النساء في الكثير من الدول الإفريقية والذي يستخدم لحماية بشرتهن من أشعة الشمس ويغنيهن بالتالي عن الكريمات والمساحيق التجميلية ومراهم حماية البشرة التي يلجأ إليها السابحون في المنتجعات البحرية. و لعل أكثر نصيحة يمكن للسائح أن ينتبه إليها هي عدم التقاط صورة من دون الحصول علي إذن من الأشخاص الذين قد لا يستسيغون ذلك ويحتجون على التقاط صورة لهم من دون إذن. وللمرء أن يتوقع في زيارته إلى جزر القمر ذات الجما ل الأخاذ رؤية عالم يخفق بمشاهد لا تسنح في أي بلد عربي آخر، فالأرخبيل لا يزال يحفل بطبيعة عذراء. هو مختلف عن كثير من المقاصد السياحية التي تحولت فيها الضيافة والوفادة إلى صناعة متخصصة لا تلامس حياة السكان. وهو قبل كل شيء محطة توقف يمكن للسائح أن يحصل فيها على الدفء والبحر على مدار السنة، بعيدا عن هموم الحياة المدنية ومشاغلها التي لا تحصى. ولتعرف على الحياة السياسية بعد الأحداث الأخيرة في جزر القمر اتفقنا على لقاء مع بعض ممثلي الحكومة الرسميين، وفي ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، في مكتبه المتواضع جدا بمبنى وزارة الخارجية والتعاون استقبلنا وزير الخارجية سيد عمر سيد أحمد الذي دخل الوزارة في تشكيلها الجديد وتفاءل بعودة الاستقرار، حيث قال : إننا نتطلع إلى تعاون عربي واسع، فنحن تاريخيا مرتبطون بالوطن العربي وكما تعلمون نحن أعضاء في الجامعة العربية ولدينا خمس سفارات في العالم، القاهرة، والسعودية، وفرنسا، ومدغشقر، ونيويورك. وأضاف الوزير سيد عمر : إن المساعدات العربية لنا سوف تساعدنا كثيرا على حل مشاكلنا الاقتصادية والسياسية، فعدد العاطلين عن العمل يصل إلى 65% من عدد السكان، والعاملون بالدولة لم يتسلموا رواتبهم لفترة تزيد على ثمانية أشهر (الحديث جرى في شهر مايو). ولدينا انتخابات تشريعية قادمة في أغسطس لتعديل الدستور، وفي أكتوبر لانتخاب برلمان جديد. أما وزير التربية الوطنية ومرشح الرئاسة السابق والسياسي المخضرم ميسوزي عبدالله فيقول : إن الانتخابات الرئاسية التي جرت في مارس الماضي أعطت البلاد دفعة جديدة من الاستقرار والثقة، حيث إنها المرة الثانية بعد الاستفتاء على الاستقلال التي يكون للناس الحرية الكاملة في اختيار رئيس الجمهورية بشكل حر وديمقراطي. وقد حصل الرئيس على 64% من الأصوات. وعبر مجلتكم أناشد الجميع عربا وأجانب للقدوم إلى جمهورية جزر القمر للقاء وتعرف أوجه الاستثمار ودراسة الوضع على طبيعته. نحن بلد فقير وعربي وإسلامي ونحتاج إلى مساعدة الجميع. ولكن من أين يبدأ الاستثمار في بلد إمكاناته كثيرة وموارده المالية قليلة.

