عزيزي العربي

عزيزي العربي

تعقيب

تحية جزائرية للبنان

قرأت في العدد (575) أكتوبر 2006 من مجلة العربي» (يوميات الحرب... آلام الذاكرة) للشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين، ووسط ما كتبه وبتركيز وتأثر شديدين لكل كلمة، أردت التعقيب على ما ذكره حول المنزل وكيف أنه عبر بتلك الكلمات عن همّ كل اللبنانيين أصالة عن نفسه، كقوله: «انتهى، غاب، ابتعد، المنزل، غاب أسيان، تهدم، غبنا، رحلنا...»، أقول إنّ ما شعر به الشاعر والذي ينطبق على كل اللبنانيين شيء - وإن كان طبيعيًا لهول ما رأوه، وسمعوه، وعاشوه - يبقى ثمنًا زهيدًا أمام صفعة قوية في وجه المغتصب الإسرائيلي، هي صفعة أفاق منها الصالح والطالح على حد سواء، فبخراب تلك البيوت وباستشهاد الأطفال والشيوخ، النساء والشباب تزعزع أمان الاستدمار وتوضحت الرؤية للإسرائيليين حول إمكانات لبنان، هذا البلد الأبي الذي يعد رمزًا للعزة والكرامة، مقرونة بالجزائر، لما صنعه الجزائريون من مجد وعزة وتضحية في وجه مستعمر غاشم كان يعد في ذلك الوقت من أقبح المستعمرين، وهاهم جزائريو الشرق الأوسط يعودون ليلقنوا إسرائيل درسًا في المقاومة والوفاء بالعهد.

ولن أنسى أبدًا تلك الصور المروعة لقانا، ولكل الجنوب اللبناني، غير أنني أيضًا لن أنسى صور فرحة اللبنانيين بذلك النصر المبين.

وجاء النصر الذي جسّد نصر الأمة العربية جمعاء، وأنا أشكر وأحيي أصالة عن نفسي وعن كل العرب اللبنانيين الصامدين في وجه الاستعمار الإسرائيلي، أشكرهم وأنا من بلد المليون ونصف المليون شهيد، البلد الذي رفض تقسيم الأرض وبيع العرض، وبقي على العهد والوعد كرجل واحد طيلة أزيد من قرن كامل (132 سنة).

من البلد الذي قدر التضحية والمقاومة، وقدّس الشهادة ونبذ الاستعمار، ومازال كذلك إلى يومنا هذا - من بلدي الجزائر، أشكرهم، ليس فقط على النصر، وإنما على المقاومة، التي أعطت لنا بعضًا من العزة والكرامة، في وقت نسي فيه العرب معنى هذه الكلمات، وحفظت لنا تلك المقاومة ما بقي لنا من ماء الوجه، واستطاعت أن تجعل العربي منا يحسّ ويتألم لألم أخيه العربي، ويفرح لفرحه.وأما عن المنازل، فإن كل منازل العرب هي منازل للبنانيين وكل البلدان العربية هي أوطان اللبنانيين.فلا للحزن يا لبنان، لا للحزن يا زينة وخيرة الأوطان.

بن العلي سمية
عنابة - الجزائر

سلطان العاشقين

قرأت في العدد 572 يوليو 2006 ص 14 - 15 زاوية شاعر العدد مقال ( سلطان العاشقين : ابن الفارض) للكاتبة سعدية مفرح، وتأتي كلمات سلطان العاشقين ابن الفارض جميعها في كنف الحب والذوبان العشقي وهو يأخذ من الحب جميع نواحيه: اسمه وصفته ومعناه وجميع درجاته ويمتلكه المعنى في التعبير باللفظ المراد،ويعيش به في كيان آخر خارجاً عن المعنى المعروف لدى الأحبة ؛ وإنما يسمو به في تنويعة جديدة لم يعهدها عصره ولم تأتِ في شعر بعده، فترأس ريادة الحب والعشق بالخروج إلى الحقيقة التي من أجلها يكون الحب ، وهو الحب الدائم الذي لا ينقطع، الحب الذي يخلو من الماديات لينظر إلى صفحة كبرى تؤدي إلى عشق جديد من نوع خاص تجعل الألفاظ تذوب في تنغيمة تأخذ بالإحساس والكيان إلى واقع اللامحسوس.

ويستخدم سلطان العاشقين قاموسه اللغوي الخاص بالعشق والجوى ، هذا القاموس الذي استخدمه كل من جاء بعده بنفس ألفاظه الشجن اللاعج ،التـَّتيـُّم، السهد الوجد، الكلَف، الصَّبابة، الشوق، الأرق، الغرام، الهيام، الوله، وألفاظ المحبة، والهوى، والتباريح، ورقة الشوق.

فيعترف ابن الفارض بأنه جَند المعاني وجعل لها سلطاناً قائماً بذاته لتهيمن على معالي العشق ودرجاته:

ومُلْكُ معالي العشقِ مُلكي وجندي المَعاني وكُلّ العاشقينَ رعيَّتِي


فالعاشقون يجمعهم قاموس لغوي واحد وشعور قوي نحو المحب الذي يستحق كل هذا الإخلاص والمحبة ، كما يجمع هذا القاموس آذان المستمعين من جمهور المتلقين لكلمات العشاق، مما أدى إلى ظهور المنشدين للعشق والحب فيما يعرف بالمداحين ، حتى اتجهت وراءهم جميع طوائف العامة والخاصة أيضاً؛ من أجل الاستماع إلى الإلقاء الجيد لكلمات العشاق .

وتستطيع أن ترى من بين المستمعين إلى هؤلاء المداحين جميع طوائف الشعب لا فرق بين الجاهل والمتعلم ، الغني والفقير ، الصغير والكبير، جذبتهم كلمات ابن الفارض ، أو جذبهم صوت المنشد من أجل الحضور وسط آلاف البشر في ساحة مليئة بالناس، أكثرهم من المجاذيب الذين يتنقلون بتنقل المنشد دون أهداف إلا الاستماع إلى كلمات العشاق التي تأخذ الألباب وتذيب العقول وتُنسي الواقع وتجعلك تحيا في ملكوت جديد ، فتجد الدموع المنسالة والأصوات الصارخة بذكر المحب بين الحين والآخر تفاجأ بتنهد المحب وإظهار وجده، وما ملكه من شوق من أجل الرؤيا أو الخروج من هذا العالم الضيق، والصعود بالكيان الإنساني إلى درجات المحبة والصدق والإخلاص حتى يذوب هذا الكيان فينسى من هم حوله وتلك الألوف المتجمعة ، ولا يشعر بالواقع المحيط.

حمدي كوكب
طهطا - مصر

الإسلام ودعوة المرأة لطلب العلم

طالعت في «العربي» العدد 570 مايو 2006 مقالاً للدكتورة فوزيه العشماوي بعنوان (المرأة المسلمة كيف يفتري الغرب عليها؟). واستوقفني قولها - (كما يردد الغربيون أن المرأة في الإسلام مضطهدة ولا تتمتع بالحقوق نفسها التي يتمتع بها الرجل من حق العلم وحق العمل وهذا مردود عليه بأن الإسلام أقر حق المرأة في التعليم والعمل خارج البيت، فقد حث الرسول الكريم المسلمين علي طلب العلم « طلب العلم فريضة على كل مسلم» وكلمة مسلم هنا اسم جنس أي أنها تشمل الرجل والمرأة والأطفال..........) ولما كان لي اهتمام بالموضوع أضيف:

كان الرجل بحكم الفطرة التي فطر الله الناس عليها شديد الحرص على الظفر بتكريم المرأة له واحترامها إياه لذلك يبذل من ذات يده بل من نفسه ما يقربه إليها ويظفره بتقديرها له وإعجابها به أدبيا وفكريا وماديا ومن هنا كانت الندوات والمنتديات والأسواق الأدبية تجتمع حول المرأة وللمرأة وبالمرأة وكان للمرأة دور بارز في هذه المنتديات وكانت زعيمة المنتدى عندهم من أرقى طبقات المجتمع تتصدر المنتدى ويسعى إليها الشعراء والأدباء ورجال الفكر والعلم من كل لون وفن، وكان العفاف والاستقامة ومتانة الخلق والتصون يحمل الناس على إكبار هؤلاء النسوة وتقديرهن.

