مستقبل اللاجئين السياسيين في بريطانيا نديم ناصر

مستقبل اللاجئين السياسيين في بريطانيا

بريطانيا الليبرالية لم تعد البلد الملائم لطالب اللجوء السياسي. لقد تخلت عن سياستها في هذا المجال، وبدأت تضيق الخناق على اللاجئين، وظهرت المخاوف من أن يتحولوا إلى مشردين في الشوارع.

عند الطرف الجنوبي من جسر "ووترلو" دوار كبير للسيارات، تحته دوار للمارة تتفرع منه عدة أنفاق تفضي إلى الضفة الجنوبية التي أصبحت تعرف بـ "مدينة الكرتون" مأوى غالبية مشردي لندن ممن نبذهم المجتمع أو نبذوه، لا ينافسهم في ملكيته أحد، يلتحفون فيه ألواحا من الكرتون طلبا للدفء في شتاء لندن القارس.

إن عدد مشردي لندن، ضحايا التفسخ الاجتماعي والوجه القبيح للرأسمالية، غير معروف بالتحديد، وإن قدرت وزارة الشؤون الاجتماعية عددهم بمائتين فقط. ولكن ما هو شبه مؤكد أنهم سيجدون قريبا من ينافسهم بشراسة على مأواهم المجاني. فقد لا تكون مدينة الكرتون وغيرها من الأماكن التي يستذري فيها المشردون في لندن كافية لإيواء الدفق المتوقع من المشردين الجدد الذي يقدر بعشرات الآلاف من طالبي اللجوء السياسي الذين اجتذبتهم إلى بريطانيا قوانينها الليبرالية، وسخاؤها في توفير المساعدات المالية والسكنية والاجتماعية والتعليمية لطالبي اللجوء السياسي وأسرهم، بكلفة باهظة.

ولكن التعديلات التي أدخلها بيتر ليللي وزير الشئون الاجتماعية على أنظمة الضمان الاجتماعي لقطع جميع المساعدات المالية والسكنية عن نسبة عالية من طالبي اللجوء السياسي، ومشروع قانون اللجوء والهجرة الذي سنه مايكل هاورد وزير الداخلية لخفض تدفق اللاجئين والحد من نشاطاتهم، أعادا رسم انطباع جديد عن مدى إنسانية النظام البريطاني وكرمه والتزامه بالمواثيق الدولية، وأوجدا حالة من الفزع في صفوف عشرات الآلاف من اللاجئين السياسيين وطالبي اللجوء. فقد جادل الوزيران كلاهما بأن هناك ثغرات في القانون البريطاني تسمح لعدد كبير من اللاجئين الاقتصاديين، الذين كناهم باللاجئين "الزائفين" بطلب اللجوء السياسي والاستفادة من سخاء أنظمة الضمان الاجتماعي، هربا من الظروف الاقتصادية السيئة في بلادهم، وتبيح للنشطاء سياسيا تعكير علاقات بريطانيا مع دول صديقة، بطريقة تؤثر سلبيا في مصالح بريطانيا الاقتصادية عالميا.

تعديلات مؤثرة

وتنص التعديلات على أنظمة الضمان الاجتماعي التي يتوقع أن توفر 200 مليون جنيه من ميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية، والتي بدأ العمل بها في الخامس من فبراير الماضي، على أنه لا يحق لمن يتقدم بطلب لجوء سياسي من داخل بريطانيا الحصول على معونات ضمان اجتماعي. قال لنا المحامي العربي أمجد السلفيتي الذي يزاول المحاماة في لندن ويمثل العديد من طالبي اللجوء السياسي أمام المحاكم البريطانية أثناء استئناف رفض طلبات لجوئهم :

"إذا لم يطلب الإنسان اللجوء السياسي عند أول نقطة دخول إلى بريطانيا، يصبح مشكوكا في مصداقيته. قضية المصداقية قضية قانونية بحتة. إذ يتعين على الحكومة إثبات نوايا طالب اللجوء أمام المحاكم البريطانية. فهناك اعتقاد سائد بأن من يعاني من مشاكل حقيقية، يعلن عن نيته في اللجوء فور وصوله إلى بر الأمان. قانون الضمان الاجتماعي الذي بدأ العمل به في فبراير الماضي، يقول : إن الذين يطلبون اللجوء لحظة وصولهم إلى الموانئ أو المطارات البريطانية يحق لهم الحصول على مساعدات مالية من الشئون الاجتماعية، ولكن إذا دخل طالب اللجوء بريطانيا ثم تقدم بطلبه، يحرم من الحصول على هذه المساعدات لأنه يكون فقد حقه نهائيا في اللجوء. كما أن من يرفض طلب لجوئه ويستأنف القضية أمام  محكمة، يحرم أيضا من أية مساعدات مالية أو سكنية أثناء البت في استئنافه. هناك العديد من الناس الذين يحضرون إلى بريطانيا للدراسة أو السياحة، كانوا يتقدمون بطلب لجوء سياسي للبقاء فترة أطول بشكل قانوني واستغلال المساعدات التي تمنحها السلطات البريطانية للاجئين. وما فعلته الحكومة البريطانية هو محاولة سد هذه الثغرات في القانون البريطاني بوضع ضغوط اقتصادية على طالبي اللجوء السياسي المشبوهين".