ملايين الدولارات لبناء فنادق

تنوي مجموعة دولية تعتبر أكبر المؤسسات الفندقية العاملة في دولة جزر القمر، تنفيذ خطة متوسطة الأمد لضمان حصة رئيسية من النمو المتوقع في السوق السياحية المحلية، تتكلف عشرات الملايين من الدولارات، على أن يشرع بها خلال الأشهر المقبلة. وذكر كريستيان أنطوان المسئول عن فنادق مجموعة "صن إنترناشيونال" في جزر القمر أن هناك خطة تم الانتهاء من إعدادها لزيادة القدرة الاستيعابية للمجموعة في الجزر الأربع لأرخبيل جزر القمر أضعافا عدة، وذلك بعد أن تمكنت فنادقها الثلاثة من العودة إلى الربحية وتجاوز فترة الخسارة التي عانت منها حتى مطلع التسعينيات. وأشار إلى أن الجزء الأول من خطة التطوير سيشرع به قبل فصل الصيف، وسيتركز أساسا على توسيع المرافق التي يضمها فندق "لو كالاوا بيتش"، التابع لمجموعة "صن إنترناشيونال"، الذي يعتبر أكبر الفنادق في جزر القمر سعة، فضلا عن كونه أكبر مصدر للتوظيف في الجمهورية الإسلامية التي انضمت إلى الجامعة العربية قبل أربع أعوام. وقال إن كلفة مشروع التوسعة تبلغ 10 ملايين دولار، علي أن يتم في المستقبل توظيف مبالغ مماثلة في بناء منشآت أخرى فندقية، لمواجهة الإقبال المتزايد الذي بدأت تشهده جزر القمر.

وأعاد الفضل في ارتفاع نسبة الإقبال في ارتفاع نسبة الإقبال إلى نجاح سياسة الترويج التي تقوم بها وكالات السفر وشركات الطيران الدولية، في الأسواق الدولية الموردة للسياحة، وذلك بالتعاون مع مجموعة "صن" التي تعتبر أحد أبرز وأكبر المجموعات الفندقية في القارة الإفريقية والمحيط الهندي.

وتعتمد جزر القمر، التي تفتقر إلى الموارد المادية الكافية، على المساعدات الخارجية لتمويل برامج التنمية المحلية، وتملي عليها إمكاناتها المحدودة تبني سياسة انفتاح واسعة النطاق أمام الاستثمارات الخارجية سعيا إلى تطوير استخدام الثروات والموارد المحلية، وفي مقدمتها القدرات السياحية الكامنة. وتشكل جزر القمر مثالا حيا للاقتصاد "الجزيري" الذي يتميز بصغر دائرته الاقتصادية وضعف الأدوات القانونية والهياكل الإدارية والسياسية، وارتباطه بالمؤسسات الدولية المتعددة الجنسية، التي تستطيع - في مجال السياحة على سبيل المثال - تأمين خدمات متكاملة لترويج المنتج السياحي وتسويقه، فضلا عن إقامة علاقة مباشرة مع أسواق توريد السياح.

وتحاول جزر القمر، مثلها في ذلك مثل الكثير من البلدان - الجزر، التخلص من وظيفتها كمحطة طيران ثانوية للرحلات الجوية البعيدة المدى، لتلافي اقتصار استخدامها كوجهة سياحية تدين بالفضل لوجودها على خريطة الملاحة الجوية الدولية. وتعمد البلدان - الجزر، لذلك الغرض، إلى بناء مؤسسات خدمات نقل وسياحة ذات طابع وطني، أو تلجأ، إذا لم تكن تمتلك الإمكانات المالية اللازمة - وهو ما ينطبق علي جزر القمر - إلى إتاحة المجال أمام مجموعات دولية راغبة في توسيع أسواقها و في تحقيق نمو داخلي، للقدوم و الاستثمار، علي أساس تقاسم أهداف متماثلة، وبشكل ينعكس إيجابا علي الاقتصاد المحلي. ويقول كريستيان أنطوان، صاحب الخبرة الطويلة في عالم الخدمات الفندقية: إن الأوضاع السياحية واهتمام السلطات المحلية بتشجيع السياحة لم يطرأ عليهما أي تغيير خلال الأشهر الماضية. قاصدا بذلك المحاولة الانقلابية المجهضة، التي قام بها المرتزق الفرنسي بوب دينار قبل سنة، والتي انتهت باستسلامه وترحيله إلى فرنسا حيث سيقدم إلى المحاكمة مع أفراد مجموعته. وتتميز جزر القمر، التي تعتبر الفانيليا والتوابل أبرز صادراتها، بضعف القطاع الفندقي فيها، على الرغم من إمكانات التوسع الكبيرة التي تمتلكها، وارتفاع عدد السياح الذين باتوا يفضلون التوجه إليها للتمتع بالدفء الذي يسود ربوعها أغلب شهور السنة، والمناخ الساحر الذي يسود شواطئها الرملية الناعمة ذات اللون الأبيض الهادئ، والتي تنتشر فوقها أشجار النخيل الباسقة. ويقول أنطوان : "هناك ستة فنادق أو بنسيونات عائلية الطراز داخل العاصمة موروني، لا تتجاوز سعة الواحد منها خمس إلى ست غرف، تقابلها ثلاثة فنادق تمتلكها مجموعة صن إنترناشيونال وهي فندق لوكالاوا وفندق إيتساندرا وفندق مالوجا".