دور المرأة في العصر الجاهلي:- كثير من الشعراء في العصر الجاهلي جعلوا من المرأة الأديبة المتعلمة حكما فاصلا بينهم تحكم على أيهم أشعر، كامرئ القيس زعيم الشعراء العرب الذي جعل زوجته أم جندب حكما بينه وبين خصمه علقمة الفحل، ورضي الاثنان بحكمها وجلسا أمامها كتلميذين صغيرين وهي تقوي حجة هذا وتضعف حجة ذاك حتى انتهت من حكمها بتفضيل علقمة على أمرئ القيس. كما كانت الخنساء واحدة من الشعراء الذين يعدون لعكاظ في موسم الشعر المعروف، وكان يجتمع إليها النابغة الذبياني وحسان بن ثابت ويسمعان منها، وقد ورد أنها أنشدت حسان بن ثابت فقال: ما رأيت امرأة أشعر منك فقالت: ولا فحلا فقال حسان: ولا فحلا .كما كان «لعمرة » منتدى يجتمع إليه الرجال للمحادثة وإنشاد الأشعار والأخبار « كذلك كان منتدى «خرقاء » في مكة وهي الأخرى كان يجتمع إليها الرجال تناشدهم الأشعار بلا ريب أو سوء - كما يقول عنها الأصفهاني.

المرأة في العصر الإسلامي:

احتفى الإسلام بالمرأة وحمى واقعها في كل أدوار حياتها . احتفى بها في بداية حياتها وهي ابنة فعاب وحرم الوأد للبنات في قوله تعالى قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين . واحتفى الإسلام بالمرأة وأكرمها زوجة قال تعالى ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون . وأوضح نوعية التلاقي بين الزوجين حيث قال وعاشروهن بالمعروف وقال عليه الصلاة والسلام خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي واعتنى الإسلام بها أمًا فقرن القرآن الكريم بين حق الله تعالى وحق الوالدين في قوله تعالى أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وقال تعالى وبالوالدين إحسانا وقوله صلى الله عليه وسلم لرجل جاء إليه يسأله: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال: أمك . قال: ثم من ؟ قال: أمك .قال: ثم من؟ قال: أمك . قال: ثم من؟ قال: أبوك .

ومن عناية الإسلام بالمرأة أن جعل لها الحرية في أمرين هما أهم أمورها لديها وهما الزواج والمال وليس لأحد أن يجبرها على زواج من تكره ولها أن ترفض ما لا ترضى. وجعل لها مطلق الحرية في مالها دون نزاع أو تسلط، وصان الإسلام سيرة المرأة وحمى عرضها كأكمل ما تكون الصيانة والحماية حيث قال تعالى في حق قاذفي المحصنات والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا أولئك هم الفاسقون . كما احتفى الإسلام بالمرأة فحثها على العلم لأن العلم في الإسلام يحتل مكانه عالية رفيعة فهو فرض لازم على كل مسلم ومسلمة فالإسلام يرفع من قدر العلماء ويجعل لهم مكانه عالية رفيعة وينوه بفضلهم في آيات وأحاديث كثيرة، وفضل العلم وأهله معروف بنص القرآن الكريم . قال تعالى يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير وفي السنة النبوية المطهرة - طلب العلم فريضة على كل مسلم وفي رواية أخرى «وكل مسلمة » رواه ابن ماجة وغيره - فالمسلم والمسلمة سواء، فالمرأة مكلفة كالرجال تماما ومن هذا ما يظهر في عبقرية اللغة العربية لغة القرآن الكريم من أن كلمة إنسان تطلق على الذكر والأنثى سواء بسواء.