وقد أثارت هذه التعديلات التي أجازها وزير الشئون الاجتماعية - بموجب السلطات التنفيذية الممنوحة له من البرلمان - قدرا كبيرا من المعارضة في أوساط الجماعات المهتمة بحقوق الإنسان في بريطانيا، والتي يزيد عددها على مائتين، وقد حملت هذه المعارضة الحكومة على عرض التعديلات على البرلمان، الذي أقرها في قانون بدأ تنفيذه في الخامس من فبراير. وأهم المؤسسات الخيرية التي تدافع عن حقوق اللاجئين في بريطانيا وأكثرها نشاطا هو "مجلس اللاجئين" الذي يديره نيكولاس هاردويك من مبنى قديم على الضفة الجنوبية من نهر ال "تايمز" في منطقة "فوكسهول" . تأسس هذا المجلس تأسس في الأصل عام 1951 للدفاع عن حقوق اللاجئين البولنديين الذين فروا من الاضطهاد النازي إبان الحرب العالمية الثانية.

وفي عام 1981 انضم إلى "مجلس اللاجئين البريطاني" ليشكلا معا "مجلس اللاجئين" الحالي. ويعتقد المجلس أن عواقب تعديل قانون الضمان الاجتماعي بدأت بالظهور سريعا فور البدء في تطبيقها. قالت لنا جيل روتر إحدى كبار المسئولين عن التعليم في المجلس:

"إذا استمر تدفق طالبي اللجوء إلى بريطانيا بنفس المعدلات السابقة، فسوف تقدر وزارة الشؤون الاجتماعية نفسها أن يكون عدد اللاجئين الذين لا يحصلون على أية مساعدات بحوالي 46 ألفا بحلول نهاية عام 1996. وسيجد بعض هؤلاء سكنا عند أقربائهم أو أصدقائهم، وسيحصل البعض الآخر على مساعدات لأطفالهم بموجب قانون 1983 لحماية الأطفال. ولكن  الباقين سيجدون أنفسهم في الشارع، ينامون في الكنائس وعلى الأرصفة وفي الحدائق العامة وينافسون مشردي لندن. لقد جهز "مجلس اللاجئين" نزلا في قلب لندن افتتح في إبريل 1996، ولكن النزل لن يتسع لأكثر من خمسين لاجئا. هناك بعض المشاريع التي يقوم بها مجلس الكنائس وجمعيات خيرية أخرى، ولكن حجم المشكلة المتوقع أكبر من كل هذه الجهود".

وتقول ديان أبوت النائبة العمالية السوداء ورئيسة "الحملة ضد قانون اللجوء والهجرة": إن قطع المساعدات عن طالبي اللجوء سيصيب - حسب تقديرات وزارة الشؤون الاجتماعية - 13 ألف طالب لجوء على الفور، بمن في ذلك ألفا طفل، وسيخسر ما بين ألفين وثلاثة آلاف طالب لجوء حقهم في المساعدة في كل شهر لاحق. وحقيقة إجراءات الحكومة البريطانية بحجب المساعدات عن نسبة عالية من طالبي اللجوء السياسي، بغض النظر عما إذا كانوا لاجئين حقيقيين أو مزيفين، وكما قالت صحيفة الجارديان: "إن على طالب اللجوء أن يواجه بخيار بسيط، تحمل الاضطهاد في بلاده أو التشرد في المملكة المتحدة. طالبو اللجوء السياسي يستحقون أكثر من علبة كرتون ينامون تحتها ومعدة خاوية".

