عزيزي العربي

عزيزي العربي

مساهمات

وردت إلينا مساهمات إبداعية من عدد من الأصدقاء في القصة والشعر نورد منها ما يلي:

  • من القارئ روني جوهر من سورية:

فرحٌ ليلكي

أيتها الفراشات لماذا هربتِ مبتعدة
..... بعقد الياسمينْ
أيها البحر الذي لا ينامْ
لماذا لم تعد تروي لنا قصصًا وأساطير خرافية؟
... أيها الحب لا تهجرنا ولا تبتعد عنا
... فنحنُ منذ زمن بعيدْ غرباء
لا أحدَ في الشوارع يتعرّف إلينا
... ولا أحدَ يلقي علينا تحية المساء
أيتها الشفاه العطشى
اصرخي وانقضي واطلبي مزيدًا من القبلْ
أيها المطرُ الخريفي يا لحنًا بيزنطيًا ينسابُ كالغروب
... قطع قلوبنا
وحدنا معك في رحلتك الأرضية
عبر الصخور والمجهول
خذنا معك واجعلنا شفافين كشموع الكنائس
اكسرنا.. كأي عاشقين انكسرا
... بعد أول لقاء أو آخر لقاء
أيها العشب النابتْ فوق قبور الأطفال
اقبلنا زوارًا دائمين
وتحنن علينا ببيتين من الشعر أو الزجل
... الطفولي العابث
لا تنكرنا فنحن بحاجة إلى أي طفلةٍ
تسرق ملاك قلوبنا وتهرب به
مع صفار الشمس عند الشروق
... إلى عتمة الفرح الليلكي الغافي
إلى نزهةٍ قصيرة تحت المطر
........ ولو لدقائق

  • ومن القارئ أحمد حمودة من سويسرا:

سفر

تسدل حبيبتي كل ليلة سترًا من جمالها حائلاً بينها وبين الزمن غير عابئة به، تسير جميلة القدمين، حاملة عطرها المرئي، في دروب ترسمها الرغبة ، ويحفها عدم الاكتراث، وحينما تذكر وجودي، يجود ثغرها ببسمة تضيء الليل بشق من نور يذكرني بسفرها في كياني، واقتراب الفجر من جسدينا الهادئين، وعندما يستعصي عليها الرقاد، يجيء السهد ليلقي على جسدها الأرقط الفريد غلالة من الأرق تتوه فيها كلمات تملك وصلوات عشق، حين يطيب لها اعتقال الليل واحتجاز لحظات يلوذ فيها الليل، بأولى خطوط الشفق، عله يلحق بركب الزمن الراكض خارج عالمها المنيع المفعم بأريج الحياة.

  • ومن القارئ أحمد دليل من أدرار بالجزائر:

أوراق التوحيدي

خلف ذلك الباب تقبع جثتي،
وأنا هنا أرتاد أفنية،
بلا روح ولا جسد...
تضيق بصوتي المبحوح أوردتي
وحيد هاهنا كالموت...
لا من يشتكي مثلي ولا من يحمل الشكوى!
رياح الشرق لم تسمع ترانيمي فتحملها
ولا جبل يرددها هنا قربي
بئيس صوتي المغلوق دون الباب
لا المفتاح يسعفه ولا الصبر...

***

تذوب الشمس والأحلام في صدري
وأغفو فوق خيباتي
لألمح دمع ظلّ
ظل يجري في شراييني سنينا... لم يعد يقوى على الخطو!!

عن التخلف اللغوي وعواقبه

نشرعلى صفحات مجلة العربي العدد ( 574 ) سبتمبر 2006 مقال (تخلفنا اللغوي وعواقبه الجسيمة) للدكتور نبيل علي وأود التعقيب عليه بالآتي:

فيما يخص الأزمة التي تعانيها لغتنا العربية في الوضع الراهن، فلا أظن أن هناك مؤشرات كبرى دالة على أزمة في نقص بالإنتاج الأصلي المبتكر والمعدل لدى العرب في مجالات الفلسفة والعلم والفكر والفن والتقنية فالنتاج العربي كثير ولكن من الممكن محاكمته بعدم التميز العالي وليس للأمر علاقة باللغة البتة، كما أنه ليس هناك تجاهل على المستويين الأكاديمي والثقافي لنظرية المعرفة وفلسفتها.

