آني ثاكري: مسيرة حياة

آني ثاكري: مسيرة حياة

تحل هذا العام 2007 ذكرى مرور 170 سنة على ميلاد هذه الأديبة القاصّة آني ثاكري، ونجد المؤلفة هنريتا جارنيت، تلقي المزيد من الضوء حول هذه الشخصية.

تتبوأ «آني» مكانة لائقة في الحقبة المتأخرة كنجم ساطع في سماء التاريخ الأدبي الفيكتوري، وتعد كاتبة ناجحة، لاتجاهها المستقيم، وطريقها القاصد، الذي تنتهجه في معظم رواياتها.

والمؤلفة، حفيدة لصهر الأديبة، أماطت الكثير عنها، ربما بحسب القراءة، أو ما تكنه لها شخصيًا من عظيم احترام وتقدير خاص.

ولدت آني إيزابيللا ثاكري ريتشي، في التاسع من يونيو العام 1837، لأبوين هما وليام بيك بليس ثاكري، ووالدتها إيزابيللا جينكن كريتشي شاو (1816 - 1893)، وكانت كبرى ثلاث شقيقات. كانت والدة آني تنتابها حالة من المرض العقلي، لم تبرأ منه أبدًا، وكانت لا تبارح مصحة، إلا وتعود إليها مرة أخرى، وقد ذهبت أيضًا للعلاج في باريس. عاشت آني في كنف جدتها، وكانت قوية الشكيمة، بينما كان أبوها في إنجلترا لاكتساب لقمة العيش، وعندما عاد الأب من لندن لرعاية ابنته، وجّهها إلى نوع من التعليم الليبرالي، الذي كان غالبًا حكرًا على الأولاد دون البنات.

بدأت مخايل النجابة الأدبية على محياها، عندما بدأت تشب عن الطوق، حيث ألّفت ثماني روايات، من أهمها، (قصة إليزابيث 1863)، (قرية على حافة الجبل 1867)، (كينسنجتون 1873)، (الآنسة انجل 1875)، (شطحات الآنسة ويليامسون 1881)، و(السيدة ديموند 1885)، وقد مسّ قلمها النقد الأدبي الذي لامس رموزًا - وقتها - مثل إليزابيث براوننج 1806 - 1861، إليزابيث جاسكيل 1810 - 1865.

وكان كتابها (الكلام المستفيض في النطق الحديث 1913)، الذي تحدثت فيه حول أسلافها من رجالات الأدب، كجورج اليوت 1819 - 1880، مارجريت أولفانت 1828 - 1897، من عمدة الكتب التي كتبتها، بيد أن كتاب (تشارلز ديكنز كما أتذكره)ّ يعد من أكثر الكتب شهرة، وتم نشره في مجموعتها عام 1913، تحت عنوان (من سقف الباب). وخلال مدة عمرها، تميزت بخصوصية متفردة، وهي مد جسور الصداقة للعديد من معاصريها من كُتاب إنجلترا الوفيري الإنتاج، والذين يتمتعون بمصداقية واحترام. ويُعزى هذا لأنها ترعرعت في كنف أب كان من أصدقائه (ألفريد تينسون 1809 - 1892)، (إدوارد فيتز جيرالد 1896 - 1940)، باري كورنويل وتوماس كارالايل.

نصائح أدبية

وقد شهدت نجاح ابنة شقيقتها فيرجينيا وولف 1882 - 1941 وكانت تغدق عليها من إنسانيتها، ولم تفتأ أن تضن بالنصيحة على الأجيال اللاحقة من بني جلدتها الأدبية، ومن ضمنهم توماس هاردي 1840 - 1928، جورج ميرديث 1828 - 1909، هنري جيمس 1843 - 1916، روبرت لويس ستيفنسون 1850 - 1894.

وقد أثارت الكثير من اللغط الثقافي حولها وخلال عصرها، بعد نشرها آخر رواية لها (السيدة ديموندّ)، التي التف حولها الأدباء والمثقفون، مثل هنري جيمس، وبلغ من إعجاب الشاعر روبرت ستيفنسون أن دبّج قصيدة لها، ورسم الفنان Watts لوحة لها.

أشارت مؤلفة الكتاب إلى أن كتابات آني للسيرة الذاتية تلقفها الجميع بترحاب، وإن اختلفت بعض التفسيرات حولها، وألمحت من طرف خفي إلى بعض المناوشات، التي جعلت حياتها في حال استثارة، ومن ثم كانت جلّ حياتها مثمرة. بعد وفاة شقيقتها الصغرى جين، بدأ كيوبيد الحب ينسج خيوطه الوردية على ابن خالتها ريتشموند ريتش - في الوقت ذاته الذي بدأت فيه أخاديد الزمن تحفر من عمرها أربعين حولا- وكان عائدًا لتوه من جامعة كمبردج.

وقد وقعت بينهما مشادات (ربما لفارق السن)، بسبب زيغ عينيه نحو القاصي والداني، بيد أن هذا لم يفت في عضدها، وظلت تسكب من عبراتها مدادًا من الكتابات في شتيت من الموضوعات.

مضت مؤلفة الكتاب تقول: إن آني ترسّخ في وجدانها عالم عقلي وعشوائية مزمنة في الموضوعات التي تتطرق إليها، وخطاباتها كانت كالسيل العرم لا تربطها حدود، ولا تحدّها قيود، ولا تحجزها سدود، كانت ترى الأشياء كسلسلة من الانطباعات، كما لو كانت تنظر إليها من نافذة عربة سكة حديد.

وأغدقت المؤلفة - في نهاية الكتاب - على آني من سجايا الجاذبية الكثير، حيث قالت عنها: «كانت جذّابة كأنها قُدّت من تمثال يلمع فجأة وسط أجمة خلال جولة من جولات المرء في غابة أثناء الهجير».

وكانت - آني - في أخريات أيامها، تعاني من ضيق في الحالب نتيجة لمرض تناسلي أصابها في بواكير شبابها، مما حدّ من تحرّكاتها الاجتماعية، وبالرغم من معاناتها، وقد تخطت تخوم الثمانينيات بقليل، كانت شخصية مبهجة، وكلما سبرنا غور سيرتها، أدركنا أنها وسيرتها لا يعادلهما ثمن.

وقد أسلمت الروح عام 1919، عن عمر ناهز 83 عامًا. ويحتفل الحقل الأدبي في عام 2007 بمرور 170 عامًا على مولدها.

آمنت أنّ الحبّ خيرٌ ونعمةٌ ولا خير عندي في وغى وحروبِ
وكلّ خصيب الكف فتحا وصولةً فداء لكف بالعبيرِ خضيب
وآمنت أنّ الحب والنور واحدٌ ويكفر بالآلاء كلُّ مريبِ


بدوي الجبل

 

هنريتا جارنيت