وعند الحديث عن العلم والمرأة المسلمة لن نتحدث عن المرأة المسلمة اليوم والتي بلغت من العلم ومن أوضاع العمل مكانة التفوق في مجالات كثيرة .

بل حديثنا عن المناخ الذي نشأت فيه المرأة المسلمة، وكيف كان الإسلام منذ البداية حريصا على تعليمها، ففي عصر النبوة ، ذلك العصر الذي لم يكن بينه وبين الجاهلية إلا القليل قال صلى الله عليه وسلم فيما روته عائشة رضي الله عنها: من ولي من أمر هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن سترا له من النار وليس هناك إحسان إلى البنات خيرًا من تعليمهن وتأديبهن. هكذا كرم الإسلام المرأة وسوى بينها وبين الرجال في حق التعليم والتثقيف وأباح لها أن تحصل على ما تشاء من فروع العلم والمعرفة، فكان الإسلام حاسما في وجوب تعليم المرأة كل ما يتصل بأمور دينها ودنياها كالعقائد والعبادات ومعرفة الحلال والحرام، ولم يفرض العلم على المرأة من قبيل تهذيبها ورفع شأنها كزوجة فقط بل إن الفقهاء أجازوا لها الانتفاع بهذا العلم في الشئون العامة في الحياة ولم يفرق الإسلام بين الحرة والأَمَة في مجال التعليم والتهذيب والتثقيف فقد جاء في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل كانت عنده وليدة - أي جارية - فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران .

كما كان للمرأة المسلمة دور بارز في تلقي العلم وتعليمه في القرن السابع الهجري فظهرت المرأة في حلقات الأزهر فمنهن صاحبة مجلس علم وأخرى كاتبة فكانت أم زينب (فاطمة بنت عباس) المعروفة بالبغدادية التي توفيت عام 417 هـ يسعى إليها العلماء والفقهاء والحفاظ . ويذكر الجبرتي أن فقيهة عمياء كانت تحضر دروس الشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ الجامع الأزهر في أوائل القرن الثاني عشر الهجري .

وذكرت عائشة التيمورية أنها كانت تحضر العلوم اللغوية والشرعية على يد عالمات حضرن من الأزهر مثل فاطمة الأزهرية وستيتة الطبلاوية، كما كانت السيدة سكينة حسن أول قارئة قرآن تسجل بصوتها آيات قرآنية على اسطوانات في مطلع القرن العشرين . والسيدة منيرة عبده والتي رتلت القرآن الكريم في الإذاعات الأهلية وكانت كفيفة تضاهي مشاهير القراء في زمانها، والسيدة زينب محمد يوسف أشهر محفظة قرآن كريم حفظت القرآن وعمرها 9 سنوات وغيرهن كثيرات في هذا المجال..

صلاح عبد الستار الشهاوي
طنطا - مصر
[email protected]

تصويب

فى البداية نشكركم على كتاب «دائرة معارف العربى» الذى أصدرتموه فى منتصف شهر أبريل 2006 ميلادية والذى كنت أتمنى أن تكون المعلومات معروضة فيه بشكل تسلسلى وليس بنظام الأسئلة والأجوبة مثلما كانت عليه فى المجلة أو على الأقل أن يكون السؤال يتبعه الإجابة مباشرة دون عرض الاختيارات.

وأرسل لكم بعض الأخطاء التى صادفتنى فى الكتاب على أمل تصويبها فى الطبعات التالية:

فى صفحة 10 جاء أن فتح مكة وقع فى السنة الثانية للهجرة بينما الصحيح أنه وقع فى السنة الثامنة وليست الثانية.