هجوم من ثلاثة محاور

إن السلاح الاقتصادي الذي تستعمله الحكومة البريطانية هو مجرد محور من هجوم مركز من ثلاثة محاور لوقف تدفق اللاجئين السياسيين إلى بريطانيا، فقد تضاعف عدد طالبي اللجوء السياسي في المملكة المتحدة عشر مرات بين عامي 88 و1995 من حوالي أربعة آلاف إلى أكثر من 40 ألفا سنويا، نتيجة عدد من العوامل التي رافقت انهيار الاتحاد السوفييتي،  وانعتاق دول الستار الحديدي وتطور عالم أحادي القطب يروج لنظام دولي جديد يفتقد النظام، حيث ساعد في انبعاث روح القوميات التي كانت المطرقة الحديدية ومقتضيات الحرب الباردة قد أخمدت نارها عقودا عديدة. ولعل تفسخ الدولة اليوغسلافية وما نتج عن ذلك من حروب ومجازر بشرية في البوسنة لأوضح مثال على كيفية تولد موجات اللاجئين. وتقدر المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة عدد اللاجئين في العالم بـ 18.2 مليون، منهم ستة ملايين في إفريقيا، وفي عام 1983 بلغ عدد طلبات اللجوء السياسي في أوربا، وأمريكا الشمالية، وأستراليا، واليابان حوالي مائة ألف طلب. ولكن الرقم ارتفع عام 1992إلى 800 ألف. وبلغ عدد طلبات اللجوء السياسي في العالم بين العامين المذكورين (83  - 1992 ) 3.7 مليون طلب.

وكانت أوربا الغربية تستضيف أعدادا صغيرة نسبيا من اللاجئين، لا تتجاوز ثلاثة آلاف سنويا في سنوات السبعينيات، ولكن تدفق اللاجئين ارتفع باطراد حتى بلغ 680 ألفا في نهاية عام 1992 ، وعندئذ بدأت الأبواب تصفق في وجه اللاجئين في أوربا. فقد كان لدى ألمانيا حتى صيف 1994 أكثر قوانين اللجوء تحررا في أوربا الغربية، وكانت بالتالي مكان اللجوء المفضل للاجئين من شتى أنحاء العالم، بما في ذلك إفريقيا والشرق الأوسط. إذ تنص المادة السادسة عشرة من القانون الألماني الأساسي على أنه يحق لأي شخص يطأ التراب الألماني ويطلب اللجوء المؤقت الحصول على قبول مؤقت. ولكن انهيار الاتحاد السوفييتي زاد من تدفق اللاجئين إلى ألمانيا بشكل لم يعد مقبولا، في الوقت الذي أنهى المكاسب السياسية بمنح مواطني دولة معادية عقائديا لجوءا سياسيا. وفي يوليو 1994 بدأ تطبيق قانون لجوء جديد بعد شهور من الجدل السياسي الساخن، لا يمنح طالب اللجوء حقا تلقائيا بالبقاء المؤقت ولا يمنح طالب اللجوء القادم إلى ألمانيا عن طريق بلد ثالث آمن حق طلب اللجوء، ولكن السلطات الألمانية تجادل بأن المحتوى الأساسي للمادة السادسة عشرة من القانون الأساسي لم يتغير. فالناس المضطهدون سياسيا ما زالوا مخولين حق اللجوء، ولكن لا ريب في أن الإجراءات الجديدة، بما فيها فتح مخيمات لطالبي اللجوء السياسي، خفضت عدد اللاجئين الذين يختارون ألمانيا للجوئهم، وساعدت هذه الإجراءات ومثيلاتها في كل من فرنسا، وفنلندا، وهولندا، والدنمارك، في دفع طالبي اللجوء في اتجاه بريطانيا.

القانون ومعارضوه

المحور الثاني من الهجوم البريطاني للحد من تدفق اللاجئين السياسيين، هو مشروع قانون اللجوء والهجرة الذي وضعته وزارة الداخلية البريطانية ونشرت محتوياته في الثلاثين من نوفمبر الماضي. وقد أجيز المشروع في قراءتيه الأولى والثانية في البرلمان، ومن المفترض أن تجاز قراءته الثالثة صيف هذا العام ليصبح قانونا ساري المفعول. وقد أثار مشروع القانون قدرا عظيما من المعارضة المحلية ومن المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، يمكن أن تسفر عن تعديلات بسيطة في شكله النهائي قبل إقراره، ولكنها لن تؤدي إلى إسقاطه أو تغيير جوهره. وكان مجرد التفكير في سن قانون للجوء والهجرة مفاجأة للعديد من رجال القانون. قال لنا المحامي العربي أمجد السلفيتي:

"لم يكن في بريطانيا قوانين هجرة منفصلة لتنظيم أوضاع اللاجئين. فقد كانت قوانين وزارة الشئون الاجتماعية المتعلقة بالضمان الاجتماعي للمهاجرين هي التي تنظم أوضاعهم. ولكن عندما تبين للحكومة البريطانية أن أعداد طالبي اللجوء التي كانت تختار الذهاب إلى أقطار أوربية أخرى أخذت تغير اتجاهها وتأتي إلى بريطانيا، حاولت التحرك بسرعة لسن قانون اللجوء والهجرة لاحتواء الموقف. وفي رأيي أن هذه السرعة أحدثت ارتباكا، فلم تتأن الحكومة ولم تقم بالأبحاث والاستشارات الكافية، وهذا في رأيي خطر، لأنك سرعان ما تكتشف أنه غير ملائم للحالة التي وضع لعلاجها. ويمكن أن يكون القانون الجديد متعارضا مع القوانين التي سبقته أو أنه يتناقض مع التزامات بريطانيا مع المعاهدات والمواثيق الدولية. فأنا لا أعتقد مثلا أن الحكومة البريطانية تنوي الانسحاب من التزامها بمعاهدة الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين ( وقعت عام 1951 )، ولكنك إذا أمعنت النظر جيدا في القوانين الجديدة لا بد أن تتساءل عما إذا كانت لدى الحكومة البريطانية نية في البقاء. هذه القوانين تشير إلى أنهم منسحبون فعلا من التزاماتهم. وسيفتح هذا الارتباك وقصر النظر المجال أمام العديد من الجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان لاتهام السلطات البريطانية بأنها تنادي من ناحية بحقوق الإنسان ودعمها في العالم، بينما أصبحت تحرم طالبي اللجوء في عقر دارها من حقوقهم الأساسية".

