ملاكٌ هَوَى

ملاكٌ هَوَى

يعلن ذلك الرجل عن الحب الذي يكنه لتلك المرأة، ويقسم أنه قادرٌ على فعل أي شيءٍ من أجلها، وعلى الوصول إلى السمو أو الانحدار إلى الخزي بشرط الوصول إليها. يردد مصراً ومقتنعاً بما يقول: «من أجل حبك سأفعل أي شيءٍ كان؛ سأضحي بحياتي من أجلك». ويُصَدِّق ما قاله.

أما تلك المرأة، فهي لا تصدق كلام ذلك الرجل الذي يصرح بالحب الذي يكنه لها، ويقسم أنه قادرٌ على فعل أي شيء من أجلها، على الوصول إلى السمو أو الانحدار إلى الخزي بشرط الوصول إليها. تسأله في شكٍ: «فعلاً ستضحي بحياتك من أجلي؟ وستفعل أي شيءٍ كان؟». ولا تصدقه.

يصل ذلكما الغريبان إلى حافة سطح ذلك المبنى المكون من سبعة طوابق، سبعة! تهب الرياح هناك كمجنونٍ غاضبٍ يتعرض للاختناق. وبالأسفل ينتظر الإسفلت. تنظر إليه بعينيها المراقبتين وتعلق في رزانة (لأنها تشعر أن تلك لحظةٌ حاسمة تستحق قدراً كبيراً من الوقار) بالعبارة التي تهدف لإنهاء الإلحاح :«لن أتأكد من أنك تحبني ولن أصدق تأكيدك على ذلك حتى تكون قادراً على التضحية بنفسك دون تردد، قبل حتى أن تحصل علي. حينئذٍ سأعرف أنك فعلاً أحببتني أكثر من أي أحدٍ». يشحب، تنظر نحو الفضاء. تسطع الشمس فوق رأسيهما المتوجتين بالتراب، المكللتين بالضوء. يجيب بما سينهي صراعه في الحال، محاولاً أن يبدو هادئاً (لأنه يستشعر أن تلك لحظةٌ جليلة تتطلب قدراً عظيماً من الهدوء): «إذا فعلت ذلك فسأموت. وفيمَ سيفيدني أن تعرفي أنني أحبك بحق إذا لم يعد من الممكن أبداً أن تكوني لي؟». تبتسم. تضغط بحرصٍ على كل مقطع تنطقه: «أترى كيف لم يكن حقيقياً أنك مستعدٌ لكل شيء من أجلي؟ أتلحظ الطريقة التي يتخاذل بها حبك المزعوم أمام أول تجربة؟ أتعترف الآن أنك لا تحبني لدرجة أن تضحي بحياتك لإثبات ذلك؟». يطرف بعينيه في توتر. تنظر إلى حافة السطح. لا تتوقف الشمس عن البريق فوق وجهيهما السابحين في العرق، الغارقين في الانعكاسات. هو يحبها، يتجه إلى السور، يعتلي الحافة ويلتفت لينظر إليها. ينتظر أن توقفه على الرغم من أنه يعرف أنها لن تفعل ذلك، تكتفي بالملاحظة، يؤكد بنبرة غير واثقة: «أحبك» ويقفز. أثناء سقوطه يدور برشاقة في الهواء قبل أن يرتطم بالأرض. لا تتوقف الشمس عن بث أشعتها. تنظر هي إلى الأسفل، الآن تصدقه، لكنها لا تحبه. وفي الجنازة، في اليوم التالي، ترتدي ملابس الحداد، باكية في حرقة لكونها قد فقدت الرجل الوحيد الذي أحبها حقاً.

 

كارلوس مانويل كروث ميثا