فى صفحة 131 فى السطر الثالث يوجد سؤال عن مكان طبلة الأذن بلا إجابة. فى صفحة 183 جاء سؤال عن اللاعب الذى سجل 100 هدف فى غضون عشر سنوات وهو اللاعب بيليه والخطأ هو أنه سجل 1000 هدف وليس 100 وقد تم تكرار نفس الخطأ فى الإجابة عن السؤال. وفى صفحة 225 لايوجد خطأ ولكن لى توضيح هو أنه بالفعل يوجد ثلاثة مشاهير حملوا الاسم «بطليموس» وهم بطليموس الأول وبطليموس الثانى وبطليموس الثالث إلا أنه كان حكم مصر ثلاثة عشر ملكًا بهذا الاسم بداية من بطليموس الأول 323 - 284 قبل الميلاد حتى بطليموس الثالث عشر 51 - 47 قبل الميلاد.

أشرف السيد الشربينى
[email protected]

تعقيب

عن مسجد البليد في عمان

بالإشارة إلى الاستطلاع المنشور في العدد (570) مايو 2006 من مجلة «العربي» تحت عنوان «عمان بلاد الأمان» بقلم: إبراهيم المليفي - تصوير: سليمان حيدر، فإنه يجب الإشارة أولاً إلى أن مجلة «العربي» قد نشرت الثقافة في ربوع الوطن العربي والإسلامي، وهي مجلة حافظت على شبابها وتقاليدها منذ الخمسينيات من القرن الماضي، واستمراريتها جعلت منها الأكثر رواجًا وانتشارًا في الوطن العربي. وما أثار حفيظتي هو التعليق على صورة موضوع (عمان بلاد الأمان) صفحة (46) لمسجد أو بقايا مسجد مدينة البليد التاريخية، والذي جاء فيه: (ما تبقى من آثار مدينة البليد التاريخية، وقد سجل هذا الموقع الأثري ضمن قائمة التراث العالمي التابع لمنظمة اليونسكو، وتظهر في الصورة أعمدة المسجد الكبير الذي يعد من أقدم المساجد في العالم).

وأود أن أضيف هنا إلى أن العناصر المعمارية التي شيّد بها المحراب وجدرانه المكونة من خمسة صفوف من المداميك الحجرية فوق بعضها البعض لا تنسجم معماريًا مع ضخامة الأعمدة، سواء تلك الأعمدة المنحوتة من الجرانيت والأعمدة التي أخذت شكلاً مثمن الأضلاع، مما يفسر أنها تعود إلى فترات زمنية مختلفة، وإن تباين الألوان في الركن من الجدار الذي يأخذ شكلاً غامقًا كما هو واضح في الصورة يوحي أن حريقًا حدث في هذا الجزء من البناء دون غيره، وأن شدة هذا الحريق أدت إلى تصدّع حتى العمود المنهار؟ أما أسبابه، فهذا يحتاج إلى تقصٍ في كتب تاريخ المنطقة.

ويبدو أن العمود الذي يتخلل الجدار الحجري، والذي يظهر منهارًا، ويظهر بوضوح انفصاله عن الجدار، يبدو أنه شيّد في فترة متأخرة زمنيًا، حتى على الأرضية التي شيّد عليها.أما صغر حجم المحراب بالنسبة للبناء، فيطرح استدراكًا، وهو أن هذا المحراب، خاص برواق الصحن، وهو الأقرب إلى الترجيح، وإذا ما دققنا في الصورة، نجد امتدادًا للجدار يشبه المدخل الذي يؤدي إلى بيت الصلاة، وأن الجدار نفسه يمتد ليحيط بالمبنى ككل.وإذا أخذنا بعين الاعتبار التبة، التي تأتي في خلفية الصورة، إذا لم تكن بقايا ردم للحفريات، وعمليات تنقيب سابقة، فإن هذه التبة تعتبر تلاً أثريًا، ويفضي ارتفاعه إلى مكان لا يقل أهمية عن المبنى المكتشف! والحقيقة أن المستطلع أشار إلى هذا المبنى على أنه من أقدم المساجد في العالم، مما أوجب عليه إعطاء ولو نبذة مختصرة عن هذا المسجد الذي صنفه من ضمن التراث العالمي.