قائمة بيضاء

المادة الأولى من مشروع قانون اللجوء والهجرة الذي يشكل المحورين الثاني والثالث من الهجوم، تنص على السماح لوزير الداخلية بخلق "قائمة بيضاء" بأسماء الأقطار "الآمنة" التي لا توجد فيها مخاطر حقيقية من الاضطهاد. الأقطار المدرجة على القائمة حتى الآن هي باكستان، وبولندا، والهند، ورومانيا، وغانا، وبلغاريا، وقبرص. ويتضح من طريقة صياغة المادة أن لوزير الداخلية الحق في إضافة ما يشاء من أسماء إلى القائمة. وقد تسربت بالفعل وثيقة من وزارة الداخلية إلى صحيفة "الجارديان" تؤكد أن عدد أعضاء القائمة ارتفع فعلا إلى عشرة أقطار بإضافة أثيوبيا، وتنزانيا، وكينيا إلى القائمة. ولا يندرج على القائمة اسم أي دولة عربية.

إن ما تعنيه "القائمة البيضاء" حقا هو أن أنظمة الأقطار المدرجة عليها لا تمارس اضطهاد مواطنيها، وبالتالي فإن طالبي اللجوء القادمين منها، إلا في حالات استثنائية، غير مخولين طلب لجوء سياسي، ولكن هناك شكوكا واسعة في بريطانيا بشأن مدى الأمان والتسامح السياسي ورعاية حقوق الإنسان في تلك الأقطار. فمن بين آلاف من طالبي اللجوء السياسي من هذه الأقطار "الآمنة" حصل 115 شخصا من الهند وباكستان ورومانيا وغانا على حق اللجوء السياسي أو تصاريح استثنائية بالبقاء في بريطانيا عام 1995. ويدرج "مجلس اللاجئين" قائمة بانتهاكات حقوق الإنسان في أقطار "القائمة البيضاء"، ويجادل بأن هذا الإجراء يميز ضد اللاجئين على أساس موطنهم الأصلي، بشكل يتناقض مع روح المادة الثالثة من معاهدة الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951 المتعلقة بالوضع القانوني للاجئ، ويدعو إلى معالجة كل قضية لجوء بحسب استحقاقها، وإلى عدم إضافة أي بلد إلى "القائمة البيضاء" إلا بعد إقرارها في مجلس البرلمان. وتعتقد الفئات البريطانية المعارضة لمشروع قانون اللجوء والهجرة، أن الحكومة البريطانية تختار الدول التي تدرجها على "القائمة البيضاء" على أساس ضخامة عدد طالبي اللجوء الزائفين، وليس لنصاعة سجلها المتعلق بحقوق الإنسان.

المحور الثالث هو حق الحكومة في إبعاد أي طالب لجوء إلى "بلد ثالث آمن" يصل عن طريقه إلى بريطانيا. فإذا لم يأت اللاجئ مباشرة من البلد الذي يطلب الحماية منه وإنما وصل عن طريق بلد ثالث (مثل هبوط الطائرة في توقف ترانزيت أثناء رحلتها في باريس أو أمستردام مثلا قبل وصولها إلى بريطانيا)، يفقد حقه في طلب اللجوء ويحق لوزارة الداخلية البريطانية إبعاده إلى ذلك البلد الثالث إذا كان آمنا. ولكن مشروع القانون لا يضمن السماح لطالب اللجوء المبعد بدخول البلد الثالث أو السماح له بتقديم طلب لجوء سياسي فيه.

