كوب الشاي الأخير

كوب الشاي الأخير

الشاب الذي يرتد البدلة ذات اللون البني الداكن، جلس الآن قرب الطاولة، بينما الفتاة وعدساتها اللاصقة كان قد مضى على جلوسها في انتظاره أربعون دقيقة.

قالَ: أعتقد بأنني قد تأخرت - آسف لأنك كنت بانتظاري.

قالت: آه... لقد وصلت أنا للتو، لقد طلبت كوبًا من الشاي، مرّ على وجودي هنا تقريبًا أكثر من دقيقة.

قال: هذا جيد... أنت.. أنت.. لا تكثري من السكر، ملعقة واحدة تكفي... وقطع الحلوى أبعديها، الجو خانق، هل أبدو حزينًا؟

قالت: نعم، تبدو كذلك... ولماذا...؟

قال: آه... لقد تحطمت، أنا في حال سيئة.

قالت: ياللمسكين! هل أنت حزين، ومع ذلك جئت لتراني، كان يجب ألا تفعل هذا، كنت قد وجدت لك عذرا، أتخيل كيف قطعت كل هذه المسافة وأنت في هذه الحال الصعبة.

قال: هذا صحيح، في أي مكان أكون فيه سيكون حالي ذاته، كل الأمكنة متشابهة، ما أحسّ به اليوم.. آه.. أنا مصدوم كليًا.

قالت: لماذا؟ هذا فظيع، لماذا أيها المسكين... يا إلهي.. أتمنى أن تكون الإنفلونزا هي السبب، يقولون إنها منتشرة بحدة في هذا المكان.

قال: الإنفلونزا...؟! أتمنى أن تكون كل ما أعانيه، آه.. لقد تسمممت، لقد انتهيت كليًا، ذبلت وردة حياتي، أنا الآن أذهب للنوم الساعة 5.20 صباحًا، هذا الصباح، يالها من ليلة، ويالها من أمسية.

قالت: أظن، اعتقدت بأنك ستقضي معظم وقتك في المكتب لتعمل، لقد أخبرتني بأنك ستعمل كل ليلة خلال هذا الأسبوع.

قال: أجل، أعرف، لقد أفزعتني فكرة ذهابي إلى تلك الحفلة، لقد ذهبت عند «ميز»، لقد أقامت حفلة، والتقيت هناك مَن يعرفك.

قالت: بصدق، رجل أم امرأة؟!

قال: اللعنة.. اسمها (كارول ماكول)، لماذا لم يحدثني أحدهم عنها من قبل...؟ هذه مَن أدعوها فتاة.. يا لجمالها!

قالت: أحقا..؟؟ هذا مضحك، لم ألتق بأحدهم يومًا ما قال عنها ما قد قلته، وصفت بأن مظهرها حسن، هذا إذا لم تستعمل الكثير من المكياج، لكنني لم أسمع مَن قال إنها تتمتع بهذا القدر من الجمال المتميز.

قال: جميلة، هذا أصدق وصف لها، يا لعينيها الجميلتين!

قالت: أحقًا..؟! لم ألاحظ ذلك من قبل، ولكي أكون صادقة معك، فإنني لم ألتقها منذ فترة طويلة، أحيانًا يتغير الناس.

قال: لقد أخبرتني بأنها كانت تذهب معك إلى المدرسة.

قالت: حسنًا، لقد ذهبنا معًا إلى المدرسة نفسها، حدث أنني قد التحقت بالمدرسة الحكومية لأنها كانت بجوار منزلنا كرهت والدتي سيري في شوارع عدة، كانت تسبقني بصفوف عدة، سنها أكبر من سني.

قال: هي تسبقهم بصفوف عدة، ارقصي، هل تستطيع أن تخطو، انفعلي، كنت أواصل قول ذلك لها. لقد كانت حفلة صاخبة.

قالت: لقد خرجت للرقص أنا أيضًا، البارحة.. (ويلي ديلون) وأنا، لقد دعاني للرقص مرات عدة، هو راقص بارع، ياإلهي! عدت إلى المنزل في وقت متأخر عند الفجر، لم أنتبه للوقت، ألا أبدو متعبة...؟؟

قال: أنت في حال جيدة.

قالت: (واليز) مجنون... قال لي الكثير ومما حدثني به أنني أمتلك عينين جميلتين، وطوال الوقت وهو يمدح جاذبيتهما حتى أنني لم أدر إلى أين أنظر، لقد تأثرت كثيرًا، وخجلت، ظننت أن كل مَن في القاعة يحدّقون بي، احمرّت وجنتاي خجلاً، عيناي جميلتان؟ هو مجنون... أليس كذلك؟

قال: هو شخص جيد، هذه الصغيرة (ماكول) تلقت الكثير من العروض للمشاركة في أفلام سينمائية، قلت لها: لماذا لم تقبلي تلك العروض؟ وكان جوابها أن العروض لم ترق لها.

كان هناك رجل قرب البحيرة في الصيف المنصرم، كان مخرجًا في مجال ما في أحد الأفلام السينمائية، التي يشارك بها المشاهير من الممثلين، كان لديه العديد من وسائل التأثير، وأصرّ بعنف على مشاركتي في أحد هذه الأفلام، كان اقتراحه أن أشارك في أحد الأدوار الثانوية، أضحكتني فكرته، تخيّل؟!