حمزة محمود علي أبو رقيبة
باحث آثار إسلامية
[email protected]

وتريات

في انتظار هطول القمر

أنا لا أُحبُّكِ إلاّ المزيدا ففي كلِّ يومٍ تصيرين عيدا
وحين اكتشفتُكِ صارتْ حياتي سحاباتِ عطرٍ.. ولحناً جديدا
أحبُّكِ في كلِّ قطرةِ ضوءٍ تُجدِّدُ خضرتَنا.. والوعودا
أُحبُّكِ فوق حدودِ الكلامِ أنا.. غيرَ حبِّكِ لا لن أُريدا
فكوني عصافيرَ من ياسمينٍ وكوني لروحي ندىً وورودا
أُحبّكِ حبّاً نقياً.. فكوني سلاماً رقيقاً يلفُّ الوجودا
فلا تقلقي غير أني جريحٌ يذوبُ وإنْ أَلبسوهُ الجليدا!
ولا تأكلي الهمَّ إنْ حاصرتْهُ صقورُ البكاءِ وأبقَتْهُ عُودَا!
ولا تعجبي من جهامةِ قلبي فإني الغرامُ الذي قد أُبيدا
أمدُّ طواحين عمري بشوق إلى راحتيكِ يُذيبُ الحديدا
أنا لم أذقْ طعمَ هذي الحياةِ ولم أستشفَّ لديها السّعودا
حياتيَ كانتْ عواصفَ حزنٍ تُحمِّلُ بلدانَ روحي جمودا
دعيني أُطيِّرْ حماماتِ روحي فقد كسَّرَتْ يأسَها.. والقيودا
دعيها تُلَمْلِمْ بقاياي حتّى تُعانقَ فيكِ الصباحِ الوليدا
سأبكي عليكِ وأبكي عليَّ إذا ما نويْتِ الرحيلَ الأكيدا
وإنْ كان لابدَّ منهُ فعودي لقلبي.. ولا تتركيهِ عميدا
ولا تجعلي بيننا من غرامٍ يصيحُ كطفلٍ : أنا لنْ أعودا!


منير محمد خلف
الحسكة - سورية

وتريات

(أشعار للورود النائمة)

هزيمة
يتساقط شعري الحريري
الكثيف
شعرة، شعرة
كعائلة أرستقراطية
مهددة بالإفلاس
تشاؤم
سينحل هذا الجسد
قريبًا
تختل موازينه
يتساقط رهيبًا
كالقربة ينزف
متعة
وشيكًا، أقترب
من سعادتي
أفجر كل محطات
الحدث
فالأبطال
حقيقيون
عاجزون
سيبهرهم مصيرهم
المحتوم
تصدع
كاتب
يتردد
أي طبقة من الطبقات
سيختار
المبنى مهترئ
آيل للسقوط
سينهار

منصف بندحمان
mounssef-
[email protected]

(تحليق)

في لجة بحر النسيان
أجدف مبتور الساقين
أبحث عن وطن مفقود
يشبه أحلام الأطفال
فأنا لا أعرف أين ولدت
ولا كيف ولدت
ولا من أي المخلوقات أكون
كالريح أجوب الارض مدى الأزمان
أستجدي رماد النار بأن يحمي
جسدي من غدر الاوطان
لم أملك يوما في الدنيا
شيئا يجعلني إنسان
أحلق في الكون بلا جنحان
كتراتيل تسبح في فلك الرحمن
محرومًا أبحث عن وطن
مدفون بين الأوطان
أشياء تعبر ذاكرتي
يغشاها ضباب النسيان
في غمرة حزني تلهمني
صبرا تكنزه الأيام
في تلك الارض رأيت دمي
يتساقط شوقًا كالأمطار
أحسست بروحي تنشطر
عن جسدي خلف القضبان
فبقيت أسيرا في سجن
تملؤه رائحة الأحزان
في تلك الأرض أهازيج
تتناثر بين الأطفال
وغبار تعصفه الريح
ليلامس وجه الغرباء
منفي أبحث عن وطن
يجتاز حدود الازمان
أسألك الله بأن تهب
المفجوعا تراب الأوطان

عيد موحان الظفيري
الرياض - السعودية