وهذا يعني أن اللاجئ يمكن أن يصبح ككرة الطاولة يدفع من مطار إلى آخر. وبينما تنص المادة الثالثة من مشروع القانون على أن المبعد إلى بلد ثالث يستطيع الاستئناف ضد قرار الإبعاد بعد إخراجه من المملكة المتحدة، فإنه لا تتوافر ضمانات بالسماح له بالاستئناف. ويعتبر خصوم مشروع قانون اللجوء والهجرة في بريطانيا مسألة الاستئناف من الخارج ضربا من التعجيز. إذ تعرف الحكومة البريطانية مسبقا أنه سيستحيل على ما يصل إلى 40% من المبعدين إلى قطر ثالث أن يتمكنوا، لاعتبارات تتعلق باللغة والافتقار إلى المال والدراية القانونية، من تقديم استئناف ناجح من الخارج، حتى وإن كانوا لاجئين حقيقيين يلتجئون إلى بريطانيا هربا من الاضطهاد والملاحقة في بلادهم.

وحدد مشروع القانون البلدان الآمنة بأقطار الاتحاد الأوربي وبعض الأقطار الأوربية الأخرى، ولكن الضغوط على الحكومة البريطانية جعلتها توافق على تعديل في مشروع القانون يقصر الدول الآمنة على دول الاتحاد الأوربي فقط. ولكن دول الاتحاد الأوربي نفسها لم تكن آمنة في حالات كثيرة في نظر "مجلس اللاجئين". فقد ثبت في 199 قضية منفصلة بين نوفمبر 1994 و أغسطس 1995، أن دول الاتحاد الأوربي لم تكن آمنة فعلا.

ومن مواد مشروع القانون أيضا اعتبار الحصول على تصريح استثنائي بالبقاء في بريطانيا عن طريق الاحتيال جنحة جنائية، كما أن توظيف شخص لا يحمل تصريح عمل سيعتبر جنحة جنائية أيضا، ولهذه المادة الثامنة في مشروع القانون عواقب قد تتجاوز حرمان طالبي اللجوء السياسي من كسب قوتهم أو محاولة تحسين أوضاعهم. تقول النائبة العمالية السوداء دايان أبوت رئيسة الحملة ضد مشروع قانون اللجوء والهجرة : إن هذه المادة ستجعل أصحاب العمل يتفادون تحوطا، السود وأصحاب الأسماء الأجنبية، حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون، ويوافق اتحاد الصناعات البريطانية(CBI) على أن مشروع القانون سيزيد من التمييز العنصري في سوق العمالة.

لاجئون أم زائفون؟

مايكل هاورد وزير الداخلية البريطاني، يرفض مقولة جمعيات حقوق الإنسان بأن بريطانيا تتخلى عن تقاليدها العريقة وأنظمتها الليبرالية الخاصة باللجوء. ويؤكد أن بريطانيا لا تزال مكانا آمنا سخيا يفتح أبوابه لكل المضطهدين، ولكن مشكلة بريطانيا في نظره أن الأغلبية العظمى من طالبي اللجوء السياسي فيها زائفون ويعرفون أنهم غير مؤهلين للجوء والحصول على المساعدات المالية والسكنية. فلا يزيد عدد اللاجئين الحقيقيين على 5% فقط من طالبي اللجوء. ويقول : "إن بريطانيا لن تظل ناعمة الملمس لغير المخولين للجوء والذين يسعون لاستغلال تقاليدنا لمنفعتهم الخاصة".

ولكن العناصر المعادية لمشروع قانون اللجوء والهجرة يتهمون مايكل هاورد وموظفيه بأنهم لا يعرفون الفرق بين طالب اللجوء الحقيقي والزائف، ولا يفهمون من قصورهم العاجية معنى الاضطهاد والخوف، ويرفضون بعض طلبات اللجوء الحقيقية بسبب أجواء التشكك وعدم التصديق في وزارة الداخلية، ويستشهدون على ذلك ببعض التبريرات المضحكة أحيانا لرفض طلب اللجوء. إذ تقول رسالة بعثت بها وزارة الداخلية البريطانية إلى مواطن أثيوبي : "يعلم وزير الداخلية أن السجناء السياسيين المعتقلين حاليا في أثيوبيا، يسجنون في زنزانات مريحة ويسمح لأقاربهم وأصدقائهم بزيارتهم بحرية. ويلاحظ وزير الخارجية أن أيا من التهديدات التي وجهت إليك لم تنفذ. ويعتبر وزير الداخلية روايتك عن عبورك نهر زائير في زورق صغير في الليل، رواية لا تصدق، إذ يدرك وزير الداخلية مدى اتساع النهر وقوة مجراه والمخاطر التي تنتج عنه، مثل الرمال المتحركة والتماسيح".

وفي رسالة أخرى وجهتها وزارة الداخلية البريطانية إلى طالب لجوء زائيري : "حضر جنود فرقة الرئاسة الخاصة إلى منزلك واعتقلوا والدك وأطلقوا النار على أخيك الذي مات في وقت لاحق، ومع ذلك استطعت أنت الفرار من النافذة. لقد لاحظ وزير الخارجية قولك إن الجنود كانوا يطلقون النار عشوائيا داخل المنزل، لذلك فإنه اعتبر قتل أخيك عملا ليس بالضرورة  متعمدا، ولاحظ كذلك أنهم لم يطلقوا النار على أبيك، على الرغم من أنه كان أنشط أفراد الأسرة سياسيا".

تقول جمعية "غوث اللجوء" Asylum Aid وهي واحدة من الجمعيات التي تدافع عن حقوق اللاجئين السياسيين في بريطانيا في تقرير أعدته أخيرا، إن مثل هذه التبريرات تتجاهل المعايير المتعارف عليها للعدالة الطبيعية، وتتعارض مع التزامات المملكة المتحدة بالقوانين المحلية والدولية على حد سواء، وتتناقض الأسس التي تعتمد عليها وزارة الداخلية في رفض طلبات اللجوء السياسي، مع المعلومات التي توفرها مصادر معتمدة مثل منظمة العدل الدولي.

قال لنا المحامي العربي أمجد السلفيتي: "حالات المعاناة التي يتعرض لها اللاجئون هنا نابعة من اعتقاد السلطة بأنهم لاجئون زائفون وأصحاب لجوء اقتصادي، وإذا قارنت بين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين القادمين من جنوب لبنان مثلا، والوضع الذي يعيشون فيه هنا، تصاب بالذهول. حتى مخيمات اللاجئين في جنوب لبنان أفضل من الفنادق المخصصة للاجئين في بريطانيا. في المعتقلات وأماكن التوقيف تصل مدة الاحتجاز أحيانا إلى ثلاث سنوات قبل البت في قضية طالب اللجوء، وتفضيل طالبي اللجوء البقاء في مثل هذه الظروف وعدم العودة من حيث جاءوا، يعني أنهم هاربون من خطر حقيقي".

مريكو رودريجز (53 سنة) لاجئ سياسي قديم جاء من الأرجنتين سنة 1979 بعد أن سجن وعذب على أيدي الطغمة العسكرية وقتئذ. وهو يعمل الآن في دائرة أمريكا الجنوبية في "المؤسسة الطبية للعناية بضحايا التعذيب" التي توفر في حالات كثيرة علاجا نفسيا للاجئين وطالبي اللجوء السياسي. يقدم رودريجز من خلال تجربته في عمله صورة قاتمة عن حياة اللاجئ في بريطانيا، الذي عانى عادة - حتى وإن كان مكتفيا ماليا ومستقرا في سكن - من الانقباض والقنوط والوحدة في المجتمع البريطاني البارد المنغلق على نفسه.

يقول: "يشعر اللاجئون بأن حياتهم كان لها معنى في بلادهم حتى عندما كانوا في السجون. لقد عرفوا أنهم سجنوا نتيجة لالتزاماتهم، وعرف ذلك أيضا أصدقاؤهم خارج السجن. أما هنا في بريطانيا، فإنهم يحسون بأنهم مجهولون لا مكان لهم في المجتمع. إن من الصعب على هؤلاء أن يعيشوا حياة طبيعية" ويعتقد رودريجيز أن أقسى ما يعانيه اللاجئ الأجنبي هو عدم قدرته على تكوين صداقات مع بريطانيين، لأن الصداقة الحقيقية يمكن أن تكون بلسما شافيا لأمراض النفس. ويضيف: "قد أفقد وظيفتي لقول ما سأقوله، ولكنني أشعر أن تكوين صداقة مع شخص بريطاني أنجع من عشر ساعات من العلاج النفسي. ولكن الصداقة وحدها لا تكفي. إنها مجرد البداية". عندما أراد النازيون تطبيق "الحل النهائي" للتخلص من اليهود، وزع جوبلز مذكرة يقول فيها إن الشعب الألماني إذا عرف بالأمر فسيقول كل ألماني : "حسنا، ولكن أرجوكم توفير حياة صديقي اليهودي".

لندن واللاجئون العرب

من الأسباب التي دفعت بريطانيا إلى تشديد قيود الهجرة إليها حرصها على صيانة مصالحها الاقتصادية في العالم، التي تعرضت للتهديد بسبب النشاط السياسي الذي تقوم به فئات منشقة لجأت إلى المملكة المتحدة ضد بلادها الأصلية.

ويتوقف ما إذا كان نشاط اللاجئين مقبولا من حيث المبدأ في نظر السلطات البريطانية، على البلد الذي فروا منه.