لا ترتبط اللغة العربية أو اللغة بشكل عام بكل فروع المعرفة إلا في مجال ظهور علم معين في مجتمع لغوي معين، فمثلا لو أن طب الإبر الصينية ظهر في المجتمع الصيني منذ 500 عام وتطور ببطء وثبات حتى يومنا هذا، فليس من المنطق إتقان اللغة العربية لكي أتقن تعلم طب الإبر الصينية، فيما لو قدر لي دراسة هذا النوع من العلم والتخصص به في إحدى أكاديميات الدول العربية، بل الأحرى تعلم اللغة الصينية وثقافة مجتمعها التي أبدعت هذا النوع الفريد. وهكذا نجد حتى محترفي الفنون القتالية العرب والأجانب الغربيين يميلون لتعلم اليابانية في مجال مدرسة الكاراتيه اليابانية وغيرها وينعكس الحال على المستشرقين الذين لم يكتفوا بالترجمات إلى الإنجليزية عن سحر أجواء الشرق بل يتعلمون اللغة العربية.

وقد أورد الكاتب اصطلاح «فجوة» وهو ما عنى أننا متطورون كالآخرين ولكن نقف على بعض النقص في التاريخ والسلم التصاعدي لتطور اللغة، وحبذا لو أورد الكاتب اصطلاح علم الأصول في معرض حديثه عن الدراسات اللغوية المتلاقحة بين الدين واللغة والمنطق.

ليس من المعقول الإيمان التام بما تتوصل إليه اللسانيات الحديثة وعلم النص الحديث من استحالة مطابقة اللغة للواقع (ذلك الموجود في الأعيان) بل على الأقل التوقف عن انطباق التعبير القرآني اللغوي بالطبع عند الإشارة إلى علاقة ما، فلو افترضنا هشاشة انطباق كلمات مثل إنسان وأموال على ما يتمثل أمامنا في هذا الوجود ولكن هل تعقل هشاشة التعبير اللغوي الذي يشير من خلال كلمة مرابٍ أو الربا إلى العلاقة القائمة بين الأمرين - الوجودين؟ والكاتب يقول: «إن نصنا المحوري يظل قادرا على النفاذ والتواصل بالرغم من عدم الشفافية اللغوية وليس من سلطة أحد أن يحرم معانيه باستثناء ما يتعلق بثوابته» وأظن أن ما تحدثت عنه هو من أقوى ثوابته الأساسية في التغير لا مسألة حق اللغة في التغيير والاستتار والتوسع المجازي.... الخ.

أؤيد الكاتب في إشارته لعدم قدرة الفكر الإسلامي على التخلص من حساسيته المفرطة تجاه معظم الفلسفات الحديثة، والتحفظ يأتي من الحجة التي يتمسك بها المتحمسون بإفراط تجاه نقد اللغة العربية وأصولها، وهو نقد في رأيي لا يتعدى مجال كونه انفتاحا مغامرا على هذا الفرع من العلم لا غير وإلا فكيف يمكن لنا تخليص اللغة الزمنية من رواسب تاريخية بل وادعاء دحضها إلا في مجال تعريب كل الكلمات الدخيلة وحصرها وتقييدها؟

هادي رزاق الخزرجي
كاتب وباحث عراقي

  • تصويب

وردت في استطلاعي عن «قناة السويس» بعدد ( 773 ) ديسمبر 2006 ثلاثة أخطاء سببها تداخل التراسل الإلكتروني وهي: 1 - صورة العربة المنشورة بالاستطلاع ليست هي عربة ديليسبس، فلا يمكن أن يكون الحصان حيا بعد ما يقارب قرنًا ونصف القرن من الزمان، والصحيح أن العربة هي التي تظهر في الصورة المرفقة والمحفوظة داخل غرفة زجاجية بحديقة بيت ديليسبس في مدينة الإسماعيلية، 2 - ليس عادل الصولي هو مَن يظهر مستعرضًا نسخة أصلية من كتاب «وصف مصر»، بل أحد العاملين معه بالبيت المذكور، 3 - والمدينة الواقعة على ضفة القناة الشرقية مقابل بور سعيد هي بور فؤاد، وليست بور توفيق. لهذا وجب التصحيح.

