الصلع وجراحاته

الصلع وجراحاته

كان لابد من إيجاد حل لنزيف الألم من الرءوس حزنا على أشعار هجرت موطنها إلى الابد.

لاتنحصر الإصابة بالصلع في الجنس البشري بل يتسلل ايضا لرءوس الثدييات العليا كالشمبانزي، إلا أن إصابة البشر هي الأهم بالطبع.

ومن الملاحظ أن خط الشعر الجبهي يتراجع قليلا بشكل طبيعي عند 96% من الذكور بعد البلوغ وعند. 80% من الإناث وهذه ليست بالإمارة الأولى للصلع، إلا أن لحن الجمال يمكن أن يتكسر على رءوس البعض ليظهر الصلع، ويبدأ حين يتراجع الشعر عن الصدغين "مرحلة I" ثم تخف الأشعار في قمة الرأس "مرحلة II" ومع الأيام تغيب الأشعار عن إكليل الفروة ويشرق قرص أجرد على قمة الرأس "مرحلة III" ثم يتعرى الرأس تماما باستثناء منطقة صامدة متمسكة بأشعارها على هامش الرأس الخلفي والجانبي "مرحلة IV".

وتقول الإحصاءات إن 5% من الذكورالبيض يظهرون الصلع قبل سن 20 سنة في مرحلته I أوII ثم يدخلون المرحلة II وIII في عقدهم الثالث و 2% منهم يظهرون المرحلة IV في ذلك العمر، وعموما فان 80% من الذكور في عقدهم السابع يظهرون مراحل مختلفة من الصلع منهم 15% في المرحلة IV، ومن الملاحظ أنه عندما يظهرالصلع في بداياته وبعد سن 30 سنة فإن تطوره يكون بطيئا.

أما النساء فإن إصابتهن بالصلع أندر ومسيرته أبطا، وهو يظهر عند من يحملن النوع الجيني BB فقط الذي يستطيع إحداث الصلع حتى بوجود تراكيز هرمونية ذكرية بسيطة، ويتظاهر الصلع عند النساء غالبا بشكل قلة كثافة الأشعار في قمة الرأس ويمكن أحيانا أن يتراجع الشعر على جانبي الصدغين وعموما فإن 25% من النساء في عمر الأربعين يظهرن المرحلة I من الصلع، ومن الشائع أن تزيد كثافة أشعار الجسد عندهن عندما يقل شعر رءوسهن لتنطبق عليهن مقولة غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع".

المعالجة

كلما ثارت زوبعة إعلانية للتشهير بدواء جديد لعلاج الصلع ترتعش الجلود اللماعة على الرءوس طربا ويهرول أصحابها لدلك رءوسهم بالأمل الجديد حتى إذا توقفت طبول الإعلان وملأ أصحابها جيوبهم النهمة يخيم الصمت وتبقى الرءوس الحاسرة محدقة كعيون حزينة في قطار مغادر، وفي الواقع قلة هي الأدوية التي أثبتت بعض الجدارة في طرد هالات الحزن عن الرءوس الباردة، يعتبر المينوكسيديل مفيدا في كبح مسيرة الصلع بل يمكن أن يعيد نمو الأشعار عند البعض وهو يستخدم موضعيا بتركيز 2% ويطبق مرتين يوميا لأشهر عديدة ولكن غالبا ما تعود الأشعار للتساقط بعد وقف ريها بالدواء المذكور.