قال: تلقت الملايين من العروض المغرية، شجعتها على القبول، هي تتلقى هذه العروض باستمرار.

قالت: حقًا.. اسمع.. هنالك ما أريد سؤالك عنه، هل هاتفتني ليلة أمس.. في أي وقت؟

قال: أنا... لا.. لم أهاتفك.

قالت: بينما كنت خارج المنزل، أخبرتني والدتي بأن صوت رجل واصل مهاتفتي، والسؤال عني، اعتقدت أنه أنتَ، تُرى مَن يكون، لابد وأنني أعرفه، أجل.. أجل.

قال: لا، لم أهاتفك، لم أبصر هاتفًا ليلة أمس، كان رأسي يؤلمني، هاتفتني «كارول» في حوالي العاشرة وقالت إنها في حال جيدة.

قالت: شيء سيئ أن أبصر فتاة فقدت وعيها، هذا الإحساس يخصّني.

قال: هل اجتازت المحنة وكانت في حال صحية جيدة. الصباح التالي، هناك فتاة، أنتِ، ماذا تفعلين؟ لا أريد المزيد من الشاي، أنا لست واحدًا من فتيان الشاي، وحجرات الشاي هذه تزعجني، انظري إلى كل هؤلاء الكهول، مشهدهم يقودك للجنون.

قالت: بالطبع... هذا ما سيكون عليه تفكيرك إذا ما فضلت الوجود في مكان آخر، مع مَن تحب من البشر، أنا متأكدة أنني لا أستطيع تجاوز فكرتي هذه، ياإلهي! هناك العديد من الأشخاص يتوقون لاصطحابي لمشاركتهم احتساء كوب من الشاي، الكثير من الأشخاص.

قالَ: حسنًا.. حسنًا...أنا هنا، أليس كذلك، ركّزي معي، قالت: أستطيع أن أقضي هذا النهار في إحصائهم.

قال: حسنًا... ما الشيء الذي يدفعنا للشجار الآن!!

قالت: ياإلهي... ليس من اختصاصي ما تفعله، ولكنني لا أتحمل رؤيتك وفي رفقتك أولئك الأشخاص السيئون.

قالَ: لا تقلقي لأجلي، سأكون بخير، اسمعي، لا تقلقي لأجلي.

قالت: فقط أنا لا أحب رؤيتك متعلقًا بمثل هذه الترهات، السهر طوال الليل ثم معاناة الصداع في الصباح.. آه.. لقد نسيت أنه مريض، كم أنا لئيمة! أليس كذلك...؟! حال سيئة... ياللمسكين كيف يشعر الآن.

قال: أنا في حال جيدة، هل تبتغين شيئًا آخر؟! لماذالا نحصل على الفاتورة الآن؟ أريد القيام بإجراء مكالمة قبل السادسة.

قالت: أحقًا...؟! تهاتف «كارول».

قالَ: قالت إنها ستكون موجودة في مثل هذا الوقت.

قالت: ستراها الليلة...؟!

قال: ستخبرني في أي وقت أهاتفها، فهي مشغولة، أجندتها تحتوي الكثير الكثير من المواعيد... لماذا؟

قالت: كنت أتساءل فقط... ياإلهي! يجب أن أذهب، سأتناول طعام العشاء مع (والي)، وهو مجنون جدًا، لابد أنه ينتظرني هناك الآن، لقد هاتفني مئات المرات اليوم.

قالَ: انتظري حتى أدفع قيمة الفاتورة، وسأصطحبك إلى الحافلة.

قالت: آه... لا تزعج نفسك، موقف الحافلات هناك عند الناصية، حان وقت ذهابي، أفترض أنك لن تهاتف رفاقك من هنا.

قال: يالها من فكرة، هل أنت في حال جيدة؟ متأكدة من ذلك؟

قالت: بالتأكيد.

بانشغال بيّن التقطت قفازاتها وحقيبتها وتركت مقعدها، نهض هو ببطء، وحين وقفت إلى جواره، قالت: متى أراك مرة أخرى...؟

قال: سأهاتفك... أنا مشغول جدًا هذه الأيام، سأقول لكِ. ماذا سأفعل...سأهاتفك.

قالت: بصدق، فأنا أيضًا مشغولة، وليس لدي وقت، لكنك ستهاتفني، أليس كذلك؟

قالَ: سأفعل، اعتني بنفسك.

قالت: وأنت ستعتني بنفسك، أتمنى لك الصحة الجيدة.

قال: أنا على ما يرام، بدأت الآن العودة إلى الحياة.

قالت: ثق بي وأخبرني عن مشاعرك، ستفعل ذلك؟ بالتأكيد... والآن وداعًا، أتمنى لك قضاء وقت ممتع الليلة.

قال: شكرًا، وأنا أتمنى لك قضاء وقت ممتع وشائق.

قالت: حسنًا، سأفعل ذلك... آه.. كدت أنسى، شكرًا على كوب الشاي، كان ممتعًا.

قال: كوني ذاتك.

قالت: أنا كذلك... حسنًا، لا تنس مهاتفتي، ستفعل هذا بالتأكيد، حسنًا، إلى اللقاء.

قالَ: وداعًا.

وعبرت وحيدة الممر الذي استقر بين طاولات المكان.

 

دورثي باركر