ويعتبر فندق إيتساندرا أجمل الفنادق في جزر القمر، علي الرغم من صغر حجمه، وهو يقع علي أطراف العاصمة، ويتميز بعدد غرفة المحدودة الذي لا يتجاوز 24 غرفة هذا ما يقوله السيد بابا كلود مسئول العلاقات العامة في الفندق والذي يضيف: "إلا أن المستوى الراقي للخدمة والمنظر الساحر الذي يطل عليه الفندق الذي يمتد أمامه البحر الأزرق باتساعه حرا طليقا من غير حاجز يحد الأفق، يضفي علي الجلسة في حديقته الهادئة وبالقرب من المسبح نوعا من الألفة الحميمة التي تحث علي التأمل"

ويقول بابا كلود أيضا أن الكثيرين من الدبلوماسيين ورجال الأعمال العرب والأوربيين والجنوب إفريقيين واليابانيين يفضلون القدوم إلى الفندق للمستوى الراقي من الخدمات التي يؤمنها، ومطبخه الذي يقدم الأطباق الشهية المتنوعة، التي تضاهي أفضل ما يمكن أن يحصل علية المرء في أفخم الفنادق الأوربية أو الأمريكية، على بعد آلاف الكيلومترات.

أما فندق مالوجا فهو مخصص للسياح الراغبين في التمتع بأنواع الرياضات المائية المختلفة التي يمكن ممارستها في الجزر من تجديف وغطس وصيد وسباحة وغيرها. ويضم الفندق 22 فيللا خشبية منفردة، تضم كامل التجهيزات الأساسية الخاصة بإعداد الطعام والنوم والاستراحة، إلا أنها تخلو من وسائل الترفيه الأخرى من أجهزة تلفزيون وراديو، كما أنها تخلو من أجهزة الهاتف.

ويشبه الفندق الذي يحيط سورة الخشبي والشجري بالفيللات قرية للعطلات، والفيللات الخشبية مناسبة للسياح الراغبين في التمتع بالطبيعة الساحرة والشاطئ الفسيح الذي يمتد من أمامها باتجاه البحر الواسع ذي اللون الأزرق الساحر.

ويقول كريستيان أنطوان : إن المجموعة الفندقية تنوي بناء 140 غرفة إضافية في فندق مالوجا لتوسيعه وتطويره، مع إدخال تحسينات أساسية علي المرافق الحالية القائمة فيه، على أن يتم تحسين خدماته إلى مستوى أعلى، وبشكل قادر على إرضاء ذوق مختلف الفئات من النزلاء، بما في ذلك العائلات.

أما فندق لوكالاوا بيتش، الذي يقوم بمحاذاة فندق مالوجا، فيتوجه إلى فئة أخرى من السياح، إذ إنه يقدم تشكيلة واسعة من الخدمات باعتباره قرية سياحية متكاملة، فضلا عن وجود معهد دولي للسباحة والرياضيات المائية داخل حرم منشآته، يعتبر الأكبر من نوعه في المحيط الهندي. ويضم الفندق 182 غرفة وجناحا، ومن المنتظر أن تتم إضافة 70 غرفة جديدة ضمن مشروع انتهى إعداد رسومه الهندسية ودراسة الجدوى الخاصة به. وتبلغ كلفة المشروع 10 ملايين دولار، "وهو الأول في سلسلة من مشاريع النمو التي تنفذ في جزر القمر" علي حد قول المسئول المحلي عن فنادق المجموعة الدولية الذي يضيف إن "صن إنترناشيونال تنوي فتح فنادق لوكالاوا مماثلة في جزر آنجوان ومايوت وموهيلي التي يضمها أرخبيل جزر القمر".

السياحة والعملة الصعبة

وتظهر الأرقام بوضوح أهمية المشاريع التي تنفذها مجموعات دولية على غرار "صن إنترناشيونال" بالنسبة إلى بلد، مثل جزر القمر، لا يتجاوز تعداد سكانه نصف مليون نسمة ويحتاج بشدة إلى زيادة العملات الصعبة التي يمكن أن تدرها السياحة. يقول كريستيان أنطوان: "تشكل المشتريات من السوق المحلية والضرائب والرواتب التي ندفعها في فندق لو كالاوا والبالغة 20 مليون فرنك سنويا أكثر من 18 في المائة من موازنة الحكومة القمرية التي تبلغ 120 مليون فرنك (24 مليون دولار)". ويعتبر فندق لو كالاوا أكبر مصدر للتوظيف في الجزيرة، حيث يعمل لديه 380 موظفا. "منذ تسلمي الإدارة قبل أربعة أعوام" يقول المدير الفرنسي "لم تحدث أي مشاكل مع الموظفين" ويتابع قائلا : "كنت مديرا، في جزيرة مدغشقر المجاورة، لفندق تويستسروك الضخم التابع لمجموعة "صن إنترناشيونال"، الذي حاز على جوائز دولية عدة، والذي يعتبر أحد أجمل الفنادق في العالم. وعندما تقرر إقفال الفندق لمدة ستة أشهر لإدخال تحسينات بقيمة 32 مليون دولار تقرر إدخالها عليه، طلبت مني المجموعة ترك الفندق الذي أدرته لمدة أربعة أعوام والقدوم إلى جزر القمر لترتيب أوضاع فندق لوكالاوا، الذي شهد نزاعات بين العمال والمدير السابق تخللتها إضرابات متكررة أسفرت عن وقوع خسائر مالية كبيرة".