وبرغم الفائدة الجليلة للأدوية المضادة للأندروجينات في علاج الصلع عند الذكور فإنها تجتبر نوعا من الإخصاء الدوائي مما أبعدها عن خزائن الأمل، وتبقى آهات المعذبين تعلو من جنبات الأرض مما لم يترك للباحثين خيارا فهرعوا لتشريح الأدوية سابقة الذكر فاستأصلوا جذورها الكيميائية الضارة وزرعوا في حلقاتها بعض الأذرع الفعالة الأمينة فخرجت مستحضرات موضعية وجهازية تؤكد قدرتها على دق عنق الصلع وقد حظيت تلك المركبات بقبول مؤسسات الرقابة الدوائية والغذائية، ولن نكون سباقين فى التهليل الإعلامي لتلك المركبات بما يتنافى مع الأمانة قبل أن تثبت تلك المركبات فائدتها العملية وما نحب الإشارة إليه هو أن الأمل أكبر من التصور ولن ينقضي عقد أو عقدان قبل أن نعدم رؤية المرايا الفولاذية الجوالة. وبخلاف النتائج عند الرجال فإن للنساء حظا أوفر فى العلاج الدوائي ويمكن إعطاء مضادات الأندروجين مثل السيبروتيرون دون خوف من تأثيرات مزعجة وكذلك وجد أن خلات كلورمادينون تثبط شرور أنزيم areductase الذي يحول التستسترون المسبب لشكله الفعال مما رفع أسهـمه في أسواق المعالجات.

أما في المراحل المتقدمة من الصلع أو بعد فشل العلاج الدوائي يشرق المبضع مشعا بحلم النجاة ليقدم الحلول الناجعة، ويعتمد مبدأ العلاج الجراحي هذا على الإفادة من الأشعار الصامدة على الهوامش الخلفية والجانبية للرأس والتي لا تستطيع أعاصير الصلع! إسقاطها ويصار إلى إعادة توزيعها على الرأس بشيء من العدل وبفنون مختلفة يرسمها مبضع الجراح المبدع، وعلى هذا فإنه عندما تكون كثافة الأشعار المتبقية عالية وذات قوام خشن أجعد فإنهـا تقدم للجراح المادة الأساسية للالهـام العظيم وصولا للنتائج الأفضل، ومن الجدير بالاشارة أنه لابد عن وجود الدافع الحقيقى لدى المتقدم للجراحة مما يجعله متفهما وصابرا على صعوبتها إلى النهاية ومن المهم أن يخلع المتقدم حلمه الجميل حول سحر الطريقة مقتربا من واقعية النتائج، وهذا ما قادنا لطرح أبعاد الطرق الجراحية المتبعة باختصار:

1- زرع طعوم المخرم Punch grafts: وهي أقدم الطرق الجراحية وأكثرها استعمالا ويعود تاريخها لعام 1959 عندما زفها إلى البشرية العالم المبدع Oreintreich وتتم بأخذا طعوم أسطوانية بوساطة المخرم من الناحية القفوية ثم تزرع في المناطق الجرداء بعد طرد أسطوانات مماثلة، وتخاط المناطق الواهبة للشعر بحنان مما لا يترك عليها أثرا ويترواح قطر الطعم المنقول بين 3-5 ملم وبالتالي فهو يحمل 8-25 شعرة، ويمكن أن يزرع في الجلسة الواحدة بين 10- 60 طعما، وبعد ثلاثة أشهر تبدأ الأشعار بالتدفق من تلك الجزر كالينبوع متحدية الصلع الذي لا يمكن أن يطالها لصمود أصولها، وميزة هذه الطريقة بساطتها ولكنها.

تحتاج إلى دقة فى العمل كما أن: العين الخبيرة لا تخطئ صنعيتها فالشعر ينساب من بؤر محددة مما يشبه شعر الدمية، وهذا ما قاد إلى إجراء تحسينات على هذه الطريقة بأخذ طعوم بشكل شرائط رفيعة تزرع على الهوامش الأمامية للرأس لتغطي اشعارها ما خلفها، أو يمكن اللجوء لرزع طعوم صغيرة جدا يحمل الطعم شعره أو شعرتين وتزرع متجاورة متلاصقة مما يزيد امتلاء الساحة ولكن العمل يصبح عندها طويلا وشاقا ويحتاج إلى فريق متمرن.

2- نقل الشرائح أو السدائل Flaps: لهذه العمليات أنوع كثيرة وهي تقوم على تحويل شريط ذي أبعاد معينة من النواحي المشعرة إلى الأماكن العليا التي نضبت أشعارها ثم يتم إغلإق المناطق المتبرعة بأجزائها بحيل خاصة طامعين بمرونتها ورخاوتها، وهذه الطريقة تعطي نتائج سريعة ومدهشة بالمقارنة مع الطعوم ولكنها تعتبر جراحة جدية وتتطلب الخبرة والحذر خشية أن تلفظ الشريحة المنقولة أنفاسها أو أشعارها وخوفا من ظهور ندب عريضة تشهد بالجور على كرم تلك المناطق المتبرعة.