وكانت بريطانيا تعرضت لضغوط متكررة من جهات عربية مختلفة لإسكات اللاجئين السياسيين الناشطين أو إبعادهم بدعوى أن المملكة المتحدة أصبحت مأوى للمتآمرين العرب، وبخاصة للعناصر الإسلامية المتطرفة. غير أن مشكلة الحكومة البريطانية ظلت حتى الآن تتلخص في أن نشاط اللاجئين السياسي غير محظور قانونيا إذا ما ظل نشاطه في إطار القانون البريطاني. ولذا حثت وزارة الخارجية البريطانية على إحداث تغييرات إضافية في قانون اللجوء والهجرة، تغلق الثغرات في القانون البريطاني التي يستغلها بعض اللاجئين، حتى وإن كان لاجئا حقيقيا تعرض للاضطهاد في بلاده ولم يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون البريطاني، ومعاقبة من يساعد في ارتكاب جرائم خارج البلاد.

قانون ضد الإرهاب

كان هناك جنوح في حزب المحافظين منذ بعض الوقت إلى معاقبة مرتكب أي جريمة في الخارج إذا كان القانون البريطاني يعاقب من يرتكب جريمة مثلها في الداخل. ويدعم الوزراء البريطانيون فكرة توسيع القانون ليشمل الإرهاب أيضا، في ضوء حملة العمليات الانتحارية التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في إسرائيل وقمة "صانعي السلام" في شرم الشيخ في الثالث عشر من مارس الماضي التي هدفت إلى إقامة تحالف دولي ضد الإرهاب.

ففي العاشر من مارس أعلن وزير الداخلية هارود أن حكومته مستعدة لسن قانون تآمر جديد، لمعاقبة المتشددين الإسلاميين الذين يستعملون بريطانيا قاعدة لشن هجمات في الخارج، وجاء هذا التحرك عشية انعقاد قمة "صانعي السلام" وكانت الاستخبارات الإسرائيلية ذكرت قبيل ذلك أن بريطانيا وألمانيا غدتا مصدرين أساسيين لتمويل حماس. وقد شددت سلطات الأمن البريطانية إجراءات مراقبة أعضاء حماس، فاكتشفت شبكة من المنظمات في بريطانيا تجمع أموالا للقضايا الفلسطينية، يمكن أن توفر شريان حياة لحماس. إحدى هذه المنظمات هي "صندوق التنمية والإغاثة الفلسطيني" الذي يعرف أيضا باسم "انتربال" وهي جمعية خيرية مقرها الشمال الغربي من لندن، وقد جمد مفوضو الجمعيات الخيرية حسابات "انتربال"، ولكن سلطات الأمن البريطانية تعتقد أن هناك ما لا يقل عن ست منظمات فلسطينية مماثلة لجمع التبرعات، ويبدو أن هذا التحرك البريطاني تم على أثر معلومات قدمتها مصادر الاستخبارات الإسرائيلية للبريطانيين، ولكن  عصام مصطفى نائب رئيس الصندوق أعرب عن غضبه لتوريط اسم "انتربال" في قضايا الإرهاب، فالمنظمة غير سياسية كما قال، ولا تقع أموالها في أيدي إرهابيين.

الإرهاب باسم الإسلام

وعكست الضغوط العربية على الحكومة البريطانية منذ العام الماضي قلقا متزايدا من أن لندن أخذت تتحول إلى مركز رئيسي للعناصر الإرهابية الإسلامية، وتصاعدت هذه المخاوف في مطلع نوفمبر الماضي، بعد أن اتهم إسلامي جزائري متطرف بالمساعدة في تنظيم حملة الانفجارات في فرنسا، وذكرت المصادر البريطانية أن هذا الرجل الذي يعرف باسم حركي هو "أبوفارس" يقف وراء نشرة إسلامية متطرفة تصدر في لندن باسم "الأنصار" دعت إلى قتل الغربيين واختطاف المسئولين الحكوميين وقتلهم والتخلص من الصحفيين والساسة في الجزائر. ويعتقد أن "الأنصار" على اتصال بـ "الجماعة الإسلامية المسلحة"(GIA) ويعتقد المسئولون الجزائريون أن في بريطانيا خلية واحدة على الأقل من هذه الجماعة المسئولة  عن أكثر الجرائم بشاعة التي ارتكبت في الجزائر. وبدأ البوليس ومنظمة مكافحة التجسس(MI-5) في بريطانيا مراقبة الراديكاليين الإسلاميين بعد انتقادات قوية من الجزائر وفرنسا بأن لندن أصبحت ملجأ المنفيين الذين يتآمرون على الدولة الجزائرية ويساعدون في تمويل حملة الانفجاراتِ فِي فرنسا. وقدمت فرنسا أدِلة كافِية لِسلطاتِ الأمن البِرِيطانِيةِ عن تورط جزائِرِي واحِد على الأقل، هو مصطفى بو طرفة (21 سنة) فِي عملِياتِ تفجِيرِ قنابِل فِي فرنسا العام الماضِي أسفرت عن مقتلِ ثمانِيةِ أشخاص. وفِي الثالِثِ عشر مِن مارِس الماضِي اعتقِل أبو طرفة فِي الشمالِ الغربِي مِن لندن، مركز المنشقين الإِسلامِيينِ فِي لندن، ليس بِسببِ نشاطاتِهِ السياسِيةِ خارِج بِرِيطانيا، ولكِن اِستِجابة لِطلب مِن بارِيس بِإِبعادِهِ إِليها بِموجبِ  اِتفاقِيةِ تبادلِ المجرِمِين.