د. محمد المخزنجي
مجلة العربي

  • العدو المصطنع

قرأت في مجلة العربي العدد ( 576 ) نوفمبر 2006 م مقالا للدكتور سليمان إبراهيم العسكري بعنوان: «حروب الصدع المفتعلة تشعلها القلة...لتحترق بها الكثرة»، وقد لفت انتباهي في الموضوع نقطتان بارزتان أولاهما: من يشعل الحروب ويوقدها..وقد أكد الدكتور العسكري بأن القلة هي السبب الرئيس في ذلك، وهي حقيقة تاريخية تؤكدها البراهين والأدلة الواضحة، التي لا تعد ولا تحصى... والنقطة الثانية هي فكرة العدو المصطنع، تلك الحقيقة المرة، التي تذوق شرابها كتاب الصراعات، فراحوا يهيمون بحب الحروب وافتراء الأكاذيب والأباطيل على الإسلام والمسلمين، وهذا الأمر يطرح التساؤل التالي: متى تنتهي فكرة العدو المصطنع؟

عبد الحفيظ قطاش
الجزائر

قرأت في باب (عزيزي العربي ) من العدد ( 577 ) الصادر في ديسمبر 2006 تعليقا للأستاذ : السيد شعبان عبد المنعم، على أبيات لحافظ إبراهيم نشرت في العدد ( 573 ) الصادر في أغسطس 2006 ، يصحح فيه نسبة بعض الأبيات لأحمد شوقي، ولكن الأبيات التي ذكرها لحافظ إبراهيم جاء بها كسران عروضيان، وصوابها:

عجبتُ للنيل يدري أن بلبله صادٍ ويسقي رُبا مصرٍ ويسقينا
واللهِ ما طابَ للأصحاب موردُه ولا ارتضَوْا بعدكمْ مِن عيشهمْ لِينا
لم تنأَ عنه وإنْ فارقتَ شاطئَه وقدْ نأيْنا وإنْ كنا مُقيمينا


حيث ورد البيت الأول من دون كلمة ( رُبا )، وورد البيت الثاني من دون كلمة ( بعدكم). والأبيات كما هو واضح من البسيط التام.

محمد أحمد المعصراني
القاهرة - مصر

مَن الذي أحرق مكتبة الإسكندرية؟

وسط الكمّ الهائل من الإصدارات والمطبوعات ومتابعة الأحداث من حولنا، ومع كثرة المؤلفين وثورة المعلومات، يحتاج الإنسان إلى مواكبة العصر ولو بشكل نسبي، ويجد القارئ نفسه في حيرة ماذا ينتقي، وأي الكتب ينبغي أن يختار؟ وأيّ الكتّاب يتابع؟ ومن كل مناحي العلوم لينطلق منها مجاريًا ثقافة العصر.

منذ سنين وأنا أتابع مجلة «العربي» كأنها زادي الشهري، هذه المقدمة القصيرة هي مدخل لما طالعته في العدد ( 965 ) أبريل 2006، وفي باب منتدى الحوار وهو مقال للكاتب رضا عبدالحكيم رضوان محوره تاريخ وتراث، ومصير مكتبة الإسكندرية، تعقيبًا على ما سبق وكتبه الدكتور قاسم عبده قاسم.

أولاً: أقدم تقديري وفائق احترامي للكاتبين على هذا الاهتمام وعلى هذه الجهود المبذولة لما فيها من إنصاف للإسلام والمسلمين في موضوع البحث عن مصير هذه المكتبة العريقة تاريخيًا وحضاريًا، وقد قام الكاتبان ببيان الحقيقة في براءة المسلمين من هذا العمل اللاإنساني بحق تراث إنساني قيم.

وأضم صوتي إلى قول الدكتور قاسم في أن المسلمين لم يتخذوا طيلة تاريخهم موقفًا معاديًا ضد أي تراث ثقافي وعلمي يخدم الإنسانية بكل صنوفها، بل أؤكد - مضيفًا - أن العرب والمسلمين حافظوا على بعض الجوانب الثقافية والعلمية لبعض الحضارات، ومنها الحضارة الإغريقية والتراث اليوناني، عندما فقد أصحاب هذا التراث تراثهم، والدليل على ذلك كشاهد عيان، ترجمة ابن رشد وفلسفته لبعض العلوم الإغريقية، والتلاقح الذي حدث ما بين الحضارة الإسلامية وبعض الحضارات الأخرى.