3- العمليات الاختزالية للفروة Reductionof the scalp وتهدف هذه العمليات إلى تصغير مساحة المناطق الجرداء عن طريق استئصال أقسام منها على مراحل متتالية يختلف عددها وفق رخاوة الفروة على هذا تختلف أيضا المساحة التي يمكن إزالتها وتترواح أقطارها بين 2- 10 سم، وتفيد هذه الطريقة فقط في إزالة قرص الصلع الكئيب من قمم الرءوس ونتائج هذه الطريقة جيدة وسريعة إلا أنها تبقى في مهب اختلاطات كثيرة كتموت الجلد وتساقط الشعر المجاور للجرح والندبات العريضة بسبب الشد الزائد عند إغلاق المنطقة التي فقد بعضها.

4- التمديد النسيجي Tissue expansion: ويعتبر هذا الفتح الجديد ثورة في عالم الجراحة التجميلية والترميمية وتهدف هذه الطريقة إلى تأمين جلد إضافى بعد تمطيطة المزمن والمستمر، ويتم ذلك بزرع بألونات خاصة تحت جلد الفروة المشعرة ثم تملأ بشك لتدريجي يحقنها بالسيروم الفسيولجي ضمن فترات محددة حتى الوصول للحجم المطلوب ويتطلب ذلك فترة تتراوح بين 3 أسابيع وحتى 3 أشهرثم ترفع البالونات بامتنان وتستأصل المناطق الجرداء ويستعاض عنها بالجلد المشعر المترهل فوق البالون المخادع السابق.

وتسمح هذه الطريقة بالتخلص من الصلع نهائيا وبكثافة شعرية جيدة، ولكن كلفتها عالية لغلاء البالونات إضافة إلى أنهـا تنفخ الرأس بحمل كاريكاتوري كاذب لمدة قد تصل لثلاثة أشهر مما قد ثير استهجان المريض ومجاورية.

5- الوشم الطبي Medical tattoo : وهي طريقة شائقة في الجراحة التجميلية قامت لتموية الندبات في المناطق الملونة كالشفتين والمناطق المشعرة كالحاجبين وفروة الرأس، ويمكن تطبيقها في علاج الصلع وخاصة في شكله النسائي وتتم بوشم خطوط بين الأشعار المتبقية وذلك بإدخال أصبغة برئية غير ضارة، وتخفف هذه الخطوط من وضوح جلد الفروة. كما يمكن استخدام الوشم بعد الإنتهاء من عمليات الصلع لتموية الندبات المتبقية أو لملء الفراغات بين الطعوم المزروعة.

6- الأشعار الاصطناعية Synthetic hair : هبت المخابر اليابانية والأمريكية لنجدة من لفظته الطرق العلاجية السابقة فوضعت أشعار اصطناعية من البوليستر ذات ألوان وأشكال مختلفة وكان أن حازت على رضا لجنة الغذاء والدواء الأمريكية FDA ويعتبر وجود أي مرض في الفروة- كالتهاب الجربيات الشعرية أو القشرة أو الحكة- مانعا من تطبيقها فهي لا تحب مواطن الاضطرابات. وتزرع تلك الأشعار شعرة شعرة بوساطة إبر خاصة ذات تقنيات متطورة، وبما أن احتمال رفضها قائم برغم جمالها، لهذا ينصح بالبدء بزرع 60 شعرة ومراقبتها لفترة ستة أشهر ثم يستكمل الزرع عند قبولها ويتطلب الصلع في مراحلة الأولى حوالي 3000 شعرة بينما يحتاج الصلع المتأخر إلى حوالي 10 آلاف شعرة.

وتحتاج تلك الغراس الرقيقة إلى عناية فائقة من غسل وتطهير بمحاليل خاصة ويحظر على المريضة إزعاج رهافتها بالقبعات أو أغطية الرأس أو الأمشاط الرعناء مما يغضبها فتسقط غير آسفة.

 

ريم حمامي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات