«بعدسة العمل التطوعي» معرض للحياة في
صور
افتتح فريق التصوير والتوثيق التابع لمركز العمل التطوعي
معرضه الثالث تحت عنوان (الحياة والصور) الذي صادف افتتاحه يوم التطوع العالمي،
بمشاركة 57 متطوعا ومتطوعة من دولة الكويت وخارجها.
يأتي المعرض انطلاقا من مفهوم التطوع والعطاء، ليعزز قيمة التكافل
والانتماء الإنساني للمجتمع بمشاركة الأفراد من خلال خلق روح المبادرة وجعلها
ممارسة وسلوكا يوميا، هذا إلى جانب استثمار طاقة الفريق الفنية وهواية حب التصوير
بتجسيد رسالة راقية تتمثل في تجديد فكرة العمل التطوعي لخدمة الوطن من خلال تكاتف
أبنائه بما يكفل إيجاد فرص حقيقية لتسخير مواهبهم لما يخدم وطنهم وتوحيد جهودهم في
مختلف المجالات الإنسانية دون مقابل مادي، بالإضافة إلى الارتقاء بفن التصوير
الفوتوغرافي ورعاية المصورين الهواة في دولة الكويت.
حملت الأعمال الفنية للمشاركين في المعرض رسالات إنسانية متعددة نابضة
بالحياة التقطتها عدسة كاميرا موهوبة تحكمت في أبعاد وحيوية اللقطات، مجسدة أطيافا
مختلفة لمكونات الحياة الطبيعية وكاشفة الإبداع الخلقي لتفاصيل دقيقة قد تعجز العين
البشرية عن إدراكها وتدبرها في الحياة اليومية، وقد تفنن المصورون ومعهم رئيس
الفريق الفنان حسين القلاف في تصوير لمحات من المظاهر الحياتية للإنسان والحيوان في
أكثر من بلد، وهي قد تكون نظرة مجردة إلا انها تحتوي على العديد من المعاني
والانطباعات مثلما صورها الفنان عمار العثمان في نظرة طفلة، واتخذ بعض المشاركين من
الاختراعات التكنولوجية وتداخلها في حياة الإنسان مادة تصويرية عكستها عدسة
الكاميرا ومنهم المصور محمد الخليفي، وآخرون جسدوا من الحدث الظرفي متعة فنية، فمن
«قوس قزح» اتخذ الفنان فيصل حمادة صورة جمالية مفعمة بالألوان المشرقة دون وجود
متكلف للأجسام المادية.
وقد حرص فريق التصوير والتوثيق على تنوع مواضيع طرحه في معرضيه
السابقين، ففي معرضه الأول جمع أعمالا فنية وتوثيقية لموضوعات عامة ومتنوعة.
أما معرضه الثاني فقد تخصص في البيئة الكويتية وماتتعرض إليه من
تجاوزات بشرية والدعوة إلى العمل للحفاظ عليها.
يذكر أن فريق التصوير والتوثيق أنشئ في العام 2004 ليكمل مسيرة العمل
التطوعي عن طريق تصوير وتوثيق كل ماتزخر به دولة الكويت من مواضيع سواء كانت فوق
اليابسة أو تحت الماء كائنات أم معمارا، جامعا الشباب الهواة من الجنسين وتزويدهم
بالدورات والخبرات لصقل موهبتهم وتقديمها في معارض ومسابقات محلية وعالمية باسم
الكويت.
ومن جانب آخر يواصل الفريق إنجازاته في هذا المجال حيث المشاركات في
الحملات التطوعية، والدورات التدريبية المتخصصة، وعقد ورش عمل تطبيقية متنوعة
بالإضافة إلى ماينظمه الفريق من محاضرات خاصة بجوانب التصوير الفوتوغرافي وكيفية
استثمار هذه الموهبة في تفعيل العمل التطوعي وتوثيقه.
الرياض
الرواية السعودية مكاشفة الأسئلة الخفية
للمجتمع
تفرض الرواية السعودية اليوم حضورها في المشهد الأدبي والثقافي
بالسعودية، فهذا النوع الأدبي الذي تتجلى فيه العناصر البولوفونية والحوارية، والذي
يحتشد بجملة من الأحداث والوقائع والشخصيات كان حتى سنوات قريبة من الفضاءات
الإبداعية النادرة التي يتوجه إليها المبدعون بالسعودية، وباستثناء بعض الأصوات
القليلة جدا التي عمقت حضورها خارج المملكة أو الأسماء التي كانت تذكر على استحياء
في هذا المجال مثل: غالب حمزة أبو الفرج أو إبراهيم الناصر الحميدان، أو عصام خوقير
لم نكن نعثر على أصوات روائية سعودية تضاهي الأصوات الروائية المعروفة في المشهد
الروائي العربي.
وترجع هذه الندرة الإبداعية السعودية في مجال الرواية لانشغال الساحة
بتوطيد الدعائم الجمالية للقصيدة الجديدة وللقصة القصيرة خاصة في مرحلة الثمانينيات
الميلادية من القرن العشرين حيث دار جدل أدبي حول الحداثة الشعرية ومعارضي هذه
الحداثة، وفي النقد الأدبي برزت أسماء: عبدالله الغذامي، وسعد البازعي، ومعجب
الزهراني، وعبدالله المعيقل، وعالي القرشي فضلا عن الأسماء التقليدية المعهودة في
الساحة الثقافية مثل حسن الهويمل، ومنصور الزهراني، وعبدالله الحامد، وعبدالله
المعطاني، وشهدت تلك المرحلة التي جاءت بعد مرحلة الطفرة الاقتصادية بالمملكة معارك
أدبية مهمة احتضنتها الملاحق الثقافية بالصحف والدوريات بين تياري الحداثة
والتقليد.
كان للوقائع التاريخية الكبرى أثرها في بروز الرواية السعودية، لقد
أحدث غزو الكويت الغاشم أو ما سمي بحرب الخليج الثانية تحولا تاريخيا واجتماعيا
وثقافيا ملحوظا بالمملكة، وعلى مستوى الكتابة توج هذا التحول بطفرة سردية، يجاورها
تحول صوب كتابة قصيدة النثر، لكن التحول السردي كان أكثر كثافة وأكثر قبولا في مشهد
متعطش للحكي، والمكاشفة، وقراءة التغيرات الاجتماعية، من هنا قوبلت الإصدارات
الروائية الأولى في هذا العقد الأخير من القرن العشرين بحفاوة نقدية ملحوظة، وكانت
من أوائل الإصدارات روايات: «نوفمبر 90» لسعد الدوسري، و«الغيمة الرصاصية» لعلي
الدميني، وكلتاهما تصوران آثار هذه الحرب. وجاءت هذه الروايات في مجالين:
- الأول: يحتفي بالسيرة الذاتية للكاتب، لكنه ينقل هذه السيرة عبر
الإطار الفني للرواية، بحيث يتحول المؤلف إلى راو «ضمني» كأنه لا علاقة له بأحداث
ووقائع الرواية، على الرغم من أن إحدى الشخصيات الروائية تشير إليه، وهكذا كان:
«هشام العابر» في ثلاثية: «أطياف الأزقة المهجورة» للكاتب تركي الحمد، التي صدرت في
ثلاثة أجزاء متتالية هي: «العدامة» و«الشميسي» و«الكراديب» وفيها جوانب كثيرة من
سيرته الذاتية التي شهدت تحولات فكرية وسياسية مختلفة، وهو يوثق لبعض التحولات
الاجتماعية في مجتمعي: الدمام بالمنطقة الشرقية بالمملكة، والرياض العاصمة، وقد
أحدثت الرواية أصداء كبيرة في الساحة الأدبية لما تتضمنه من جرأة سردية، وبعض
المشاهد التي صيغت بعفوية، سواء فكرية أو سسيولوجية أو جنسية، وتابع الشاعر غازي
القصيبي إصدار مجموعة من الروايات بدأها بـ «شقة الحرية» ثم «العصفورية» ثم «سلمى»
مما عضد من قيمة تجلي الفن الروائي في المشهد السعودي، وقد اتكأ في هذه الروايات
على ملامح كبيرة من سيرته الذاتية، خاصة في: «شقة الحرية».
- الثاني: يحتفي بالمفاهيم الفكرية والتحولات الاجتماعية التي تمثلت
في محاولات العثور الدائم على الهوية، وإعادة قراءة المسلمات من وجهات نظر أخرى
تعتد بالنقد الذاتي، وبقراءة التاريخ، وتجلى ذلك في: «شرق الوادي» و«جروح الذاكرة»
لتركي الحمد، كما في: «الموت يمر من هنا» لعبده خال، وفي: «الفردوس اليباب» لليلى
الجهني. فيما واصل كتاب رواد للرواية مثل: «إبراهيم الناصر الحميدان» إصدار
رواياتهم على الرغم من التجاهل النقدي لها أحيانا إلا أنها تحمل بعض السمات
الرومانتيكية والواقعية للمجتمع السعودي، كما في: «رعشة الظل» أو «غيوم الخريف»
و«الغجرية والثعبان» ولقد مثل النموذج الروائي الذي يتكىء على توظيف الموروث: لغة،
وأسلوبا، وشخصيات، وخرافة، وبما يمنحه هذا الأسلوب من سمات غرائبية في النص
الروائي، مثل نهجا روائيا للكاتبة رجاء عالم وبرز ذلك في رواياتها: «أربعة صفر»
و«حبى» و«خاتم» وهي روايات تتكىء على بنى فنية تقوم فيها الكاتبة بتوظيف العناصر
الغرائبية، والأحجية، واستلهام الشخصيات الموروثة.