إن ما تعرضت له مكتبة الإسكندرية من حرائق وكوارث بحق هذا الإرث الثقافي العلمي والحضارة التي سادت آنذاك. هذا الإرث العظيم أتلف على أيدي قادة بعض حملات الغزاة المتطاحنة بحروبها، أما ما تبقى من مخلفات في هذه المكتبة فيعود فضله للفتح الإسلامي، وقد نقل الدكتور حسن إبراهيم حسن في رسالته عن تاريخ عمرو بن العاص، أنه في هذا الوقت لم تكن دار كتب الإسكندرية متواجدة، وأن قسمًا كبيرًا من قسميها أحرقه جنود يوليوس من غير قصد سنة 74 ق.م، وأن قسمها الثاني تلاشى بعد ذلك بنحو أربعة قرون، بأمر الأسقف تيوفيل، ويقول الأستاذ بتلر في تكذيبه لحرق العرب مكتبة الإسكندرية إن قصة أبي الفرج هي خرافة مجردة من كل أساس تاريخي، ثم إن في عباراته الكثير من المبالغات المضحكة كقوله استنفد إحراقها ستة أشهر، وأنها وزعت على الحمامات، فلو أن عمرو أراد حرقها دفعة واحدة لحرقها.

وقول جيون أيضًا إن تعاليم الإسلام تخالف هذه الرواية لأن تعاليمه أن الكتب الدينية يهودية أو نصرانية، والتي تؤخذ في الحرب لا يجوز إحراقها، كون المسلمين أباحوا حرية الأديان، فهل يعقل أن يأمر أمير المؤمنين بإحراق مكتبة فريدة من نوعها في العالم القديم والحديث.

نواف الدخيل
الحسكة / سورية

وتريات

عَينَاكِ
عَينَاكِ تُعَلِّمُني
كَيفَ أُجِيدُ النُّطق دُونَ لِسَان
وَتُعَلِّمني
كَيفَ أُقِيمُ عَلاقَة حُبٍّ
بَينَ الأُسدِ وَبَينَ الغِزلان

عَينَاكِ تُعَلِّمُني
كَيفَ لا يُطفِئ البَحرُ أَتون النَّار
وَتُعَلِّمُني
كَيفَ تَغرَقُ سُفُني
في بَحرِ الأشعَار

عَينَاكِ تُعَلِّمُني
دَرسَاً في اللغة العَرَبيَّة
وَتُعَلِّمني
كَيفَ أُتَرجِم حُبي قَصَائِد غَزَليَّة

عَينَاكِ تُعَلِّمُني
كَيفَ تَبتَسمُ الأزهَار
وَتُعَلِّمُني
كَيفَ تهَبُ الشَّمسُ
سَنَاهَا للأقمَار

عَينَاكِ تُعَلِّمُني
أن أحيَا حُرَّاً
في وطَنٍ
يُعطيني كُلَّ حُقُوقي

أكتبُ شِعرَاً في عَينَيكِ
لأني أشعرُ بالحُريَّة
أكتبُ شِعرَاً في عَينَيكِ
ليَكونَ نَشيدَاً للوَطَنيَّة

عَينَاكِ تُعَلِّمُني
كَيفَ سَيَكون الليَّل
إذ تُشرِق فِيه الشَّمس

حِينَ أُبحرُ في عَينَيكِ
أُبحر دُونَ أطواقِ نَجَاة
طَمَعَاً في الغَرَقِ بِعَينَيكِ

عَينَاكِ يَا فَاتِنَتي
بَاقَةُ أزهَارٍ
تَتَفَتَّحُ بَاسِمَةً
عِندَ الأسحَارِ

عَينَاكِ يَا فَاتِنَتي
إبداعُ المولى
فَتَبَارَكَ مُبدِعهَا
وَتَبَارَكَ مُعطِيهَا

عَينَاكِ يَا فَاتِنَتي
البَحرُ
وَشِعري في عَينَيكِ
مَرَاكبُ، تَحمِلُني
مِنكِ إليكِ

علي آل زهير
المملكة العربية السعودية - الدمام

عن العولمة والمسألة الدينية

قرأت باهتمام كبير المقال القيم للدكتور طارق متري، المنشور بمجلة «العربي» الغراء عدد ( 275 ) يوليو 2006، حول موضوع: «العولمة والصحوة الدينية». ونظرًا لأهمية الموضوع، وما يثيره هذا المقال من قضايا وإشكالات، وسعيًا إلى الإسهام في إثراء النقاش حول هذه المسألة، فإنني أسعى في هذا الإطار إلى طرح جملة من التساؤلات، والتعقيب على بعض الأفكار الواردة في المقال المذكور.