ويضيف : "في مدى 10 أشهر عدنا إلى الربحية وارتفعت مداخيلنا 300 في المائة قياسا إلى الخسائر السابقة التي كنا نمني بها، ووصلنا إلى معدلات جيدة من الأرباح، وبدأنا نبني ونطور. وقد قمنا حتى الآن بإدخال تحسينات عدة على فندق لوكالاوا ونأمل توسيعه بشكل أكبر في الأشهر المقبلة". وعن سياسة الترويج التي اعتمدها لتنشيط إقبال النزلاء يقول: "الهدف الرئيسي كان البحث عن السياح من الخارج، وكنا ندفع بأنفسنا لطائرة الشارتر (الطيران العارض) ونبيع الرحلات إلى جزر القمر على أن تكون الإقامة في فنادقنا جزءا من الرحلة المنظمة. وكانت الخطوط الجوية الفرنسية تنقل الكثيرين من المسافرين القادمين إلى جزر القمر، ولكنهم كانوا من المهاجرين العائدين لزيارة الأهل والعائلة، فارتأينا لتنويع حركة السفر التعامل مع وكالة سياحة وسفر دولية، ووقع اختيارنا على وكالة وورلد ليجر هوليداي، وهي وكالة تتعامل أيضا مع مجموعتنا وفنادقها في جنوب إفريقيا". وبين الوسائل الجديدة التي اعتمدتها "صن إنترناشيونال" لزيادة حركة الإقبال على فنادقها، في إفريقيا الشرقية والجنوبية وقناة الموزمبيق حيث تقوم جزر القمر ومدغشقر، التحالف مع مجموعة "طيران الإمارات" وذراعها "مغامرات العربية"، وهي أكبر وكالة سفر وسياحة في منطقة الشرق الأوسط. وسمح التعاون الذي تم العام الماضي بزيادة نسبة الإقبال على جزر القمر، خصوصا أن "الإمارات" شنت حملة ترويجية كبيرة في الأسواق الدولية الموردة للسياح، وأدرجت جزر القمر الصيف الماضي على لائحة الرحلات والعطلات التي تنظمها "مغامرات عربية" للسياح من أوربا وآسيا وإفريقيا. ويعتقد كريستيان أنطوان الذي عمل فترة طويلة في القطاع الفندقي، وفي منطقة الشرق الأوسط، أن هناك الكثير الذي يمكن إنجازه لإدخال جزر القمر على لائحة الوجهات الجديدة المفضلة للسياح العرب، مشيرا إلى أن السياحة في بلد عربي قادر على أن يقدم الكثير من الثروات السياحية الكامنة التي يزخر بها مقابل العملات الصعبة التي يحتاج إليها، لهو أمر على قدر كبير من الأهمية بالنسبة إلى السياح العرب خصوصا إذا كان هؤلاء يزورون بلدا عربيا يحتاج، قدر حاجته إلى المال، إلى تعزيز علاقته بإخوته العرب. ومنذ بدأت علاقته مع مهنة الفند قة في مقهى "فوكتس" الشهير في باريس، حمل التقدم المهني كريستيان أنطوان إلى دول عدة في أوربا والشرق الأقصى والشرق الأوسط قبل أن ينتهي به المطاف في إفريقيا. ويقول أنطوان الذي عمل في شبكات فندقة عالمية في البلدان العربية متنقلا بين بيروت ودمشق وتدمر واللاذقية وبغداد والكويت والشارقة ودبي والسعودية والمنامة "حاصدا جوائز دولية عدة" كما يقول باعتزاز، إن خبرة كبيرة تراكمت لديه وتسمح له بتفهم حاجة النزيل والسائح العربي. ويضيف : "أمضيت 15 سنة من حياتي مع العرب، وبخلاف الكثيرين من الأوربيين الذين يعملون مع العرب، فإنني أحب العرب كثيرا، وعندما أتقاعد فسأتقاعد في بلد عربي". وقد لاحظت أن لدى العرب فلسفة حياة مختلفة، وعمقا في محض الصداقة لم يعودا موجودين لدينا في أوربا أو أمريكا. لدى العرب شيء يفتقده الغرب وهو الحس العائلي، حيث الأب يكرس حياته لأطفاله وعائلته، بينما يسعى الأبناء حينما يكبرون إلى العمل وتولي شأن أبيهم، ابني عندما يذهب في عطلته، يذهب إلى الكويت والشرق الأوسط، لأن أكثر أصدقائه من العرب، وعندما أريد أن أقوم بمبادرة تسره، أصطحبه إلى مطعم يقدم المأكولات اللبنانية والعربية. ويؤمن أنطوان أن بالإمكان استقطاب المزيد من السياح من الوطن العربي وبلدان الشرق الأوسط إلى جزر القمر الذي يؤكد أن مستقبلا زاهيا ينتظرها في عالم السياحة. يقول : "نحن نقدم للسائح الأوربي ما يرغب في تناوله من طعام، وبالطريقة نفسها قادرون على تقديم أكل يتلاءم مع ما تنص عليه الشريعة الإسلامية للسياح القادمين من دول الخليج. وخطوتنا الحالية تشمل تقديم مازات لبنانية ومأكولات حلال تراعي في الوقت ذاته الأذواق التقليدية والمألوفة في دول مجلس التعاون، التي نتوقع أن يكون أكثر الزوار القادمين منها". وعن الإمكانات التي يعتبر أنها تلبي حاجة السائح العربي يضيف : "نحن نفهم أن السائح العربي الذي يصطحب عائلته للقدوم إلى جزر القمر لا يرغب في الاختلاط بالآخرين إذا أحب اصطحاب أفراد أسرته لممارسة السباحة. والواقع أن هناك فرصا كثيرة لمن يبحث عن العزلة ومزاولة الأنشطة البحرية والرياضات المائية بعيدا عن أنظار الفضوليين، لإيجاد شاطئ خاص به وبأفراد عائلته. ولا أبالغ إذا قلت إن عدد الشواطئ من هذا القبيل يفوق الألف، وهي شواطئ معزولة وجميلة وواسعة، وبوسع الأسرة أن تقضي فيها كامل النهار من دون أن يزعجها أحد". ويتابع قائلا : " ج زيرة موهيلي ، التي هي إحدى الجزر الأربع الرئيسية في الأرخبيل، ما زالت جزيرة عذراء وتحيط بها 20 جزيرة أصغر حجما، ولكل منها شاطئها وهي حافلة بالأسماك والقريدس (الربيان) بأنواعه الكبيرة والمتوسطة، والتي يمكن التقاطها باليد ورميها على الشاطئ إلى أن ينتهي المرء من السباحة والغوص فيعود لجمعها وشيها. ولو أحب المرء الصيد البحري فهناك بعض الأسماك الكبيرة الضخمة المتاحة للراغبين في مزاولة الصيد في الأعماق، مع العلم بأن المياه شفافة ودافئة، ولا وجود للأسماك المفترسة". ويواصل حد يثه فيقول : "هناك مشروع لتصنيف موهيلي كمحمية بحرية طبيعية"، موهيلي التي يرى "أنها رائعة بجمال طبيعتها الآسر، وفيها شلالات تهبط من علو 20 مترا... أما جزيرة آنجون فهي تحفة بدورها، ذلك أنها تبدو وكأنها بركان كبير تحفه النباتات والأشجار الاستوائية وغابات الأوركيدا وتلفه السواحل الناعمة الواسعة التي تتراوح ألوان رمالها بين الأبيض والأسود. هناك تجد السكان يجرون وراءك بكل لطف وكياسة لتقديم الفاكهة مجانا، والحياة فيها رائعة ومدهشة". ويتابع الخبير الفرنسي الذي قضى أغلب سنوات حياته في العمل في بقاع مختلفة من الأرض : "أؤمن بأننا نستطيع تطوير جزر القمر كوجهة سياحية لتكون أفضل منتجع سياحي في منطقة المحيط الهندي" مشيرا إلى "أنه من الصحيح أن الخدمة متطورة في جزر موريشيوس ومدغشقر المجاورة، لكن الإمكانات والمرافق السياحية بلغت مرحلة التشبع. أما في جزر سيشيل وبعض الجزر الأخرى المجاورة فإن موسم هطول المطر يتواصل لمدة شهرين في السنة وتهب الأعاصير كل سنة، أما في جزر القمر فالحاجز المرجاني يحمي مياه الشواطئ من العواصف البحرية والتيارات المائية القوية، في حين لا تقترب الأعاصير منها". والمطر ؟ "المطر لا يطول لأكثر من يوم أو يومين متتابعين. كما أن موقع الأرخبيل وسط قناة الموزمبيق يجعله مناسبا للخروج إلى عرض البحر ومشاهدة أسراب الحيتان والدلافين والحيوانات اللبون البحرية الكبيرة والجميلة التي ترتع في محيط الجزر" ولا يتردد أنطوان في دفاعه عن الأرخبيل البركاني الذي تلفه الغابات الاستوائية عن القول : "جزر القمر ستصبح هاواي المحيط الهندي، وفيها كل الامتيازات التي تجعل السائح مسرورا بالقدوم إليها، فالضرائب فيها لا وجود لها تقريبا، وبوسع المرء شراء الأرض والإقامة فيها بخلاف موريشيوس ومدغشقر، من دون الحديث عن الطبيعة الساحرة والطقس الدافئ على مدى تسعة شهور متواصلة في السنة، والطقس المعتدل والمشمس خلال الأشهر الثلاثة المتبقية، وإن هطلت أمطار فهي أمطار قليلة".

أكبر معهد للتدريب على الرياضات المائية

يعتبر أرخبيل جزر القمر منطقة مثالية للغطس وممارسة الرياضات المائية على اختلافها باستثناء جزيرة أنجوان. يقول روبرت إمبارسو مدير الترويج في شركة الخدمات السياحية في جزر القمر ومدير إيلند مينشستر وهي أكبر هيئة لتعليم الغطس والسباحة والمهارات المائية في المحيط الهندي إن سواحل الجزر الرئيسية الثلاث، والجزر الصغيرة المحاذية لها في الأرخبيل تملك شواطئ مذهلة بوسع الأفراد والعائلات التمتع بالسباحة والغطس فيها مع الاحتفاظ بخصوصيتهم. وتحفل آلاف الشواطئ التي تنتشر في الأرخبيل برمال ناعمة بيضاء وبمياه شفافة على عمق عشرات الأمتار فضلا عن وجود أسراب كبيرة من السمك "الذي يمكن اصطياده باليد وقذفه إلى الشاطئ" على حد قول فوذربي. وتضم مدرسة التدريب في النادي المائي التابع للمعهد تجهيزات مختلفة لتدريب المبتدئين أو المحترفين. وبين هذه التجهيزات مركب ذو قعر زجاجي ومركب "كاتامارين" وأربعة مراكب غطس وثلاثة للتزلج المائي وزورقان مطاطيان ومركبا صيد وطائرة بحرية للراغبين في تعلم الطيران المائي. ويتخذ المعهد من فندق "لوكالاوا بيتش" وهو أكبر فندق في الأرخبيل مقرا له ويقدم جميع الأنشطة والتدريبات التي يحتاج إليها الراغبون في تعلم مهارات الصيد البحري والغوص ويصدر شهادات معترفا بها دوليا للمتخرجين فيه. ويبلغ عدد العاملين في المعهد 56 مدربا ومدربة 42 منهم من جزر القمر نفسها و 14 مدربا دوليا من السويد وبلجيكا وجنوب إفريقيا وكندا وزيمبابوي. ويقول السيد روبرت: إن هناك الكثير من هواة الغطس والمتدربين الذين أتوا من بلدان الشرق الأوسط والخليج. وإن التسهيلات التي يحصلون عليها تحملهم على العودة مرة أخرى، خصوصا أن المناخ الدافئ وعدم تعرض المنطقة إلى أعاصير وبقاء الشمس ساطعة على مدار السنة فضلا عن شفافية المياه وعدم وجود حيوانات بحرية خطرة فيها يجعل المعهد مكانا ممتازا للتدريب في كل الفصول. وقد نجح المعهد في إقناع السلطات القمرية بزيادة اهتمامها بمشاكل البيئة واتخاذ قرارات لحماية المستعمرات المرجانية الساحرة الجمال التي تنتشر في محيط أغلب الجزر. وقد اتخذت سلطات موروني بالفعل قرارا بإنشاء محميات بحرية لهذا الغرض. ويضيف السيد روبرت: إن عملية التدريب على الغطس ممتعة بحد ذاتها، وإن المتدربين ي حصلون على خبرة مفيدة لدى تعلمهم المهارات المرتبطة بالسباحة تحت الماء، وفي الوقت ذاته يقومون بسباحة من نوع خاص غير متاحة في أماكن أخرى من العالم، ذلك أن الطبقات الصخرية للجزر سواء في قاع البحر أو عند الشواطئ تحمل طابعا خاصا، لأن أشكالها تتغير على الدوام نظرا إلى تدفق الحمم على فترات متقاربة من الزمن وبالتالي فإن الصخور تتصلب وتتجمد بأشكال عجيبة. وهي إلى جانب ذلك تغص بأسماك ملونة قل مثيلها في العالم. وأضاف السيد روبرت يقول إن أجمل متع الغوص في مياه الأرخبيل هي عمليات الغطس التي تتم أثناء الليل، ولكن الأمر حكر على المتدربين المحترفين مشيرا إلى أنه يطلب من أي هاو للغطس يريد التقدم للقيام بجولات ليلية في المياه الشفافة أن يصطحب معه شهادات تثبت مستوى التدريب الذي وصل إليه. على طول الطريق الضيق المحاط بالأشجار على الجانبين من الفندق إلى المطار يجلس القمريون من الصباح أمام منازلهم ينظرون وفي عيونهم كلمة "مرحبا" ومعناها بالعربية شكرا.

 

أنور الياسين 






جزر القمر"هاواي" عربية في قلب المحيط





بعد صلاة العيد. مواطنو الجزر في ثيابهم الرسمية عند خروجهم من المسجد





المحرر في ضيافة احدى الاسر ويرتدي غطاء الرأس الذي تتميز به الجزيرة





أحد صيادي السمك يستعرض حصيلة صيده





كرسيتيا أنطوان - مدير الفندق





جزر القمر"هاواي" عربية في قلب المحيط





مياه غنية بأسماك الباركودا التي يتم صيدها بكميات كبيرة





أفواج من السياح الأوربيين يستمتعون بشمس الجزر





شاطئ جالوا.. أشهر شواطئ الجزيرة





وزير الخارجية عمر سيد أحمد





الغابات المطيرة مازالت على نفس بكارتها الأولى





هواية الغوص.. لها عشاق يأتون إليها من كل بلدان أوروبا





البهارات الحارة التي تشتهر بها جزر القمر





زحام السوق في أحد الدروب الضيقة من المدينة





ما زالت الغابات تعطي الجزيرة طابعها المميز





ما زالت الغابات تعطي الجزيرة طابعها المميز





وزير التربية الوطنية