وكانت بِرِيطانيا منذ مطلعِ الثمانِينِيات مصدرا لِتموِيلِ الحركات الإِسلامِية فِي أفغانِستان عن طرِيقِ جمعِ التبرعات، ولكِن أحدا لم يعترِض يومئِذ على إِجراء يساعِد فِي دحرِ الغزاةِ السوفيِيت عِندما كانت الحرب البارِدة فِي أوجِها، ولكِن بِرِيطانيا واجهت أزمة في علاقاتها مع مصر في خريف العام الماضي، بسبب الدعم المالي الذي ذكرت سلطات الأمن المصرية أنه يصل من إسلاميين في بريطانيا، ونتيجة وجود اثنين من زعماء حركة الجهاد المتطرفة في بريطانيا، هما عادل عبدالباري  - الذي يعتقد أنه منح حق اللجوء السياسي - و ياسر السري . وتقول وزارة الداخلية المصرية إنهما تورطا مع شخص ثالث يقيم في سويسرا في إعطاء التعليمات لستة وثلاثين من المتطرفين الإسلاميين الذين اعتقلوا في مصر بتهمة القيام بعمليات انتحارية في مسعى لقتل وزراء وساسة ورجال بوليس وصحفيين.

قانون التآمر

إن قانون التآمر الذي تحدث عنه مايكل هاورد وزير الداخلية، الذي يلقى منذ الآن معارضة قوية على اعتبار أنه انتهاك لحقوق الإنسان ويكشف عن ازدواجية مواقف الحكومة البريطانية حيالها من منطلق أن معظم نشاطات اللاجئين السياسيين يتعلق بمقاومة انتهاك هذه الحقوق في بلادهم قد يجنب بريطانيا اتخاذ إجراءات حازمة ضد الأجهزة الأمنية في الدول الصديقة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذا ما حاولت أخذ القانون البريطاني بيدها لتصفية خصومها السياسيين، فقد ترددت مخاوف حقيقية في الأوساط الأمنية البريطانية وفي أوساط اللاجئين السياسيين العرب على حد سواء من أن شوارع لندن قد تصبح ثانية ساحة تصفيات دموية، كالتصفيات التي وقعت في السبعينيات بين فئات فلسطينية متناحرة فيما بينها أودت بحياة العديد من الناس أمثال سعيد حمامي و ناجي العلي، وفئات عراقية معارضة تعرضت لنقمة النظام في بغداد.

في ضوء القوانين البريطانية الجديدة، وإصرار الحكومة البريطانية على الحفاظ على مصالحها الاقتصادية وإن تم ذلك على حساب تقاليدها في استضافة اللاجئين، لم تعد بريطانيا ذلك الملجأ الآمن للاجئين السياسيين والمنشقين العرب أو غيرهم. فعلى النشطاء سياسيا، إذا انحدروا من دول صديقة لبريطانيا، أن يختاروا بين التزام الصمت أو الرحيل، وعلى البقية من طالبي اللجوء الذين تعتقد وزارة الداخلية أنهم "زائفون" أن يختاروا بين التشرد في شوارع لندن دون معيل أو العودة من حيث أتوا.

 

نديم ناصر 

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية  
اعلانات




مستقبل اللاجئين السياسيين في بريطانيا





هايد بارك كورنر أحد معالم لندن التي تجذب ذوي الرأي للتعبير عن آرائهم بحرية مطلقة





هايد بارك كورنر أحد معالم لندن التي تجذب ذوي الرأي للتعبير عن آرائهم بحرية مطلقة





جل روتر من مجلس اللاجئين: نعطي اللاجئ ساندوتشات وبطانية وندفعه إلى الشارع





المحامي أمجد السلفيتي: حال اللاجئ في مخيمات جنوب لبنان أفضل من حاله في فنادق لندن





مفوضية اللاجئين السياسيين في لندن التي تقوم برعاية من يلجأ إليها





نيكولاس هاردويك (الأول من اليمين) الرئيس التنفيذي لمجلس اللاجئين مع أركان المجلس





تغيير الحرس أمام قصر باكنجهام الذي تقيم فيه العائلة المالكة





لندن، هل تظل على رحابتها أمام  اللاجئين السياسيين؟





البرلمان البريطاني كما يبدو من خلال نهر التايمز، وفي آخر الصورة يبدو جسر ووتلرو





ميدان الطرف الأغر واحد من أهم ميادين العاصمة البريطانية