ولعل أولى الأسئلة التي أثارتني، هو ما جاء في عنوان المقال من ربط بين العولمة، وما أسماه الكاتب بـ «الصحوة الدينية»، ومن هنا نتساءل: هل هناك بالفعل علاقة سببية بين العولمة والعودة إلى الدين؟ وهل لعب نظام العولمة دورًا ما في هذه «الصحوة»؟ وهل هذه العودة هي تعبير عن حصول تحول في الوعي، أم أنها مجرد رد فعل؟

فهاهم المحافظون الجدد في أمريكا اليوم يوظفون خطابًا دينيًا متطرفًا يقوم على تصنيف العالم إلى محورين: محور الخير ومحور النثر، ويتخذونه ذريعة لشن «حروب صليبية» ضد «الدول المارقة». فما دمنا نمثل الخير، فكل شيء جائز لاستئصال الشر»، كما يدعون. وقد صوّت الكونجرس الأمريكي على قرار يطلب من الرئيس جورج بوش أن يصدر قانونًا ينص على تخصيص «يوم محدد للصوم والصلاة، كي تقي العناية الإلهية الولايات المتحدة الأمريكية والقوات الأمريكية بالعراق، وكذا الشعب الأمريكي من هجمات الإرهابيين». وقد استند مقترحو هذا القانون في طلبهم إلى «التقليد» الذي سنه الرئيس أبراهام لنكولن سنة 1863 في عز حرب الانفصال، بطلب من مجلس الشيوخ، والذي أقر بموجبه تخصيص يوم للصلاة والدعاء.

من النقاط التي أثارها الأستاذ طارق متري أيضًا، موضوع العولمة وإشكالية المسألة الثقافية، صحيح، كما جاء في المقال من أنه «في المجال الثقافي نلاحظ عملية توحيد ثقافي تتم بواسطة أنظمة المعلومات ووسائل الإعلام، وكذلك بواسطة السلع، التي تسهم في إحداث أنماط استهلاكية هي جزء من الثقافة السائدة والمتجانسة في عالم اليوم (ص: 16 )، إلا ن هذا لا يعني «تنميطًا» شاملاً للفكر والسلوك. وصحيح أيضًا، أن العولمة كنظام تسعى إلى إلغاء الهويات الوطنية، لمصلحة «وطن» معلب يشيد من المنتجات والسلع ذات العلامات الفاخرة، لدرجة قد نلاحظ فيه نوعًا من التشابه في عادات الاستهلاك والرغبة في التماهي مع ما يشاهد على شاشات التلفاز، وما تسوق له الشركات الكبرى العابرى للقارات. ونجد أن الأطفال هم أكبر ضحايا هذا النظام، لأنهم الأقل حصانة وتمنيعًا، والأقل قدرة على التصدي لإغراء هذا النظام واستبداده، إلا أن هذا لا يعني بأي حال الاستسلام السلبي لإكراهات هذا النظام وجبروته. فعملية الإلحاق القهري لثقافة معينة بالقوة باعتبارها الأضعف، قد تولد في الكثير من الأحوال ردود فعل عنيفة من قبل هذه الثقافات. قد تتخذ في بعض الحالات أشكالاً من الصراع المسلح. دليل ذلك ما نشهده اليوم من توترات وانفجارات عنيفة في العديد من مناطق العالم ضد النظام العالمي الجديد.

ولعل السؤال الذي يفرض ذاته علينا كأمة عربية هو: كيف نتعامل مع نظام العولمة، من موقع الفاعل الإيجابي، وليس من موقع المنفعل؟ أي بصيغة أخرى كيف نحجز لنا مقعدًا داخل قطار العولمة، وإلا فستظل على قارعة الطريق نلعن الراكبين؟

د. عبدالمجيد الجهاد
أستاذ علم الاجتماع بجامعة الحسن الثاني
المحمدية - المغرب





عربة ديليسبس التي كان يمر بها على ساحات الحفر لمتابعة تقدم مشروع قناة السويس