ثمة بدايات أخرى في هذا العقد بيد أنها لم تحظ بقراءات نقدية إلا بعد
شيوع مناخ عام للرواية، مثل روايتي: «ريحانة» لأحمد الدويحي، و«الغصن اليتيم» لناصر
الجاسم، وفيما واصل الدويحي إصدار رواياته بعد ذلك مثل: «الحدود» و«أواني الورد»
و«المكتوب مرة أخرى» اهتم الجاسم بالقصة القصيرة، فيما ظهرت انعطافة أخرى في
الرواية السعودية تمثلت في كثرة الإصدارات الروائية وتوهجها بعد أحداث 11 سبتمبر
2001.
ويبدو أن ارتباط المشهد الثقافي السعودي بالأحداث الكبرى خاصة حين
يكون المشهد العربي والإسلامي لصيقا بها، هو ما يحدث هذه التحولات في هذا المشهد،
والتي تنتقل بدورها إلى المجالات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وهو ما بدا
ملحوظا بشكل جلي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث حدثت تحولات في البنى المفاهيمية
الحوارية والسياسية والاقتصادية والثقافية بالسعودية، لقد قامت البلاد بتوحيد مناهج
التعليم، وإجراء إصلاحات متنوعة مثل: إنشاء وزارة للثقافة والإعلام، وإنشاء مركز
الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وهيئة لحقوق الإنسان، وإجراء انتخابات بلدية،
وغيرها من الإصلاحات التي تتعلق بالمرأة، والشباب، والتعليم، وإعطاء هامش أوسع
لحرية الصحافة بحيث بات نقد أداء بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية متاحا. وهكذا فإن
تحولات المجتمع السعودي أثرت على الزخم الروائي، فتجلت روايات شابة جديدة مثل: «سقف
الكفاية» لمحمد حسن علوان، وفيها يكشف مجتمع الرياض الخلفي الخفي، خاصة في بعض
العلاقات الوجدانية، فنعثر على تأملات الشباب وأسئلتهم، والرؤى التي يفكرون فيها
حيال مواجهة الآخر من خلال شخصية: «ناصر» الشاب الذي يحيا في الرياض، وبعض علاقته
العاطفية المحبطة، ثم سفره إلى كندا للدراسة، والموقف من الآخر، وقد حازت الرواية
أصداء واسعة عند ظهورها. هذه الأصداء التي شكلت مناخا جديدا للرواية مع روايات عبده
خال: «الطين» و«فسوق» ثم «فيضة الرعد» و«جرف الخفايا» لعبدالحفيظ الشمري، وروايات
يوسف المحيميد: «نزهة الدلفين» و«لغط موتى» وعواض شاهر العصيمي: «أكثر من صورة وعود
كبريت» وإبراهيم شحبي: «أنثى تشطر القبيلة» ونايف الجهني: «الحدود»، فيما برزت بشكل
ساطع الرواية النسوية السعودية في مجموعة من الروايات الجريئة التي لم تكن معهودة،
مع بعض الأقلام الجديدة مثل رجاء الصانع وروايتها: «بنات الرياض» التي حققت ذيوعا
وانتشارا وجدلا في الساحة السعودية لم يحدث من قبل مع أية رواية، وفيها تنتهك
الكاتبة بعض المحاذير الاجتماعية في الكشف عن البنى المخبوءة في مجتمع الرياض
النسوي، فيما أصدرت زينب حفني: «ملامح» وحسنة القرني: «ذاكرة بلا وشاح» ومها
الفيصل: «توبة وسليي» ونورة الغانم: «دمعة على خد الزمن» تواصلا مع إصدارات قماشة
العليان، واتجاه بعض كاتبات القصة القصيرة إلى كتابة الرواية، مثل نورة الغامدي:
«اتجاه البوصلة» وأميمة الخميس: «البحريات» وبدرية البشر: «هند والعسكر»، ثم أخيرا
ليلى الجهني وروايتها: «جاهلية». إن الغالب في هذه الروايات الجديدة هو روح
المغامرة، والمكاشفة لسلبيات المجتمع، والتخلص من بعض المسلمات، والاتجاه إلى كتابة
رواية حقيقية نابعة من تحولات المجتمع، ونقد بعض بناه الخفية والمضمرة، وانبثاقاته
الثقافية، والمعرفية المتنوعة.
عبدالله السمطي
القاهرة
القدس.. ذاكرة المكان والإنسان
فى مؤتمر المخطوطات
العربية
انتهى العلماء العرب المشاركون في المؤتمر الدولي (تراث القدس.. ذاكرة
المكان والإنسان)، الذي عقدته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم
(الإيسيسكو)، أخيرًا بالقاهرة عبر معهد المخطوطات العربية بالتعاون مع جمعية الدعوة
الإسلامية العالمية بليبيا، إلى ضرورة تبني فكرة وضع معجم تاريخي - جغرافي لإحياء
القدس وخططها والتعريف التاريخي بها وإنزالها على خرائط ورقمنة مخطوطات مكتبة القدس
للحفاظ عليها من ناحية، ولإتاحتها للباحثين على أوسع نطاق، وعمل ببليوجرافيا
تفصيلية شاملة لمخطوطات فضائل بيت القدس، وكتب الرحلات التي قصدت هذه المدينة
المقدسة تمهيدا لوضع خطة لتحقيقها ونشرها، وإنشاء مكتبة في معهد المخطوطات العربية
تتخصص في شئون القدس، وتضم مصورات للمخطوطات المقدسية، والمخطوطات التي تدور حول
القدس، وجمع مكونات هذه المكتبة من مختلف أنحاء العالم وذلك للحفاظ على هذا التراث،
وإصدار سلسلة من المطبوعات تحت عنوان (تراث بيت المقدس) بصورة دورية بحيث تشمل:
الفهارس والكتب وغيرها من أوعية المعلومات، ودعوة المؤسسات الثقافية العربية
للإسهام في حملة ترميم مخطوطات بيت المقدس، مع الاهتمام بعقد الحلقات الدراسية،
التي تنصب على التعريف بتراث المدينة ودراسته وحفظه من الاندثار، وإنشاء موقع متعدد
اللغات على شبكة الإنترنت لخدمة تراث بيت المقدس، وربط المكتبات بهذا الموقع.
وكان الدكتور المنجي بوسنينة، المدير العام للمنظمة العربية للتربية
والثقافة والعلوم، قد أشار في كلمته فى افتتاح هذا المؤتمر، في حضور رئيس لجنة بلاد
الشام الدكتور محمد عدنان البخيت، والأمين العام للمؤتمر الإسلامي لبيت المقدس
الدكتور عزت حبردات، ومدير مكتبة المسجد الأقصى والمتحف الإسلامي بالقدس الدكتور
خضر سلامة، وعميد مؤسسة إحياء التراث الإسلامي الدكتور محمد هاشم غوشة، ومدير مركز
المخطوطات بمكتبة الإسكندرية الدكتور يوسف زيدان، ومدير عام مؤسسة الفرقان للتراث
الإسلامي عادل صلاحي، ونائب رئيس جامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور محمد بن عبد
الرحمن الربيع، إلى أن القدس كانت حاضرة دائما في وجدان المنظمة وعقلها، وفي خططها
ومشروعاتها، باعتبار المنظمة هي المرجع القومي للأمة العربية في كل ما يتصل بمجالات
التربية والعلوم والثقافة، هادفة إلى لفت الانتباه إلى هذه المدينة وتراثها ووضع
قضيتها على بساط البحث بوصفها جزءا رئيسيا من القضية الجوهرية للعرب والمسلمين، على
أساس أن الجهود الثقافية هي الحلبة الأكثر أهمية وخطورة فيما نعيشه اليوم ما بين
حوار الحضارات أو الثقافات وصراعها.
وأوضح الدكتور فيصل الحفيان، منسق برامج المعهد، أن الهدف الأساسي من
المؤتمر هو الخروج بما يمكن تسميته بـ «وثيقة تراث القدس»، لتبقى قضية «تراث القدس»
حية باعتبارها هَمًا كبيرًا من هموم الأمة، لابد من الإلحاح عليه ليظل حاضرا لدى
صناع القرار والمؤسسات التراثية العربية والإسلامية، والغيورين على أمتهم
وتراثهم.
وفي بحثه حول (المجموعات الخطية المفهرسة بمدينة القدس)، ركز الدكتور
يوسف زيدان، على قضية مهمة تتمثل في أن أي باحث لا يستطيع حتى أن يتمنى تصوير
مخطوطة من مخطوطات القدس، وأن الكلام عنها يظل، في أكثره، نظريا لأن كل ما هو
فلسطيني ومقدسي واقع تحت يد الاحتلال وتحت سيطرة الأفق اليهودي.
وفيه يقدم زيدان أكثر من مفاجأة مثل: اكتشافه مخطوطة أصلية ضمن مجموعة
(بلدية الإسكندرية) كتبها العالم النحوي الشهير ابن هشام الأنصاري، تحت عنوان
(فضائل بيت المقدس) وهو عمل غير معروف للمشتغلين بالتراث العربي، مع أن المخطوطة
يعود تاريخ كتابتها إلى سنة تسعمائة هجرية! فضلا عن وجود مجموعة مخطوطات عربية
عددها 1055 مخطوطة (أقدمها يعود إلى القرن الثالث الهجري) يقوم الاحتلال بعمل نسخ
مصورة منها تباع النسخة الواحدة بمبلغ 32 ألف يورو، ويحصِّلون العائد المادي لهم
وكأنهم في حاجة إلى المزيد من الأموال التي يجمعونها على حساب تراث فلسطين
المخطوط!.
مصطفى عبد الله
الرباط
يوم دراسي في الجامعة عن أعمال نجيب
محفوظ
أحيت جامعة محمد الخامس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط -
شعبة اللغة العربية بمدرج الشريف الإدريسي يوما دراسيا تحت شعار «تجربة نجيب محفوظ
القصصية والسينمائية» احتفالا بذكرى رحيل الروائي العربي الوحيد الفائز بجائزة نوبل
للآداب سنة 1988م، وقسم اليوم إلى جلستين: جلسة صباحية، شارك فيها الأساتذة
الباحثون: عبد العالي بوطيب، عبد الحميد عقار، فاتحة الطايب، رشيد بنحدو،
والروائيان أحمد المديني ومبارك ربيع، الجلسة ترأسها الأستاذ عبد الجليل ناظم.
وجلسة مسائية، شارك فيها الأساتذة الباحثون: عبد المجيد نوسي، بشير القمري، حسن
بحراوي، سعيد يقطين، وقد ترأس الجلسة الأستاذ أحمد بوحسن. وتخللت الجلستين نقاشات
ساهم فيها عشاق محفوظ من الجمهور.
افتتح اليوم الدراسي بكلمة نائب العميد الأستاذ الزرورة، وتلتها كلمة
شعبة اللغة العربية، وبعد حفل شاي، ألقى الباحث عبد العالي بوطيب مداخلته: «تجربة
نجيب محفوظ الروائية: السرد والمتخيل»، من خلال دراسته للمؤشرات الأولية التي تؤسس
فرضيات المعنى، متمثلة في الغلاف والعنوان وهندسة النصوص التي لاحظ أنها تتقاطع مع
مثيلاتها في الأعمال الأخرى وتختلف عنها في الآن نفسه، وقد استخلص الباحث أن
العتبات الأولية للقراءة تبئر الفضاء والتاريخ المصري العريق وتعتز بهما أيما
اعتزاز ملمحا إلى العشق التقديسي الذي كان يربط محفوظ ببلده مصر.
وناقش الباحث عبد الحميد عقار موضوع «نجيب محفوظ: فن تعرية الأوهام
والسخرية»، حيث قام بقراءة بانورامية في أعمال محفوظ مبرزا تعددها واختراقها للقارئ
في العالم العربي، وقد راوح الباحث في قراءته النقدية هاته بين العودة إلى التاريخ
المصري والغرق في النص، مركزا على اللمعات الصعبة التي أثرت بشكل أو بآخر في إنتاج
محفوظ الروائي ووسمته بطابع خاص.
ومن جهتها، ركزت الباحثة فاتحة الطايب على إبراز كيفية ولوج نجيب
محفوظ العالمية من بابها الواسع في مداخلة تحت عنوان «عالمية نجيب محفوظ: نموذج
الاستقبال الفرنسي»، مظهرة التناقض في ردود الأفعال، عقب فوز نجيب محفوظ بجائزة
نوبل، بين الصحافة العربية والصحافة الغربية، وحتى داخل دائرة الصحافة الفرنسية
نفسها التي لعبت دور الوساطة في تبليغ صوت نجيب محفوظ إلى العالم وتهيئته لنيل
جائزة نوبل للآداب، وقد بينت أن النسق الثقافي الفرنسي انقسم بعد هذا التتويج إلى
قسمين: قسم أبان عن اندهاشه لفوز روائي غير معروف، والثاني عبر عن سعادته وارتياحه،
وقد نوهت الباحثة بالدور التاريخي الذي لعبه معهد العالم العربي في التعريف بأعمال
نجيب محفوظ لدى الأوساط العالمية عن طريق ترجمة بعض أعماله إلى اللغات الأجنبية.
واستغربت، في الأخير، فاتحة من التغييب المقصود لإبداع العالم العربي عن الواجهة
واعتباره أدبا هامشيا لا داعي للالتفات إليه.
أما الأستاذ الباحث رشيد بنحدو فقد سعى في مداخلة تحت عنوان «monsieur
réceptionsكيف قرأت نجيب محفوظ دون أن أقرأه؟» منطلقا من ذاته في علاقتها بالمتن
الأدبي لنجيب محفوظ، ومؤكدا أن الجلبة التي لاحقت محفوظ جعلت المتلقي يقرؤه قراءة
وساطة، وهذه الوسائط تختلف وتتعدد، وقد ذكر منها: الخطاب النقدي، التلقي المسرحي
والسينمائي، التلقي المدرسي، أصداء الجوائز، الإعلان الصحفي ومتابعاته، وأخيرا
المنع الذي طال بعض أعماله، والذي باركه محفوظ نفسه في أكثر من مرة، واختتم بنحدو
مداخلته بكون الضجيج الإعلامي الصاخب حجب محفوظ عن التلقي المباشر بقراءة زخم
رواياته الهائل.
وفي شهادة الروائي مبارك ربيع المعنونة بـ «نجيب محفوظ: الظاهرة
والصورة» فقد رسخ صورة محفوظ الروائي الظاهرة، الذي تفرد بعبقريته والتصاقه بالأرض
والهوية، مؤكدا أن محفوظ روائي ما كان لبلد غير مصر أن ينجبه، فهو الروائي المخملي
الذي لا يحب التنقل، وكانت له طقوس خاصة به يصر على أن ينضبط لها سواء على مستوى
الكتابة أو على مستوى الحياة اليومية.
أما الروائي أحمد المديني فقد أقر في شهادته بكون جيل الستينيات
بالمغرب لم يعرف نجيب محفوظ عن طريق الدرس الجامعي الأكاديمي، بل عرفه بشكل عصامي
ذاتي، ودحض فكرة أن محفوظ كان في إنتاجه الروائي يرصد واقعه بشكل خطي، بل كان يجسد
بشكل ما طموح الطبقة الوسطى التي كانت تتشكل آنذاك قيمها وأفكارها تدريجيا، واعترف
بأن الروائيين المغاربة لم يكونوا صدى لمحفوظ بل كانت لديهم تجاربهم المغايرة قلبا
وقالبا، ويقر بكون نجيب محفوظ علم الناس قارئين وكتابا ومفكرين كيفية قراءة الواقع
وتمثل قضاياه ومواكبة صيرورته الحركية.
وفي جلسة المساء افتتح عبد المجيد نوسي المداخلات بعرض حول «اللغة
والبناء في مجموعة همس الجنون»، قارب من خلاله تمفصل البنيات الشكلية لنصوص
المجموعة مستنتجا أن البناء يتشابه هيكليا ويختلف من حيث المعاني التي تعبئه، أما
اللغة الغالبة على نصوص المجموعة فيطبعها التقرير.
وفي المداخلة الثانية تطرق الباحث بشير القمري من خلال عرضه الدقيق
حول «من خان الخليلي إلى ثرثرة فوق النيل مثلا: احتمالات الكتابة» إلى سمة التدرج
والتحول أو الارتقاء التي تميز بها مسار الكتابة عند نجيب محفوظ، إذ لم يسمح له قيد
الوفاء لجنس القصة بأن يكون روائيا منذ البداية، لذلك فقد جرب محفوظ الكتابة في كل
الأجناس والأنماط، من المقالة الفلسفية إلى المسرح إلى السينما، وقد كانت له سيولة
غزيرة في الكتابة مما أرهق متلقيه وصنع نمطيته، وكانت الكتابة المحفوظية ملاذا
لضمان حرية ملاحقة الترقب.
إبراهيم الحجري
دمشق
حجارة فلسطين المنسية: مسئولية الحروب
والاحتلال
ما الذي أراد أن يقوله المصور الفرنسي جورج دوبان في معرضه الذي حمل
اسم «الأثر العثماني» أو «حجارة فلسطين المنسية»؟
حين اطلعت على ما قاله دوبان الذي حسبته في البدء نقداً لعجز
الفلسطينيين عن حماية تراثهم، (مع أنه محق لو فعل ذلك) هممت إلى ما يفعله الكتّاب
العرب أمثالي حين يعنونون مقالاتهم بـ «نظرة استشراقية للفنان...» لكن بعد إعادة
قراءة النص، وبعد الاطلاع على المعرض أعدت النظر فيما ذهبت إليه.
لقد صور جورج دوبان واستخدم صورًا لمصورين آخرين بالأبيض والأسود لعدة
أماكن تاريخية أثرية مهملة تتعرض للإهمال في فلسطين، وهي أماكن معمارية رسمية
ومحلية ظهرت في العهد العثماني، لكن ما الذي جعل دوبان يفعل ما فعل مع الممتلكات
الثقافية الفلسطينية التي انشغل عنها الفلسطينيون؟ إنه هو السؤال نفسه الذي ذكرته
في بداية المقال!
فيما يقوله جورج دوبان إجابة «لقد استلهم المصور الكثير من صوره من
مسقط رأسه في مدينة «الهافر» الفرنسية التي دمرت تقريباً بالكامل إبان الحرب
العالمية الثانية، التي أعاد إعمارها الفنان المعماري «أوجو ست بيري» والتي سجلت
لدى اليونسكو على أنها جزء من الثراث العالمي الإنساني...» وكان قد قال قبل ذلك إن
هناك عجزاً في حماية التراث بسبب أن هذه الآثار لا تشكل أولوية للفلسطينيين بسبب
قوة ما يحدث (بسبب الاحتلال وقسوته)، بمعنى أن ما يحدث من بطش بالفلسطينيين صرفهم
عن الاهتمام بالممتلكات الثقافية لأنهم هم أصلاً يتعرضون للخطر وتهديد حياتهم.
إن مدخل المقارنة بين ما حدث لمدينة «الهافر» الفرنسية مسقط رأس
المصور جورج دوبان على يد الألمان وتعرضها للدمار في الحرب العالمية الثانية، وما
يحدث للآثار في فلسطين التي دمر بعضها الاحتلال، وبعضها الآخر مسئول عن تدميره بشكل
غير مباشر كونه صادر حريات الناس وخياراتهم في التنمية الثقافية وشغلهم بالخطر على
أنفسهم ورزقهم عما يحدث من إهمال للآثار، هو مدخل ذكي وإنساني، صحيح أنه ينتقد حالة
العجز الفلسطينية الذاتية عن الحماية، لكنه في الوقت نفسه يضع النقاط فوق الحروف
حين يتحدث عن السياق العام لما يحدث تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي يحمله المسئولية.
نعم الحروب والاحتلال تشكل عامل إخفاء لكل ما هو ثقافي خاص بالهوية والثقافية
والتاريخ.
وبعيداً عن مقارنة جورج دوبان الإنسانية المنتصرة للثقافة والناقدة
للحروب والاحتلال، فإننا أمام عدة دلالات للصور:
أولى هذه الدلالات وهي التي نتفق فيها مع السيد جورج دوبان هي أننا
بالفعل حكومة وشعباً مقصرون في التعامل مع الممتلكات الثقافية المعمارية. صحيح أنه
جرت عدة محاولات قامت بها جهات رسمية وأهلية إلا أن ذلك مازال محدوداً، والصور
الفوتوغرافية تضعنا كلنا أمام مسئولية وتحدٍ في ضرورة حماية تلك الممتلكات. ثانياً:
يمكن التعامل مع الصور تعاملاً تاريخياً في الاستدلال منها على عدة ظواهر ثقافية
لها علاقة بنظام المجتمع الاجتماعي والاقتصادي... فالبيت الخليلي الذي أعِدّ للأسرة
الممتدة، يعكس كيف أن النظام الاجتماعي استولد شكلاً معيناً في البناء، من حيث وجود
بيت الجد والجدة، وأبنائهما المتزوجين، في حين ترك الجزء الأسفل للدواب والتخزين.
في حين راعى مدخل أفراد الأسرة ومدخل الضيوف المختلف عنه لأسباب لها علاقة
بالمحافظة والفصل بين الرجال والنساء. وقد ظهر ذلك في البيت الخليلي والنابلسي، وهو
بالطبع يتحدث عن العائلة الممتدة في المدينة أواخر القرن التاسع عشر والعقود الأولى
من القرن العشرين.
ثالثاً: عكست صور مثل صورة خان القوافل في القدس أسلوباً اقتصادياً في
مهنة الخان كمكان يترك فيه القروي دابته فيه حتى ينجز عمله داخل المدينة مقابل أجر
معين يدفعه لصاحب الخان (مثل الكراج اليوم) وبتفحص الصورة يمكن تحليل الخان إلى
أكثر من مستوى، فهناك جزء علوي للبشر، وجزء سفلي وفناء خارجي للدواب، وبتأمل أدق
يمكن مشاهدة استخدام الحمير والبغال والخيول والجمال في المواصلات، بل إن هناك
أسلوباً لتحميل الجمال مثلاً وإحكام الحمل بواسطة الحبل، كما أن هناك ثلاثة طوابق
في الخان. يمكن أن يكون الطابق الثالث هو بيت صاحب الخان.
رابعا: هناك أسلوب معماري هندسي ساد في العهد العثماني في بناء البيوت
باستخدام أسلوب «عقد الصليب» الذي لا يقوم على السقف المستوي، بل الشكل المجوف
لأعلى، حيث يقوم السقف على أعمدة هي جزء من الجدران، تشكل ما يطلق عليها
«الركبة».
خامسا: دلت الصور أيضاً على الشكل الأوربي الحديث في البناء والذي دخل
فلسطين في أواخر العهد العثماني.
سادساً: ثمة اندماج حصل في بعض المباني، ما بين القديم الذي أضيف إليه
بناء جديد وفق أسلوب بناء حديث، والذي يمكن أن يكون له دلالات اجتماعية وثقافية في
التأثر بالثقافات الوافدة في مجالات مختلفة.
سابعاً: ثمة رؤية جمالية لدى المصور في التقاط صور معينة كصورة نوافذ
الحمام العلوي الملونة الزجاج، من حيث اهتمام المصور بالايقاع والألوان (الشبابيك
الصغيرة المستديرة الملونة).
ثامنا: تكشف صورة غزة أسلوب بناء مسجد جديد، ويظهر في الصورة تعرض
مسجد لقنبلة إنجليزية، ولما كانت الصورة قبل عام 1920، فإننا نظن أن الخواجات في
الصورة هم من الإنجليز الذين جاءوا لتفقد المسجد يصحبهم أعيان من غزة، وقد دلت
أغطية الرأس على خلفياتهم، كما أن مصاحبة النساء لهم تدل على دور لزوجة الحاكم أو
الضابط العسكري، فيما تدل زيارة الإنجليز مع أعيان من غزة على نوع من التصالح
بينهم. وقد أظهرت الصورة ملابس العمال وحمير النقل، وملابس الشيخ مراقب العمل بعمته
وجلبابه، وهكذا تعتبر هذه الصورة وثيقة تنبئ عن شكل الحياة والعلاقات المتكونة بين
الحكم الإنجليزي العسكري وأعيان المدينة.
وبعد فللناظر للصور مثلي ومثل الآنسة دانا الجعبري إحدى زائرات المعرض
التي رافقتني في الكشف عن دلالات الصور أن يستعيد الماضي الذي يظهر طازجاً، فترى
الأسرة، والأطفال والدواب، والحياة الاجتماعية السائدة... هكذا كانوا هنا، هنا كانت
الرواية وحرام أن يضيع مكانها.
تحسين يقين
فيينا
250 عامًا على ميلاد موتسارت
احتفلت النمسا بذكرى مرور 250 سنة على ميلاد الموسيقار العبقري
وولفغانغ أمادوس موتسارت، من خلال مهرجانها الدولي المنظم بمدينة سالسبورغ مسقط رأس
الموسيقار. وقد نظمت العديد من هذه الحفلات الموسيقية بقاعة تحمل اسم الموسيقار
موتسارت. وفي هذا الإطار، قام الممثل والمخرج النمساوي توبياس موريتي بتقديم مجموعة
من القطع الموسيقية التي تجمع بين موسيقى موتسارت والصور السمعية البصرية من خلال
ثنائية فنية أطلق عليها اسم ثنائية الحب والموت. وقد حج الجمهور بكثرة لمشاهدة هذا
العمل الموسيقي والدرامي الذي صفق له الحاضرون من عشاق ومحبي موسيقى موتسارت، إذ
كانت الفرصة سانحة أمامهم للاستمتاع بهذا الالتقاء الجمالي بين الكلمة والموسيقى
والصورة في شكل حوار جميل هز نفوس الحاضرين. ويرجع نجاح هذه الأمسيات الرائعة إلى
الفرقة الموسيقية التي أدارها بفنية عالية المدير الفني النمساوي من أصل أوكراني
إيليا كورول.
ومن أجل استحضار روح الموسيقار الذي عزف أول سمفونية في سنّ السابعة
ولحن أول أوبرا في سنّ الثانية عشرة، تم تنظيم حفل موسيقي بمنزل هذا الموسيقار
الواقع بمدينة سالسبورغ النمساوية والذي يشهد على ولادته عام 1756، قبل أن يستقر هو
وعائلته في العاصمة فيينا بدءاً من عام 1781.
وما تجب الإشارة إليه هو أن موتسارت عاش 53 عاما فقط خلّف فيها إرثا
موسيقيا لا يُوصف. وفي الوقت الذي يقول فيه النمساويون إن الموسيقار نمساوي الأصل
لأنه أنجز جميع أعماله في عاصمتها فيينا ولأن سالسبورغ حاليا مدينة نمساوية، يؤكد
المؤرخون الألمان أن مسقط رأس موتسارت كان آنذاك أرضا ألمانية بل أكثر من ذلك أصر
موتسارت على أن تكون الألمانية لغة جميع قطع الأوبرا التي لحنها. وبالفعل حدث ذلك،
مما لاقى معارضة شديدة من أهل الموسيقى والفن في البلاط النمساوي والذين كانوا
حينها من الإيطاليين ولغة الأوبرا الرسمية لديهم هي الإيطالية. تخليد ذكرى موتسارت
بمدينة سالسبورغ دفع العديد من رجال الفن والمتتبعين إلى التساؤل حول سر غياب قاعة
بمسقط رأسه تجمع كل العروض التي قدمها موتسارت طيلة حياته علما أن منزل موتسارت
الصغير تم بناؤه عام 1925 وأعيد ترميمه مرات عديدة إلا أنه لا يتوفر على معدات
وتقنيات صوت حديثة. وفي هذا السياق، قام المنظمون بنشاط فني أطلق عليه اسم
بماراتون موتسارت. ولتحقيق هذه الغاية، اتخذت عدة تدابير من أجل إنشاء قاعة داخل
منزله مهيأة لعرض أعمال الموسيقار موتسارت وتحتوي على كل الشروط التقنية والجمالية
التي تسمح بالاستماع إلى مقاطع موتسارت الموسيقية داخل قاعة مجهزة بكل المعدات
الصوتية الضرورية. وقد بدأ فريق مختص في الهندسة والصوت في بناء هذه المعلمة الفنية
آخذا بعين الاعتبار تلك الحميمية التي يجب أن تربط بين الجمهور الحاضر والعروض
الموسيقية التي يجب أن تكون أقرب إلى كل الحاضرين. وقد قدر المبلغ المخصص لترميم
وإعادة بناء منزل موتسارت بـ 30 مليون يورو، الذي سيتوفر على 1571 مقعدا أي بزيادة
250 مقعدا مقارنة مع القاعة الصغيرة الخاصة بالمهرجان. وقد عبر المنظمون عن ضرورة
الاهتمام بالطاقة الاستيعابية لمنزل موتسارت وخاصة أن أعداد محبي وعشاق الفن الذين
يزورون النمسا كل سنة من أجل الاستمتاع بموسيقى موتسارت يتزايد بشكل كبير.
ونشير إلى أن العروض المقدمة في مهرجان سالسبورغ عرفت مشاركة عدد من
الموسيقيين الكبار أمثال الموسيقار البريطاني ايفور بولتون وزميله الألماني شتيفان
هيرهايم، والثنائي اورسل وكارل هرمان اللذين قدما عرضا رائعا برفقة المايسترو
البريطاني روجي نورنغتون.
محمد نبيل